هل يستثمر القادة أوقاتهم في الجوانب الخاطئة؟

يقضي القائد العادي ما بين 20 إلى 25 ساعة في الأسبوع في اجتماعات العمل، وكما يلاحظ مؤلف كتاب "حكمة الحشود" (The Wisdom Of Crowds) "جيمس سورويكي" (James Surowiecki) فقد تضاعفت مدة الاجتماعات منذ الستينيات، وللأسف، كلما طال وقت الاجتماع، قلَّت فاعليته.



لكنَّنا لسنا بصدد الحديث عن الوقت المهدور في الاجتماعات الطويلة؛ إنَّما عن تكلفة تضييع الوقت والفرص البديلة في تلك الأثناء، في حين يقضي القادة نصف أسبوعهم في الاجتماعات، فهم يَغفلون عن أداء كثيرٍ من الأمور التي ستعود بفائدة كبيرة؛ إذ يمكن عقد اجتماعاتٍ شخصية موجَّهة لكل موظف بعينه بما يزيد الإنتاجية ويضمن استثمار الوقت.

وَفقاً لدراسة قام بها موقع "ليدرشيب آي كيو" (Leadership IQ) بعنوان "مقدار الوقت الأمثل مع المدير"، التي تشير إلى أنَّ معظم الناس لا يقضون سوى نصف معدل الساعات اللازمة مع المدير؛ أثَّر التواصل مع المدير بالشكل المطلوب، الذي يبلغ نحو ست ساعات في الأسبوع في أداء الموظفين، وزاد الإلهام بنسبة 29%، وطوَّر مهارات التواصل بينهم بنسبة 30%، كما أصبح الموظفون مبتكرين بنسبة 16%، وزادت دوافعهم الداخلية للعمل بنسبة 15%، من أولئك الذين يقضون ساعة واحدة فقط في الأسبوع.

يشعر الموظف بالتقدير والإلهام والرغبة في الابتكار عند قضاء الوقت في اجتماع شخصي مع القادة، وقد يرُدُّ أحد القادة قائلاً: "لكنَّني أقضي مقداراً لا بأس به من الوقت مع موظفيَّ خلال اجتماعاتنا"، فنرد عليه بأنَّ المقصود هو الاجتماعات الفردية والموجَّهة لكل فردٍ في المنظمة على حدة.

قد يفقد الوقت الذي يقضيه القائد في الاجتماعات العامة قيمته بسبب التشتت بين الأشخاص؛ إذ يسير الاجتماع بآلية سريعة لا تولي الاهتمام اللازم لكل فردٍ على حدة؛ على سبيل المثال: عندما يهيمن أحد الأفراد ذوي الصوت العالي الجهور على الحديث، فسيدرك الأفراد الأكثر هدوءاً حينها نفاد فُرصِهم في الحديث والتعبير، وهذا يؤكد أنَّ القائد لا يملك أدنى فكرة عن فريقه.

لذا يُنصَح بتبديل الاجتماعات العامة إلى لقاءاتٍ فردية، للحصول على نتائج وتأثير في إنتاجية الموظف، وتختلف نسبة الاجتماعات العامة إلى الاجتماعات الشخصية من شركةٍ لأخرى، لكن للتأكد، يمكن طرح استطلاع على الموظفين لتقييم مقدار فائدة الاجتماعات.

يجزم بعضهم أنَّ ثلث الاجتماعات ستحصل نتيجة هذا الاستطلاع على نقاطٍ منخفضة إن لم يكن معظمها، وبهذا نحدد الاجتماعات التي تستنزف طاقة ووقت الموظفين ولا تعود عليهم بأي فائدة، كما يجب توضيح محاور النقاش مع الموظف في الاجتماع الفردي، لاستثمار الوقت واغتنام الفرص.

إليك اقتراحاً: في دراسة قام بها موقع "ليدرشيب آي كيو" (Leadership IQ) أعرب 27% من الموظفين فقط عن تشجيع قائدهم الدائم لهم، وتقدير اقتراحات التحسين التي يقدِّمونها، وعلى النقيض من ذلك، فقد أبلغ 27% آخرون من الموظفين عن ندرة أو انعدام تقدير المديرين لأي اقتراحات تحسين يقدِّمونها، كما يُعَدُّ اتباع القادة أسلوباً صارماً في التوجيه مشكلةً تضعف العلاقة والأداء مع الموظفين.

شاهد: 6 خصال تميز القادة الفعالين

لم يقتصر تأثير تقدير الأفكار الجديدة على كونه المحركَ الرئيس للابتكار، لكنَّه محركٌ رئيس لمشاركة الموظفين أيضاً، فكلَّما شجَّع القائد اقتراحات التحسين وقابلها بالتقدير، بذل الموظف قصارى جهده في العمل؛ لذا من الضروري بصفتك موظفاً وعضواً فعالاً في الشركة أن تقتنص الفرصة لطرح أفكار التحسين الجديدة في الاجتماعات الفردية مع القادة.

يمكن للموظف طرح فكرته بعشرات الطرائق المختلفة، لكن عليه أن يختار طريقة سهلة كطرح سؤال سهل تمهيداً لفكرة ستساهم في تطوير القسم؛ وبهذا يحقق هدفه ويُشعِر القادة بالراحة للاستماع لأفكاره الجديدة وقبولها.

إقرأ أيضاً: ما هي العيوب التي يجب أن يتفاداها القادة؟

قد يصعب على القائد استيعاب قائمة من الأفكار في البداية، لكن يمكن لمعظم القادة التعامل مع فكرة واحدة عن كيفية تحسين القسم، وفي حال قاوم القائد قبول أي فكرة تحسينية، سيعني هذا أنَّه قائد غير ناضج، يحتاج إلى مزيد من الكوتشينغ والتطوير.

إذا ضربت موجةُ الاستقالات الجماعية الشركةَ، فإنَّ قدرتك على الاحتفاظ بأفضل الموظفين لن تكون مرهونة بتطبيق بعض الاستراتيجيات على مستوى المنظمة، ولكنَّ العمل على تطوير كل قسمٍ على حدة هو ما سيُكسب القادة الرهان بضمان ثقة وولاء موظفيهم، وبدلاً من أن يقضي قادتكم وقتهم في الاجتماعات التي يكرهها الجميع بطبيعة الحال، يمكن أن يتعلَّموا تخصيص وقتٍ أكبر للاجتماعات الفردية ذات القيمة العليا.

المصدر




مقالات مرتبطة