نحن نعتقد أنَّنا يجب أن نقول نعم للفرص دائماً؛ إذ نخشى أن يؤدي رفضنا إلى تفويت المال أو المرح أو التجارب الأخرى، لكن مع ذلك عندما نقول نعم دائماً يكون ذلك على حساب وقتنا الخاص.
نحن نقبل أحياناً كلَّ ما يُعرَض علينا قبولاً أعمى، وغالباً لا ننظر إلى الرفض على أنَّه مهارة؛ فإذا كنت في العمل وطلب منك مديرك تسليم تقرير قبل نهاية اليوم، فأنت توافق بالتأكيد، لكن ذلك يقاطع عملك، وغالباً ما تضطر إلى التخلي عن أشياء أخرى.
يقول لاعب كرة السلة الأمريكي مايكل جوردان (michael jordan): "لم أشعر بأيِّ خوف على الإطلاق، ولا خوف من الفشل، فإذا أضعت رمية، فماذا في ذلك؟".
نحن نوافق على كثيرٍ من الأمور في حياتنا الشخصية طوال الوقت:
عندما يطلب منا الأصدقاء الخروج وتكون لدينا أشياء أخرى نقوم بها، نقول نعم، وندعم أصدقاءنا أو معارفنا دون التفكير في ذلك؛ حتى إنَّنا أحياناً نوافق على أشياء أكبر لا نرغب فيها، فنقبل بوظائف لا نحبها، أو نبدأ علاقاتٍ مع أشخاص لا نحبهم.
ربما نفعل ذلك لأنَّنا نخشى الرفض، ونخشى أن نخذل الناس، ونتجنب المواجهة، فكثيراً ما يجعلنا التوتر الذي يسببه الرفض نوافق تلقائياً على أمور لا نرغب فيها، ثم نشكو أو نلوم أنفسنا: "لماذا لا أستطيع أن أرفض"، وفيما يتعلق بالعلاقات، نخشى أنَّنا إذا رفضنا فرصة للاستقرار، فقد لا تظهر أمامنا فرصة أخرى.
توقعات الأشخاص الآخرين:
إنَّ تعلُّم الرفض يمكن أن يوفر علينا كثيراً من الوقت والتوتر، فبينما نخشى أن نخذل الناس، فإنَّ العكس هو الصحيح؛ إذ سيبدأ الناس في احترامك أكثر عندما تبدأ في قول لا، وينظرون إلى ذلك على أنَّه سمة شخصية قوية.
لقد حان الوقت للتوقف عن فعل الأشياء فقط لترقى إلى مستوى توقعات الآخرين؛ إذ ليس عليك القيام بأشياء لا تحبها، وإذا لم تبدأ في تعلُّم الرفض، واستمررت في فعل الأشياء التي لا ترغب فيها، سيتملكك شعور بالكره تجاه الشخص الذي تحاول إرضاءه؛ لذا فإن الرفض لا يكون دائماً لمصلحتك فقط، لكن في الواقع بقولك لا، أنت تفكر في مصلحة الآخرين أيضاً.
إذا وافقت على قضاء ليلة وتناول العشاء مع زوجتك في الخارج، ولم تكن تشعر بالرغبة في ذلك، فربما لن تكون في حالة مزاجية جيدة؛ ومن ثَمَّ ستظلم شريكك لأنَّك لن تكون حاضراً معه ذهنياً، فإذا كنت تفضِّل الخروج في اليوم التالي لأنَّك متعب الليلة، وضِّح ذلك وسوف يحترمك شريكك لهذه الصراحة، وإذا لم يقدِّر ذلك، فعليك أن تشرح سبب الرفض، وتشجعه على قول لا عندما لا يرغب في فعل أي شيء أيضاً.
يمكن أن يؤثِّر التوافق مع توقعات الآخرين في نتائج حياتك، فعندما توافق على طلب شريكك، وأنت لا تشعر بالرغبة في ذلك، ربما لن يكون لذلك عواقب وخيمة على حياتك، لكن في بعض الأحيان يتعلق الأمر بالخيارات التي يمكن أن تؤثِّر في نتائج حياتنا، فعندما يتوقع الآباء أن يذهب أولادهم إلى الجامعة، غالباً ما يستسلم الأولاد لرغبات أهلهم.
نحن جميعاً فريدون ولدينا أشياء نريدها من الحياة، فأن تطلب من الناس القيام بشيء لا يحبونه هو أمر غير عادل؛ لذا إذا كنت لا ترغب في الالتحاق بالجامعة لسبب وجيه، فلا تفعل ذلك؛ إذ علينا أن نتبع شغفنا ونشق طريقنا بأنفسنا.
شاهد بالفديو: 7 نصائح فعالة تعلّمنا كيف نقول لا
قل لا للفوضى:
يجب أن نرفض كلَّ ما يسبب الفوضى في حياتنا، فقد كتب الكاتب جريج مكيون (Greg Mckeown) في كتابه "الجوهرية" (Essentialism) أنَّ "السعي المنضبط للقليل" يسمح لنا باستعادة السيطرة على خياراتنا، ويقول مكيون إنَّ معظم الأشخاص الناجحين في التاريخ كانوا "جوهريين" يتبعون مبادئ الجوهرية؛ إذ يمكنهم فصل ما هو أساسي عما هو غير ضروري في الحياة؛ فقول "لا" هو وسيلة لإظهار ما تعدُّه "ضرورياً" برفض كلِّ ما يسبب الفوضى في حياتك.
يقول مكيون عن أهمية الرفض: "مع أنَّه من الصعب أن نقول لا لشخص ما، فإنَّ الفشل في القيام بذلك يمكن أن يجعلنا نفقد شيئاً أكثر أهمية بكثير"، فعندما يكون لدينا هدف في الحياة يصبح كلُّ ما لا يساهم في هدفنا فوضى بالنسبة إلينا.
عندما نريد أن نعيش حياة خالية من التوتر، علينا أن نختار الرفض لأشياء كثيرة، فأن نقول نعم دون تفكير لدعوات من زملائنا أو أصدقائنا أو عائلتنا هو أمرٌ يسبب لنا التوتر، وغالباً ما نأسف على ذلك لأيام؛ فنحن نقلق بشأن الإضرار بعلاقاتنا، ونقلق من أن نهدم الجسور فيما بيننا، ونقلق بشأن ما قد يعتقده الناس إذا رفضنا؛ لكنَّنا نعيش في عالم وفير، وبقولك لا، أنت لا تفوِّت أيَّ شيء؛ فالعالم مليء بالفرص والجمال.
في الختام:
ربما نعتقد أنَّنا لسنا أصدقاء أو زملاء جيدين عندما نقول لا لصديق أو زميل؛ لكنَّك لست شخصاً سيئاً عندما ترفض شيئاً لا ترغب فيه، وبمجرد أن نرفض للمرة الأولى، نفقد الخوف من خيبة أمل الناس ونكتشف أنَّ الأمر لم يكن بهذه الصعوبة، وأنَّنا نستبدل الفوضى بالصمت والوضوح، ونستمتع بالأشياء التي نقول لها نعم بكامل رغبتنا، ونصبح أكثر حضوراً وسعادة.
أضف تعليقاً