هل فكرت مرة في أمك وداهمتك مشاعر الندم على اللحظات التي لم تعامليها فيها بكل دفء وتفان؟ قد تتذكرين بالطبع بعض الأحداث التي دفعتك للضيق منها أحيانا، وأهمها الاتصال بك في لحظات ت
كونين فيها مشغولة بإطعام الصغار وإعدادهم للنوم. وبدلا من أن تخبريها من بداية المكالمة إن هذا الوقت لايناسبك لأنه موعد الصراع اليومي مع الأبناء، وتطلبين منها الاتصال فيما بعد، تستمرين في الاستماع إليها بكل ضيق حتى تنهي المكالمة من تلقاء نفسها. ويبقى الحال على ماهو عليه، هي تتصل في أوقات لاتناسبك، وأنت تردين بطريقة مقتضبة أو تتسم بالجفاف. ربما بعد ان تمر السنون وتنتابك لحظات شوق لحديث ودي مع أمك، تتمنين أعادة عقارب الزمن حتى تقولي لأمك من أول ثانية أمي أحتاج الى الحديث معك، ولكن هل تستطيعين تحديد موعد آخر أكون خلاله أكثر هدوءا؟. هذا السؤال ليس صعبا، ولكنك فضلت الرد على أمك بنبرة سلبية لونت علاقتكما لوقت طويل نسبيا بدلا من التعبير عما بداخلك. يرجع سلوكك هذا إلى ما دربتنا عليه الحياة العصرية والعلاقات الاجتماعية المتعددة. فمنذ الصغر تعلمنا إلا نفتح قلوبنا او نعبر بألسنتنا عما يعتمل في داخلنا، وتعلمنا فن أرضاء الآخرين بأن نقول 'نعم' حتى لو كنا نعني 'لا'، وان نحجم تماما عن أي قول، أو نقلل من درجة الصراحة والمباشرة إذا ما اضطررنا إلى قوله، حيث أن هاتين الصفتين أصبحتا تعتبران من عدم اللياقة والعجرفة.
إلا انه توجد أسباب منطقية جدا كي نحاول أن نترك هذه التعاليم التي تلقيناها في الطفولة، وان نفصح عما في أذهاننا.
إليك سبعة أسباب ستجعل حياتك أفضل لو انك حاولت تبني عادة الصراحة والمباشرة.
1 ـ لن تشعري بالإحباط
هل خرجت من موقف ما وأنت تتمنين أن تضربي رأسك في الحائط لأنك غاضبة من نفسك التي لم تعبر عما تريده؟ إن العض على اللسان لمنعه من قول ما يريد، يعتبر ضغطا على زر تدمير الذات. وحين تسابقين الزمن كي تصلي في الموعد المحدد لاستقبال صديقتك التي عادت من الخارج، فلا تلومي إلا نفسك لأنك لم تعتذري منها وتخبريها بأنك مرتبطة بالفعل بأشياء كثيرة جدا في هذا اليوم. ومن أسوأ نتائج الفشل في التعبير عما في داخلك انك لن تجدي بعدها من تلومينه إلا نفسك.
2 ـ لن يضيق صدرك بالآخرين
كم مرة تعثرت في منزلك وأنت تنفجرين غيظا لأنك تقومين بكل الإعمال، ولايحرك شخص آخر ساكنا كي يساعدك؟ وكم مرة ابتعدت عن صديقات لأنهن ضايقنك من دون تعمد، أو راودتك مشاعر ضيق من زميلة لاتكترث بأنك تضطلعين بنصيب أكثر من العمل؟ نحن لم نعتد على الإفصاح عن احتياجاتنا، بل نتوقع أن يخمن المحيطون بنا سبب ضيقنا ونغضب جدا إذا لم يخمنوا .
وبالتحدث إليهم تمنحين المقربين الى قلبك فرصة تلبية احتياجاتك بدلا من ان تصبحي ضحية لمشاعر الضيق التي لم تعبري عنها.
3 ـ ستتفادين الندم
منحتك أختك في يوم ميلادك العطر ذاته الذي تقدمه لك كل عام.. والنوع هذا تكرهينه، ولكنك لا تعترضين إلا على ثمن الهدية المرتفع وتقولين لها 'لماذا كلفت نفسك؟' فترد بأدب 'أعرف انك تحبين هذا العطر!' ثم بعد ذلك تلعنين في داخلك أول مرة قدمت لك أختك فيها هذا العطر ولم تعبري لها عما دار في ذهنك وقتها بأن هذا النوع لا يناسبك، وانك ترغبين في استبداله بآخر تحبينه فعلا.
أن عدم الإفصاح قد يؤدى أحيانا الى ندم مدى الحياة قد يؤثر فيك فيما بعد. مثلا: لو انك أخبرت رئيسك في العمل انك ترغبين في مزيد من المشاركة في العمل لكان ذلك انجازا على طريق مستقبلك المهني. فالكلمات يمكن الرجوع فيها إما الصمت فلا.
والحياة قصيرة جدا لا تحتمل الندم على أشياء لم تقوليها.
4 ـ ستسعدين بنفسك
فكري في العبارة التالية 'زيح الهم عن قلبك' إذن فالكلام في الموضوعات المهمة سيساعدك في التخلص من حمل ثقل على كاهلك، فالحسم يفيدك فى هذه الأحوال حيث يزيد ثقتك بنفسك ويجعلك تشعرين بالسيطرة على مجريات الأمور في حياتك.
