ما هو النقل الذاتي القيادة؟
تعدُّ المركبات ذاتية القيادة من وسائل النقل (سيارات، شاحنات، حافلات)، التي تعمل دون تدخُّل بشري في القيادة، من خلال مجموعة من أجهزة الاستشعار والحسَّاسات المدمَجة مع البرمجيات للتحكُّم الكامل في حركتها، ولضمان سلامة هذه المركبات في تنقُّلها في الطرق، وتُزوَّد تدريجياً بتقنيات متطوِّرة تشمل:
- التحكُّم في السرعة.
- المساعدة في القيادة والتوقف.
- إدارة الفرامل.
- نظام الكشف عن العوائق ومستخدمي الطريق.
- نُظُم التحذير من اقتراب المركبات الأخرى.
- مراقبة ظروف التشغيل.
- ضبط السرعة وفقاً لمسار الطريق.
هذه التقنيات موجودة بالفعل في نماذج معيَّنة من المركبات، ولفهم كيفية تكامل هذه التقنيات فهماً أفضل، من الضروري التعمُّق في التكنولوجيا التي تدعم أتمتة هذه المركبات، فحالياً لا توجد مركبات ذاتية القيادة ومستقلَّة بالكامل تعمل ضمن إطار قانوني عالمي، لكن توجد مركبات ذاتية القيادة جزئياً تتمتَّع بمستوى معيَّن من الأتمتة مثل الكبح التلقائي، وتغيير المسارات والركن الذاتي.
على الرغم من أنَّ تكنولوجيا القيادة الذاتية ما تزال في مراحلها الأولية، إلَّا أنَّها تزداد انتشاراً، وقد تكون قادرة على إحداث تحوُّل جذري في نظام النقل المستقبلي، كما وصلت المركبات ذاتية القيادة إلى مراحل متقدِّمة من التطور، فهي تستخدم الذكاء الاصطناعي في السيارات لتمييز مختلف العوائق وحالات الطرق المختلفة، والتفاعل معها بناءً على معايير محدَّدة مسبقاً.
تتواصل الحواسيب في هذه السيارات مع بعضها بعضاً من خلال نظم اتِّصال متخصِّصة، وهذا يمكِّن السيارات الأخرى من التعلُّم من الأحداث غير المتوقَّعة، وتحتاج السيارات ذاتية القيادة نتيجةً لذلك إلى نظم حاسوبية مركزية أقوى من وحدات المعالجة الإلكترونية المستخدمة حالياً، إضافة إلى نظم تشخيص متقدمة.
كيف تعمل السيارة ذاتية القيادة؟
لفهم آلية عمل السيارة ذاتية القيادة، من الضروري التعرف إلى المبادئ التي تستند إليها لتحلَّ محلَّ السائق البشري، وتعتمد هذه السيارات على تفاعل متناغم بين ثلاثة أنظمة رئيسة، وهذا يمكِّنها من اتخاذ القرارات الصحيحة في القيادة:
1. المستشعرات الخاصة
تشكِّل المستشعرات جزءاً أساسياً من نظام المركبات ذاتية القيادة، وتشمل مجموعة من الأجهزة مثل الرادار، والكاميرات، والحسَّاسات، والموجات فوق الصوتية، وتعمل هذه المستشعرات معاً لرصد البيئة المحيطة بالسيارة وتحذير النظام من أي خطر محتمل، مثل اقتراب جسم ما من هيكل السيارة، وهذا يساعد على تجنُّب الاصطدامات.
2. الاتصال بالإنترنت
تعتمد سيارات القيادة الذاتية اعتماداً كبيراً على الاتصال الدائم بالإنترنت، لكونها تعتمد على تقنية الحوسبة السحابية (cloud computing) لتزويد نظامها الحاسوبي بمعلومات هامة مثل بيانات المرور، والأحوال الجوية، وغيرها من التفاصيل الضرورية لتحليل البيانات واتخاذ القرارات المناسبة.
