إذا لم تستطع قيادة نفسك فلا تحاول قيادة الآخرين. بعض الناس فلسفتهم الخاصة في الحياة: خالف تعرف. يسعون إلى الاختلاف بأي شكل من الأشكال، يتفادون كل شيء إيجابي ويتمسكون بالسلبيات فقط. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخوالمسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره....".
كثير من البشر يحاول أن يثير البلابل لأجل أن يكون له أسم، بسبب شعوره بالنقص وعدم الثقة أو لجذب الإنتباه. والمخالف منبوذ حتّى من أصدقائه وأسرته لأنه دائما ما نجده يسير خلاف الركب. يخالف القوم في أي موضوع، ويصر على أنه هو الصح والباقي خطأ، فهو مخالف لرأي الآخرين بدون سبب أو مبرر. "من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد"، 46- فصلت.
ما الحياة الدنيا إلا مدرسة امتحان ليبتلي الله عباده ويميز الخبيث من الطيب
"ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة"، (الأنفال – 42).
والناس في ذلك متباينون "فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله"، (فاطر – 32).
وهذا هو المضمار الذي يجتهد فيه المجتهدون "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون"، (المطففين – 26).
وكم وجدت من هؤلاء الأشخاص في المنتديات بشكل عام، تجده يرد بدون فهم و يعارض ما طُرح ويصر على أنه كلام فيه أخطاء أو موضوع عادي، أما لعدم الفهم، أو لعدم تقبله للعضو الطارح للموضوع أو لمجرد المعارضة أو ليبين للآخرين بأنه هو من الفطاحل وهو أفضل من غيره.
"رحم الله امرأً اهدى اليَّ عيوبي".
"وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً"، النساء-28.
مرحباً بالنقد البناء والتواصل بين الاعضاء ولكن بدون جرح ومخالفة الآخرين لمجرد المخالفة. لا تكن كقمة الجبل، ترى الناس صغارا ويراها الناس صغيرة. لا يجب أن تقول كل ما تعرف ولكن يجب أن تعرف كل ما تقول. كل شئ إذا كثر رخص إلا الأدب فإنه إذا كثر غلا. فالحياة مليئة بالحجارة فلا تتعثر بها بل إجمعها وابنِ بها سلما تصعد به نحو النجاح، وإذا ركلت من الخلف، فاعلم أنك في المقدمة. النقد البناء ومشاركة الرأي هي من مقومات العطاء والتصحيح."ولا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم".
فالذين يضحكون على متاعب غيرهم لا ترحمهم الأيام. اجعل حبك لنفسك يتضاءل أمام حبك لغيرك فالله تعالى يقول: "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ"، الحشر- 9. تسامح مع الذين أخطأوا في حقك، والتمس لهم الأعذار، تسامح مع نفسك ومع الآخرين. والمحاسبة لا تعني المحاكمة، ولذلك فهي ليست من أجل إصدار أحكام إدانة أو براءة، وإنما هي من أجل تحسين العمل وتطويره، ولكن حاسب نفسك بتجرد، لتتجنب محاسبة الآخرين لك بانحياز. الحر تكفيه الأشارة.
الغرور الأعمى والثقة المفرطة بالنفس تجعل المخالف يشعر بالنقص ويعلوه صوت الـ أنا، ويطربه نغم لي، ويطغيه عندي. ويعتقد بعض الناس خطأ بأن الاعتداء على الآخرين أو السب والشتم يشفي غليلهم ويحل خلافاتهم. إن الألفاظ البذيئة والسب والشتم تحدث ضررا ولا تدل على لباقة ونضج بل مقترنة بسلوك وتفكير سلبي، وهذا لا يعني أننا يجب أن لا نغضب ولكن التفكير والسلوك الإيجابي لا يعني التخلص من السب والشتم فقط بل يؤدي إلى تهذيب الشخصية ونقاء النفس ويجعلها أكثر إشراقاً. وإذا ركلت من الخلف، فاعلم أنك في المقدمة.
كم تشتكي وتقول إنك معدم --- والأرض ملكك والسماء والأنجم
وإذا أردت أن تتكلم بكلام فانظر فيه قبل أن تتكلم به، فإن كان لك فتكلم به، وإن كان عليك فالصمت عنه خير لك فهو خفة من الذنوب. لأن العالم هو من اتقى الله، ودينك هو رأسمالك الذي به تلقى الله تعالى، "وإنما يخشى الله من عباده العلماء". العالم كالسفينة، إذا كسرت غرقت، وغرق معها خلق كثير. فالذي يقصم الظهر هو عالم متهتك وجاهل متنسك. "إذا بلغك عن اخيك شيئاً تكرهه فالتمس له العذر فأن لم تجد له عذراً فقل في نفسك لعل لأخي عذراً لاأعلمه".
فلا تسب وتلعن بل عبر عن رأيك بصورة مهذبة ومقنعة وحاول التكيف مع الوضع والظرف، فالاتيكيت في قواعد السلوك وطرق التصرف والمعاملة مع الآخرين في المواقف المختلفة يجعل الفرد في قمة اللياقة واللباقة.
يخاطبني السفيه بكل قبح --- فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلما --- كعود زاده الإحراق طيبا
دع الشك، وخذ اليقين، ولذلك قالوا: لا تفت بما قرأت البارحة، و"دع ما يريبك، إلى مالا يريبك". وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، فهل ترضى أن يعاملوك بما تعاملهم به؟ "وفوق كل ذى علم عليم".
