1- وسِّع آفاقك:
من السهل جداً أن تقع ضحيةً للخمول الذهني ولا سيما إذا ما كنت قد انتهيت من مرحلة الدراسة. فالوضع أشبه بتسلُّمك لنتيجة الامتحان، فلا حاجة بعد ذلك إلى الدفاتر أو الدراسة. ولكنَّ العقل مشابهٌ جداً للعضلات من حيث إنَّه يحتاج إلى تدريبٍ منتظم ليحافظ على قوته. تُعدُّ العملية الحيوية التي يقوم الدماغ من خلالها بإنشاء مسالك جديدة في ذاتها مجالاً للبحث يدعى اللدونة العصبية (neuroplasticity). وإذا ما أردنا تلخيص هذا المجال والحديث عنه بلغةٍ بسيطة فإنَّ دماغك سيكون عُرضةً للتغيُّر بشكلٍ دائم اعتماداً على الطريقة التي يربط من خلالها بين مراكز المعلومات. فكِّر في أحد الأشياء التي تعلمتها منذ مدةٍ طويلة، فأنت تعلم أنَّك قد درست هذا الشيء وطبقته ولكن إذا لم يكن ثمَّة سببٌ يدفعك إلى تذكره فإنَّك لن تتذكره. وفي حال لم تتذكره فإنَّ هذا يعني أنَّ المسالك العصبية المرتبطة بهذه المعلومة غائبة تقريباً.
ومن خلال ما يوحيه لنا اسم "اللدونة العصبية" نستنتج أنَّ المسالك العصبية يجب أن تُستخدم باستمرار وإلا فإنَّها ستضعف وسيصبح من الصعب مرور المعلومات عبرها. بالإضافة إلى أنَّها تؤسس مسالك جديدةً كليَّاً وتعزز المسالك القديمة، فإنَّ المعلومة الجديدة التي تُخزَّن في الذاكرة طويلة المدى قد تكون مرتبطة ببعض المعلومات القديمة ومن ثَمَّ يتم إنشاء مسلك جديد لربط المعلومات الجديدة بالمعلومات القديمة. وعندما تتحدى نفسك وتتعلم أشياء جديدة فإنَّ ذلك سيؤدي إلى إنشاء المزيد من تلك المسالك المترابطة ومن ثَمَّ سيَسْهُل عليك تذكُّر معلومة جديدة قد تكون مرتبطة بشيءٍ سبق لك تعلمه.
اقرأ أيضاً: 7 نصائح لتزيد آفاق المعرفة لديك
2- لا ترهق نفسك:
من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الطلاب خلال مسيرة تعلمهم هي أنَّهم يهملون الدراسة وينتظرون إلى ما قبل موعد الامتحان بثلاثة أيام ليبدؤوا دراستهم. يؤدي هذا السلوك اللامبالي إلى تراكم جلسات الدراسة الملأى بالذعر والضغط والتي لا بد لكل طالب إلَّا أن يكون قد جربها مرةً واحدةً على الأقل خلال حياته الدراسية. ولكن قد مرَّ معظم الطلاب على الأرجح بهذه التجربة عدة مرات لأنَّها من بين إحدى تلك الدروس التي يبدو أنَّ الجميع يعانون مشكلةً في تعلمها. إنَّ عقلك ليس مُصمَّماً لمعالجة كميات كبيرة من المعلومات في مثل هذا الوقت القصير ومن ثم تذكرها بعد الامتحان. وكما أشرنا في النقطة السابقة فإنَّ بناء المسالك العصبية يستغرق وقتاً.
يتخلص عقلك من أي معلوماتٍ تقدمها إليه من دون أن يعود إليك، لذلك لا تتفاجأ بكمية المعلومات التي تمر بك بشكلٍ يومي ثم لا تتذكرها. وعندما يكون يومك جميلاً وتقرأ 10 صفحات قد تتذكر 75% من المعلومات الواردة فيها. أمَّا عندما تقرأ 100 صفحة فإنَّ هامش النسيان سيكون أكثر بكثير من صفحتين ونصف. ومثل أي شيءٍ آخر فإنَّ عقلك يحتاج إلى وقتٍ لاستعادة المعلومات ومراجعتها. فلا يمكنك أن تجري في سباق ماراثون بعد أن تكون قد أجهدت نفسك طيلة ساعاتٍ في التدريبات من دون أن تنال استراحةً. لذلك عندما تدرس أو تحاول تذكر كميات كبيرة من المعلومات خذ استراحاتٍ منتظمة تكون على شكل قيلولة أو أية أنشطة أخرى.
