هل يُعد مكان العمل السعيد أحد قيمك الأساسية؟

"الجميع يسألني دوماً إذا كانوا يستطيعون الانتقال إلى قسمي، وعندما أسألهم عن السبب، يقولون لي: يبدو أنَّكم تستمتعون كثيراً معاً، إنَّه يبدو قسماً ممتعاً وسعيداً".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "رون توماس" (Ron Thomas)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية توفير مكان عمل سعيد.

فهذا الكلام أخبرتني به زميلةٌ لي في قسم الموارد البشرية قبل بضعة أشهر، وكذلك تحدَّثنا عن بعض الأقسام التي تبدو كأنَّها في حداد، التي لا أحد يبتسم فيها، وكل شخص لديه ذلك الوجه الحزين، ويبدو بوضوحٍ أنَّه لا يريد أن يستمر في العمل هناك.

هذا الأمر يظهر أيضاً على بعض المديرين الذين نراهم في قسمنا، والذين يقولون إنَّه يبدو "قسماً سعيداً"، فموظفوهم يحبونهم، ويتعاملون معهم بصفتهم زملاء أكثر من كونهم مديرين.

لقد تذكرت كل هذا في الأسبوع الماضي، عندما سمعت أنَّ حكومة "دبي" (Dubai) قد استحدثت منذ مدة منصب "وزير دولة للسعادة"، وكان الهدف المعلن هو أنَّ هذه الإدارة ستنسق وتُوجِّه سياسة الحكومة لنشر الخير والرضى الاجتماعي.

مدينة سعيدة تعني مكان عمل سعيد:

ستعقد جمعية الموارد البشرية التابعة لحكومة "دبي" اجتماعاً في شهر نيسان/ أبريل؛ وذلك لمناقشة تجربة "يوم واحد من التعليم"، يحضره اختصاصيو الموارد البشرية في الوكالات الحكومية، وأنا متحمِّسٌ جداً لاختياري بصفتي متحدثاً رئيساً في هذا الحدث الجليل، وموضوع حديثي هو: "مدينة سعيدة يعني مكان عمل سعيد".

هذا النوع من المبادرات القادم من الحكومات، أمرٌ موجود لكن لم يُسمَع به، وهو ليس أمراً غريباً، فتوجد حكومات أخرى فعلت ذات الشيء في الماضي؛ ففي عام 2013، أعلن الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادورو" (Venezuelan President Nicolas Maduro) عن تعيين "نائب وزارة للسعادة الاجتماعية العليا".

وكانت المهمة المعلنة هي أنَّ هذه الحكومة المثالية ستنشر أكبر قدر من السعادة البشرية، واتبعت "الإكوادور" (Ecuador) القريبة منها سياسة مماثلة في نفس العام، وأنشؤوا نسخة خاصة بهم سُمِّيَت بما معناه "العيش الجيد" أو "الرفاه"، وإنَّني أحيي هذا النوع من الجهد.

شاهد بالفديو: 9 فوائد للمرح في العمل

القيم الأساسية:

بصرف النظر عما إذا كنت تعمل في منظمة خاصة أو حكومية، يجب أن تكون هناك رؤية لكيفية قيامك بعملك، وهذا المبدأ التوجيهي هو من القيم الأساسية للمنظمة؛ فالمعتقدات الأساسية والمبادئ التوجيهية هي التي تملي السلوك والعمل، كما أنَّ القيم الأساسية هي ما تدعم الرؤية، وتشكل الثقافة، وتعكس ما تُقدِّره الشركة؛ فهي جوهر هوية المنظمة أو المبادئ أو المعتقدات أو الفلسفة الكامنة وراء القيم.

وتركز العديد من المنظمات على الكفاءات الفنية، لكن في كثير من الأحيان تنسى ما هي الكفاءات الأساسية التي تجعل منظمتهم تعمل بسلاسة؛ إذ إنَّ إنشاء قيم أساسية قوية يوفر مزايا داخلية وخارجية على حد سواء.

