إنَّ المسؤولية المالية والادخار الذكي علم كغيره من العلوم الواجب شرحها للأطفال وتعليمهم أصولها وأدواتها في سن مبكر، وهو علم يساهم في إعداد جيل ذكي مالياً، عارف لطرائق توليد المال بذكاء، وجعل المال يعمل من أجله بدل أن يعمل هو لأجل المال، وفي هذا المقال سوف نورد مجموعة نصائح لتعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي، فتفضلوا بالقراءة.
نصائح تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي:
إنَّ تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي يندرج ضمن المعلومات والمبادئ الهامة التي يجب تعليمها للطفل في سنٍّ صغير، ومن أجل ذلك، وبعيداً عن الأساليب الجافة والمقيتة في تلقين العلوم، نقدم لكم هذه النصائح الفعالة في تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي:
1. اشرح لطفلك مفهوم النقود:
على الأطفال أن يعرفوا مفهوم النقود والأموال بشكلٍ عمليٍّ قبل أن تشرع بتعليمهم المسؤولية المالية والادخار الذكي، وإنَّ أبسط طريقة لذلك هي اصطحاب طفلك إلى الأماكن التي تحتاج فيها إلى استخدام النقود مثل السوبر ماركت.
إنَّ ذهابك برفقة طفلك إلى السوبر ماركت والتجول بين الحاجيات وقراءة سعر كلٍّ منها، من شأنه أن يُعلِّم طفلك أنَّ لكل شيء قيمة مالية، ويمكنك أن تستخدم مصطلحات "غالي، رخيص" في التعبير عن ثمن كل سلعة، وبعد أن تختار برفقة طفلك حاجيات المنزل الخاصة بكم، دعه ينتظر معك في دور المحاسبة، ليراك وأنت تخرج النقود من جيبك وتقدِّمها للمحاسب الذي يقتطع ثمن ما اشتريت، ثم يعيد لك الفكة.
مرة بعد مرة سيعتاد طفلك الأمر، سوف يعتاد قراءة أسعار المنتجات، ويمكنك في مرات لاحقة أن تعطيه النقود ليناولها بنفسه للمحاسب ويأخذ الفكة والفاتورة، لتزداد ثقته بنفسه ويجرب بنفسه ما تعلمه.
شاهد بالفيديو: 7 طرق لتعليم الأطفال الادخار وتوفير المال
2. العب مع طفلك ألعاباً تتطرق للمال:
يحب الأطفال اللعب، وإنَّ التعلم باللعب من أفضل طرائق تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي، وتوجد في العديد من مراكز الألعاب لعبة المحاسب "الكاشير" التي تكون على شكل صندوق له أزرار ودروج، يضغط الصغير على الأزرار وكأنَّه يُدخِل قيم المشتريات، ثم يفتح الدرج ليضع فيه ثمنها ويعيد إليك الفكة مع الفاتورة، وفي أغلب الأحيان تحتوي اللعبة نقوداً مزيفة لتبدو حقيقية أكثر.
بإمكانك أخذ دور الزبون أو المحاسب في اللعبة، وتستمتع مع طفلك في بيع وشراء أدوات المنزل، وتعليمه بنفس الوقت المسؤولية المالية.
3. اعرض على طفلك النقود الحقيقية:
بعد أن يتعلم طفلك الأرقام ويستطيع قراءتها تحين الفرص ليرى الأوراق النقدية والنقود المعدنية التي تستخدمونها في بلدكم بوصفها خطوة هامة في سبيل تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي، كما يمكنك في وقت لاحق من عمر طفلك تعريفه على البطاقة المصرفية ومفهوم المصرف بوصفه مكاناً آمناً لوضع النقود.
عند إعطاء طفلك عيدية مثلاً أخبره بقيمة الورقة النقدية التي أعطيته إياها، وأره الفرق بينها وبين أوراق نقدية أخرى من حيث الأرقام والأشكال، وأخبره أيها أكثر قيمة وأيها أقل.