3- حافظ على تركيزك:
قد يكون القيام بمهام متعددة إحدى العادات السيئة الأخرى التي قمنا بها خلال أيام الدراسة. فعلى الرغم من أنَّ البعض قد يشير إلى أنَّ القيام بمهام متعددة يُعَدُّ إحدى علامات العبقرية، إلَّا أنَّه ليس كذلك. إذا عدنا إلى المثال السابق الذي يتحدث عن دراسة عشر صفحات وتذكر سبع صفحات ونصف منها، فإنَّك عندما تقدم إلى عقلك كميةً من المعلومات تفوق تلك التي يحتاج إليها وتطلب منه معالجتها، سواءٌ كانت تلك المعلومات مرتبطةً بالموسيقى، أو التلفاز، أو غداء اليوم فإنَّك بذلك تقلل عدد المعلومات التي سيتذكرها عقلك لاحقاً.
لهذا السبب يصرُّ المعلمون على التوقف عن الشرود عندما تكون في الصف بالإضافة إلى أنَّ عدم انتباهك إلى محاضرتهم يُشعرهم بأنَّك لا تحترمهم.
اقرأ أيضاً: نصائح لتحافظ على حماسك وتركيزك لتحقيق أهدافك
4- كرر المعلومات:
لقد سبق لك أن سمعت بكل تأكيدٍ من يقول إنَّه يستطيع تذكر أمرٍ ما أو القيام به في أثناء نومه. هذا الكلام ليس مبالغاً فيه كما قد يبدو عندما تسمعه أول وهلة. تعتمد مجموعة متنوعة من تقنيات الفنون القتالية على تكرار القيام بالفعل حتى يصبح ذلك الفعل فعلاً منعَكساً من خلال استخدام مفهوم الذاكرة العضلية. فكما أنَّ جسدك يستطيع تذكر الأفعال بحيث يبدو كأنَّه لا يستشير عقلك قبل الإقدام عليها، فإنَّ عقلك أيضاً يمكنه تذكر الحقائق بشكلٍ جيد بحيث لا تحتاج أنت إلى التفكير فيها بشكلٍ واعٍ. يستخدم العديد من الرياضيين الذاكرة العضلية من خلال التدرُّب على القيام بالحركات الجسدية نفسها مراراً وتكراراً حتى يستطيعوا تأدية تلك الحركات تحت الضغط، وبشكلٍ سريع، ومن دون الحاجة إلى استهلاك الكثير من الطاقة الذهنية. وقد تتضمن هذه الأنشطة الغولف، والبيسبول، وحتى الحركات التي نقوم بها في أثناء أداء التمرينات كتمرين الضغط.
أفضل مثالٍ على ذلك هو طريقة تعلمك للحساب والقراءة، فإذا تذكرت كم استغرق منك تصفُّح كتابٍ ما عندما كنت طفلاً ووازنت ذلك مع كيفية تعاملك اليوم مع رواية كبيرة الحجم ستجد كيف أنَّ تحويل الحروف إلى كلمات أصبح أمراً طبيعياً بالنسبة إليك. لذلك يُنصح الأشخاص الذين يعانون عُسْر القراءة بممارسة القراءة بشكلٍ متكرر. يعتمد كل هذا على المسالك العصبية، فكلما استُخدمت بشكل منتظم أصبح الانتقال من تذكر شيءٍ ما بشكلٍ واعٍ إلى التعرف عليه مباشرةً ومن دون استخدام الوعي أمراً أسهل.
