هل يمكن لارتفاع سكر الدم أن يتطور إلى مرض السكري؟

أظهرت دراسة جديدة أنَّ كبار السن المصنفين على أنَّهم مصابون بمقدمات السكري، بالاعتماد على ارتفاع طفيف في مستوى السكر في الدم، لا يصابون عادةً بمرض السكري الكامل.



الأطباء ومرض السكري:

وبينما ما يزال الأطباء يعدُّون مقدمات السكري مؤشراً مفيداً للتنبؤ بخطر الإصابة بمرض السكري لدى الشباب والأشخاص البالغين في منتصف العمر، إلا أنَّ الدراسة التي تابعت ما يقرب من 3500 شخصاً من كبار السن، متوسط أعمارهم 76 عاماً، ولمدة ستة أعوام ونصف العام تقريباً، تشير إلى أنَّ مقدمات السكري ليست علامة تنبئ بخطر الإصابة بمرض السكري لدى الأشخاص الأكبر سناً.

تقول "إليزابيث سليفين" (Elizabeth Selvin)، الأستاذة في "قسم علم الأوبئة في جامعة جونز هوبكنز" (Johns Hopkins) والمؤلفة الرئيسة لورقة البحث، التي نُشِرَت في مجلة "جاما إنترنال ميدسين" (JAMA Internal Medicine): "تُشير النتائج التي توصلنا إليها، إلى ضعف احتمالية الإصابة بمرض السكري الكامل بالنسبة إلى كبار السن الذين يعانون من ارتفاع مستويات السكر في الدم، ممَّن هم ضمن نطاق الإصابة بمقدمات مرض السكري.

كما توصلنا من خلال البحث إلى أنَّ تشخيص الإصابة بمرض السكري لا يُعَدُّ دليلاً مفيداً للتنبؤ بحدوث مرض السكري في المستقبل لدى كبار السن؛ لذلك يجب على الأطباء البحث عن مؤشرات أخرى تتعلق بالعادات التي يتبعها كبار السن، وعوامل الخطر الأساسية، مثل التدخين وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول".

إقرأ أيضاً: لماذا يفعل الأطباء ذلك؟

مرض السكري من النوع 2 في الولايات المتحدة الأمريكية:

يؤدي مرض السكري من النوع 2 إلى ارتفاع مزمن في مستوى الجلوكوز في الدم؛ وهذا يسبب إجهاداً لأعضاء الجسم، بما في ذلك الكلى، ويضعف جهاز المناعة، ويسبب ضرراً للأوعية الدموية، ويزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية بالإضافة إلى أمراض أخرى.

ارتفع معدل الإصابة بمرض السكري من النوع 2 في الولايات المتحدة (USA) من 1% في خمسينيات القرن الماضي إلى أكثر من 7% في إحصائيات اليوم. ويظن الباحثون أنَّ الرقم الفعلي لنسبة الإصابات، بما في ذلك الإصابات غير المُشخَّصة، يزيد على 12%؛ إذ تعود أسباب هذه الزيادة الحادة لشيخوخة السكان في الولايات المتحدة، وازدياد معدلات السمنة وارتفاع الوزن.

ينظر الأطباء إلى مقدمات السكري والارتفاع غير الطبيعي في مستويات الجلوكوز في الدم، والذي لم يصل بعد إلى مستوى الإصابة بالسكري، كمؤشرين على ارتفاع خطر الإصابة بمرض السكري لدى الأشخاص ذوي الأعمار الصغيرة ومتوسطي العمر، ولكن بالنسبة إلى الأشخاص الأكبر سناً والذين يبلغون 70 عاماً وما فوق، لم تكن هذه المؤشرات مفيدة جداً؛ إذ تقول "سليفين": "من الشائع جداً أن يعاني كبار السن من ارتفاع طفيف في مستويات الجلوكوز في الدم، ولكن مدى احتمالية تقدُّم الحالة إلى إصابة حقيقية بمرض السكري، فهذا ما لم يُكتَشف بعد".

إقرأ أيضاً: لا حاجة للأنسولين بعد اليوم

من مقدمات السكري إلى مرض السكري:

للحصول على تصوُّر أوضح حول الكيفية التي تتطور بها حالة مقدمات السكري لدى كبار السن، لجأت "سليفين" وزملاؤها إلى دراسة مخاطر الإصابة بتصلب الشرايين في المجتمعات.

