التواصل بين الزوجين
الفضاء التواصلي
بقلم الدكتور الحضري لطفي
احترام فضاء الآخر، وتوضيح الفضاء الشخصي
نجاح الشخص في هذه العملية تستند إلى خلق توازن بين "صورة الذات" والطموح.
إن الصراع يكون مرتبطا بالعناصر الشخصية المكونة للزوج والزوجة كما يمكن أن يكون مرتبطا أيضا بنوعية العلاقة التي تربط الزوج والزوجة، فعادة ما نشاهد أو نسمع أن هناك خلافا حادا بين الزوجين ونقول في هذه الحالة كيف ذلك، وكل منهما يمتاز بشخصية متزنة:
كما ذكرت أنفا هناك ثلاثة عناصر مكونة للتواصل الإنساني بصفة عامة وهذه العناصر هي:
-شخصية الزوج
-شخصية الزوجة
-الفضاء العلائقي الذي يربطهما.
و هذا يعني أنه ورغم المميزات الإيجابية لكل من الزوجين فإن المشكل العالق يكون في عدم إدراك خصوصية العلاقة التي تجمع بينهما، وهذا الصراع يأتي نتيجة عدم فهم كلاهما خصوصية العلاقة التواصلية التي تربطهما.
و يمكن فهم هذا الصراع على مستوى التواصل في الأسباب التالية: الاستباق، التفسير، الدفاع الانفعالي.
-الاستباق: وهذا يعني أن بعض الأزواج يقومون بالجواب قبل أن ينتهي الآخر من تتميم جملته، وكأنه فاهم لهدف الخطاب.
-التفسير : يقوم أحدهما بتفسير خطئ لهدف الخطاب وذلك وفق مرجعيته الشخصية، وأكرر فأقول هذا السلوك المتسرع قد يتسبب في فهم خطئ للخطاب، وبالتالي يتسبب في الجواب، والنتيجة تأجيج الصراع على مستوى العلاقة التي تربطهما.
الدفاع الانفعالي: ونعنى بها حالة الغضب التي يحس بها أحد الطرفين فيقوم على التو باستعمال خطاب قدحي يخرج به عن الإطار الفعلي للتواصل داخل حدود المشكل المطروح, فبدلا أن تتم السيطرة على الانفعالات الآنية، يقوم بالدفاع عن الصور التي ركبها عن نفسه دون أن يكون فعلا ذاك هو المقصود بالتواصل.
يمكن تلخيص أفخاخ التواصل السلبي إلى جانب ما ذكرت في النقاط التالية:
-الحوار حول نفس المواضيع بنفس الطريقة ولمدة طويلة
-التصرف على أساس أن اللآخر عدو، ويجب التغلب عليه
-عندي الحق والآخر دائما مخطئ
-التواصل للدفاع عن "صورة الذات"
-الخوف من فقدان "الرجولة" عند التواصل
-الخوف من فقدان "المركز الاجتماعي" وهو نوع من التناظر مع الآخر وكأنه أجنبي
-رفض تحمل المسؤولية عند الخطأ
-الخوف من التصريح بالعواطف (مشكل الرجل)
-استهجان للغة الآخر (كلام ما فيه ما يتسمع)
-خلط المقام والمقال
-فقدان الاحترام المتبادل
قولوا التي هي أحسن
إن التواصل الإيجابي يعتمد بالدرجة الأولى على التعبير الإيجابي واستحسان وتنقية الألفاظ التي تحترم الآخر وتصعد من ثقته بنفسه، ولدينا في القرآن الكريم عدة أمثلة من هذا النوع وأسوق على سبيل المثال هذه الصور:
"و قل لعبادي إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا". (الإسراء،53). وقال الله تعالى "و قولوا للناس حسنا".
قال الله تعالى لموسى: " اذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى" (طه،44)، وفي أية أخرى قال:" اذهب إلى فرعون إنه طغى، فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى".