5- نظِّم عقلك:
فلنتذكر الداهية "شارلوك هولمز" وما كان يُطلِق عليه "قَصْر الذاكرة" (mind palace). في الواقع إنَّ كُتَّاب السلسلة التي أنتجتها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) لم يكونوا هم أول من وصلوا إلى تلك التقنية، ولا صاحب سلسة كتب "هانيبال" (Hannibal) لم يكن هو من وصل إليها. الفكرة التي تكمن خلف تقنية التذكر هذه أقدم من ذلك بكثير. بالعودة إلى العصرين الروماني والإغريقي فإنَّ تقنية قصر الذاكرة التي كانت تُسمى حينها (Method of Loci) والتي تعني باللاتينية "طريقة المواضع" كانت ترتب المعلومات بربطها بأماكن مادية مرئية. على الرغم من أنَّه ليس ذا مفعول يفوق التصور كما يُصوَّر لنا في التلفاز، إلا أنَّ تصنيف كل الأشياء التي تعرفها ضمن فئات وربطها بمواقع يمكن أن يجعل عقلك منظماً بشكلٍ أكبر.
فقد أثبتت البطولات العالمية للتذكر التي تقام بشكلٍ منتظم أنَّ تقنية قصر الذاكرة تُعَدُّ تقنيةً فعالةً بشكلٍ كبير إذا ما طُبِّقت بشكلٍ صحيح، فمعظم الذين يكسبون تلك البطولات يستخدمونها بشكلٍ أو بآخر. وببساطة، فإنَّ تقنية قصر الذاكرة تعلمنا أنَّه إذا كان يمكنك أن تربط ذهنيَّاً المعرفة التي تتمتع بها بعنصرٍ أو مكانٍ محددين فسيصبح من الأسهل حينها تذكر المعلومات الأصلية. وكلما كانت الإشارة إلى هذا المكان أو ذاك العنصر مفصَّلةً بشكلٍ أكبر أصبح ربط المعلومات الأصلية بهما أسهل.
6- قوة الاجتماع:
من الأفضل ألَّا تكون أنشطة الدراسة وتعلُّم كيفية تذكر الأشياء مهامَّ حزينةً وكئيبة، كما أنَّها بكل تأكيد يجب ألَّا تستهلك حياتك بشكلٍ كامل. فثمَّة الكثير من الأشياء التي نتعلمها في هذه الحياة بشكلٍ رئيس من خلال التكلم مع الآخرين والاختلاط بهم وإحدى التأثيرات الجانبية لذلك أنَّنا نبدأ بعد فترة قصيرة بالاستمتاع بهذه العملية. تحدَّ نفسك والآخرين وناقش مواضيع معقدة ومثيرة للجدل. فأنت تجبر نفسك بذلك على التفكير فيما تقوله وفيما تسمعه من الآخرين، وتعزز قدرتك على معالجة المعلومات. من الصعب التنبؤ بالمواقف الاجتماعية وكأنَّك تقرأ كتاباً. يمكنك أن تتوقع وتحضِّر بعض الأشياء التي ترغب في الحديث عنها، ولكن من الممكن جداً أن تتطور المحادثة باتجاهٍ مختلفٍ تماماً.
من الحكمة أيضاً أن تبحث عن صديقٍ يمكنك أن تمازحه من دون أن تقلق من أن تهينه أو يهينك عن غير قصد. فيجب عليك أن تعالج المعلومات التي تسمعها لتفهم ما يُقال، وكلما قمت بذلك بشكلٍ متكرر زادت قدرتك على معالجة المعلومات التي تسمعها.
7- عبِّر بطريقتك:
تماماً مثل تكرار المعلومات فإنَّ التعبير عن هذه المعلومات بطريقتك الخاصة يجعل حفظها أسهل بكثير. قد تعترضك مشاكل في تذكر إحدى القواعد الموجودة في كتابٍ ما، ولكنَّك إذا أخذت معنى القاعدة وصغته بطريقتك الخاصة فستجد أنَّ تذكرها سيكون أسهل بكثير. يكمن جوهر هذه النقطة في أنَّه لا فائدة من تذكر الصيَغ والقوانين من دون فهم كيفية عملها ولماذا تُطبَّق.
