وتدور فكرة القمع حول تناقص عدد المستهلكين المحتملين مع تحرّكهم نحو عقد أول صفقة تجارية مع شركتك، ففي أعلى القمع ثمَّة عدد كبير من الناس الذين سيتعرفون علامتك التجارية (وهم الذين يُنظر إليهم غالباً بوصفهم الخطوة الأولى في عملية التحويل)، وتُعَدُّ المنطقة الوسطى من القمع أصغر حجماً حيث يكون الناس الذين سيفكرون فعلياً في منحك المال مقابل منتجاتك أو خدماتك أقل عدداً، ويُعَدُّ القسم السفلي منه الأصغر إذ يقرر العديد من الناس الذين فكروا في دفع المال إليك ألَّا يفعلوا ذلك في نهاية المطاف. وهنا تكمن مهمتك، بوصفك مسوقاً، في أن تجعل القمع اسطوانياً قدر الإمكان من خلال قيادة المستهلكين المحتملين نحو التحول إلى مستهلكين في نهاية المطاف.
الأمر اللطيف حيال التسويق بالمحتوى هو أنَّه على الرغم من الاعتقاد السائد بأنَّه دائماً تكتيكٌ خاص بالجزء العلوي من القمع إلَّا أنَّه يستطيع المساعدة على الوصول بالأشخاص إلى أي مرحلة من مراحل القمع ومع متابعة هؤلاء الأشخاص تعاملاتهم مع منظمتك فإنَّه يساعد على جعل القمع أكثر اتساعاً مع التوجه نحو جزئه السفلي. ولأنَّ المحتوى يتشكل من جميع الكلمات والصور الموجودة على موقعك الإلكتروني (والموجودة خارجه) فإنَّ لديك الكثير من الخيارات لتعديل رسالة التسويق بالمحتوى لتتناسب وموقع جمهورك ضمن ذاك القمع. يتألف التسويق بالمحتوى من أربع مراحل رئيسة:
الاكتشاف: الجزء العلوي من القمع
أهداف المرحلة: الحصول على زبائن غير مباشرين والتعريف بالعلامة التجارية.
التكتيكات المُستخدمة فيها: المحتوى التعريفي القابل للانتشار عبر شبكة الإنترنت.
ستحاول في هذه المرحلة الأولى تعريف الزبائن المحتملين بالعلامة التجارية (وحتى بالسوق بوصفه كُلاً واحداً). وفي بعض الحالات التي لا يكون فيها واضحاً بشكلٍ مباشر كيف من الممكن أن يُستخدم منتجك ستحاول كذلك أن تُعْلِمَ السوق بأنَّ ثمَّة مشكلةً يجب حلها.
وستحاول في أثناء هذه المرحلة كذلك استخدام التسويق بالمحتوى لجذب الاهتمام لأنَّه لا يكفي أن يسمع الناس اسمك فقط بل يحتاجون إلى أن يكون لديهم من الفضول تجاه العلامة التجارية ما يكفي لتذكر ذاك الاسم والبدء في إدراجه ضمن قائمة العلامات التجارية التي يثقون بها (حتى وإن كانوا يثقون بمحتواك فقط في هذه المرحلة).
يُعَدّ الجزء العلوي من القمع المكان الذي يُرى التسويق الداخلي فيه في أوضح صوره، فقد تتضمن أهدافنا حث بضعة زبائن محتملين على التحول إلى زبائن. ولكنَّنا نادراً ما نحقق ذلك من خلال التحدث عن أنفسنا بل نحققه من خلال تحديد ما يرغب فيه الجمهور وما يحتاجون إلى التعرف عليه وتعليمهم تلك الأشياء. فإذا أديت ذلك على نحوٍ جيد ربطْتَ مشاعر الامتنان والاحترام – ناهيك عن الثقة – بعلامتك التجارية، ورفعت في أثناء ذلك كفاءة قُرَّائك إلى الدرجة التي تكون عندها منتجاتك أو تكون عندها خدماتك أكثر فائدةً بالنسبة إليهم، مُصيباً بذلك عصفورين بحجرٍ واحد.
ومن ضمن الأنواع المحتوى الذي يصلح استخدامُهُ في أثناء مرحلة الاكتشاف:
- التدوينات.
- الندوات المُقدَّمة عبر الإنترنت.
- المحتوى الضخم (Big content) (كالألعاب، والأدوات، والمحتوى الطويل، والـ (parallax scrollers)).
- كتيبات الإرشاد الشاملة.
- الفيديوهات.
