دور الأب في تلبية الاحتياجات الأساسية:
يلعب الأب دور المعيل في الأسرة، وذلك يعني أن قدرته على إعالة أسرته ترتبط بإحساسه بالواجب، وإحساسه بالهوية، ورجولته.
ترى العديد من الثقافات أن أحد الأدوار الأساسية للأب هو دور المعيل، حيث أن الرجال الحقيقيون هم من يستطيعون تأمين حاجيات أطفالهم، فهم يعيلون أسرهم، ويرعون الحقول أو يعملون في المصانع، والمناجم، والغابات.
وعلى الرغم من أن الوظائف قد تكون خطرة، إلا أن هذه هي مسؤوليتهم باعتبارهم المعيلين لأسرهم، وهم من عليهم تأمين جميع حاجيات أطفالهم وزوجاتهم من طعام ولباس ومسكن وبيئة صحية للعيش ومصاريف التعليم والرعاية الصحية لكافة أفراد العائلة.
الاحتياجات التي ينبغى أن يهتم الأب بها:
1. الطعام:
تقع على الأب وظيفة الاهتمام بغذاء الطفل. وأول خطوة هي اهتمامه بطفله الرضيع حتى يستخدم ثديي أمه، بل وفرض الإسلام على الأب أن يقدم الأجر للأم فيما لو طالبة بذلك.
حيث يساهم الغذاء في بناء الجانب الروحي لدى الطفل وسماته الأخلاقية، حيث أن قابلية القيام بالأعمال الصالحة تعتمد كما يشير القرآن على اللقمة الحلال والطعام الطاهر.
فالغذاء يؤثر على البناء الجسمي والذهني للإنسان، وان النقص في بعض المواد الغذائية يؤدي إلى حدوث قصور وتخلف حتى في الذكاء أيضاً.
وقد أكد الإسلام على الأب بضرورة إشباع عين الطفل وقلبه، وأن يطعمه من مختلف الفواكه الموجودة لكي يمنع انحرافه ونظره إلى أيدي الناس.
2. اللباس:
إن جميع الآباء يهتمون بتوفير الملبس لأولادهم ويجب أن لا ننسى بأن الإسلام أكد على ذلك كثيراً، حيث تكون الملابس في سنوات الطفولة المبكرة وسيلة لوقاية الجسم من البرد والحر والمحافظة على صحة الطفل. لذا ينبغي أن تكون الملابس الداخلية بيضاء كي تكشف عن النظافة أو عدمها.
ومنذ انتهاء السنة الثالثة لا بد أن يكون الاهتمام بالملبس وفق ذوق الطفل لأن ذلك سيشعره باللذة، ويؤكد الإسلام على ضرورة أن لا يؤدي الملبس إلى انحراف المرء ذاته أو قيامه بحرف الآخرين.
ويرفض في نفس الوقت استخدام ملابس الذكور للإناث وملابس الإناث للذكور، ويحذر أيضاً من استخدام تلك الملابس الضيقة اللصيقة بالجسم سواء للذكور أو للإناث لتأثيراتها الأخلاقية والحياتية السيئة.
ويجب على الوالدين أن لا يختارا لباس الطفل طبقاً لذوقهما، فيلبسانه ثوباً يثير السخرية أو لا يليق به، وعليهما أن يسعيا لأن ترتدي البنت منذ صغرها حجاباً مناسباً حتى لا تتنفر منه في السنوات القادمة.
3. الاهتمام بالنوم والاستراحة:
يمكن من خلال النوم تحقيق الراحة والسكون. وتعتبر الاستراحة من العوامل المهمة في استعادة القوى والقابلية على ممارسة العمل، حيث يشعر الإنسان بالأذى والاضطراب بسبب عدم النوم أو الحصول على الاستراحة الكافية.
كما أن هناك مفاسد سلوكية وخلقية عديدة تعتري الإنسان بسبب إصابته بالتعب الجسمي أو الذهني المفرط ولا يمكن معالجتها إلا من خلال استراحة طويلة.
ويجب على الآباء تنظيم عملية استراحة أولادهم ونومهم، فيطلبوا منهم مثلاً النوم مبكراً في الليل بعد الانتهاء من واجباتهم.
كما توجد ملاحظات عديدة في موضوع النوم يجب على الآباء الاهتمام بها، إذ لا بد من رعاية الآداب الإسلامية، كالنوم على الظهر وإخراج الرأس واليدين من تحت الغطاء وعدم التقلب في الفراش، وارتداء الملابس المريحة عند النوم؛ وإن هذه الأمور تمنع العديد من الانحرافات.
كما ينبغي التفريق بين الأولاد في المنام وابعادهم عن غرفة نوم الوالدين، وقيام الأب والأم بالإشراف على موضع نوم الأولاد ومراقبتهما لهم، والطلب منهم بترك الفراش مباشرة لدى الاستيقاظ والذهاب إلى الفراش متى ما شعروا بالنعاس. تعتبر هذه الملاحظات مهمة لا بد من الاهتمام بها ورعايتها على صلاح الطفل خلقياً وتربوياً.
4. الاهتمام بالصحة والنظافة:
هذه أيضاً من الوظائف الرئيسية للوالدين، ويجب على الأب أن يهتم بنظافة ولده لأن النظافة من الإيمان، وأن الصحة النفسية تمنع العديد من الأمراض النفسية. وقد تظهر بعض الأعراض بسبب عدم مراعاة مبادئ الصحة والنظافة.
مثلاً حري بالأب أن يهتم بنظافة ولده الذكر عند قضاء حاجته، وأن يراقبه في الحمام وفي بيت الخلاء حتى لا يعبث بأعضائه التناسلية. وأن يحذره من تعريض جسمه للأشياء الملوثة وأن يغسل جسمه بالماء الدافئ، ولا يلجأ إلى حك بشرته.