من الناحية المثالية يمكنك اختبار مدى فهمك لشيءٍ ما من خلال محاولة توضيحه لشخصٍ لا يفهمه. عندما لا تكتفي بتفصيل المعلومات بل وتبسطها أيضاً فإنَّك بذلك تحتفظ بالمعلومات بالطريقة البسيطة نفسها. وعندما تدرك أنَّك بلغت مرحلةً أصبحت غير قادرٍ فيها على توضيح تلك المعلومات بشكلٍ أكبر فهذا يعني أنَّك وصلت إلى مرحلة أصبحت تعلم فيها أيضاً ما هي الأشياء التي تحتاج إلى إعادة تجديدها لديك.
8- توقَّف عن أعمالك الروتينية:
كما ذكرنا بشكلٍ مُفصَّل سابقاً في النقطة الأولى فإنَّ الخمول يُعَدُّ مميتا للذاكرة. وتُعَدُّ الأعمال الروتينية شكلاً من أشكال الخمول لأنَّها أعمال مريحة وذات طبيعةٍ انعكاسية. ولكنَّك لست مرغماً على القيام بأشياء جديدةٍ باستمرار على الرغم من كون ذلك أمراً مثيراً. فقد يكون ذلك مرهقاً، بالإضافة إلى أنَّ أفكارك ستنفد في القريب العاجل. وبدلاً من ذلك غيِّر بعض الأشياء البسيطة في حياتك، فإذا كنت معتاداً على تنظيف أسنانك بيدك اليمنى فقط استخدم يدك اليسرى بدلاً منها. وستعرف أنَّ هذا التحدي كان تحدياً فعالاً إذا أظهرت ردة فعلك عليه أنَّه عملٌ صعب. نعم إنَّه عملٌ صعب ولكنَّه ليس مستحيلاً، كما أنَّه يقدم لعقلك العمل نفسه الذي يحتاج إليه من أجل النمو.
ولكن هذا لا يعني أن تبدأ بالقيام بجميع الأمور بيدك الأخرى. ثمَّة طرائق أكثر إبداعاً للتغيير تكوِّن لنفسك من خلالها تحدياتٍ صغيرة. فاغتنم الفرصة لإعادة ترتيب أثاثك، ستتفاجأ بمدى تعودك على طريقة الترتيب القديمة عندما ترى نفسك متوجهاً بلا وعي نحو الخزانة لتجد أنَّها في الطرف الآخر من الغرفة. وراقب نفسك خلال يومٍ اعتيادي، راقب الأشياء التي تقوم بها من باب العادة وابحث عمَّا يمكنك تغييره فيها. يُعَدُّ التفكير في ذلك وحده تدريباً لعقلك.
اقرأ أيضاً: 10 خطوات تساعدك على التخلّص من الروتين
9- تعرَّف على أسلوب التعلم الخاص بك:
قد لا تكون هذه المرة هي المرة الأولى التي تسمع فيها الحديث عن أنواع التعلم أو أنماطه المختلفة. وقد تكون لاحظت أيضاً أنَّ في استطاعتك تذكُّر الأشياء بشكلٍ أفضل حسب الطريقة التي تُعرض عليك هذه الأشياء من خلالها. يقسِّم موقع (Learning Styles Online) أنماط التعلم إلى سبعة أنماط مختلفة يتَّبع كل واحدٍ منا أحدها. ولكن هذا لا ينفي إمكانية أن تكون ممن يتبعون مزيجاً من تلك الأنماط أو ممَّن لديهم نمط بارز ولكنَّهم يستخدمون باقي الأنماط. لقد صُنِّفت هذه الأنماط في البداية إلى اجتماعية وفردية. وتماماً مثلما أنَّ ثمَّة أشخاصاً منفتحين وآخرين انطوائيين، يتعلم البعض بشكلٍ أفضل في الأجواء الاجتماعية حيث يمكنهم مناقشة الآخرين في المواد التي يتعلمونها، في حين أنَّ ثمَّة أشخاصاً آخرين يفضلون أن يكونوا وحيدين مع أفكارهم. ومن هنا أصبح لدينا خمسة أصناف إضافية: البصري، والسمعي، واللغوي، والجسدي، والمنطقي.
