فهل من حق الزوج أو الزوجة أن تتمتع بقسط من الصمت في البيت؟ أم أن الصمت تحول إلى ظاهرة اجتماعية في ظل تنازع التلفاز والفضائيات التي تسحر كل طرف وتشده في اتجاهها، والجوالات والهواتف الثابتة، التي أخذت الزوج أو الزوجة، تسببت في الكثير من المشكلات، فهل من حق احدهما أن يصمت تحت شعار "هذه خصوصيتي"؟!
أضعاف طاقة الزوج!
هناك أسبابا تدفع الزوج إلى الصمت منها كون الزوجة مفرطة الحساسية؛ وبالتالي قد تفسر كل كلمة من زوجها على أنها لون من النقد، ومع مرور الوقت يجد الزوج أن الصمت أمام زوجته أجدى من الاعتذار كل مرة، وإذا تكرار مثل هذا الموقف فإن الزوج الذي يكون ذا روح مرحة يبحث عمن يبادله المزاح سواء من الأصدقاء أو الأقرباء، وهذا ما يخلق مشكلة تفضيل الصمت في بيته وتخيله أنه الحل الأسلم له.
والتباين الكبير بين الزوجين في الاهتمامات، فقد تكون بعض اهتمامات الزوج "ساذجة" في نظر الزوجة التي تنتقد كل كلامه وهمومه مما يجعله يفضل الصمت معها.
وقد يكون الصمت أيضا طبعا للزوج، اعتاد عليه ـ منذ الصغر ـ بسبب ظروف بيئته أو ظروفه الأسرية، فعلى المرأة أن تتفهم طبيعة زوجها وتعرف بأن اختلاف طبائع الزوجين تلعب دورا مهما في نشوء الصمت بينهما، وحذر المقبل المرأة الذكية من تسريب أخبار أهل زوجها أو أصدقائه التي يقولها لها.
وأن عدم إدراك الاختلافات الفسيولوجية والنفسية بين الزوج كرجل والزوجة كامرأة، تجعل إمكانية خلق الخرس بينهما كبيرة فالزوج يرجع من العمل مرهقا قد كادت "طاقته" الكلامية تستنزف، على حين تكون الزوجة في أوج طاقتها الكلامية، مع الأخذ في الاعتبار أن طاقتها الكلامية تمثل أضعاف طاقة الزوج!
على المرأة استخدام ابسط طرق الحديث أو التواصل مع الزوج بحيث تختار الوقت المناسب والأسلوب المناسب لفتح أي موضوع معه.
كما أن الزوج أحيانا يتحدث لكنه يحس أن زوجته تبدو غير مبالية بحديثه، وهي تنشغل بمشكلات الأطفال من حولها.. وهذه نقطة يجهلها الكثير في الاختلاف بين الرجل والمرأة، فالرجل يحتاج لكي يتابع الكلام إلى تفرغ ـ حين يتكلم ـ والاهتمام وأيضا المتابعة، بينما المرأة تستطيع أن تعمل أكثر من شيء في وقت واحد، وحباها به الله لتحمل التربية والأطفال.
ويعود جزءا كبيرا من المسؤولية للتقنية التي أصبحت جزءا من مشكلة الخرس الزوجي، وخصوصا عندما يكون الزوج مسحورا بمتابعة الفضائيات، وربما كان مشغوفا بغرف المحادثة والانترنت.
وربما حياته الزوج مع زوجته روتينية، لأنه يضطر أن يلوذ بالصمت تعبيرا عن النقد؛ خصوصا إذا سبق أن صرح به ولم يجد استجابة، أو إذا جرب ولاقي ردة فعل عنيفة من قبلها!
ويجب على الزوجة إذا عرفت أسراره وذكرياته، فلا تستخدم تلك المعلومات كجزء من تقويم سلبي لشخصيته أو دليل ضده وقت الخصام؛ لان الزوج يصبح غير واثق من زوجته، مما يجعله يتحفظ في الكلام معها تحفظا قد يدفعه للصمت.
هناك تسعا من كل عشر سيدات يعانين من صمت الأزواج، وتشير الأرقام إلى أن 79% من حالات الانفصال تكون بسب معاناة الزوجة من عدم تعبير الزوج عن عواطفه لها، وعدم وجود حوار يربط بينهما.