ما أسوأ شيء يمكن إن يحدث لو انك أخبرت الجميع انك تحبين تجمع الأسرة على الوليمة السنوية المعتادة في العيد ولكنك تفضلين السفر إلى الخارج هذا العام؟ قد يكون الجميع خطط لهذه الوليمة، ولكنهم قد يشعرون بالتحرر من الروتين السنوي ويسعدون مثلك بتغييره، وفى النهاية ستتخلصين من الحمل الثقيل وبتحقيق الأحلام التي لم تحققيها فهي أثقل من كل شيء.
5 ـ ستحصلين على ماتريدين
يعتبر الكثيرون منا ان تحديد مانريده يعتبر إلحاحا على الآخرين لذا نلجأ لأنصاف الطلبات آملين ان يملأ الآخرون مكان الفراغ.
اي انك تقولين مثلا 'سأكون ممتنة لو استطعت ان تساعدني لمدة خمس دقائق' فى حين انك تريدين فعلا القول 'لو استطعت ان تؤجل انصرافك لمدة ساعة واحدة سأتمكن من الانتهاء من العمل قبل منتصف الليل' فإذا قلت ما تعنينه وما تريدينه فسوف يحققه لك الآخرون وستصبحين امرأة سعيدة.
الشيء نفسه يحدث حين تعبرين عما لا تريدين فعله حيث يكلفك رئيسك مثلا بمهام فوق طاقتك لا تقولي بسرعة 'حاضر، فورا'، بل جربي ان تقولي 'أحب ان أساعد ولكني أقوم حاليا بأعمال كثيرة، هل يمكننا ان ندرس ما استطيع ان اقدمه في ضوء ما انا مكلفة به فعلا من أعمال؟' وبهذه الطريقة لن تقولي لا، ولكنك توضحين قدراتك وتتفاوضين على كمية عمل أكثر واقعية.
6 ـ سيتفهمك الآخرون أكثر
كلنا نرغب من أعماقنا ان يفهمنا الآخرون بشكل صحيح ومع ذلك نعمل حين لا نعبر عما بداخلنا على ان يسيء الآخرون فهمنا. كم مرة نظرت الى شخص تعرفينه جيدا وقلت في نفسك 'لو انك تعرفني جيدا لما قلت/أو فعلت ذلك' ولكن كيف تتوقعين منهم ان يعرفوك لو أنك لم تفصحي عما يدور فعلا في رأسك؟
إن كشفت أفكارك الحقيقية الى الآخرين فلن تتعاملي معهم بطيبة ورقة طوال الوقت، ولكنك ستصبحين أكثر واقعية وصدقا، ولهذا التحول مردود ايجابي مدهش.
7ـ ستتحسن علاقاتك
كل الناس تفضل الصدق، حتى لو لم يستمعوا منك لما يريدون ان يسمعوه، مثلا قد تخبرين اعز صديقاتك انك مسافرة مع زوجك للاحتفال بعيد زواجكما فتقول لك بكل حماس 'جميل جدا لماذا لا نرافقكما انا وزوجي؟'. عند هذه النقطة يمكنك ان تفعلي شيئين: ألا تقولي شيئا على الإطلاق وتظلين طول الإجازة متضايقة لانها سرقت منك أحلامك الرومانسية الجميلة بخصوص هذه الرحلة، ولانه كان عليها ان تفهم وحدها ضرورة ان تسافرا من دون مرافقين.. او ان تخبريها بالحقيقة 'في الواقع نحن نفضل أن نكون بمفردنا'. قد يخيب أملها لكنها ستتغلب على هذه المشاعر أفضل مما لو كانت قضت معك الإجازة وهي تتعجب مما يضايقك منها.
ابدئي في التعبير عما في داخلك في خمس خطوات
1ـ انظري الى الأمور نظرة أشمل، فعادة ما تعلقين أهمية غير حقيقية على احتياجاتك، فتظلين مستلقية في سريرك تفكرين في الأمر مما يصيبك بالتوتر، في حين ان الطرف الآخر لا يمثل له الأمر إي شيء كما تظنين.
2ـ اطلبي وقتا للتفكير قبل ان تلتزمي باي شيء، فالفطرة الاساسية تدفعك دائما إلى الموافقة على اي طلب من الاخرين، ولكنك قد تندمين مر الندم بعد ذلك. فاطلبي فرصة للنظر في الامر أولا.
3ـ اكتبي قائمة بأولوياتك، كالزوج والأبناء والصديقات والعمل والهوايات، فحين تفهمين أولوياتك ستتحدثين فورا اذا تهددت واحدة من هذه الأولويات.
4ـ لا تفرطي في تقدير صفة الطيبة واللطف، فحين يعتبرك الاخرون 'طيبة' فهذا شيء جميل، ولكن هذه الصفة لن تصبح جميلة اذا ما جذبت إليك أصدقاء ـ او ربما معارف ـ غير حقيقيين، أو جلبت لك سمعة او احتراما غير حقيقيين إذن فالصدق والمباشرة صفات أكثر قدرا.
5ـ تذكري ان كثرة التعبير عما بقلبك تسهل عليك القيام بذلك. فكثيرا ما نفتقد العبارات اللازمة للإفصاح عما بداخلنا فتخرج العبارات خرقاء، وربما تؤذي الاخرين. اذن فكثرة التدريب على الكلام تجعلك اكسر قدرة على وضع الكلمات في إطار لبق مراع لمشاعر الآخرين.
المصدر:مكتوب
أضف تعليقاً