4. علِّم طفلك ترتيب الأولويات:
إنَّ ترتيب أولويات الحاجة إلى المواد يعدُّ من طرائق تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي، فعندما تذهب برفقة طفلك إلى السوبر ماركت وتخبره بأنَّكما ستشتريان حاجات المنزل أولاً، ثم ستذهبان إلى المكتبة لشراء لعبة أعجبته في المرة الماضية - إذا بقي لديكما فائض من المال - فإنَّ هذا يعلمه ترتيب أولوياته.
من الموقف رغم بساطته سيتعلم طفلك كبح جماح رغباته وترتيب أولوياته، فلن يتحول بذلك إلى موظف يشتري بمعاشه الشهري كاملاً ملابس وحقائب وأحذية من الماركات ليمضي بقية أيام الشهر يستدين من رفاقه ليشتري ما يأكله.
5. أعطِ طفلك مصروفاً شهرياً:
إنَّ فكرة المصروف الشهري أو الأسبوعي أفضل بكثير من المصروف اليومي وأفضل من إعطاء الطفل مالاً عند الطلب دائماً، وإنَّ هذا المنهج يساهم في تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي، فقد يشتري الطفل شيئاً يحبه بمصروفه الشهري الأول، لكنَّه سيضطر إلى الانتظار إلى مطلع الشهر القادم لشراء أي شيء آخر أعجبه، وهذا سوف يعلمه شيئين أساسيين هما: الانتظار والوعي في أثناء الشراء.
الانتظار حصيلة اضطرار الطفل إلى الصبر حتى موعد تلقي مصروفه القادم، وهذه مهارة حياتية سيحتاج إليها كثيراً، وأما الوعي في أثناء الشراء فهو يعني تفكيره ملياً قبل شراء الشيء "هل تستحق هذه السلعة أن أصرف كل نقودي من أجلها وأبقى بلا نقود حتى الشهر القادم؟"، سيفكر طفلك ملياً قبل الإقدام على عملية الشراء، وهذا ما سيجنبه الشراء العاطفي الذي يسلكه بعض البالغين للتخفيف من توترهم النفسي.
لكن، ماذا لو رغب طفلي بشراء لعبة ثمنها أكبر من مصروفه؟ هنا زبدة القول وخلاصة ما نريد التوصل إليه، في مثل هذه الحالات عليك أن تشرح لطفلك - الذي من المفترض أنَّه يعرف مفهوم الأسعار - أنَّ ثمن هذا الغرض يتطلب منه مصروف أكثر من شهر، وأنَّ عليه أن يدخر بعض أمواله ليضيفها إلى مصروف الشهر القادم ويتمكن من شراء اللعبة، وهنا يدرك الطفل أهمية الادخار ويتعلم المسؤولية المالية والادخار الذكي.
6. علِّم طفلك طرائق اكتساب المال:
لنتفق على كون المصروف الشهري حق من حقوق الأطفال، لكنَّك ومن أجل تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي، يمكنك أن تقترح عليهم الحصول على المال لقاء أداء مهام إضافية لمهامهم كأعضاء فاعلين في المنزل.
إنَّ ترتيب الطفل لسريره يعدُّ من قائمة واجباته، لكن جزُّ العشب في الحديقة أو مسح الغبار عن الأثاث في الصالة، يمكن أن يكون مهمة إضافية يستطيع الطفل الحصول على مبلغ مالي مقابل أدائها، وإنَّ هذا السلوك من شأنه أن يلبي رغبة الأطفال العارمة في الوصول بشكل أسرع إلى مبتغاهم، فبدل أن ينتظر الطفل مطلع الشهر القادم ليشتري اللعبة التي ادخر جزءاً من ثمنها، يستطيع أداء بعض المهام التي تعود عليه بما ينقصه من مال.
7. ساعد طفلك على تقسيم مصروفه:
على الرغم من كون إعطاء الطفل مصروفاً خاصاً يمنحه الحرية المالية أمراً هاماً، ولكن تقديم الاقتراحات غير الإلزامية في سبل إنفاق هذه الأموال ضروري في أثناء تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي، فبإمكانك أن تقترح على طفلك تقسيم مصروفه إلى عدة أقسام قسم لشراء الحلوى، وقسم لشراء لعبة وقسم للادخار وقسم للتبرع مثلاً.
