يُعدُّ العيد الوطني مُناسبةً هامَّةً جداً لدى الشعب الجزائري، حيث فجَّر أبناء هذا البلد في الأوَّل من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1954م ثورة التحرير الكبرى، بعد احتلالٍ دام أكثر من ثلاثة عشر عقداً (132 سنة)، لينالوا بعد ذلك استقلالهم بشكلٍ كاملٍ عام 1962م، ويُصبح هذا اليوم بصمةً خالدةً في التاريخ الجزائري.
الاحتلال الفرنسي للجزائر:
كانت البداية حين استغلَّت فرنسا الخلاف الذي حصل بين الداي والقنصل الفرنسي، وذلك قبل الاحتلال بثلاث سنوات، وتحديداً عام 1827م، حيث وقعت حادثة "مروحة الداي" الشهيرة، والتي اتخذتها فرنسا ذريعةً لاحتلال الجزائر.
يُشار إلى أنَّ الداي حسين ضرب قنصل فرنسا على وجهه بمروحة يده ثلاث مرَّاتٍ عندما لم يُجب القنصل على سؤال الداي بشأن ديون فرنسا للجزائر، الأمر الذي اعتبرته فرنسا إهانةً لها، وفرضت على إثره حصارها للجزائر، والذي دام لثلاث سنوات.
سعى الفرنسيون في ذلك الوقت إلى استعادة أمجاد وهيبة الملكيَّة والتوسَّع الاستعماري، كما واصلت فرنسا مشروعها الاستعماري ومخطَّطاتها لاحتلال الجزائر، فغزا الفرنسيون الجزائر في عام 1830م، وبدأوا السيطرة ببطءٍ على كامل أراضيها، وكانت نتيجة ذلك: تدفُّق عددٍ كبيرٍ من المُهاجرين الأوروبيين، خاصَّةً من المُزارعين والأيدي العاملة من جنوب إيطاليا وإسبانيا وفرنسا إلى الجزائر؛ كما وانتزعت السلطات الاستعمارية الأراضي من القبائل والقرى والأوقاف، وصادرتها في سبيل إعادة توزيعها على المُهاجرين.
ارتكب الاحتلال الفرنسي فظائع بحق الشعب الجزائري على مدار 132 عاماً، وفرض أبشع أشكال التعذيب والتنكيل، وقد كافح الشعب الجزائري للتخلُّص من هذا الاحتلال ونيل الحريَّة في وقتٍ مُبكِّرٍ جداً، فلم تكن ثورة التحرير الكُبرى هي بداية الانتفاضة، بل كانت النقطة الحاسمة التي أدَّت إلى الاستقلال، وذلك بعد حوالي مئة عامٍ من الثورات التي تعاقبت بأسماءٍ مُختلفة؛ منها: "مقاومة الأمير عبد القادر" عام 1832م، و"مقاومة لالة نسومر" عام 1854م، و"مقاومة المقراني" عام 1871م، و"مقاومة الشيخ بوعمامة" عام 1881م، وغيرها من المقاومات التي اندلعت في السنوات الأولى التي تلت حادثة "المروحة" الشهيرة.
ثورة التحرير الجزائرية (حرب الجزائر):
ارتكب المُستعمر الفرنسي مجازراً فظيعة بحق الجزائريين، ومنها مجازر 8 مايو/ أيار 1945م، والتي كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت الثورة الجزائرية الكبرى، حيث راح ضحية هذه المجازر أكثر من 45 ألف جزائري، تعرَّضوا خلالها إلى أبشع أنواع التعذيب والقتل الجماعي خلال أسبوعٍ واحدٍ من قِبَل القوَّات البرية والجوية والبحرية الفرنسية التي دمَّرت القُرى والمُدن.
وقد أدَّت تلك المجازر والمُطالبات المستمرة بالحصول على الاستقلال، والتي قابلتها فرنسا بالقمع والوحشية؛ إلى إعلان حرب تحرير الجزائر (أو الثورة الجزائرية الكُبرى) بقيادة جبهة التحرير الوطني في الأوَّل من تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1954م، وقد جاءت هذه الثورة بعد أن نكثت فرنسا بوعدها بمنح الشعب الجزائري الاستقلال عقب نهاية الحرب العالمية الثانية في شهر مايو/ أيار 1945م مُقابل مُشاركة عددٍ كبير من أبناء الشعب الجزائري في حربها على دُول المحور.
تعرَّضت القوَّات الفرنسية إلى العديد من الخسائر، كما استُنزِفَت عسكرياً وسياسياً، الأمر الذي دفع فرنسا في آخر الأمر إلى الرضوخ لمطالب الشعب الجزائري، وخاصَّةً بعد أن تمكَّنت الجزائر من الحصول على دعمٍ دوليٍّ من خلال الحصول على اعترافٍ دبلوماسيٍّ من الأمم المتحدة لتأسيس دولة الجزائر.
استقلال الجزائر:
أصبح شارل ديجول رئيساً للجمهورية الخامسة في فبراير/ شباط عام 1959م، وقد بدأ حلم الاستقلال يلوح في الأفق عندما أعلن الرئيس الفرنسي في تاريخ 5 يوليو/ تموز عام 1959م حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره؛ وبدأت في مايو/ أيار 1961م محادثات إيفيان بين الحكومة الفرنسية وجبهة التحرير، والتي أسفرت عن اتفاقيات إيفيان التاريخية، وحدَّدت بموجبها مهلةَ ثلاث سنواتٍ يختار بعدها الأوروبيُّون بين الجنسية الجزائرية أو يُعتَبَرون غرباء.
وُقِّع في 3 يوليو/ تموز عام 1962م مرسوم استقلال الجزائر رسمياً، إلَّا أنَّ جبهة التحرير أقرَّت يوم الخامس من يوليو/ تموز يوماً لاستقلال الجزائر؛ وذلك لمسح ذكرى الاحتلال من التاريخ، وبذلك أصبح يوم 5 يوليو/ تموز 1962 تاريخاً رسمياً لاستقلال الجزائر والعيد الوطني الجزائري.
شاهد بالفيديو: 7 أسباب تدفعك للسفر إلى الجزائر بهدف السياحة
العيد الوطني واستقلال الجزائر:
يحتفل الجزائريون كلَّ عامٍ باستقلال الجزائر في تاريخ 5 يوليو/ تموز منذ عام 1962، والذي يُعدُّ عيداً وطنياً للجزائر، ومُناسبةً عزيزةً على قلوب الجزائريين الذين يحيون فيها ذكرى استقلال بلادهم، ويتذكَّرون تضحيات شهدائهم الذين بلغ عددهم أكثر من مليون ونصف شهيد، والذين روَوا بدمائهم الطاهرة تراب أرضهم إلى أن استعادت حرِّيتها بشكلٍ كامل.
تُقام الاحتفالات الوطنية السنوية في مُختلف أنحاء الجزائر احتفالاً بهذه المُناسبة العظيمة، حيث تُقام الاستعراضات والاحتفالات الشعبية الجميلة، ويَخرُج الجزائريون إلى الشوارع مرتدين اللون الأخضر، ومُعبِّرين عن فرحتهم بهذا اليوم العظيم؛ كما وتتخلَّل الاحتفالات بعض البروتوكولات الرسمية، مثل رفع العلم الجزائري، وتنظيم مسيراتٍ عسكرية، وإطلاق طلقاتٍ ناريةٍ ومدفعيةٍ في تمام الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل في كلِّ أنحاء الجمهورية؛ بالإضافة إلى بعض الأنشطة الثقافية، والاحتفالات الموسيقية، وغيرها.
أضف تعليقاً