هل يؤثر ترتيبك بين أشقائك على بناء شخصيتك في المستقبل؟

هل أنت البكر أم الطفل الأوسط أم الصغير المدلل في عائلتك؟ وهل أنت متفوق أم صانع سلام أم متمرد ومثير للمتاعب والمشكلات؟ وهل خطر في بالك يوماً أنَّ ترتيبك بين أفراد أسرتك يمكن أن يؤثر في شخصيتك وسلوكك ونظرتك إلى العالم؟ يَعُدُّ بعض الباحثين وعلماء النفس ترتيب الأولاد واحداً من أقوى العوامل المؤثرة في بناء الشخصية، إلى جانب العوامل الوراثية والجنس وأنماط التربية والبيئة المحيطة.



الطفل البكر، غرور أعلى وقلق أقل:

إضافةً إلى ذلك، أكدت بعض الدراسات فكرة أنَّ ترتيب الطفل بين إخوته له علاقة قوية بتكوين الشخصية؛ إذ أظهرت دراسة أُجريت عام 1968 أنَّ المواليد البكر أقل ميلاً إلى المشاركة في الرياضات الخطرة - مقارنةً مع المواليد الأصغر- بسبب الخوف من الإصابة الجسدية، كما أُجريت دراسة عام 1980 شملت 170 أنثى و142 طالباً جامعياً أظهرت قلقاً أقل وغروراً أعلى عند المواليد البكر.

الطفل البكر، صانع الإنجازات:

يميل الأطفال الأكبر سناً بين إخوتهم إلى أن يكونوا متفوقين وقادة، وقد يكونون مسيطرين ومتسلطين، ومن المرجح امتلاكهم القدرة على تحمُّل المسؤولية، ويسعون دائماً إلى الحصول على القبول والمديح، وعادة ما يكونون مثاليين، وينخرطون مع أولاد آخرين أكثر من أشقائهم.

ما هي الصفات العامة للطفل البكر؟

يميل الطفل البكر إلى أن يكون:

  1. متفوقاً.
  2. كمالياً.
  3. مسؤولاً.
  4. مخططاً ناجحاً.
  5. قوياً.
  6. حامياً لإخوته.

الطفل الثاني أو الأوسط، صانع السلام:

من المرجح أن يكون الأطفال المتوسطون صانعي السلام في الأسرة، ويجدون مهارات التفاوض وأكثر استعداداً للسير مع التيار؛ إذ إنَّهم يسعون إلى جذب الاهتمام، وغالباً ما يكون لديهم أصدقاء أكثر من الأطفال البكر للتعويض عن نقص اهتمام الأسرة.

ما هي الصفات العامة عند الطفل الثاني أو الأوسط؟

صفات مميزة عند الطفل الثاني أو الأوسط:

  1. صانع سلام.
  2. دبلوماسي.
  3. مرن.
  4. يتمتع بروح حرة.
  5. كريم وسخي.
  6. منافس.

الطفل الأصغر، الساحر الذي انتهت ولايته:

يميل الأطفال الأصغر سناً إلى أن يكونوا أكثر انفتاحاً واهتماماً بجذب الانتباه، ومع ذلك يتمتعون بإحساس أكبر بالاستقلالية، كما يتمتع الأطفال الأصغر بمستوى أعلى من الحرية، ومن ثمَّ يصبحون أكثر عرضة لتجربة أشياء جديدة والقيام بما يريدون القيام به.

ما هي الصفات العامة عند الطفل الأصغر؟

يميل الطفل الأصغر سناً إلى أن يكون:

  1. ساحراً.
  2. مجازفاً.
  3. منفتحاً.
  4. مثابراً.
  5. مبدعاً.
  6. يميل إلى التحدي.

