إذا كنت ترغب في أن تكون مصدر جذب للمواهب، فاتبع نفس النهج في عملية التوظيف، وأظهر للمتقدمين للحصول على عمل في مؤسستك وللمعينين الجدد، كيف تُحدِث مؤسستك فرقاً من خلال العمل الرائع الذي يقوم به موظفيك.
كيف أدى اجتماع مدته 5 دقائق إلى زيادة الإنتاجية بنسبة 400%؟
يصف الدكتور "آدم غرانت" (Dr. Adam Grant) من "كلية وارتون للأعمال" (Wharton Business School) في مقاله "كيف يمكن للعملاء حث الموظفين على العمل" (How Customer Can Rally Your Troops) - والذي من الضروري أن تقرأه فرق القيادة التي ترغب في زيادة اندماج الموظفين في العمل - تأثير مشاركة قصص العملاء مع الموظفين؛ إذ يبدأ المقال بسؤال يلفت الانتباه:
"كيف حث اجتماع مدته خمس دقائق جامعي التبرعات في الجامعة على زيادة إنتاجيتهم الأسبوعية بنسبة 400%؟" ويستمر المقال في وصف كيف طلب قسم جمع التبرعات بالجامعة من الدكتور "غرانت" مساعدتهم على حل مشكلة أزعجت الإدارة.
فقد طُلِب منهم مساعدة الإدارة على رفع معنويات الموظفين وأدائهم؛ لأنَّ كل المحاولات للقيام بذلك في الماضي باءت بالفشل، كما عانى القسم من معدل دوران عمالة ضخم، وهي مشكلة متجذرة في مجال جمع التبرعات، والتي يبلغ متوسط معدل دوران العمالة فيه أكثر من 400%، وهو ما يعادل معدل دوران جميع الموظفين كل ثلاثة أشهر؛ إذاً، ما الذي فعله الدكتور "غرانت" لحل هذه المشكلة؟
إظهار أهمية الموظفين:
كان ذلك من خلال ربط الموظفين بشكل مباشر بالتأثير الذي تركه عملهم في حياة الآخرين؛ إذ دعا الدكتور "غرانت" أحد الحاصلين على منحة في الجامعة لمشاركة قصته مع جامعي تبرعات ممن عانوا من متاعب مستمرة ومتكررة، فقد حفزت هذه القصة التي مدتها خمس دقائق الموظفين على إجراء المزيد من المكالمات وتحقيق المزيد من التبرعات.
بشكل أكثر تحديداً، ضاعف الموظفون الذين سمعوا خطاب صاحب المنحة مكالماتهم في الساعة بأكثر من الضعف، وزادت عائداتهم الأسبوعية من 411.74 دولار أمريكي إلى 2083.52 دولار أمريكي؛ إذاً، لماذا يُعَدُّ ربط الموظفين بقصص العملاء بهذه القوة والتأثير؟
شاهد بالفيديو: 6 طرق مبتكرة لرفع معنويات الموظفين
المعنى والهدف هما احتياجات الإنسان الأساسية:
يلبي العمل حاجة الإنسان إلى إيجاد المعنى والهدف من حياته، والحاجة إلى الشعور بأنَّنا وعملنا ذوو أهمية، وقد وصف الكاتب "ستادز تيركيل" (Studs Terkel) في كتابه الكلاسيكي "العمل" (Working) ذلك وصفاً مؤثراً للغاية:
"العمل هو عبارة عن البحث عن المعنى اليومي بالإضافة إلى القوت اليومي، وعن التقدير كما المال، والشعور بالدهشة بدلاً من الخمول؛ باختصار، العمل هام من أجل عيش نوع من الحياة النشيطة بدلاً من الشعور بنوع من الروتين من بداية الأسبوع إلى نهايته".
يكشف بحث أُجري عن اندماج الموظفين عن هذه الحاجة البشرية الحاسمة للعمل؛ إذ تحدَّث أحد موظفي مؤسسة "غالوب" (Gallup) الذين شملهم الاستطلاع المكون من 12 عنصراً لقياس اندماج الموظفين عن هذه الحاجة الأساسية: "إنَّ مهمة أو هدف شركتي تجعلني أشعر بأنَّ عملي ذو أهمية عالية".
كما نرى الدور الذي تؤديه هذه الحاجة في جذب المواهب؛ إذ يعرف أي شخص يشارك في توظيف المواهب أنَّ الجيل الجديد من الموظفين يرغبون في العمل لدى رب عمل يقدم أشياء جيدة للعالم.
رغبة جيل الألفية في إحداث فرق:
كشفت دراسة أجرتها "مجموعة إنتليجنس" (Intelligence Group) أنَّ 64% من جيل الألفية يقولون إنَّ جعل العالم مكاناً أفضل يمثل أولوية بالنسبة إليهم.