5. الاهتمام بلعب الطفل وحركته:
يحتاج الطفل إلى اللعب والحركة والركض من أجل تحقيق نموه واكتشاف عالمه الجديد وتنمية عضلاته واكتساب المهارة البدنية اللازمة والاطلاع على قابلياته واستعداداته.
ويجب أن تكون للطفل حرية مقيدة ومحدودة في مجال لعبه تناسب كفاءته في استخدام تلك اللعبة وأدائها.
وتقع على الأب مسؤولية الاهتمام بنوع اللعب وزمانه ومكانه والجماعة التي يلعب الطفل معها. فاللعب والحركة نافعان ولكن بشرط أن لا يصرف الطفل جل وقته في اللعب. وأن يكون اللعب مناسباً لسن الطفل ويدفعه للصلاح والفضيلة لا أن يفسد أخلاقه ويجره إلى الانحراف. وأن يكتشف الطفل في ظل اللعب عالمه الخاص ويبني إرادته ويعي حده وقدره.
6. الاهتمام بالسمع والبصر:
قلنا إن حواس الطفل هي كالنوافذ المفتوحة على العالم الخارجي، فتساهم في زيادة معرفته. وما أكثر الانحرافات والدروس السيئة التي يقتبسها الطفل بسبب مسعه وبصره فتؤدي به إلى الانحطاط والسقوط.
ليس صحيحاً أن يسمع الطفل ما طاب له من كلام أو يقرأ ما استهواه من كتب أو ينظر إلى ما يريد من مشاهد، إذ يجب الاهتمام بسمع الطفل ونظره، ويمكننا أن نقول عن الكتب والمقالات المنحرفة بأنها كاللصوص تسرق ثمرة عمل الأب وجهده.
وإسلامياً لا يحق للوالدين أن ينظرا طفلهما الرضيع إلى بعض ممارساتهما. فهو قد لا يفهم ما يشاهده في الوقت الحاضر بيد أنه سيدركه غداً ويعمل به ويتمرن عليه.
شاهد بالفيديو: 8 طرق لتنمية الذكاء الاجتماعي للطفل
7. الاهتمام بالسلوك:
إن أطفالنا أعزاء طبعاً، ولكن بشرط أن يكونوا مؤدبين وملتزمين بالقواعد والأصول، فقد جاء عن الإمام علي (ع) قوله: "من قل أدبه كثرت مساوئه".
يجب على الأب أن يهتم بسلوك ولده فلا يسمح له بالتجرؤ عليه حتى لو كان صغيراً. فهو مسؤول عن بنائه الديني والخلقي والاجتماعي بل وحتى السياسي. وقد جاء عن الإمام الحسن العسكري (ع) قوله: "جرأة الولد على والده في صغره تدعو إلى العقوق في كبره".
والمقصود بالأدب والأخلاق هي تلك المبادئ والأصول التي يؤمن بها الآباء فيقدمونها لأولادهم ويحافظون بواسطتها على أمنهم ويوفرون مقدمات كمالهم، لا أن يلجؤوا إلى تفريغ عقدهم بها.
8. الاهتمام بالأوامر والنواهي:
الأصل هو أن تقوم الحياة وفق أسس عادية وطبيعية دون الحاجة إلى الأوامر والنواهي غير أنه قد تحدث بعض المشاكل التي لا يمكن حلها إلا من خلال هذا الطريق.
والشيء المهم هو أن يتناسب الأمر والنهي مع استعداد الطفل واستيعابه وقدرته على البناء، أي أن لا يكون فوق مستوى طاقته وإدراكه وفهمه. وأن يراعي في ذلك حاجة الطفل إلى النمو والتكامل.
وينبغي أن تكون أسس التربية في مراحل الطفولة الأولى بصورة جيدة، لكي لا يحتاج في مراحله القادمة أو في مرحلة النشوء والبلوغ إلى الأوامر والنواهي الكثيرة لأن ذلك قد يؤدي به إلى العصيان. فقد جاء عن رسول الله (ص) قوله أنه لعن الوالدان اللذان يضطران ولدهما إلى عقوقهما بسبب ممارساتهما.
في الختام:
هناك مجموعة من المحاذير التي ينبغي على الآباء الانتباه لها، ومن أبرزها:
- لا تدللوا الطفل فينشأ ذا أخلاق فاسدة وتربية منحرفة وعندما ستندمون في المستقبل.
- يجب على الولد أن يكون حرا ولكن بشرط أن لا يمارس حريته في تحقيق رغبات باطلة.
- الكلام اللين أكثر تأثيرا من الأمر والنهي.
- امنعوا تأثيرات ولدكم على الآخرين فيما لو كان عنيفا وظالما.
- استعينوا بالقصص الأخلاقية لتربية الطفل وحذروه في بعض الأحيان.
- ضعوا البرنامج الحياتي منذ مرحلة الطفولة على ضوء أسس معينة لكي لا تواجهكم الصعوبات في المستقبل.
- شجعوا أولادكم على الالتزام بالأخلاق الحسنة ولكن بأساليب جميلة.
- استعينوا بالآخرين على تربية ولدكم فيما لو كنتم غير قادرين على إصلاحه بسبب أفكاركم ومعلوماتكم المحدودة ولا تهملوا أمر تربيته أبدا.
- مارسوا تعاملا مختلفا منع أولادكم الأحداث والبالغين، فأكرموهم لأنهم وزراؤكم ومستشاريكم.
- انتبهوا دائما إلى حال الطفل ومستقبله وافرضوا أنفسكم في مكانه لكي تكون الصورة واضحة في أذهانكم عن الشاب الذي تبغونه.
أضف تعليقاً