- النشرات الإخبارية التي يتم إرسالها عبر البريد الإلكتروني.
وثمَّة مثالٌ لطيف عن هذا النوع من المحتوى حيث يبيع أحد معامل الشوكولا، ويُدعى "ثيو"، العديد من أصناف الشوكولا. ولكنهم قد يكونون مشهورون أكثر بالرحلات التي ينظمونها في المعمل ويخبرون الناس خلالها من أين تأتي الشوكولا، وكيف تنمو، وكيف تتحول ثمار الكاكاو ذات الشكل الغريب إلى ألواح الشوكولا التي نعرفها جميعاً، حيث يترك هذا الأمر شعوراً لدى الزوار بأنَّهم أصبحوا خبراء نسبياً، ومن هنا ينظرون إلى علامة "ثيو" التجارية لا بوصفها إحدى العلامات التجارية التي تعلم تماماً ما تقوم به فحسب بل بوصفها مصدراً يُقدم المعلومات بسخاء ويهتم بزيادة الاهتمام بالشوكولا قدر اهتمامه ببيعها (ولا ضير في كونهم أسخياء كذلك في تقديم العينات). وبهذه المشاعر نقطع شوطاً طويلاً نحو بناء الولاء الذي نسعى جميعاً إلى أن تحظى به علاماتنا التجارية.
اقرأ أيضاً: 3 نصائح لجعل الجمهور يقدِّس علامتك التجارية
التفكير: الجزء الأوسط من القمع
أهداف هذه المرحلة: الحصول على زبائن مباشرين
التكتيكات المُستخدَمة فيها: تقديم حلول للتحديات التي تعيق سير عملية الاستخدام
يبدأ المستهلكون في مرحلة التفكير بالجمع بينك وبين الحل الذي تقدمه، وهنا يكون قد حان الوقت لتقديم المحتوى الذي يساعدهم على تقويمك وتقويم منتجاتك. حيث نتحدث في هذه المرحلة بشكلٍ مباشر إلى الأشخاص الذين نعتقد بأنَّ عملنا يمكن أن يساعدهم ونتأكَّد من أنَّهم يعرفون كيف يكون في إمكاننا أن نساعدهم. وتذكر أنَّهم قد لمّا يكونون واثقين بك بعد لذا لا ترتدي فوراً عباءة البائع واستفد من المحتوى الخاص بمرحلة التفكير لأنَّه يُعَدُّ فرصةً رائعة للتأكُّد من أنَّ تصفُّح جميع المعلومات التي قد تساعدهم على تمييزك من منافسيك يُعَدُّ أمراً سهلاً بالنسبة إلى الزوار.
يبحث الناس في هذه المرحلة عن:
- دراسات الحالة.
- المحتوى الذي يتضمن إرشادات ويستعرض المنتجات.
- فيديوهات توضيحية.
- أوصاف المنتجات والبيانات.
ثمَّة أمثلة مختلفة على ذلك، ولكن من الأمثلة الواقعية قصة بسكويت "تول هاوس" (Toll House Cookies)، فحينما نشرت شركة "نستله" وصفة البسكويت الشهيرة الخاصة بها كانت تسعى إلى التأكد من جعل العلبة التي تحوي رقائق شوكولا "تول هاوس" حقيبة مميزة، وعلى الرغم من أنَّ الوصفة لم تحظَ بالرواج لكنَّها شجعت أولئك الذين استخدموها على شراء منتج الشركة (حتى وإن كان ذلك بغرض الحصول على الوصفة المطبوعة على الحقيبة فقط).
ولكن تذكر أنَّ المحتوى الخاص بالقسم الأوسط من القمع لا يركز اهتمامه بشكلٍ مباشر عادةً على ما تبيعه بل يستخدم ما تبيعه بوصفه وسيلةً لتحقيق هدفٍ آخر سواءً كان ذاك الهدف بلوغ تصنيفات أعلى على محركات البحث أم الحصول على بسكويتٍ شهي.
التحويل: الجزء السفلي من القمع
أهداف المرحلة: القيام بتعاملات تجارية مع الزبائن
التكتيكات المُتبعة فيها: استخدام أوصاف المنتج وعروض القيمة الفريدة من نوعها
انتهينا أخيراً من عملية التودد للزوار الذين أصبحوا مستعدين للتحول إلى زبائن وستقوم هنا بصياغة خطابك النهائي المباشر الذي ستقدمه للزبائن.