فيما يأتي بعض الجوانب التي تساعد فيها هذه القيم المؤسسات:

1. مساعدة الشركات في عمليات صنع القرار:

على سبيل المثال، إذا كان المبدأ الذي يرشدك هو تقديم خدمة مميزة، فإنَّ ذلك سيحدد إطار أي تفاعل مع العميل؛ إذ تتضمن قيم فندق "ريتز كارلتون" (The Ritz-Carlton core values) الأساسية "التزاماً لا يتزعزع بتقديم الخدمات"، سواء في الفنادق أم في مجتمعاتنا، وهذا إطارٌ يحدد شكل عرض القيمة الذي يقدمونه.

إقرأ أيضاً: لماذا لا يستطيع القادة اتخاذ قرارات عقلانية؟

2. تعريف العملاء الحاليين والمحتملين إلى الشركة وتوضيح هوية المؤسسة:

يُعَدُّ وجود مجموعة من القيم الأساسية المحددة التي تتحدث إلى الجمهور، خاصةً في هذا العالم التنافسي المتغير باستمرار، ميزة تنافسية قصوى.

3. الاحتفاظ بالموظفين المميزين وتعيين موظفين موهوبين:

لم تعد المنظمات تحتل مركز القيادة عندما يتعلق الأمر بهويتها؛ فالموظفون الأذكياء يبحثون عن المنظمات التي يمكنهم التأقلم معها، والذين يبحثون عن عمل يؤدون واجبهم أيضاً بالاستعلام عن هويات الشركات التي يتقدمون بطلبات للعمل لديها، ويقيِّمون ما إذا كانت هذه الشركات تتمسك بالقيم التي يَعُدُّها هؤلاء الذين يبحثون عن العمل هامة أم لا.

إقرأ أيضاً: ما هي أسرار السعادة في العمل؟

مقاس واحد لا يناسب الجميع:

المشكلة اليوم هي أنَّ العديد من المنظمات ترتكب خطأ انتقاء القيم الأساسية عشوائيَّاً، وتحاول أن تعدِّلها لتناسب ثقافتها؛ فعندما تزور المواقع الإلكترونية للشركات تجد أنَّ قيمها الأساسية قد انتُقِيَت جميعاً من قاموس المفردات نفسه أو عشوائيَّاً على سبيل التجريب، ومع ذلك، فإنَّ القيم الأساسية لا تتعلق "بمقاس واحد يناسب الجميع" أو "بأفضل الممارسات".

صحيحٌ أنَّه يمكنك أن تتمسك بنفس القيم الأساسية التي يتمسك بها منافسوك، لكن بشرط أن تكون هذه القيم حقيقية بالنسبة إلى شركتك وموظفيك، ويجب أن تكون مصممة لك تصميماً جيداً؛ وبعبارة أخرى، يجب أن تكون ملائمة لك؛ لذا في حين أنَّ بعض المشككين قد نظروا إلى هذه المبادرة الحكومية في "دبي" بشأن استحداث منصب وزير سعادة على أنَّها مجرد نوع من المبادرة الجيدة، إلَّا أنَّني أحييهم على اتخاذ هذا التوجه.

إذا ذهبت يوماً إلى قسم حكومي وقُوبِلتَ باللامبالاة، فسيكون اللقاء ممتعاً أكثر لو تم التعامل مع الأمر تعاملاً إيجابياً، وهذا ينطبق على القطاع الخاص أيضاً، فإذا ذهبت إلى أي منظمة يمكنك أن تحصل على نفس النوع من اللامبالاة؛ واللامبالاة تعني الاستسلام، فإذا لم تفعل شيئاً بصفتك قائداً في شركة ما لمعالجة المجالات التي تثير المشكلات، فأنت ترسل رسالة "تقبُّل" لكيفية سير الأمور.

وفي النهاية، سواء كانت كياناً حكومياً، أم خاصاً، أم عامَّاً، فإنَّ الناس يريدون المشاركة، سواء بصفتهم عملاء أم عمَّال؛ فالأمر لا يختلف أينما كنت.

المصدر




مقالات مرتبطة