سوف نستكشف في هذا المقال أوجه التشابه والاختلاف بين القادة والمدراء، ونساعدك في معرفة كيفية الحصول على أفضل ما في الشخصيتين.
ما هي القيادة؟ وما هي الإدارة؟
1. ما هي القيادة؟
تأتي قوّة القائد من قدرته على جعل الآخرين يتقبَّلونه، حيث يستخدم نفوذه لتحدي المعايير والمسلَّمات وتشجيع الابتكار؛ وكما يشير بيتر دراكر (الأب الروحي للإدارة)، فإنَّ القادة أحياناً يخرقون القواعد لتحفيز التغيير، ولقد صاغها بيتر بشكلٍ ملائم، حيث قال: "التعريف الوحيد للقائد هو شخصٌ لديه أتباع. وفي حين يتطلَّب كسب الأتباع نفوذاً، لكن لا يُستَبعدُ انعدام النزاهة في تحقيق ذلك".
2. ما هي الإدارة؟
يضمن المدراء امتثال الموظفين للمعايير والتقيُّد بالسياسات، كما يحرصون على تنفيذ أهداف قادتهم. إنَّهم قادرون ومسؤولون، لكنَّ إسهامهم في المنظمات يكون تطبيقاً حرفياً لأوامر رؤسائهم.
المدراء أشخاصٌ جرى تكليفهم بمهمَّةٍ إدارية، ويُعتقَد بشكلٍ عامٍّ أنَّهم يُحقِّقون الأهداف المرجوة من خلال الوظائف الرئيسة للتخطيط والميزانية والتنظيم والتوظيف وحلِّ المشكلات والسيطرة.
القيادة مقابل الإدارة:
تتميَّز القيادة والإدارة بخصائص مختلفةٍ وتركيزٍ مختلف. فيما يلي 9 اختلافاتٍ رئيسةٍ بين القيادة والإدارة، موضحةٌ بالأمثلة:
1. التركيز على الأهداف والتطلُّعات مقابل التركيز على المهام:
يُوجِّه القادة أنفسهم نحو رؤية أهداف شركتهم، فينظرون إلى الصورة الكبيرة، ويبتكرون طرائق جديدةً لتحقيق تطلُّعاتهم؛ وعندما يجربون أشياء جديدة، فإنَّهم دائماً ما يربطون أفكارهم بمهمَّة الشركة.
في حين يكون المدراء أسياد المهام؛ فبينما يهتمُّون برؤية المنظمة، فإنَّ وظيفتهم هي الالتزام بالسياسة العامة المتبعة فيها؛ فهم يُنَفِّذون الأفكار الكبيرة لقادة منظماتهم.
2. الإقناع مقابل فرض الأفكار:
نظراً لأنَّ القادة على أعتاب الابتكار دوماً، يتوجّب عليهم إقناع الآخرين بأنَّ أفكارهم جديرةٌ بالاهتمام؛ لذا يكتسبون سلطتهم من خلال تشجيع الآخرين على تبنِّي أفكارهم.
من ناحيةٍ أخرى، لا يتعيَّن على المدراء إقناع الآخرين بالفكرة؛ لأنَّ دورهم هو فرض السياسات، وإذا خالف أحد الموظفين الأوامر، يمكن للمدراء إجباره على اتباعها، حيث يُنفِّذ الموظفون ما يقوله لهم مديرهم.
3. مواجهة المخاطر مقابل الحدِّ منها:
يجب أن تخاطر في أيِّ وقتٍ تجرِّب فيه شيئاً جديداً. يفترض القادة مواجهة مخاطر محتملة؛ لأنَّهم غالباً ما يناضلون من أجل التغيير.
بينما يُعيَّن المدراء للحدِّ من المخاطر، حيث يتأكَّدون من أنَّ العمَّال يقومون بما يُفترَض أن يفعلوه، وبالطريقة التي تطلب منهم الشركة اتباعها؛ وعندما تظهر المشاكل، قد يأخذ المدير المشكلة إلى القيادة لتعديل السياسات.
4. التشجيع مقابل الإرشاد:
تتشابك الخطوط بين الإدارة والقيادة هنا، وذلك اعتماداً على كيفية تعامل المدير مع واجباته، بينما يقدِّم القادة التشجيع للموظفين على التفكير خارج الصندوق ورؤية الصورة الكبيرة، عادةً ما يكون لدى المدراء إرشاداتٌ واضحةٌ حول الجوانب المختلفة لمكان عملهم؛ قد يقدِّمون التشجيع؛ ولكنَّ وظيفتهم الرئيسة هي إخبارك بكيفية القيام بالأمور؛ فالمدير هو الشخص الذي تلجأ إليه عندما تريد معرفة أفضل طريقةٍ لأداء عملك.