والحقيقة أن الصمت يقتل المرأة إذ تراه تعبيرا عن الاستغناء عنها من جهة، واتهاما لها بكونها ليست على مستوى الحديث والمفاهمة. ولذا يكون وقع الصمت عليها أشد.
ومن جهة أخرى فان للصمت أثره السلبي على الأطفال الذي ينتقل إليهم بطريق غير مباشر، فالطفل الذي ينشا في أسرة يغيب فيها التواصل الكلامي، ينشا انطوائيا يصعب عليه إقامة العلاقات مع الآخرين، وفي اقل الحالات يكون ضعيفا في التعبير الجيد عن نفسه. فلابد من المجابهة والدراسة المستفيضة لجوانب المشكلة لتحديد من أين نبدأ العلاج والحل.
حيل ذكية
إذا ركز كل شخص على ذاته وإشباع رغباته الشخصية دون حساب للآخر "الأنانية"، أو قلل من قيمة الطرف الآخر بأنه غير كفؤ للحوار أو المناقشة وكثرة الانشغال من أحدهما أو كلاهما، فقد يخشى أحد الطرفين أو كلاهما من تكرار محاولة فشلت للحوار واعتقاده الخاطئ بأن الأفعال تغني عن الأقوال.
ذلك كله مما يجعل الجو متوترا بين الزوجين والمشاحنات كثيرة وبالتالي يتأهل الزوجان للانفصال النفسي، والطلاق العاطفي وبرود المشاعر بينهما.
وإنه من الطبيعي لتحسين الاتصال الزوجي تهيئة البيئة داخل المنزل؛ فالمسؤولية المباشرة تقع على الزوجين، وعلى الزوجة بالذات لأنها صاحبة هذه المملكة فتبحث عن أسباب النفور بينهما وتعالجها؛ كأن تضع اللمسات الرقيقة في بيتها وأن تحرص على جماله وحيويته وبساطته، وأن تهتم بنفسها ومظهرها وأسلوبها في التعامل والاهتمام بزوجها وأدواته وملابسه، وكتبه وخصوصياته.
وأن تحرص على الاحترام والتقدير لمشاعره بأنه رب الأسرة الذي يتعب ويجتهد في تحصيل الرزق.
والزوج عليه الاهتمام بزوجته ومتابعة أحوالها والاهتمام بتلبية احتياجاتها. كما يجب التركيز على أهمية التواصل غير اللفظي من خلال تعبيرات الوجه وإيماءات الجسد ونبرة الصوت.
عدم الإشباع العاطفي
ان مشكلة الصمت لانتشر في العلاقات الزوجية الحديثة لأنها تحتاج لوقت طويل من تراكم المشاعر السلبية الناتجة من الخصام والنقد والصراخ واللوم لتظهر في العلاقة وتصبح نتيجة مفهومة ومتوقعة.
وعن مظاهر وجود المشكلة ذكرت ضعف مستوى الرضا والسعادة الزوجية لدى الطرفين أو الشعور بعدم الإشباع العاطفي لانعدام الصداقة، وان وجود الكثير من الملفات المفتوحة والقضايا المعلقة بين الزوجين بخصوص الظروف التي لم تتم مناقشتها أو لم تتم معالجتها والوصول فيها إلى حل نهائي هي اكبر الأسباب في صمت الزوج وتهربه من النقاشات.
ومن الآثار السلبية المتوقع حدوثها إذا استمرت المشكلة دون حل:
أولا: فتور العلاقة الزوجية ومشاعر الزوجين تجاه بعضهم البعض وخصوصا من ناحية الزوجة والتي يكون لديها مشاعر غضب تجاه صمت زوجها، لأنها تترجم ذلك بعدم اهتمام زوجها وعدم حبه.
ثانيا: لجوء كلا الزوجين باستمرار إلى شخص ثالث خارج العلاقة الزوجية، لمناقشة همومه ومشكلاته مما يفقد العلاقة سريتها وخصوصيتها.
ومن المهم أن تتقبل الزوجة زوجها وتتوقف عن محاولة تغييره بالنقد، وتركز بدلا من ذلك على بناء علاقة زوجية قوية تقوم على الصداقة والتي يعدها خبراء العلاقات سر الأزواج السعداء، وأنها حتما ستجد أن زوجها تلقائيا بدأ بالحديث معها والانفتاح عليها.
موقع الأسرة السعيدة
أضف تعليقاً