يُعدُّ الأشخاص الذين يفضلون النمط البصري أسرع في تعلم الأشياء التي تُعرض عليهم بشكلٍ واقعي أو على شكل صور. كما يبدو أنَّ هؤلاء الأشخاص يميلون إلى المبالغة في استخدام الوصف في أساليب حديثهم وكأنَّهم يحاولون إعادة رسم ما يوضحونه بالاعتماد على الصورة التي يرسمها دماغهم. أمَّا أنماط التعلم الصوتي فتعدُّ أكثر ارتباطاً بالموسيقا والأصوات، حيث يكون الأشخاص الذين يتبعون هذا النمط ماهرين غالباً في تعلم اللغة. من جهةٍ أخرى تعتمد أساليب التعلم اللفظي على الكلام والكتابة بحيث يكون التركيز بشكلٍ أساسي على الكلمات. حيث تتضمن استراتيجيات الدراسة المرتبطة بأنواع التعلم اللفظي التكرار اللفظي أو المكتوب. أمَّا أنماط التعلم الجسدي، وكما يوحي اسمها، فإنَّ التعلم عن طريقها يتم من خلال التجربة والإحساس. أمَّا نمط التعلم الأخير وهو النمط المنطقي فيعد نمطاً منظماً بشكلٍ جيد، حيث يفضل الأشخاص الذين يستخدمون هذا النمط النظام والمنطق لأنَّهم قد يتعلمون بشكلٍ أفضل عندما تعترضهم مشكلة ويُطلب منهم حلها بأنفسهم.
إذا لم تكن متأكداً من نمط التعلم الخاص بك بالاعتماد على هذه التوصيفات أمكنك استخدام الاختبارات الإلكترونية لمساعدتك على ذلك. فعندما تحدد نمطك جربه وحاول التأقلم وإيَّاه عن طريق حفظ الأشياء وفقاً له.
10- تذكَّر من خلال الربط:
مع وجود الإنترنت الذي جعل المعلومات متاحةً بكلِّ يسرٍ وسهولة أصبح من الصعب تجنُّب الصفحات التي تحوي حقائق غير موثوقٍ بها أو معلوماتٍ لا حاجةَ لك فيها، ولكنَّك على الرغم من ذلك تتذكر تلك الحقائق والمعلومات إمَّا لأنَّها في غاية السخف وإمَّا لأنَّها مضحكة. إنَّ السبب الذي يجعل عقلك يقرر الاحتفاظ بهذه المعلومة بدلاً من حفظ كيفية احتساب قيمة الزيادة في القرض والبالغة 3% هو أنَّ ثمَّة عدداً أكبر من المعلومات المرتبطة بالمعلومة الأولى – لا سيما إذا كانت معلومةً عاطفية. ستتذكر حفل زفافك على الأرجح أكثر مما تتذكر حفل زفاف شخص آخر والسبب ببساطة هو أنَّك عاطفياً مرتبطٌ بحفل زفافك بشكلٍ أكبر. هذا الأمر ينطبق على العواطف السلبية والإيجابية.
ثمَّة العديد مما يُسمى بالأدوات والتقنيات المساعدة للذاكرة والتي تُسهِّل التذكر مثل طريقة قصر الذاكرة التي سبق وأشرنا إليها. يتعلم معظم الأطفال الحروف الأبجدية من خلال الغناء، وإذا سبق لك أن كنت واحداً من هؤلاء الأطفال فإنَّ في إمكانك تذكر تلك الأغنية إلى يومنا هذا. يمكن للقوافي، والقصائد، والجمل أن تسهِّل عليك تذكر الأشياء. إذا كانت تعترضك مشكلةٌ في تذكر أسماء الكواكب حسب ترتيبها الصحيح على سبيل المثال فحاول تشكيل جملة يكون ترتيب الحروف الأُوَل لكلماتها مطابقاً لترتيب الحروف الأُوَل من أسماء الكواكب حسب ترتيبها الصحيح: عطارد، والزهرة، والأرض، والمريخ، والمشتري، وزحل، وأورانوس، ونبتون، وبلوتو. فسيكون ذلك أسهل بكثير.
