دليلك الشامل لفهم المفعول المطلق في اللغة العربية

ما هو المفعول المُطلَق؟

يُعرِّفُ "ابن جني" المصدر (المفعول المُطلَق) بأنَّه كلُّ اسمٍ يشيرُ إلى حدثٍ وزمانٍ غير معروفين، ويأتي هو وفعله من لفظٍ واحدٍ، بينما يصفُ "ابن هشام" المفعول المُطلَق بأنَّه اسمٌ يؤكِّدُ عامله أو يوضِّحُ نوعَه أو عددَه دون أن يكونَ خبراً أو حالاً، ويرى كل من "ابن مالك" و"أبو حيان الأندلسي" أنَّ المفعولَ المُطلَق يُعبِّرُ عن معانٍ متُعدِّدة؛ فيأتي بمعنى قائم بالفاعل، ويأتي بمعنى صادر عن الفاعل، وفي تعريف "الزمخشري" المفعول المُطلَق مصدرٌ يؤكِّدُ على عامله، أو يُحدِّدُ نوعَهُ، أو عدده دون تخصيصه بشيءٍ آخرٍ.

المفعولُ المُطلَق: هو اسمٌ مُشتقٌّ من لفظِ الفعلِ يدلُّ على حدثٍ غير مقترنٍ بزمنٍ، ويعملُ فيه فعله على أن يُذكرَ معهُ، أو هو مصدرٌ يشتركُ مع فعله في حروفه، أو مصدرٌ يُذكَرُ بعد فعلٍ من لفظه لتأكيده أو لبيان عدده أو نوعه، من مثل:

• (رتَّلَ القرآن ترتيلاً).
• (كلَّمَ الله موسى تكليماً).
• (فيعذبِّه الله العذابَ الأكبر).
• نزل المسافرون من الطائرة نزولاً سريعاً.
• رسم الطفلُ رسماً جميلاً.
• أقدِّرُ العلمً تقديراً كبيراً.

لماذا سُمي المفعول المُطلَق بهذا الاسم؟

سُمِّيَ المفعول المُطلَق بهذا الاسم؛ لأنَّهُ لا يحتاجُ إلى وجود أداةٍ لغويَّة تؤكِّد أنَّه مفعول، فهو حرٌّ، فلا يُقيَّد بحروف أو كلمات مثل باقي المفاعيل.

أنواع المفعول المُطلَق؟

للمفعول المُطلَق عدَّة أنواعٍ جميعها مصدرٌ منصوبٌ يُؤخَذُ من جنسِ الفعل؛ ليحقِّقَ غرضاً محدَّداً، وهي:

1. النَّوع الأوَّل (توكيد الفعل):

يأتي المفعولُ المُطلَق منفرداً ليؤكِّدَ الفعل، مثل:

• درستُ الكتابَ دراسةً.
• فاز الطفلُ فوزاً.
• سرتُ إلى الغابة سيراً.
• ركضتُ إلى المدرسة ركضاً.
• قفز الغزالُ قفزاً.

2. النَّوع الثاني (بيان نوع الفعل):

تأتي بعد المفعول المُطلَق كلمةً لتبيِّن نوع الفعل؛ أي أن يكون مضافاً أو موصوفاً، مثل:

• انتصرَ الفريقُ انتصارَ الأبطالِ.
• سرتَ سيراً حسناً.
• درستُ الامتحان دراسةَ المُجتهدين.

3. النَّوع الثالث (بيان عدد مرَّات الفعل):

يأتي المفعول المُطلَق ليبيِّن عدد مرات حُدوث الفعل، وهو واضحٌ كونه معدوداً، مثل:

• دقت السَّاعة مرتين.
• ركعتُ ركعتين.
• ضربتُ الولدَ المُشاكِس ضربتين.

4. النَّوع الرابع (نائب عن الفعل):

ينوب المفعول المُطلَق عن الفعل، ويظهرُ ذلك من عدم وجود الفعل، مثل:

• صبراً على المِحن والشدائد.

شاهد بالفيديو: حقائق ومعلومات قد لا تعرفونها عن اللغة العربية

نائب المفعول المُطلَق:

قد يُحذَفُ المفعولُ المُطلَق إذا وُجِدَ ما يمنح معناه ويغني عنه فينوب عنه:

1. صفته:

• اذكروا الله كثيراً.
• سافرتُ طويلاً.
• اجتهدتُ أفضلَ اجتهادٍ.

2. الألفاظ (بعض، كل، غير، أفضل، أحسن، أتم، جميع، عامة):

مُضافين إلى المصدر، مثل: فلا تميلوا كلَّ الميل، يُروِّحُ عن نفسه بعضَ التَّرويح.

3. المصدر المُرادِف لفعل المصدر المذكور:

مثل: قعدتُ القرفصاء، القرفصاء: نائب مفعول مطلق.

4. الإشارة إلى المصدر:

مثل:

• قالَ ذلك القولَ.
• أقدِّره هذا التَّقديرَ.
• نكافحُ ذلك الكفاحَ.
• نتعلَّمُ ذلك العلمَ.

5. ضمير المصدر:

كقوله تعالى: (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لَا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِين).

6. العدد:

مثل قوله تعالى (فاجلدهم ثمانينَ جلدة)، قرأت ثلاث قراءات.

7. الآلة:

أي ما يدلُّ على الآلة التي ساهمت في وقوع الحدث من مثل:

• ضربته سوطاً: وتعني ضربته ضربَ السُّوط.
• ضربتُ العدو سيفاً: وتعني ضربته ضربَ السَّيف.
• سقيتُ صديقي كأساً.

