هل فقد مصطلح ريادة الأعمال معناه؟
أدركتُ منذ أن بدأت العمل بشركتي الخاصة العام الماضي وأصبحت ربَّ عمل لأول مرة، أنَّ هناك العديد من الأشخاص في العالم الذين يصفون أنفسهم بأنَّهم روَّاد أعمال، ولكنَّهم ليسوا كذلك في الواقع.
ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن كارمين برونو (Carmine Bruno) والذي يُحدِّثنا فيه عن المعنى الحقيقي لكلمة رائد أعمال.
يشرح قاموس كامبريدج (Cambridge Dictionary) ببساطة معنى كلمة رائد أعمال: "هو شخص يبدأ مشروعه التجاري الخاص"، وعلى الرغم من أنَّني أعتقد أنَّها تحمل معنىً أكبر، إلا أنَّني أوافق على أنَّ هذا هو التعريف الذي يفكر فيه معظم الناس عندما يسمعون هذه الكلمة، ومع ذلك، فإنَّ بحثاً سريعاً على موقع لينكد إن (LinkedIn) يكشف عن أكثر من 380000 شخصاً يستخدمون مصطلح "رائد أعمال" في مسمى وظائفهم، لتكتشف بعدها أنَّ الكثير منهم لا يمتلكون أو حتى يديرون شركة.
أدى تجميل صورة ريادة الأعمال على مدار العقدين الماضيين في وسائل الإعلام والتلفزيون والسينما إلى ظهور أشخاص يستخدمون الكلمة هذه لوصف أنفسهم، إلا أنَّهم في الواقع يريدون أن يصبحوا روَّاد أعمال، ولكن ربما لا يمتلكون الشجاعة أو الأفكار أو رأس المال للقيام بذلك.
شاهد بالفيديو: 6 أفكار يحتاج رواد الأعمال إلى الإيمان بها حتى يحققوا أهدافهم
إحداث تأثير من خلال اتخاذ المخاطر:
وجود روَّاد الأعمال ضروري لتحقيق اقتصاد ناجح، وفي كثير من الأحيان من خلال المجازفة والمخاطرة، يعززون الابتكار، ويوفرون فرص التوظيف، ويزيدون الإيرادات في البلدان التي يعيشون فيها، ويجب أن نقدِّر جهود روَّاد الأعمال العظيمين في جميع أنحاء العالم؛ وذلك لأنَّه من دونهم لن نجد العديد من الوظائف، ولن يكون لدينا بعض من أفضل التقنيات التي نتمتع باستخدامها اليوم؛ فمن خلال تأثيرهم، يقود روَّاد الأعمال التغيير.
يؤكد قاموس ميريام ويبستر (Merriam-Webster) في تعريفه لكلمة "رائد أعمال" على أنَّه يجب بدء نشاط تجاري، إلا أنَّه يضيف أنَّه يجب أيضاً "الاستعداد للمخاطرة بالخسارة من أجل جني الأموال"، وهذا برأيي، أمر بالغ الأهمية، فرائد الأعمال ليس موظفاً مستقلاً أو مستشاراً أو شخصاً ما لديه دخل جانبي، فكل هؤلاء الأشخاص يمكن أن يصبحوا روَّاد أعمال، لكن ما ينقص هو عنصر المخاطرة.
وريادة الأعمال الحقيقية ليست لأصحاب القلوب الضعيفة، وقلة من الناس مستعدون لتحمل المسؤولية وحالة انعدام الأمان الذي يصاحب امتلاك شركة، ولا يعتمد روَّاد الأعمال على أعمالهم فقط لدعم سبل عيشهم، ولكنَّهم غالباً ما يكونون مسؤولين عن سبل عيش الآخرين أيضاً.
ومع ذلك، فإنَّ ريادة الأعمال هي أكثر من مجرد إنشاء عمل مستدام وقابل للتطوير، وأعتقد أنَّه يجب أيضاً حل مشكلة في العالم الحقيقي أو القيام بشيء بطريقة أفضل، ويتطلب هذا عادةً شغفاً وإصراراً لخوض أي مشكلة، وربما حتى القيام بأشياء لا يريد منك الآخرون فعلها.
العقلية اللازمة لريادة الأعمال:
قد تكون ريادة الأعمال عقلية يمكن لغير روَّاد الأعمال امتلاكها أو على الأقل أن يطمحوا إليها، ولكنَّها ليست موضوعاً يمكنك تدريسه، فالقدرة على التطور كقائد عبر إعداد كل تفاصيل إنشاء شركة ناشئة جديدة، ثم تشكيل رؤية شاملة طويلة الأمد، تتطلب ثباتاً وانضباطاً ومهارة كبيرين.
تحدد أهداف مؤسِّس العمل أيضاً مدى كونه رائد أعمال؛ حيث يقول الراحل ستيف جوبز (Steve Jobs): "أنا أكره أن يطلق الناس على أنفسهم اسم روَّاد أعمال عندما يكون ما يحاولون فعله حقاً هو إطلاق شركة ناشئة ثم بيعها أو طرحها للجمهور حتى يتمكنوا من ذلك، للحصول على الأموال والمضي قدماً، فهم غير مستعدين لبذل الجهد المطلوب لبناء شركة حقيقية، وهو أصعب عمل في مجال الأعمال، وهذه هي الطريقة التي تقدم بها حقاً مساهمة وتضيف إلى إرث أولئك الذين كانوا من قبل، فأنت تبني شركة ستظل قائمة لجيل أو جيلين".
بالطبع لا يتعين على كل رائد أعمال بناء شركة كبيرة مثل آبل (Apple)، لكن يجب أن يكون مدفوعاً بشيء أكبر بكثير من خطة خروج مدتها خمس سنوات، ويتضمن التعريف الأكثر حداثة لريادة الأعمال إحداث نوع من التغيير المجتمعي بالإضافة إلى كسب المال، ويمكن لأفضل روَّاد الأعمال القيام بالأمرين معاً في الوقت نفسه، لكن على الأقل، يجب أن يركزوا بشدة على جعل الحياة أفضل لعملائهم وموظفيهم والمجتمع الأوسع.
لا تقتصر ريادة الأعمال في جوهرها على مجرد ابتكار فكرة وإنشاء شركة جديدة تضيف قيمة للعديد من الأشخاص المختلفين، فعلى المستوى الشخصي، هذا يعني أيضاً تحقيق تطلعاتك وبناء حياة وفقاً لشروطك الخاصة، وقد ينسى المجتمع التعريف الحقيقي لريادة الأعمال، لكنِّي آمل ألا ينسى أبداً قيمة روَّاد الأعمال الحقيقيين.