الجاحظ:
عمرو بن بحر أبو عثمان الجاحظ، والذي يُعَدُّ من أشهر الكتَّاب العرب قاطبةً في جميع العصور، صاحب النكتة الحاضرة والذكاء اللماح والأسلوب الفريد في سرد المعلومة والحادثة.
لقِّب بالجاحظ لبروزٍ زائد في حدقتي عينيه وقد صار اللقب وانتشر وأصبح أشهر من اسمه، ونستطيع أن نَعُدَّ الجاحظ من أوائل الكتاب الذين أتقنوا الأدب الساخر، وهذا يظهر جلياً في كتاب البخلاء، الذي ترصَّد فيه الجاحظ البخلاء وأفعالهم وأقوالهم وردود فعلهم وحركاتهم وردودهم، وهذا يمكن أن يكون الكتاب الأول الذي تناول البخل بطريقة التشريح النفسي.
من نوادر الجاحظ أنَّه كان يحب القراءة والمطالعة منذ كان صغيراً، حتى أنَّ أمَّه كانت تعاني بسببه، وظلت هذه العادة ترافقه حتى مات، ويُقال إنَّه كان يستأجر الدكاكين التي تحتوي على الكتب شهراً أو اثنين حتى ينهي قراءة جميع الكتب الموجودة فيها.
عاش الجاحظ ما يناهز التسعين عاماً وقد ألَّف ما لا يُعَدُّ ولا يحصى من الكتب، ولكنَّ أشهرها على الإطلاق "البخلاء" و"الحيوان" و"البيان والتبيين".
ابن رشد:
يُعَدُّ محمد بن أحمد بن رشد أبو الوليد من أشهر الكتَّاب والفلاسفة العرب، كان طبيباً وكاتباً وفقيهاً ومحدِّثاً، وهو من أبرز الكتاب الذين ألَّفوا في علم الخلاف والجدل.
انتمى إلى بلاد الأندلس فقد وُلِدَ فيها وتتلمذ على أيدي علمائها، واستلم منصب قاضٍ في إحدى مراحل عمره.
شرح ابن رشد أعمال أرسطو على مدى ثلاثين سنة، وترك تعليقات على كل كتبه تقريباً، وكانت كتابات ابن رشد في الفلسفة ذات تأثير قليل في المجتمع الإسلامي في أثناء العصور الوسطى؛ بل كان تأثيرها أكبر في الناطقين باللاتينية، والدليل على ذلك أنَّ النسخ العربية للكثير من كتاباته لم تصل إلينا، بينما كتبه المترجمة للاتينية موجودة وعلى الرغم من ذلك فإنَّ أعماله في فقه الإسلام أثرت كثيراً في المجتمع الإسلامي أكثر من الغرب.
من أشهر مؤلفاته "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، وكتاب "مناهج الأدلَّة"، وكتاب "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال".
ابن خلدون:
مَن منَّا لم يسمع بمقدمة ابن خلدون الشهيرة، اسمه عبد الرحمن بن محمد، وقد وُلِد في تونس ودرس فيها ثم انتقل بعد ذلك إلى مصر وولاه الملك برقوق بعض الأعمال، وبعد ذلك اعتزل الدولة وجلس في بيته لتدريس طلابه وتأليف الكتب.
نستطيع بكل فخر أن نَعُدَّ أنَّ ابن خلدون هو مؤسس علم الاجتماع والكاتب الأول في مجالاته، كما أنَّه كتب في المنطق والحساب والتاريخ وفي طباع الناس والعوامل الخارجية التي تؤثر في طباعهم وأفعالهم.
امتلك ابن خلدون المؤهلات الرئيسة العملية والنظرية التي تجعله مؤرخاً متكاملاً على الرغم من أنَّه في بداياته لم يُعطِ التاريخ أي اهتمام، فهو لم يراقب الأحداث التاريخية مثل سائر المؤرخين؛ بل إنَّه كان صانعاً رئيساً لتلك الأحداث والوقائع خلال مدة طويلة من حياته العملية تجاوزت 50 عاماً، ومن أشهر مؤلفاته: "المقدمة" و"تاريخ ابن خلدون" و"شفاء السائل وتهذيب المسائل" و"لباب المحصل في أصول الدين".
ابن بطوطة:
الرحالة الأشهر في التاريخ العربي ولُقِّب بأمير الرحالة المسلمين، فقد قطع في أسفاره ما يقارب الـ 120 ألف كيلو متر، وهي مسافة لم يقطعها أحد حتى ظهر النقل الميكانيكي بعد موته بما يقارب الخمسة قرون.