11- اتبع حميةً صحية:
تبدو الحمية الصحية كأنَّها حلٌّ لكل شيء، ولكنَّك بكل تأكيد لا يمكن أن تَعُدَّها كذلك. فالطعام هو الطاقة، ولكنَّه يحوي أيضاً أشياء تتراوح من الصحية إلى المقبولة بكمياتٍ قليلة إلى غير الصحية أبداً. على الرغم من أنَّه قد يكون من الأفضل بالنسبة إليك الاستعانة بخبير حمية ليُعِدَّ لك خطةً غذائية تتناسب مع الاحتياجات المحددة لجسدك، إلَّا أنَّ ثمَّة حقائق غذائية عامةً وغير عامة تنطبق على الجميع تقريباً. والأهم من ذلك هو أنَّك إذا كنت تحاول خسارة بعض الوزن وتحسين قدراتك الذهنية فلا تجوِّع نفسك. خلافاً للاعتقاد السائد فإنَّ جسدك يعرف ما يحتاج إليه، إنَّ المسألة تتعلق فقط بالاستماع إلى طلباته وفهمها. كما يُعَدُّ الابتعاد نهائياً عن الدهون والزيوت من أحد الأخطاء الشائعة أيضاً.
على الرغم من أنَّه يبدو من غير المنطقي أن تقدم لجسدك الدهون بينما أنت تحاول التخلص منها، إلَّا أنَّ ثمَّة دهوناً صحية وأحد هذه الدهون هو النُخاعِيْن. إلى جانب تحسين الذاكرة فإنَّ النخاعين هو أحد الدهون التي يحتاج إليها الدماغ لبناء المسالك العصبية وتوسيعها، لذلك فإنَّ حرمان جسدك من النخاعين سيعيق نمو قدراتك العصبية. لذلك لا تنصح أساليب الحمية الحديثة بتجنب الأسماك الدهنية والجوز لأنَّها تحتوي على المكون الرئيس اللازم لبناء النخاعين وهي زيوت الأوميجا3. والأهم من ذلك هو أن تحافظ على شرب المياه، وتجنَّب الإفراط في شرب القهوة لأنَّ الإكثار منها يجعلك تشعر بالنرفزة والعصبية ويصبح من المستحيل تقريباً الحفاظ على التركيز. تعدُّ المياه غير المُنكَّهة، والشاي غير المُحلَّى، والكميات القليلة من العصائر الخالية من السكر المضاف أفضل السوائل الصحية لجسدك وعقلك.
إحدى الحقائق الطريفة حول الأطعمة المقوية للدماغ هي أنَّه في ألمانيا تبيع الكافيتريات الجامعية ومحلات السوبر ماركت مزيجاً منوَّعاً يحتوي على الجوز والزبيب حيث يطلقون عليه اسم "طعام الطالب" ليس لأنَّ محتوياته تجعله وجبةً رائعة تساعد الطلاب في أثناء الجلسات الدراسية الطويلة فحسب، بل لأنَّ الجوز يحوي دهوناً صحيةً طبيعية كالأوميغا3 وغيرها. لذلك فلا عجب أن يكون شكل الجوز يشبه شكل الدماغ.
12- التمارين المنتظمة:
حتى ولو كنت تفضل الجلوس والاستمتاع بمشاهدة الأفلام في إحدى المساءات الطويلة بعد القيام بعملٍ شاق، إلَّا أنَّه لا يمكن التخلي عن التمرينات الرياضية. بالإضافة إلى فوائدها الصحية الواضحة فإنَّ التمارين الرياضية تخفِّف من خطر الإصابة بالأمراض المؤذية للذاكرة كمرض السكري، وتزيد من تدفق الدم في جسدك وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة نقل الأوكسجين. وكما قد تعلم يُعَدُّ الأوكسجين ضرورياً للحفاظ على نشاط عقلك ولياقته. فعندما لا يتلقى عقلك ما يكفي من الأوكسجين فإنَّك ستشعر بالتعب وستواجه مشاكل في التركيز ومعالجة المعلومات. تفيد تمارين القلب بشكلٍ خاص في تزويد المادة الرمادية بالأوكسجين الذي تحتاج إليه لأنَّها هي من تباشر بعملية التنفس العميق والثقيل.