كن صادقا مع نفسك وأبداً بتقييم وتقويم نواحي النقص ولا تعمد إلى الفرار من نقائصك وعيوبك ولتكن دائما على ثقة بإمكانياتك ولتكن أهدافك معقولة يمكن تحقيقها بعيدا عن الغرور. "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً".
هل إسقاط المشاعر تعيد التوازن إلى النفس أم تكشف أسرار وخفايا وحقيقة الشخصية. لا تتحدث دائماً عن مخاوفك وسلبياتك حتى لا يبتعد عنك الآخرون ولا تجسم مخاوفك أمام نفسك فتعتقد أنه لا حل لها. من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها.
قطرة المطر تحفر في الصخر، ليس بالعنف و لكن بالتكرار. جميل جدا أن تجعل من عدوك صديقاً، والأجمل أن تجعل من صديقك أخاً عزيزاً. فما فائدة القلم إذا لم يفتح فكراً، أو يضمد جرحاً، أو يرقأ دمعة أو يطهر قلباً، أو يكشف زيفاً، أو يبني صرحاً يسعد الإنسان في ضلاله. من خلق ليزحف لايمكن أن يطير.
كن متسامحاً وبذلك ستحتفظ بأصدقائك. أنصت وكن مستمعاً جيداً، وكن بشوشاً وابتسم للناس، فتبسمك في وجه أخيك صدقة. لا تجادل ولا تخاصم صديقك فالكلمة الطيبة صدقة. ولا تنسى أن تتقن فن العلاقات العامة مع الناس.
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً --- ترمى بأحجار فترمى أطيب الثمرا
التسامح هو الطريق الذي يزيد المودة، وكظم الغيظ والعفو عن الناس دليل على تقوى الله وقوة التوازن النفسي: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم* وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم".
وقد يفسر المخالف أعمال الآخرين وتصرفاتهم بحسب ما يجري في نفسه من سوء ظن وريبة في غيره فيلصق بهم سوء ظنه ويتهم نياتهم ويلتمس عثراتهم ويفتش عن عوراتهم، وأحياناً يبالغ في تضخيم صورة العيوب التي يسقطها على غيره فيصورها صورة مكبرة دقيقة التفاصيل مملوءة بالتنفير والإستهجان وتحريض الآخرين على كرهها واستنكارها فهو يسعى بهذا الإسقاط النفسي إلى تبرئة نفسه من العيب الذي يقلل من شأنها وينقص من قدرها، بينها وبين ذاتها وأمام الناس.
لا تحقرن صغيراً فـي مخاصمة --- إن البعوضة تدمي مقلة الأسد
الإنسان عرضه لتقلب المزاج بين ساعة وأخرى، بين يوم وآخر، وتقلب المزاج يؤثر على أدائه لعمله فلا يؤديه كما ينبغي. كما يؤثر تقلب المزاج على مخاطبة المرء للناس بعامة أو لأسرته، وأيضا تقلب المزاج يؤثر على تفاعل الإنسان مع الأحداث اليومية التي يمر بها، ويؤثر على حسن أداء أعضاء الجسم وأجهزته المختلفة لوظائفها. ماذا تفعل لو وجدت نفسك في مشكلة مع شخص صعب المزاج والطباع؟. تقلب المزاج يختلف بين شخص وآخر. فالإنسان حين يترك لنفسه العنان ويجعل مزاجه رهنا بتقلبات الأحوال هو إنسان قليل المقاومة.لا تجادل الاحمق فقد يخطئ الناس فى التفريق بينكم. طعنة العدو تدمي الجسد وطعنة الصديق تدمي القلب.
وهكذا يعلمنا الله أن لا نترك لأنفسنا العنان حين نغضب أو تنحرف أمزجتنا بل أن نسيطر على انفعالاتنا ونحكمها "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين"، آل عمران-134. فكظم الغيظ والعفو عن الناس هما من قبيل السيطرة على المشاعر وهو شيء محمود يعتبره الله من الإحسان. والإنسان الذي يجعل نفسه طيعة لتقلب المزاج سوف يجد أشياء كثيرة تقلب مزاجه وتعكره، فتجد أناسا يتعكر مزاجهم لأقل شيء ويرغبون ويزبدون كالجمل الهائج، ويتصرفون باندفاع ودون عقلانية ويأتون أفعالا توقعهم أحيانا تحت طائلة القانون. وصدق رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – إذ يقول ليس الشديد بالصرعة وأنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. الإنسان المؤمن إنسان متحضر بمعنى الكلمة، فالدين يتطلب من المؤمن أن يكون مثاليا في تصرفاته أو اقرب ما يكون راقيا في أفعاله وأقواله وحركاته وسكناته، ويجعل من أرادته حاجزا واقيا من تقلبات المزاج وأن يكون متسامحا حتى في حالة غضبه، "وإذا ما غضبوا هم يغفرون" الشورى –37.
الغيرة هي ثوران النفس لخير كان أم لشر، بسبب الحمية والأنفة، أو التنافس والحسد. الغيرة أمر جميل أذا كانت غايتها العمل والجد والنشاط، وليس الحقد والضغينة والكره بسبب سوء الظن. إما سوء الظن والشك من دون سبب فهو مرض نفسي يجب معالجته، حيث أنه مرض خطير ليس على صاحبه فقط بل على الآخرين. كن لينا من غير ضعف وشديدا من غير عنف.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم --- فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
أضف تعليقاً