الطفل الأصغر لديه أكثر من أبوين:

تساعد معرفة ترتيب الأولاد الآباء على فهم أفضل للأسباب الكامنة وراء تصرفات أطفالهم، فكل طفل في العائلة يخضع لطريقة تربية مختلفة؛ إذ يقول خبير الأبوة والأمومة "مايكل جروس": "يربي الآباء أطفالهم البكر تربيةً مختلفةً تماماً عن الأطفال الذين وُلدوا في وقت لاحق، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تغيُّر التركيز وتراكم الخبرة".

عندما تكون بكرياً، تكون بمفردك لفترة من الوقت، أما إذا كنت آخر طفل مولود من بين أربعة أطفال، فأنت محاط بمجموعة يعلمك كل فرد منها شيئاً جديداً؛ إذ يرى الطفل الأصغر أشقاءه الأكبر على أنَّهم آباء.

هل يمكن لترتيب الأولاد أن يكون سبباً جوهرياً في الاختلاف بين الأشقاء؟

يقول خبير الأبوة والأمومة المؤلف "مايكل جروس": "يفسر ترتيب الأولاد الاختلافات بين الأطفال داخل الأسرة؛ إذ يستغرب معظم الآباء متسائلين لماذا يختلف الأول عن الثاني كثيراً؟ قد يكونان من الجنس نفسه أو وُلدا على بعد عامين ولهما نفس الخبرة التعليمية، ولكنَّهما مختلفان مثل الطباشير والجبن".

على الرغم من تشارك الأشقاء في الجينات والبيئات، ولكنَّهم في كثير من الأحيان ليسوا متشابهين في الطبيعة كما قد نعتقد جميعاً، لكن من أين تأتي الاختلافات بين الأشقاء؟ اشتبه "ألفريد أدلر" المعالج النفسي النمساوي في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ومؤسس علم النفس الفردي في أنَّ ترتيب الأولاد يؤدي إلى اختلافات جوهرية بين الأشقاء.

تعرَّف إلى وجهة نظر "ألفريد أدلر" لترتيب الطفل بين أشقائه:

عَدَّ "أدلر" أنَّ الأولاد الكبار عصابيون؛ وذلك لأنَّهم مروا بتجربة البقاء في مركز اهتمام والديهم لسنوات ومن بعدها يتم خلعهم من العرش بمجرد ظهور الأخ، كما وجد الأطفال الأكبر سناً مطيعين وأحياناً محافظين، ووفقاً لـ "أدلر" يتمتع الأطفال الصغار بالطموح، بينما يتمتع الطفل الأوسط بوضعية مثالية في الأسرة ويتميز بالاستقرار العاطفي، وكان "أدلر" نفسه هو الثاني من بين سبعة أطفال.

لقد غيَّر ترتيب الأشقاء وجه العالم:

قام عالم النفس الأمريكي "فرانك ج. سولاوي" في منتصف التسعينيات بجرد كتب التاريخ بحثاً عن شخصيات بارزة من البكر الذين وُلدوا أولاً والمتمردين الذين وُلدوا فيما بعد، ووجد - من بين من وُلدوا فيما بعد - مفكرين وثوريين مثل "تشارلز داروين" و"كارل ماركس" و"المهاتما غاندي"، كما اكتشف - من بين البكر - قادة مثل "جوزيف ستالين" و"بينيتو موسوليني".

لماذا يغير ترتيب الأولاد من شخصية الأطفال؟

ما هو تفسير هذه الملاحظات؟ يحتل كل طفل مكانة معينة داخل الأسرة، ومن ثم يستخدم استراتيجياته الخاصة للتحكم بالحياة وإدارتها، وقد وجد الباحثون أنَّ لدى الأطفال البكر أسباباً أقل للدخول في صراعات مع ما هو سائد في المجتمع؛ وذلك لأنَّهم كانوا يتبنون نظرة آبائهم وأمهاتهم للحياة، بينما لم يكن الأشقاء الصغار واثقين بوجهة نظر والديهم، ومن ثمَّ يختارون في كثير من الأحيان مسارات بديلة في الحياة.