كان ينظم الشعر ويمدح الملوك ويستعين بالمال الذي يكسبه من ذلك على أسفاره ورحلاته، وقد طاف بلاد العالم الإسلامي قاطبةً، وكتب وأرَّخ للكثير من الدول والمدن والملوك والشعوب والعادات والتقاليد.
كتب كتابه الأشهر "رحلة الأنظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" الذي يُطلق عليه "رحلة ابن بطوطة" وقد وصف فيه رحلته وأسفاره، وتحدث عن الشعوب كلها عن أهلها عن العامة والحكام والثقافة، ووصف ما كانوا يرتدون من ملابس، ولم يغفل أنواع الطعام والأغذية المتنوعة وطريقة طهيها، وقد أنفقَ ما يقارب الثلاثين سنة من عمره في الترحال بين بقاع العالم، وتُرجمت كتبه إلى الكثير من لغات العالم كالإنكليزية والفرنسية والإسبانية.
ياقوت الحموي:
اسمه شهاب الدين ياقوت بن عبد الله الحموي، عاش في مدينة بغداد طوال حياته ولكنَّه تنقَّل إلى بلدان كثيرة وكتب عنها في كتابه الشهير "معجم البلدان" الذي تُرجِم إلى الكثير من اللغات.
كانت خبرة ياقوت الحموي في الترحال والمتاجرة بفضل مرافَقةِ سيِّده عسكر إلى الكثير من بقاع الأرض المختلفة، وكان يزور في أسفاره جزيرة قيس والشام ومصر وجزيرة العرب.
عندما أصبح ياقوت الحموي حراً ترك العمل عند مولاه عسكر وبدأ عملاً جديداً وهو استنساخ الكتب بفضل اطِّلاعه على فنون الخط والنسخ، وكان يبيع نسَخه في مدينة بغداد، وعندما توفِّي عسكر عاد ياقوت ليجده قد ترك له ثروة صغيرة.
"معجم البلدان" و"معجم الأدباء" هي أشهر مؤلفات الكاتب ياقوت الحموي.
طه حسين:
عميد الأدب العربي وأحد أشهر الكتاب على الإطلاق، كان واسع المعرفة والاطلاع، وتُعَدُّ كتبه في الأدب العربي والشعر من أشهر الكتب التي درستها معظم كليات الوطن العربي.
اسمه طه حسين علي بن سلامة واشتهر بطه حسين، وكان أديباً وناقداً ومؤسساً رئيساً للحركة الأدبية الحديثة، وقد كان ضريراً وما زالت آراؤه مثار جدل ونقاش حتى هذا اليوم.
كتب قصة حياته في رواية أسماها "الأيام" وتُعَدُّ من أشهر كتبه، وقد وضعها في ثلاثة أجزاء، كما ألَّف كتاباً في الشعر الجاهلي وعلى هامش السيرة وكتاب مستقبل الثقافة في مصر.
درس في جامعة الأزهر وبعدها انضمَّ إلى الجامعة الأهلية ونال شهادة الدكتوراه في عام 1914، وبعدها رحل في بعثة إلى فرنسا ليكمل تحصيله الدراسي، وعندما رجع إلى مصر عمل مدرساً لمادتي التاريخ واللغة العربية.
تقلَّد منصب عميد كلية الآداب وبعدها رئيساً لجامعة الإسكندرية وعُيِّن وزيراً للمعارف.
نجيب محفوظ:
الأديب العربي الوحيد الذي نال جائزة نوبل للآداب عن مجموع أعماله الأدبية، وقد تم التنويه خاصةً إلى رواية "أولاد حارتنا" في أثناء تسلُّمه الجائزة، يُعَدُّ من أشهر الروائيين العرب إن لم يكُن أشهرهم، وكتب الكثير من الروايات ونصوص الأفلام والقصص القصيرة.
اسمه نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا والمعروف بنجيب محفوظ، وُلِد عام 1911 وتوفِّي عام 2006، وقد بدأ حياته الأدبية بالمقالات الفلسفية التي كان ينشرها في المجلات الدورية، وبعدها شرع في تأليف الروايات التي أخذت صيتاً واسعاً في الوسط الأدبي، مثل "الثلاثية" و"ثرثرة على النيل" و"عبث الأقدار" و"كفاح طيبة" و"الكرنك" و"حكايات حارتنا" و"خان الخليلي"، والأشهر طبعاً رواية "أولاد حارتنا" التي تعرَّض بسببها إلى محاولة اغتيال كادت أن تودي بحياته وأقعدته فترة زمنية كبيرة عن الكتابة.
