ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن والكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته في وضع قواعد بخصوص عدم اصطحاب العمل إلى المنزل.
هذا يعني أنَّ الانطباعات المحسوسة أهم من الواقع، أو بتعبير آخر؛ مَن يبقى في المكتب لوقت أطول يظهر بأنَّه الموظف الأكثر اجتهاد وجدية، على الرَّغم من أنَّ هذا يمكن أن يكون صحيحاً فهو غير هام؛ لأنَّ النتائج فقط تؤخذ بالحسبان.
إنَّنا نصرُّ على النظر في عوامل زائفة مثل المشاركة في الاجتماعات، وعدد ساعات العمل في المكتب، والسرعة التي يستجيب بها العاملون لرسائل البريد الإلكتروني؛ إنَّ هذا مثير للشفقة؛ ففي شركتنا نحثُّ الجميع على المغادرة عند إنهاء أعمالهم اليومية، فقد تعلمنا أنَّ التركيز على الأولويات أكثر منطقية من مجرد قياس عدد ساعات العمل.
مع ذلك يخشى الناس الاعتراف بأنَّهم أنهوا أولوياتهم في العمل، وأنَّهم ذاهبون إلى المنزل، إنِّي أفهم هذا الشعور، فعندما تعمل ضمن مجموعة فأنت لا تريد أن تبثَّ بينهم شعور الإزعاج أو عدم الإنصاف، لكن فكِّر لماذا تعمل في المقام الأول، أنت هنا لتساهم في العمل في شركتك الخاصة أو الشركة التي تعمل لحسابها.
العمل لساعات طويلة غير مُجدٍ:
تتمنى منك الشركات أن تبقى معهم 10 ساعات يومياً، لكن ذلك لا يعني أنَّه عليك أن تبقى معهم لوقت طويل وتتحول إلى شخص غير منتج؛ لأنَّ هذا أحد الأسباب الرئيسة التي أوقفنا من أجلها معيار العمل لـ 9 أو 10 ساعات.
أثبتت معظم الأبحاث أنَّ العمل لساعات طويلة يؤدي إلى نتائج عكسية، كما أنَّه مع ما يرافقه من إجهاد قد يسبب الاكتئاب ومشكلات في النوم وضعف الذاكرة وأمراض في القلب؛ ولذلك فإنَّ قاعدة العمل الأولى لدي هي كالآتي:
شاهد بالفيديو: كيف يقضي القادة الناجحون أوقاتهم خارج ساعات العمل؟
مغادرة العمل في الوقت المحدد:
كنت أتحدث مع منتوري منذ أيام عن روعة محبة عمله، فأخبرني أنَّه لم يسبق له أن عمل بوظيفة لا يحبها، وأنَّ هذا من أعظم الأمور التي تبعث الرضى في الحياة، لكن كما تقول أمي دائماً إنَّ المبالغة في الأمور الجيدة تجعلها سيئة، وأنا أعتقد أنَّ الأمر ينطبق على العمل. وهنا أنا لا أتحدث عن العمل بجد، فأنا أعمل بجد ولطالما فعلت؛ لكنِّني فقط لا أعمل لوقت طويل جداً.
يتمثل فن العمل الجاد في إدراك وقت التوقف، لكن كما أخبرني منتوري أنَّ هذا صعب جداً فهو على حدِّ تعبيره يغادر المنزل في السابعة صباحاً ولا يعود حتى الحادية عشر مساء، وهذا زائد عن الحدِّ، فعليك أن تحمي نفسك من العمل الشاق؛ أي ببساطة غادر المكتب في الوقت المحدد.
غادر عندما يحين وقت الذهاب إلى المنزل سواء كنت تحب عملك أم لا؛ فلا أحد يحتاجك أن تبقى في المكتب طوال الوقت إلا كبرياؤك؛ فالمكتب سيكون موجوداً غداً وسيبقى زملاؤك أحياء ولن تفلس شركتك.
يكمن جوهر العمل في تحقيق النتائج، فإذا لم تحقق نتائج من خلال 6-8 ساعات عمل يومياً فأنت لست عنصراً فاعلاً، ولذلك عوضاً عن العمل لوقت إضافي اقرأ عن الفاعلية الشخصية، أو تلقَّ تدريباً عن الإنتاجية.
ترك عملك في المكتب:
لا تذهب إلى المنزل وتأخذ عملك معك؛ فهذا ينفي الهدف الأساسي عن بكرة أبيه، فليس من الجيد إتمامك للصفقات على الهاتف خلال وقت العشاء، كما أنَّك ترهق نفسك في التفكير المتواصل بأمور العمل في المنزل؛ لذا خذ قسطاً من الراحة، وأدِّ بعض الواجبات، أو أعدَّ وجبة لشريكك أو اصحب أطفالك في نزهة.
بصرف النظر عمَّا يبدو عليه الأمر، فإنَّ عيش حياة سعيدة أمر غاية في البساطة وخاضع كلياً لسيطرتنا، فنحن من نقرر ما الذي يجعلنا سعداء، ولقد كتبت اقتباساً للإمبراطور والفيلسوف ماركوس أورليوس (Marcus Aurelius) في مفكرتي ليذكرني بذلك: "يلزم قدر قليل جداً من المجهود لعيش حياة سعيدة، ويقبع الأمر كلُّه في داخلك في طريقة تفكيرك".
نعلم جميعاً أنَّ أموراً مثل: المال أو النجاح أو الشهرة أو التقدير بحد ذاتها لا تجعلنا سعداء، ومع ذلك فإنَّنا نعمل بجد على تحصيلها.
إذاً لماذا نواظب على العمل بجد لدرجة أن نرهق أنفسنا؟
ربما يتعلق الأمر بغرورنا أو أنَّنا ببساطة لا نستطيع أن نمنع أنفسنا، يختلف الأمر من شخص إلى آخر، وأنا شخصياً لا اكترث للسبب وجلَّ ما أعرفه أنَّ للعمل الشاق تأثير سلبي في جودة حياتنا وعملنا، ومن الهام أن نحمي أنفسنا من تهورنا؛ فنحن كالأطفال نحتاج إلى قوانين لنعيش بسعادة وأمان، لهذا السبب تنص أول قاعدة على مغادرة المكتب في الوقت المحدد والقاعدة الثانية على عدم اصطحاب العمل إلى المنزل.
أضف تعليقاً