أحد التأثيرات الجانبية الأخرى التي يمكن للتمرينات الرياضية أن تحملها على دماغك هو تحفيز إنتاج هرمونات السعادة ما يجعلك أقل عُرضةً للإصابة بالأمراض النفسية كالاكتئاب والذي يمكن أن يقضي على الحافز الذي يدفعك إلى تجريب أيٍّ من الاقتراحات الأخرى الموجودة في هذه القائمة. قد يفضل عقلك أيضاً أنواعاً مختلفة من التمرينات الرياضية كالرياضات الجماعية التي تجعلك تقاوم مجموعة متنوعة من الحالات المختلفة التي يمكنك التفاعل معها عندما تضع بعض الاستراتيجيات المحددة في ذهنك. إذا لم تكن شخصاً رياضياً أمكنك أن تجرب اليوغا، فهي رياضة أقل إجهاداً ولكنَّها فعالة من الناحية الجسدية كغيرها من الرياضات الأخرى. أفضل ميزة لليوغا هو أنَّها تركز على التنفس الصحيح وزيادة تدفق الدم إلى عدد من أجزاء الجسد وأعضائه بما فيها دماغك.
13- التأمُّل:
لا فائدة من أن تجرِّب شيئاً ما أو تحاول تذكره عندما تشعر بالضغط وعندما يكون ثمَّة الآلاف من الأمور الأخرى التي تغزو دماغك. يهدف التأمل إلى الوصول إلى حالة تشبه السلام والتوازن في حياتك، وإذا ما تمت ممارسة التأمل بشكلٍ يومي فإنَّ ذلك يمكن أن يجعلك تشعر بالهدوء ويجعلك أقل عُرضةً للشعور بالضغط. وثمَّة مجموعة متنوعة من تقنيات التأمل ولكنَّ أكثرها كفاءةً لتحسين الذاكرة هو الوعي التام. الجانب الأكثر أهمية في هذه التقنية هو التركيز على فكرةٍ، أو صورةٍ، أو مادةٍ، أو شعورٍ وحيد. يبدو من الصعب جداً التركيز على شيءٍ واحد فترةً طويلةً من الزمن، ولكن يمكنك تجريب وضعيات مختلفة لترى أيَّ وضعية منها هي التي تناسبك بشكلٍ أكبر.
أحد الأشكال الجميلة للتأمل هو التركيز على الأشياء التي يمكنك تذوقها. خذ قطعة من الشوكولا وركز كامل انتباهك عليها من خلال استغلال الوقت الكافي للاستماع إلى الصوت الذي تُصدره عندما تقطعها إلى قطع صغيرة. تلمَّسها واشعر كيف تذوب بين يديك، شُمَّها وراقب كيف يستجيب جسدك وحده لذلك. لا تُعجِّل في القيام بهذه الخطوات لكي تحصل على أفضل نتيجة ممكنة. عندما تصل في النهاية إلى مرحلة التذوق جرب جميع الأحاسيس مرة أخرى. وإذا مارست تأمل الوعي التام بشكلٍ منتظم فإنَّ ذلك لن يجعلك تقدر بشكلٍ أكبر الأشياء التي تستمتع بها فحسب بل ستكون قادراً أيضاً على التركيز فترةً أطول من الزمن.
اقرأ أيضاً: 8 خطوات تساعد المبتدئين على تعلّم رياضة التأمل
14- الاستراحة:
لقد ذكرنا سابقاً كيف أنَّ العقل يتخلص من المعلومات. وعلى الرغم من ذلك فإنَّك في بعض الأحيان تصل إلى ذروة استيعابك في أثناء اليوم وللأسف فإنَّ هذا نادراً ما يكون في الفترة التي تسبق النوم مباشرةً. فإذا كنت ستقضي يوما طويلاً وتخطط لتذكر شيءٍ ما في خلال هذا اليوم فإنَّ اللجوء إلى الاستراحات التي تكون على شكل قيلولةٍ قصيرة يمكن أن يقدم لك فائدةً كبيرة فالقيلولة التي تمتد ما بين 20-30 دقيقة يمكن أن تساعدك على استعادة تركيزك وتحسين أدائك. وإذا كنت لا تستطيع حقاً تجنُّب جلسات الدراسة المكثفة والطويلة على الرغم من نصيحتنا السابقة فقم بإضافة بعض القيلولات إلى برنامجك، وليس من الضروري أن تخلد إلى النوم خلال هذه القيلولات لتحصل على بعض الراحة لأنَّك حتى من دون النوم ستحصل على استراحةٍ من الدراسة وتعطي عقلك وقتاً للتفكير فيما تعلمته إلى الآن.