حنا مينه:
من أشهر الأدباء والروائيين السوريين ويُعَدُّ مع نجيب محفوظ أشهر الكتَّاب العرب عالميَّاً، وهو صاحب المقولة الشهيرة: "الرواية ديوان العرب"، يُطلق عليه بعض الأشخاص مَنجَم الشخصيات المتنقل، يتَّسم أسلوبه بالبساطة والعمق واللغة السلسة، وتتعلق معظم رواياته ببيئته التي نشأ فيها، وهي سواحل لواء اسكندرون واللاذقية.
يتَّسم أسلوب حنا مينه بالواقعية الاجتماعية، فقد كان كاتباً ملمَّاً بالبيئة التي يعيش فيها وفي تفاصيلها وخباياها، وكتب عن الفقر والتهجير والحب والظلم، وكتب عن جميع الحالات الإنسانية التي كان يعاني منها مجتمعه.
ساهم في تأسيس اتحاد الكتاب العرب وكان له دور هام في النهضة الأدبية السورية، ومن أشهر مؤلفاته "المصابيح الزرق" و"الشراع والعاصفة" و"الأبنوسة البيضاء" و"نهاية رجل شجاع" التي تحولت إلى مسلسل تلفزيوني شهير.
عبد الرحمن منيف:
كاتب سعودي كان له الفضل في نشر أدب الجزيرة العربية وتاريخها وعاداتها في العالم العربي، وكان خبيراً اقتصادياً وكاتباً محدثاً، ويُعَدُّ من أشهر الكتاب العرب في القرن العشرين.
عمل في مهنة الصحافة عندما اتَّجه إلى بيروت وكتب لمجلة البلاغ اللبنانية، وأصدر وقتها أول كتاباته "الأشجار" "واغتيال مرزوق" في نفس السنة، وبعدها انتقل وعاد ليعيش في بغداد، وتولى منصب التحرير في مجلة النفط والتنمية العراقية، وبعدها ترك العمل في الصحافة وكتب المقالات فقط، ثم انتقل إلى فرنسا وأصبح متفرِّغاً لكتابة رواياته ومؤلفاته الأدبية وكذلك بعض المؤلفات الاقتصادية والسياسية.
عاش قسماً كبيراً من حياته في مدينة دمشق وتوفي ودُفن فيها، ومن أشهر مؤلفاته "مجموعة مدن الملح" وهي تصنَّف كواحدة من أهم الروايات العربية قاطبةً، تتألف من خمسة أجزاء بتعداد قريب من الألفين وخمسمئة من الصفحات، وتتحدث عن بدايات اكتشاف النفط في شبه الجزيرة العربية والتطورات السريعة التي بدأت على الحياة فيها منذ بدايات القرن العشرين، وتُعَدُّ مدن الملح تصويراً تاريخياً بارعاً لهذه الفترة من الزمن.
جبران خليل جبران:
الأديب اللبناني العالمي الغني عن التعريف، والذي كتبَ مؤلفاته باللغتين العربية والإنكليزية.
فيلسوف وكاتب وشاعر ورسَّام ونحَّات وُلِد في متصرفية جبل لبنان التابعة إلى سوريا في العهد العثماني، وهاجر عندما كان صغيراً إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتلقى تعليمه فيها؛ لذلك هو يُعَدُّ عميداً للأدب المهجري، وقد اتَّسم أسلوبه بالرومانسية والرمزية ويُعَدُّ من قادة ثورة الأدب العربي الحديث.
صدر كتابه الأشهر "النبي" عام 1923، وهو المثال الواضح عن خيال جبران خليل جبران القوي والعميق، وقد حصل هذا على شهرة واسعة في أنحاء العالم، وقد تُرجِمَ كتاب النبي إلى ما يقارب الـ 100 لغة منها الكورية والصينية.
مات جبران في عمرٍ صغيرٍ نسبياً في مدينة نيويورك عام 1931 وقد كان يبلغ من العمر 48 عاماً، وتوفي بسبب السِّل ومرض تَليُّف الكبد، وقد دُفِن في لبنان عام 1932، بعدما نُقل جثمانه إليها، ويُعرَف مكان دفنه حالياً باسم "متحف جبران".
في الختام:
كانت هذه لمحة عن أشهر الكتَّاب والأدباء العرب وأهم مؤلفاتهم عبر السنوات الماضية وحتى العصر الحالي، ولقد اخترنا منهم من ترك بصمات واضحة على ملامح الأدب العربي، وما يزال تاريخنا وحاضرنا ذاخرين بأسماء تنافس الغيوم في السمو والرفعة.
أضف تعليقاً