8. اسمح لطفلك بشراء مبتغاه بنفسه:
بعد أن وضع طفلك لنفسه هدفاً في عملية الشراء، وقام بالصبر والانتظار وأداء المهام الإضافية وعمليات الادخار من أجل تجميع ثمنه، اسمح له أن يقطف ثمرة إنجازه بنفسه، بأن يذهب إلى المتجر وينتشل الدمية مثلاً من مكانها ويذهب بها إلى المحاسب ويناوله ثمنها.
إنَّ هذه اللحظات لن تُنسى بالنسبة إليه ولن تقل متعتها عن متعة الحصول على اللعبة، وستكون أيضاً هذه المتعة دافعاً له من أجل وضع أهداف أخرى والتخطيط لها ورسم طريق الحصول عليها، وتعلُّم المسؤولية المالية والادخار الذكي.
9. كن قدوة لطفلك:
إنَّ الطريق المختصرة لتعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي هي تمتُّع الوالدين بهذه الصفات، فعندما يرى الطفل والديه يدخران المال سيصبح الادخار أسلوب حياة بالنسبة إليه، وليس مصطلحاً جانبياً دخيلاً، وعندما يرى الطفل والده قد اشترى سيارة جديدة بالمال الذي ادخره سيدرك أهمية الادخار ويوقن بأنَّ الأحلام الكبيرة تتحقق عبر خطوات صغيرة مثابرة.
10. علِّم طفلك مفهوم العطاء:
يخاف معظم الأشخاص من تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي، ويظنون بأنَّها طريقة تربوية تنتج أطفالاً ماديين وبخلاء ربما ولا يفكرون إلا في النقود، ولكن هذا ليس صحيحاً، ومن أجل أن نضع دعائم إضافية لمنع الطفل من الانزلاق في طريق التعلق الكبير بالمال؛ نعلمه قيمة العطاء، وكمية السعادة والشعور بالفائدة التي تجلبها هذه القيمة، كما يمكن أن نحدِّثه عن التكافل الاجتماعي بلغة يفهمها، ونساعده على أن يخصص جزءاً من مصروفه ليعطيه لطفل آخر.
يمكن إيصال هذه الفكرة للطفل بأساليب عديدة، منها أنَّ الدِّينَ قد أمرنا بمساعدة بعضنا بعضاً، ومنها أنَّ فكرة إعطاء شيء نحبه يعدُّ جهاداً لأنفسنا، ومنها أنَّ هذا الجزء الصغير من مصروفنا سبب كافٍ لفرحة عارمة في قلب طفل يتيم.
يمكن أن نسمح للطفل بشراء لعبة أو قطعة ثياب يختارها لطفل محتاج، ويمكن أن نصطحبه معنا إلى الجمعيات الخيرية ودور الأيتام، فإنَّ مثل هذا التصرف ومشاهدة الطفل بعينه لسعادة الآخر من شأنه أن ينمي في ذاته شعوراً إنسانياً نبيلاً ويجعله إنساناً متعاطفاً وحاملاً للمسؤولية المجتمعية.
ملحوظة:
في سياق متصل ورداً على الاتهامات التي قد ترد إلى الوالدين بخصوص كون تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي قد يكون سبباً في إنشاء تعلق قوي بين الطفل والمال ويجعل الطفل يفكر في المال فقط؛ يمكن الرد بأنَّ الادخار لا يكون في سبيل جمع المال فقط، بل يكون خطوة انتقالية للحصول على هدف معين مثل شراء لعبة أو دفع اشتراك شهري في مكتبة وغير ذلك من الأشياء التي تحقق متعة وفائدة للطفل، وهذا يختلف عن كون المتعة في عد نقوده وإضافة مزيدٍ إليها دون أي هدف سوى الاكتناز.
في الختام:
إنَّ تعليم الأطفال المسؤولية المالية والادخار الذكي هو السبيل الوحيد لإنشاء علاقة صحية بين الطفل والمال، هذه العلاقة التي قلما تتحدث عنها المناهج الدراسية وكتب الأطفال، رغم أهميتها البالغة والحاجة الملحة إلى إدراكها في جميع المراحل العمرية.
أضف تعليقاً