قال ابن القيم: "و تأمل امتثال موسى لما أمر به، كيف قال لفرعون: "هل لك أن تزكى، وأهديك إلى ربك فتخشى"، فأخرج الكلام معه مخرج السؤال والعرض، لا مخرج الأمر، وقال: "إلى أن تزكى"، ولم يقول، إلى أن أزكيك، فنسب الفعل إليه هو، وذكر لفظ التزكي دون غيره، لما فيه من البركة والخير والنماء، ثم قال:"و أهديك إلى ربك"، أكون كدليل بين يديك الذي يسير أمامك، وقال:" إلى ربك"، استدعاء لإيمانه بربه الذي خلقه ورزقه ...."
هذا أمر من الله العلي القدير لموسى وهو عالم بأن فرعون قائل "... أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى(النازعات،24)، " وفي أية أخرى "لا أعرف لكم ربا غيري".
فاستشعر مسؤولية استحسان الخطاب وأنت تخاطب زوجتك وأنت تخاطب مؤمنا. هذا فقط على مستوى الخطاب فما هو ظنك على مستوى السلوك أمام زوجتك وأمام مؤمن. يجب هنا أن يقف كل من يعتقد أنه ماثل أمام الله وهو مسئول على الألفاظ التي يتحاور بها مع غيره وخاصة مع زوجته وصدق الله عز وجل حين يقول " مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" (ق، 18)، انظر إلى لفظ رقيب وعتيد ومسؤوليتك في أن تقول للناس حسنا.
و كذلك قول إبراهيم الخليل لأبيه:" يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا، يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا، يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان لرحمان عصيا، يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمان فتكون للشيطان وليا". (مريم،42-45)
قال أبن القيم: فابتدأ خطابه بذكر أبوته الدالة على توقيره، ولم يسمه باسمه، ثم أخرج الكلام معه مخرج السؤال، فقال: لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا" ولم يقل لا تعبد.
ثم قال : "يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك"، فلم يقل: إنك جاهل لا علم عندك، بل عدل عن هذه العبارة إلى ألطف عبارة تدل على هذا المعنى، فقال: "جاءني من العلم ما لم يأتك".
ثم "قال: "يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمان فتكون للشيطان وليا"، فنسب الخوف إلى نفسه دون أبيه، كما يفعل الشفيق الخائف على من يشفق عليه، قال: "يمسك" فذكر لفظ المس الذي هو ألطف من غيره، ثم "نكر" العذاب، ثم ذكر الرحمان، ولم يذكر الجبار ولا القهار، فأي خطاب ألطف وألين من هذا".
سلوك عملي عند التصادم
على الزوجين أن لا يحقران السلوكيات السلبية لأن المعروف في علم النفس التواصلي أن السلوك السلبي التافه يصبح سلوكا عدوانيا مع مرور الوقت لهذا يجب أخذ وقت كافي لمحاولة إصلاح الاختلافات التي تعصف بالود والحنان الأسري ومن بين الطرق نقترح عليكم إلى جانب الطرق التي تطرقت إليها، هذه الطريقة التي تتطلب الإجابة بكل صدق (مع نفسك) حتى يتمكن كل من الطرفين فهم واستيعاب حقيقة المشكل الأسري ومن ثم طرح حلول تتناسب مع وضع المشكل.
-ما هي حججي وما هي حجج زوجي؟
-ما هو هدفي وما هو هدفه؟
-ما هي مسؤوليتي في هذا المشكل؟
-ما هي أحاسيسي الحقيقية؟
-ما هي مسؤولية زوجي؟
-إلى أي حد أصيبت كرامتي؟
-هل من اللازم التكلم عن الكرامة داخل البيت الزوجية؟
-هل فقدت احترام زوجي؟
-هل "التنازل يفقدني شخصيتي"؟
-ما هو الحل المتساوي في حل هذه المشكلة؟
أضف تعليقاً