يجسد الاقتباس المنشور حديثاً على منصة "لينكد إن" (Linkedin) بعنوان "لماذا يستمر جيل الألفية في تركك: رسالة موجهة للإدارة" (Why Millennials Keep Dumping You: An Open Letter to Management)، والذي أحرز حتى الآن أكثر من 1.3 مليون مشاهدة و1400 تعليق، هذه الرغبة:
"لقد نشأت على الاعتقاد بأنَّني قادر على تغيير العالم؛ فأنا في أمس الحاجة لأن تبين لي أنَّ العمل الذي أقوم به هام، حتى ولو قليلاً، فربما أعمل على آلة النسخ، أو أحضر القهوة، أو أقوم بأي عمل شاق، لكنَّني لن أفعل ذلك لمساعدتك على الحصول على سيارة جديدة، وسأبذل كل ما بوسعي، لكن أريد أن أعرف أنَّ ما أفعله سيحدث فرقاً في شيء أكبر من صافي أرباحك وحدك".
الشعور بتأثير العمل العظيم:
يتحفز الموظفون الذين يتفاعلون مع العملاء مباشرة نتيجة رؤية تأثير عملهم باستمرار؛ إذ يبقيهم هذا التلامس المباشر مع نتاج عملهم مهتمين وسعيدين بعملهم وبالمهمة التي يكلفهم بها رب العمل، ومع ذلك، يمكن لأولئك الذين لا يتعاملون بشكل مباشر مع العملاء والزبائن أن يشعروا بسهولة بأنَّهم بعيدون عن المهمة التي يكلفهم بها رب العمل والعمل الجيد الذي يقومون به.
يدرك "أمير زونوزي" (Amir Zonozi)، كبير مسؤولي الاستراتيجيات في منصة "زومف" (Zoomph)، هذه المشكلة؛ إذ يقول: "نحن - فريق التسويق والقيادة - نذهب إلى المؤتمرات ونتلقى الكثير من الحب من العملاء المغرمين جداً بمنتجنا"، ومع ذلك، لا يحق لمطوري البرامج عادةً الذهاب إلى مثل هذه المؤتمرات".
بدلاً من ذلك، يعمل مطورو البرامج على إيجاد الثغرات والتحسينات التي يجب إجراؤها على البرامج التي عملوا جاهدين على إنشائها، ولمنح مطوري برامجهم الفرصة لاختبار نتاج عملهم الشاق بشكل مباشر، يقوم القادة في منصة "زومف" (Zoomph) باصطحابهم إلى مكان حدوث المشكلة التي أصلحوها لإظهار التأثير الإيجابي الذي قدموه.
في الآونة الأخيرة، بعد أن حل مطورو برامج منصة "زومف" (Zoomph) مشكلة واجهها فريق البيسبول "بالتيمور أوريولز" (Baltimore Orioles) والتي قال عنها منافسون لهم إنَّها مستحيلة الحل، أخذ "زونوزي" (Zonozi) وأعضاء آخرون من فريق الإدارة المطورين إلى مباراة لفريق "أوريولي"، وهناك، تمكَّنوا من رؤية شاشة عرض عملاقة لمنصة "زومف" تعرض تغريدات مباشرة ذات صلة بفريق "أوريولز" من المعجبين أمام حشد من 50000 شخص، وعند انتهاء المباراة ساروا في الملعب وقاموا بجولة فيه.
أفكار يجب وضعها موضع التنفيذ:
- توفير فرص خلاَّقة لمنح الموظفين الذين لا يتفاعلون مع العملاء فرصة لمشاهدة تأثير عملهم أو الخدمات التي يقدمونها في حياة العملاء تأثيراً مباشراً وشخصياً.
- التماس القصص باهتمام من الموظفين الذين يتفاعلون مع العملاء والعملاء أنفسهم، والتي توضح التغيير الذي تحدثه مؤسستك في العالم.
- جمع ومشاركة قصص العملاء كلما أمكن ذلك.
- دعوة العملاء للتحدث في اجتماعات على مستوى الشركة ورواية قصصهم مباشرةً للموظفين؛ فهذا أمر تقوم به "ميدترونيكس" (Medtronics)، شركة الأجهزة الطبية، كل عام؛ إذ تدعو الأشخاص الذين أُنقِذت حياتهم بواسطة جهاز "ميدترونيكس" (Medtronics)، لرواية قصتهم لجمهور من الموظفين الذين تمتلئ عيونهم بالدموع، لتذكيرهم بأهمية عملهم.
أضف تعليقاً