5. السير مع التيار مقابل السير عكس التيار:
يحتاج القادة إلى تحدي الوضع الراهن، وإلَّا فإنَّ منظمتهم تخاطر بالوقوع في الركود، حيث يحاولون فعلَ أشياء جديدةٍ لمعرفة ما إذا كان يمكن أن يكونوا أكثر فعالية، ويعملون على التوفيق بين سياسات الشركة وتطلُّعاتها.
من ناحيةٍ أخرى، يحافظ المدراء على الوضع الراهن؛ فيبذلون قصارى جهدهم عندما ينفِّذون الإرشادات التي وضعها القادة.
6. التحفيز مقابل الموافقة:
عند تجربة أشياء جديدة، يزداد خطر الفشل. لذا يجب على القادة تحفيز الموظفين، فهم رائعون في الحفاظ على دوافع الآخرين؛ حيث أنَّهم يربطون كلَّ ما يفعلونه بتطلُّعات الشركة، وعندما تمتلك الشركة تصوُّراتٍ قوية، يمكن للقائد استخدامها كنقطةٍ لإلهام الموظفين.
أمَّا عندما تدير أشخاصاً، فإنَّ هدفك الرئيس هو تحديد ما إذا كان كلُّ شيءٍ يجري بشكلٍ جيد؛ حيث ينظر المدراء إلى إجراءات موظَّفيهم، ويحدِّدون ما إذا كانوا يستوفون المعايير التي وضعتها الشركة.
7. كسر القواعد مقابل اتباعها:
على القادة أن يتعاملوا بسرعةٍ ومرونةٍ مع القواعد للمضي قدماً، وغالباً ما تكون القواعد صارمةً جداً، بحيث لا تسمح بالابتكار، ما يعني أنَّ القادة يتجاوزونها كثيراً؛ فعندما تتعرَّض شركةٌ أو منظمةٌ إلى الفشل، قد يتجاهل القادة القواعد تماماً.
أمَّا المدير إذا أراد الحفاظ على وظيفته، فإنَّه يلتزم بالاستراتيجيات التي وضعها الرؤساء؛ لأنَّ تجاهل القواعد أو خرقها يُضعِف موقفهم، ممَّا قد يُضعِف الشركة.
8. كسب الثقة مقابل التحكُّم:
عندما يقودك شخصٌ ما عبر منطقةٍ مجهولة، يجب أن يكون لديك مستوىً معينٌ من الثقة به حتَّى تتَّبع إرشاداته، والقائد القوي ممتازٌ في إلهام الثقة ليأخذ الناس إلى أماكن لم يسبق لهم زيارتها.
تكمن سلطة المدراء في قدرتهم على التحكُّم الكامل؛ وليس عليك أن تحبَّ مديرك أو تثق به للقيام بما يقوله لك؛ كما أنَّ المدراء يحتاجون المراقبة والتحكُّم للقيام بعملهم جيداً.
9. تبنِّي الأفكار مقابل إسناد المهام:
يُبدِع القادة في إجراء التحسينات من خلال تجربة أشياء جديدة، حيث أنَّهم يدعمون الأفكار الجديدة والتفكير الحر؛ ذلك لأنَّ هذا يدعم أهدافهم. وإنَّهم يعرفون أنَّه إذا كان بإمكانهم تشجيع مزيدٍ من الناس على التفكير خارج الصندوق، فإنَّ قدرة المجموعة على التفكير الجماعي ستدفع إلى مزيدٍ من الابتكار.
لا يستطيع المدراء تشجيع التفكير الحر؛ لأنَّهم لن يكونوا قادرين على تلبية توقعات الشركة، كما أنَّ إخبار الأشخاص بما يجب فعله هو الطريقة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها ضمان قيام الموظفين بما يُفترَض أن يفعلوه، وبالطريقة التي يُفترَض أن يفعلوه بها.
هل القيادة أفضل من الإدارة؟ أم العكس؟
هناك بعض الاختلافات الصارخة بين القادة والمدراء؛ لكن ومع ذلك، فالقيادة والإدارة أمران متكاملان، حيث يأخذ القادة المخاطر في عين الاعتبار ويبتكرون ويغيِّرون اللعبة، أمَّا المدراء فهم مشرفون على الوضع الراهن. هذا لا يعني أنَّه من الأفضل أن تكون أحدهما.