3. الخوارزميات البرمجية
تخضع جميع المعلومات التي تجمعها المستشعرات عن الظروف المحيطة بالسيارة لتحليل دقيق باستخدام خوارزميات برمجية متطوِّرة، وبناءً على هذه التحليلات، يَتَّخذ النظام قرارات مثل الانعطاف أو تخفيف السرعة وفقاً لموقع الأجسام المجاورة للسيارة، وهذه العملية تعدُّ الأكثر أهمية وحساسية في نظام القيادة الذاتية، فإنَّ أي خطأ في اتخاذ القرار قد يؤدي إلى عواقب خطيرة.
كما يجب أن نذكر أنَّ المركبات ذاتية القيادة جزئياً (في المستويات 0، 1، 2، 3، أو 4) قد تحتاج إلى تدخُّل السائق في حال واجهَ نظام القيادة تعارضاً، في حين أنَّ المركبات ذاتية القيادة بالكامل في المستقبل (من المستوى 5) قد لا تتضمن مقوداً في تصميمها، ويمكن تصنيف المركبات ذاتية القيادة أيضاً بناءً على قدرتها على الاتصال، سواء كانت قادرة على التواصل مع المركبات الأخرى أم مع البنية التحتية للمدينة، مثل إشارات المرور الذكية وإدارة حركة المرور في المدن.
ما هي فوائد السيارات ذاتية القيادة؟
تعدُّ المركبات ذاتية القيادة من أبرز التطورات التكنولوجية التي يمكن أن تُحدث تغييراً جوهرياً في كيفية تنقُّلنا اليومي، وتصنَّف هذه المركبات إلى مستويات متعددة بناءً على درجة الأتمتة والتكنولوجيا المستخدمة فيها، بينما تتطلَّب المركبات من المستوى 1 والمستوى 2، التي تُشاهَد حالياً على الطرق، الانتباه المستمر من السائق.
إنَّ المركبات من المستوى 3، التي ما تزال قيد التطوير، ستكون قادرة على إدارة بعض المهام إدارةً مستقلةً، مع حاجة محدودة لتدخُّل السائق في حالات معيَّنة فقط، ولكن ما هي الفوائد الحقيقية لهذه السيارات؟
1. تقليل الأخطاء البشرية
تشير الدراسات إلى أنَّ الأخطاء البشرية هي السبب الرئيس في أكثر من 80٪ من حوادث الطرق، وتشمل هذه الأخطاء القيادة تحت تأثير الكحول، أو السرعة الزائدة، أو الانشغال باستخدام الهواتف المحمولة، وعندما نكون خلف عجلة القيادة، نحن عرضة لفقدان التركيز، وفي بعض الأحيان قد نتصرَّف بتهور، فالسيارات ذاتية القيادة مصمَّمة للتغلُّب على هذه التحديات البشرية، فهي تعتمد على أنظمة دقيقة ومعقَّدة لتحليل البيئة المحيطة واتخاذ القرارات اتِّخاذاً أسرع وأدق ممَّا يمكن للسائق البشري، وهذا قد يؤدي إلى انخفاض كبير في عدد الحوادث، وإنقاذ الآلاف من الأرواح سنوياً.
2. تخفيف الازدحامات المرورية
الازدحام المروري مشكلة شائعة في المدن الكبرى، وغالباً ما يكون ناتجاً عن سلوكات سائقين غير مسؤولة، مثل محاولة التجاوز غير الآمنة أو التوقف المفاجئ، فالسيارات ذاتية القيادة مزوَّدة بأجهزة استشعار وأنظمة تواصل تمكِّنها من (التحدث) مع المركبات الأخرى على الطريق، وهذا يسمح لها بتنسيق حركتها تنسيقاً فعَّالاً، وهذا التنسيق يمكن أن يقلِّل من الازدحامات تقليلاً كبيراً، فتتمكَّن السيارات من المحافظة على مسافات آمنة وتجنُّب التوقُّفات المفاجئة، فتصبح الرحلة أكثر سلاسة وأقل توتراً، مع ضمان وصولك إلى وجهتك في الوقت المحدد.
3. صديقة للبيئة
مع تزايد الاهتمام العالمي بالقضايا البيئية، تأتي السيارات ذاتية القيادة بوصفها جزءاً من الحل، بخلاف المركبات التقليدية التي تعمل بالبنزين أو الديزل، وتعتمد معظم السيارات ذاتية القيادة على الكهرباء بوصفها مصدراً للطاقة، وهذا التحول إلى الكهرباء يقلِّل من انبعاثات الغازات الدفيئة، وهذا يساهم في مكافحة تغيُّر المناخ.