يُعَدُّ الجزء الأضيق من القمع النقطة التي تجري فيها التعاملات التجارية (أو التحولات) إذ إنَّنا نعلم في هذه المرحلة بأنَّ الأشخاص الذين بقوا في القمع مهتمّين بما نقدمه وتنحصر مهمتنا هنا بمحاولة إقناعهم بأنَّنا نستحق بأن يحسموا أمرهم و"يضغطوا على الزناد".
وكن مستعداً لإثارة إعجابهم في اللحظات الأخيرة التي تسبق اتخاذهم قرار التزام منتجك من خلال:
- شهادات التزكية.
- التعليقات (Reviews).
- عملية بيع بسيطة، ومفهومة، وموثوقة.
يُعَدُّ هذا النوع من المحتوى أكثر بساطة إذ إنَّه يمكن أن يتضمن أموراً من قبيل الأوصاف الواضحة للمنتجات والتي تبين القيمة الفريدة التي تقدمها للزبائن وقد يتضمن جداول توازن بين منتجاتك المتنوعة بعضها ببعض وبينها وبين منتجات الشركات الأخرى، حيث يُعَدُّ المحتوى الخاص بالجزء السفلي من القمع المادة المستخدمة للترويج للبيع ضمن عملية التسويق بالمحتوى.
ففي موقع أمازون على سبيل المثال كنا نشعر بالانتصار حينما نضع كتبنا أو أقراصنا المدمجة (CDs) في الـ (cart)، وفي هذه الأيام إذا فعَّلت الـ (1-Click Ordering) فإنَّك تشارك في واحدة من أكثر عمليات الطلب سلاسةً. وفي حين أنَّه لا يوجد الكثير من المحتويات في إطار عملية الطلب إلَّا أنَّ الفكرة هي أنّهم أخذوا فكرة الاختصار إلى مستوىً جديدٍ كُليَّاً وسيكون من الصادم ألَّا ينعكس ذلك على مبيعاتهم.
اقرأ أيضاً: 4 طرائق لتحسين معدّل التحويل (Conversion) في إعلانات فيسبوك
مرحلة الاحتفاظ: ما بعد القمع
أهداف المرحلة: الاحتفاظ بالزبائن الحاليين وكسب تأييدهم.
التكتيكات المُستخدَمة فيها: تقديم المساعدة والدعم للزبائن والاحتفاظ بهم.
بعد الحصول على أولئك الزبائن يتحول الهدف إلى الاحتفاظ بهم، حيث يُعَدّ التسويق بالمحتوى جزءاً من هذه العملية أيضاً. إذ نركز الاهتمام في هذه المرحلة على "الاحتفاظ" أي على تحويل أولئك الذين يقومون بعملية الشراء مرة واحدة إلى زبائن دائمين (أو التأكُّد من متابعة الزبائن لاشتراكاتهم بدلاً من إلغائها بالنسبة إلى الشركة التي تتعامل بنموذج الاشتراك).
فكر في جميع المحتويات التي تتخذ الأشكال الآتية وكيف من الممكن ألا تنجح في الاحتفاظ بالزبائن من دونها:
- دعم الزبائن وتوثيق المساعدة.
- العروض الخاصة.
- العروض التوضيحية.
- Email outreach and follow-up
يُعَدّ "تامبلر" (Tumblr) مثالاً رائعاً يبين كيف يمكن للمواد المتعلقة بالـ "استقدام" (onboarding) أن تكون بمنزلة تكتيكٍ للاحتفاظ، ومع اشتهارهم بتقديم تجربتي "اشتراك" (signup) و"استقدام" تتسمان بالسلاسة نستطيع جميعاً التعلم من خلال عرض الشرائح الذي يبينون فيه كيفية اشتراك المستخدمين الجدد واستقدامهم.
اقرأ أيضاً: 6 طرائق لجعل الناس يشاركون المحتوى الخاص بك
كما ترى تحتاج كل مرحلة إلى اتباع نهجٍ مختلف ومثلما أنَّك أكثر ميلاً إلى نشر رسالتك بصورٍ مختلفة على فيسبوك وتويتر (لكي تتماشى الرسالة مع الجمهور الأصلي وتتماشى مع ثقافة الوسيط) تأكَّد كذلك من استخدام الشكل المناسب من التسويق بالمحتوى في المرحلة المناسبة.
وأيَّاً كانت المرحلة التي تنشئ المحتوى لاستخدامه فيها فإنَّ الأمر الأهم هو أن تعرف إلى من تتحدث وما قد يحتاج إلى سماعه قبل أن تقول أي شيء.
أضف تعليقاً