إذا كنت تتساءل عن عدم الإشارة إلى القهوة أو إلى أية سوائل أو أطعمة أخرى تحتوي على الكافيين إلى الآن فذلك لأنَّ الكافيين يستغرق حوالي 10-20 دقيقة ليبدأ مفعوله بعد الهضم، حيث يمكنك تصديق هذا الكلام إذا كنت من الأشخاص الذين يستيقظون باكراً. ومن قبيل المصادفة أنَّ هذه المدة الزمنية هي الطول الأمثل للقيلولة اللازمة لاستعادة النشاط. وقد تكون معتاداً أيضاً على ذلك الشعور بالنعس الذي يصيب بعض الأشخاص مباشرةً بعد شرب القهوة، وهذه فرصةٌ مثاليةٌ أخرى لدمج هذا الشعور بالنعاس الذي يلي شرب القهوة في القيلولة. عندما يحين موعد استراحتك اشرب فنجاناً من القهوة ونم مدة عشرين دقيقة، فلن تستيقظ وأنت تشعر بالانتعاش فحسب بل ستشعر أيضاً بأنَّك مفعمٌ بالطاقة.
اقرأ أيضاً: 6 فوائد لتحرير نفسك من مكتبك وأخذ استراحة
15- حافظ على صحتك الجسدية والعقلية:
تتلخص جميع النقاط السابقة بهذه العبارة البسيطة: حافظ على صحتك. فالحالة التي يكون عليها جسدك والقدرات التي يتمتع بها تنعكس على قدراتك العقلية والعكس صحيح أيضاً. فعندما تصاب بالأنفلونزا فإنَّ آخر ما سينشغل به عقلك هو معرفة القيمة الدقيقة للعدد "بي" (π) إلى ما بعد عشر فواصل عشرية. وفي السياق نفسه عندما تكون مكتئباً وعقلك منشغل بالأفكار السوداوية فإنَّك ستكون مشوَّشاً بشدة ولن تكون قادراً على التركيز بشكل كامل على ما تحاول تعلمه.
على الرغم من أنَّ هدفنا هنا ليس توضيح الخيارات المتاحة لك عندما تواجه مرضاً من أي نوع، إلَّا أنَّه يجب عليك الحذر من أن تقع بسهولةٍ ضحيةً لمرضٍ نفسيٍّ أو جسدي. وبالتأكيد إنَّ الكلام النظري أسهل بكثيرٍ من التطبيق العملي، ولكن ذلك لن يؤدي إلى تحسن ذاكرتك على المدى الطويل فحسب، بل إنَّ حياتك بشكلٍ عام ستصبح أفضل.
اقرأ أيضاً: 7 نصائح للتخلّص من التعب العقلي والجسدي
أفكارٌ تستحق التذكُّر:
ليس من الضروري أن تقوم بكل واحدةٍ من هذه الاقتراحات بشكلٍ يومي. ومثلما أنَّ الاستماع إلى محاضرةٍ ما قد لا يكون ذا فائدةٍ لصديقك ولكنَّه قد يفعل العجائب معك، فإنَّ كلَّ شخصٍ فينا يطور أسلوبه الشخصي الذي يناسب المرحلة الحالية من حياته. جربها جميعاً خلال إطارٍ زمنيٍّ محدد وراقب ما سيجعلك تشعر بالراحة. ربما لا يناسبك التأمل لأنَّ لديك مشكلة في الجلوس بسكينة وأنت تفضل البحث باستمرار عن شيءٍ جديدٍ لتتعلمه وتجربه. ومهما كانت خياراتك فخُذ الاقتراحات التي تساعدك على تحقيق أقصى إمكاناتك من دون أن تثقل كاهل نفسك بتعليق آمالٍ عريضةٍ على نفسك. نتمنى لك أن تنعم بالصحة وأن يكون الحظ حليفك في سعيك لتحسين ذاكرتك.
المصدر: هنا
أضف تعليقاً