إضافة إلى ذلك، فإنَّ تقنيات القيادة الذاتية قادرة على تحسين كفاءة القيادة، فهي تقلِّل من الحاجة إلى التسارع المفاجئ أو الكبح المتكرر، وهذا يقلِّل من استهلاك الطاقة والانبعاثات الضارة، وبفضل هذه التكنولوجيا، يمكن للمركبات ذاتية القيادة أن تُحسِّن جودة الهواء وتقلِّل البصمة الكربونية للمدن.
4. تحسين جودة الحياة
إلى جانب الفوائد البيئية والمرورية، يمكن للسيارات ذاتية القيادة أن تحسن تحسيناً كبيراً من جودة الحياة اليومية، ومع انخفاض الحاجة إلى التركيز الدائم على الطريق، يمكن للسائقين تحويل انتباههم إلى مهام أخرى، مثل القراءة، أو العمل، أو حتى الاسترخاء في التنقل، فهذا يوفر وقتاً ثميناً كان يضيع في القيادة التقليدية، وإضافة إلى ذلك، يمكن أن توفر هذه السيارات وسيلة نقل آمنة وموثوقة للأشخاص الذين لا يستطيعون القيادة بسبب العمر أو الإعاقة، وهذا يعزِّز من استقلاليتهم واندماجهم في المجتمع.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي القيادة الذاتية
يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في تحسين تجربة الركَّاب داخل المركبات الذكية والقيادة الذاتية، فهو يتيح التعرف إلى تفضيلات الركَّاب وتقديم تجربة مخصصة ومريحة تشمل التحكم في نظام الترفيه، والمعلومات، وتكييف الهواء، وغيرها من المرافق داخل السيارة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال مجموعة من التطبيقات الهامة، من بينها:
1. نظام المساعدة على القيادة الذاتية (ADAS)
يعتمد هذا النظام على الذكاء الاصطناعي لتطوير أنظمة تمكِّن المركبة من القيادة الآلية مع تقليل الحاجة للتدخل البشري، ويوفِّر هذا النظام دعماً للسائقين لتحقيق قيادة آمنة وفعالة باستخدام مجموعة متنوعة من المستشعرات مثل الرادارات، والكاميرات، وأجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء، وهذه المستشعرات تساعد على التعرف إلى إشارات المرور، التحكم في المسار، الحفاظ على المسافة بين المركبات، والتنبيه من خطر التصادم.
2. القيادة الذاتية الكاملة
يهدف هذا التطبيق إلى تمكين المركبات من القيادة تمكيناً كاملاً دون أي تدخل بشري، ومن ذلك التعامل مع مختلف ظروف الطريق واتخاذ القرارات المناسبة للتنقُّل والتفاعل مع المركبات الأخرى والبنية التحتية المرورية.
3. خدمات توصيل الطرود الذاتية
يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتطوير مركبات قادرة على توصيل الطرود والشحنات ذاتياً، مع الاعتماد على تقنيات الاستشعار، والتخطيط، والملاحة لضمان تسليم سريع وآمن.
4. نقل الركَّاب الذاتي
يركِّز هذا التطبيق على تحقيق نقل الركاب دون سائق، فيُستخدَم الذكاء الاصطناعي في قيادة المركبات وتحسين تجربة الركاب من حيث الأمان والراحة.
5. تحليل البيانات المرورية
يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المرورية والتنبؤ بحركة المرور، وهذا يساعد على توجيه السائقين إلى المسارات الأكثر فاعلية وتجنُّب الازدحام المروري.
يعدُّ تأثير المركبات ذاتية القيادة في قطَّاع النقل خطوة تجاه مستقبل أكثر ذكاءً واستدامة، فهذه التكنولوجيا تحمل في طيَّاتها القدرة على إعادة تشكيل كيفية تنقلنا، وهذا يُقلِّل الحوادث الناتجة عن الأخطاء البشرية، ويُخفِّف الازدحام المروري، ويُقلِّل الأثر السلبي.
أضف تعليقاً