وقد موَّلَ هذا المشروع الشامل الذي ينصب على دراسة الأوبئة "المعهد القومي للقلب والرئة والدم في الولايات المتحدة" (National Heart, Lung, and Blood Institute)؛ إذ تضمنت الدراسة مشاركين من السكان البيض وذوي البشرة الملونة، وشمل نشاط هذا المشروع أربعة مراكز طبية، بما في ذلك مركز "جونز هوبكنز" منذ عام 1987.

وفي إطار التحليل لحالة ما قبل الإصابة بالسكري، اختار الباحثون 3412 مشاركاً قاموا بزيارة للمعهد بين عامي 2011 و2013 حيث كان المشاركون يبلغون من العمر آنذاك بين 71-90 عاماً، ولم يكن لديهم وقتها أيُّ تاريخ من الإصابة بمرض السكري.

وفي زيارة أخرى للمركز قام بها المشاركون بين عامي 2016 و2017، نظر الباحثون في كيفية تغير قياسات مستويات الجلوكوز في الدم. وكما توقع الباحثون، فإنَّ مقدمات السكري، والتي تم التعرف إليها وفقاً لآليتين مختلفتين في قياس سكر الدم، كانت شائعة جداً لدى المشاركين في اختبار الفترة بين عامي 2011 و2013.

ووجدوا أنَّ الأشخاص الذين شُخِّصت إصابتهم بمقدمات السكري من خلال فحص ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم بعد الصيام مدة ليلة كاملة، يمثلون 59% من العينة الأولية (بين عامي 2011-2013)، أمَّا الأشخاص الذين يعانون من مقدمات السكري التي تم تحديدها من خلال اختبار هيموغلوبين السكري، فيمثلون 44% من العينة الأولية.

وعلى الرغم من استعمال آليتين مختلفتين للقياس، فقد أظهرت النتائج أنَّ أعداداً قليلة فقط من المشاركين الذين شُخِّصَت إصابتهم بمقدمات السكري بين عامي 2011 -2103، قد أصيبوا بمرض السكري بين عامي 2016 -2107؛ إذ كانت النسبة 8% من المرضى الذين حدد اختبار جلوكوز الدم إصابتهم بمقدمات السكري، و9% من الأشخاص الذين شُخِّصَت إصابتهم بمقدمات السكري من خلال اختبار هيموغلوبين الدم.

من جهة، فإنَّ 44% من مجموعة اختبار جلوكوز الدم و13% من مجموعة اختبار الهيموغلوبين، قد تحسنوا بدرجة ملحوظة بين العامين 2106 و2017 بحيث عادت نتائج اختباراتهم إلى المعدل الطبيعي.

بينما توفي 16% من المجموعة الأولى و10% من المجموعة الثانية لأسباب أخرى غير السكري، بحلول موعد الزيارة الثانية للمعهد في عامي 2016 و2017.

شاهد بالفيديو: 8 أسباب تقف وراء الإصابة بداء السكري

الأهمية للتركيز على تحسين نمط الحياة:

تُظهر النتائج أنَّ كبار السن المصابين بمقدمات السكري في فترات متباعدة، مثل النماذج التي تناولَتها الدراسة السابقة، يكونون أكثر قابلية لانخفاض مستويات السكر في الدم، أو الموت لأسباب أخرى غير السكري، بينما تقل احتمالية تطور حالتهم إلى مرض السكري.

تقول "سليفين": "يبدو أنَّ مقدمات السكري لدى كبار السن ليست مؤشراً يمكن الاعتماد عليه للتنبؤ بتطور الحالة إلى مرض السكري".

كما قالت "ماري روني" (Mary Rooney) طالبة ما بعد الدكتوراه والمشاركة في الدراسة: "إنَّ النتائج التي توصلنا إليها تدعم النصائح الطبية القائلة بضرورة الاهتمام بتحسين نمط الحياة، بما في ذلك التمرينات الرياضية والنظام الغذائي لدى كبار السن المصابين بمقدمات السكري؛ إذ إنَّ هذا التوجه الصحي له فوائد كبيرة على كبار السن".

توصي "سيلفين" وزملاؤها، أنَّه بالنسبة إلى كبار السن، يجب على الأطباء تركيز جهودهم في الفحص على عوامل الخطر، مثل ارتفاع ضغط الدم، والتي تكون أكثر فائدة في التنبؤ بالمرض والوفيات بين هذه الفئة من السكان.

المصدر




مقالات مرتبطة