تحظى مثل هذه التصنيفات بشعبية لأنَّها بديهية إلى حدٍّ ما، ويمكن للمرء دائماً العثور على مثال للأخت الكبرى العقلانية أو الأخ الأصغر المتمرد في دائرة معارفه، وفي هذا السياق، ما تزال كلمات "أدلر" تظهر بانتظام في الأدلة التعليمية وتستمر في التردد في أذهان الآباء.

ما هي المآخذ على الدراسات التي تتناول تأثير ترتيب الأولاد في شخصية الطفل؟

لدى بعض الباحثين الكثير من المآخذ على هذه الدراسات؛ إذ استُخدمت فيها أساليب مشكوك بها، على سبيل المثال، غالباً ما يُطلب من أفراد ينتمون إلى العائلة نفسها تقييم أنفسهم من حيث الانفتاح على التجارب الجديدة والأخلاق والتسامح والعصابية.

الفكرة الأهم هي أنَّ هذه الاستطلاعات أُجريت في وقت واحد، لذلك فإنَّ الأشقاء الأكبر سناً لم يولدوا فقط أولاً، لكن هم أيضاً أكبر سناً وأكثر نضجاً، ومن المعروف أنَّ المراهقين يصبحون أكثر وعياً مع تقدمهم في العمر، وقد تؤثر هذه العوامل تأثيراً كبيراً في النتائج.

شاهد أيضاً: 6 طرق تساعد في التعامل مع الطفل الكاذب

هل بالغنا في التركيز على دور ترتيب الأطفال في تكوين شخصياتهم على حساب عوامل أخرى أهم؟

يقول "فرانك سبيناث" عالم النفس في جامعة "سارلاند" في "ألمانيا": "من المحتمل جداً أن يتدخل ترتيب الأخوة في تكوين الشخصية، لكن ليس في كل أسرة بالطريقة نفسها"، وبعبارة أخرى قد يكون هناك تأثير ولكنَّه ليس تأثيراً ثابتاً.

مع ذلك فإنَّ التأثيرات الأخرى لها دور أكبر عندما يتعلق الأمر بالاختلافات في شخصية الأشقاء، وإضافة إلى الجينات تؤدي البيئة دوراً محورياً أيضاً، وبالنسبة إلى الأشقاء الذين نشؤوا في العائلة نفسها، فإنَّ البيئة تشمل دائرة الأصدقاء والأقارب والجيران.

إقرأ أيضاً: 6 طرق لمعالجة الغيرة عند الأطفال

كما توجد عوامل أخرى ذاتية تختلف من عائلة إلى أخرى، فعلى سبيل المثال، لا يعامل الآباء أطفالهم بالطريقة نفسها (بصرف النظر عن ترتيبهم)؛ إذ تشير الدراسات إلى أنَّ الآباء يتفاعلون بحساسية مع المزاج العام لأبنائهم ويتكيفون مع تربيتهم وفقاً لذلك، كما وجدت بعض الدراسات أنَّه في المجمل يتمتع الأطفال البكر بذكاء أكثر قليلاً بالمقارنة مع أشقائهم الأصغر سناً، وقد يميل المولودون أولاً إلى إكمال تعليمهم بدرجة أعلى واختيار المهن المرموقة تقليدياً مثل الطب أو الهندسة.

إقرأ أيضاً: أهم المشاكل التي تعترض الأهل في تربية الابن الوحيد

في الختام:

في نهاية هذا المقال وبصرف النظر عن ترتيب أطفالك ومدى تأثير ذلك في تكوين شخصياتهم، لا تنسَ أنَّ العامل الأهم في تكوين شخصية نفسية سليمة عند طفلك هو الحب غير المشروط؛ أي لا تربط حبك لأطفالك بالعلامات أو الدرجات التي يحصلون عليها في المدرسة أو بمدى تنفيذهم لأوامرك، وأخبر طفلك على الدوام أنَّك تحبه في كل حالاته، وفي الفشل قبل النحاح، وفي اليأس قبل الأمل.




مقالات مرتبطة