8. ما يشير إلى هيئة المصدر:

• مشى البطلُ مشيةَ النَّمر.

9. ما وأي ومهما:

• (ما، أي) الاستفهاميَّتين أو الشرطيَّتين و(مهما) الشرطيَّة عندما تُشير إلى الحدث، مثل قوله تعالى: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).

أحكام المفعول المُطلَق في حالات (المفرد، التثنية، الجمع):

1. توكيد الفعل:

المفعول المُطلَق الذي يأتي ليؤكِّدَ الفعل لا يجوز تثنيته ولا جمعه، بل يجبُ أن يكون مفرداً، فنقول مثلاً: (قلت قولاً) ولا يجوز القول: (قلنا أقوالاً)، ويقال: (فاز الطالبان فوزاً) ولا يقال: (فوزات).

2. بيان نوع الفعل:

المفعول المُطلَق الذي يأتي ليبيِّن نوع الفعل يمكن تثنيته ويمكن جمعه أيضاً كقول الله تعالى: (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا).

3. بيان عدد مرَّات الفعل:

المفعولُ المُطلَق الذي يأتي ليبيِّنَ عدد مرَّات حدوث الفعل يمكن تثنيته وجمعه، مثل: (رأيتك مرَّتين).

إعراب المفعول المُطلَق:

يأتي المفعول المُطلَق منصوباً ويُعرَب (مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه الفتحة) وتوجد كلمات لا تُعرَبُ إلا مفعولاً مطلقاً وهي: (صبراً – قِياماً – قعوداً – سكوتاً – جلوساً – اجتهاداً – رحمةً – تعجباً – إهمالاً، سمعاً وطاعةً – عجباً – حمداً وشكراً – سبحان (سبحان الله)، مَعاذ (معاذ الله)، حاشى (حاشى الله)، لبَّيك، سعديك، حَنانيك، دوالْيك).

• (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً):
  • وَرُسُلاً: الواو: حرف عطف.
  • رسلاً: مفعول به لفعل محذوف تقديره (أرسلنا أو أمرنا) منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
  • قَدْ: حرف تحقيق.
  • قَصَصْنَاهُمْ: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بـ "نا" الدَّالة على الفاعلين، و"نا": ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به، والميم للجمع.
  • عَلَيْكَ: على حرف جر، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلِّقان بالفعل "قصصنا".
  • مِنْ: حرف جر.
  • قَبْلُ: اسم ظرف مبني على الضم في محل جر بحرف الجر. والجار والمجرور متعلقان بـ "قصصنا".
  • وَرُسُلاً: الواو: حرف عطف.
  • رسلاً: اسم معطوف منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
  • لَمْ: حرف نفي وجزم.
  • نَقْصُصْهُمْ: فعل مضارع مجزوم بالسكون الظاهرة على آخره، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره "نحن"، و"الهاء" ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به، و"الميم" للجمع.
  • عَلَيْكَ: جار ومجرور متعلقان بـ "نقصص".
  • وَكَلَّمَ: الواو: حرف استئناف، كلَّم: فعل ماضٍ مبني على الفتح الظاهرة على آخره.
  • اللَّهُ: لفظ الجلالة فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • مُوسَى: مفعول به منصوب، وعلامة النصب الفتحة المقدرة على الألف.
  • تَكْلِيماً: مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

• لاَ تَميلُوا كلَّ الميل: 
  • لا: ناهية جازمة.
  • تميلوا: فعل مضارع مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون لأنَّه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • كلَّ: مفعول مطلق نائب عن المصدر منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مضاف.
  • الميل: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.

• فاجلدوهم ثمانين جلدةً: 
  • اجلدوهم: فعل أمر مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، والواو ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والميم للجمع.
  • ثمانين: مفعول مطلق منصوب، وعلامة نصبه الياء لأنَّه ملحق بجمع المذكر السالم.
  • جلدة: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

• يشرب أحمدُ العصيرَ شرباً: 
  • يشربُ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • أحمد: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • العصيرَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
  • شرباً: مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

• (إنَّ جهنَّمَ جزاؤكم جزاء موفوراً): 
  • إنَّ: حرف مشبه بالفعل.
  • جهنم: اسم إنَّ منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
  • جزاؤكم: خبر إنَّ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والميم للجمع.
  • جزاء: مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
  • موفوراً: صفة منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخره.

• يجلسُ القُرفُصاءَ:
  • يجَلَسُ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمَّة الظاهرة على آخره والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره "هو".
  • القرفصاء: نائب مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

في الختام:

نخلصُ إلى نتيجةٍ، وهي أنَّ المفعول المُطلَق مصدرٌ منصوبٌ يُذكرُ بعد فعلٍ من لفظه ليؤكِّدَ معناه، أو ليبيِّنَ نوعه، أو عدده، وقد يحذف المفعول المُطلَق لينوب عنه نائب ويسمَّى "نائب المفعول المُطلَق" وقد يكون (اسم المصدر، صفته، اسم الإشارة، مرادف له، كلمات معينة مثل كل أو بعض، ما يشير إلى الآلة) إضافة إلى ذلك توجد كلمات في اللغة العربية لا تأتي إلا مفعولاً مطلق من مثل: (صَبراً - قِياماً – قعوداً سُكوتاً، جُلوساً – اجتهاداً، رَحمةً).