تحتاج الشركات إلى مدراء وقادةٍ للعمل بسلاسة، ويعرِّض الافتقار إلى الإدارة المنظمات إلى خطر عدم الامتثال وعدم تحقيق الأهداف؛ كما يؤدِّي الافتقار إلى القيادة إلى وجود قوةٍ عاملةٍ راكدةٍ وغير مُلهَمة.
قد يتواجد القادة والمدراء في جانبين متناقضين تماماً عندما يتعلَّق الأمر بالسلطة، لكنَّهم في الفريق نفسه؛ ويمكن أن يكون للقائد تطلُّعاتٌ وأفكارٌ عظيمة، ولكن بدون مدراء لتنفيذها لن تتحقَّق هذه التطلُّعات. يجب على المدراء الالتزام بالمعايير، ولكن إذا لم يكن مصدر إلهامهم من القيادة، فلن يتمكَّنوا من مشاركة رؤاهم مع الموظفين.
تحقيق التوازن بين القيادة والإدارة:
هناك وسيطٌ بين القيادة والإدارة؛ وفي بعض الحالات، أنت بحاجةٍ إلى شخصٍ للقيام بواحدةٍ منهما بشكلٍ صارم، وأفضل الشخصيَّات هم من يعرفون متى تُطبَّق القيادة والإدارة بدرجاتٍ أكبر أو أقل.
1. متى تُستخدَم مهارات القيادة؟
تعتمد درجة قدرتك على استخدام مهارات القيادة على موظفيك وطريقة عمل شركتك، فإذا كان أعضاء فريقك واضحين بشأن تطلعات الفريق وأهدافه، فمن المرجَّح أن يُلهمهم القائد.
لكن قد يميل شخصٌ في موقع السلطة أكثر نحو القيادة، لذا يجب أن يكون قادراً على أن يثق بأنَّ العمَّال مدركون تماماً ومتوافقون مع سياسات الشركة؛ فإذا كان عليك رعاية أعضاء فريقك لأداء المهام الأساسية باستمرار، فسيكون من الصعب تشجيع التفكير الحر.
عندما يكون الفريق مكوَّناً من أفرادٍ مخلصين يفهمون أدوارهم، يكون لديك مزيدٌ من الوقت؛ ذلك لأنَّهم سيكونون قادرين على التعامل مع الابتكار والإبداع مع مواكبة مسؤولياتهم. عندما يستطيع القائد الدخول في حوارٍ مع العمَّال حول سياسات الشركة، يمكنهم حينئذٍ الخروج بأفكار جديدةٍ معاً.
2. متَّى تتولى دور المدير؟
عندما تكون جديداً بالعمل، فأنت بحاجةٍ إلى شخصٍ ما ليخبرك بكيفية عمل الأشياء. المدراء ضرورةٌ مطلقةٌ عندما يكون أعضاء فريقك جُدُدَاً، فهم قادرون على مساعدة العمال في معرفة كيفية القيام بعملهم بأكثر طريقةٍ ممكنة.
كما أنَّ المدراء ممتازون في معرفة مقدار الموظفين القادرين، إذ إنَّهم يعرفون أنَّ منحهم الكثير من المسؤوليات يمكن أن يكون له تأثيرٌ سلبيٌّ في أدائهم ومعنوياتهم، وإنَّ ذلك يحمي إنتاجية الموظف من خلال فهم كيفية عمل كلِّ شخصٍ والاستجابة للضغوط.
تحتاج المؤسسات دائماً إلى مدراء لمساعدة الموظفين الذين يعانون من حالة الشك وعدم اليقين الذي قد تكون لديهم حول عملهم، والمدير هو الشخص الذي يمكنه أن يريهم مكان العثور على إجراءٍ ما في كتيب الإرشادات، وهو من يزيح الغموض عن العمل حتَّى يتمكَّن الموظفون من تلبية توقعات الشركة.
تحتاج المنظمات إلى المدراء والقادة على حدٍّ سواء لتحقيق كامل إمكاناتها، ولا يمكنك الحصول على واحدٍ دون الآخر. ستكون إدارة شركةٍ تتكون من قادة فقط عبارة عن تجميعٍ للأفكار، دون أملٍ في تنفيذها؛ وتعني سيطرة المدراء من دون دور القادة إنجازَ الكثير، دون أملٍ في التحسُّن.
أضف تعليقاً