هل سيكون العمل في بيئة واقع افتراضي (Virtual Reality) مناسب لك؟

نحن نُجري الكثير من المقابلات ونرتب المواعيد مع الأشخاص وجهاً لوجه كما جرت العادة؛ لكن ما رأيك لو جربت فعل هذه الأشياء وغيرها الكثير بطرائق غير تقليدية في عالم افتراضي يحاكي الواقع؟



قد تجد هذا الأمر غريباً عنك ومفاجئاً لك؛ لكن أصبح بمقدورك الآن الإبحار في زورق في عرض البحر (افتراضياً) وأنت جالس وراء شاشة حاسوبك!

واحدة من أبرز مستخدمي منصات الواقع الافتراضي هي "ميليسا دايملر" (Melissa Daimler)، خبيرة الثقافة التنظيمية التعاونية التي تستطيع استكشاف الثقافة التعاونية التي تسعى إلى تحقيق أهداف مشتركة، إضافةً إلى الثقافات السلبية التي تُسبِّب قلق الناس وبؤسهم من خلال البيئات الافتراضية، وقد سبق لها أن عملت عند شركات مثل "أدوبي" (Adobe) و"تويتر" (Twitter) وَ"وي وورك" (WeWork).

وها هي تتكلم عن تجربتها في الواقع الافتراضي وتشجع عليه، وتخص بذلك منصة فيربيلا (VirBELA) التي تُعدُّ أول منصة للعمل الافتراضي صُمِّمت خصيصاً للتعاون عن بعد، ساعيةً إلى إحداث ثورة في مستقبل العمل.

العالم يتغيّر من حولنا:

ببساطة، لقد حوَّلت منصة فيربيلا (VirBELA) مكان العمل إلى عالم أشبه ما يكون بلعبة فيديو، ولنوضح الفكرة أكثر؛ يمكنك تخيل هذا المكان الافتراضي على أنَّه مزيج من مكالمة جماعية ولعبة فيديو تحاكي الواقع مثل "سيكند لايف" (Second Life).

يمكن لأيٍّ كان أن يلعب هذه اللعبة، إذ تقوم فكرتها على إنشاء "صورة تشخيصية" أو رمزية (Avatar) -شخصية كرتونية أو شعار مرسوم- تتقمص شخصيته إلى جانب عدد لا يُحصى من الأشخاص، وتمارسون حياتكم من خلال تلك الشخصيات التي صممتموها لأنفسكم، وقد صُمِّم برنامج فيربيلا (VirBELA) باستخدام محرك ألعاب يونيتي (Unity)، الذي أُنشئ لغاية تجارب الواقع الافتراضي والمُعزَّز وألعابهما.

ازدهرت منصة فيربيلا (VirBELA) ازدهاراً ملحوظاً عام 2020؛ إذ أَجبرت جائحة كورونا (COVID-19) معظمَ موظفي المكاتب على العمل عن بعد لعدة أشهر، لا سيما أنَّ الشركات كانت تسعى إلى إيجاد طرائق تُحسِّن تجربة العمل عن بُعد دون أن تسبب الاحتراق الوظيفي للعاملين فيها بكثرة الاجتماعات والمواعيد والمكالمات التي تُضيِّق الخناقَ عليهم.

إقرأ أيضاً: هل يجعل فيروس كورونا تجربة العمل من المنزل مرهقة؟

كان الحفاظ على ثقافة عمل إيجابية والترابط ضمن الشركة أحد أكبر الصعوبات التي واجهتها الشركات ورؤساؤها خلال هذا العام المملوء بالأحداث التي غيرت وجه العالم؛ إذ إنَّه من الطبيعي لزملاء العمل أن يجتمعوا في أوقات استراحاتهم ويتحادثوا سوياً؛ إذ تُعدُّ تلك المحادثات العابرة ركيزةً هامةً في تعزيز الروح المعنوية ضمن الشركة؛ وهذا ما حُرمنا منه في الآونة الأخيرة.

يتيح الفضاء الشاسع لمنصة فيربيلا (VirBELA) لفئتها المستهدفة من الموظفين إنشاء عالم رقمي مطابق لبيئة العمل الخاصة بهم؛ فأصبح بإمكانهم التنقل والتفاعل مع بعضهم بعضاً في أثناء إجراء اتصال صوتي مشترك، إضافةً إلى قضاء أوقات الراحة الممتعة على يختٍ افتراضي؛ إذ جُهّز المقر الافتراضي بأثاث وأبواب لك الحرية في إبقائها مفتوحةً أو إغلاقها، وبغرف اجتماعات تتيح للمستخدِمين عقد الاجتماعات.

يقول المسؤول الرئيس عن القسم الاستراتيجي لدى منصة فيربيلا (VirBELA) "جلين سانفورد" (Glenn Sanford) أنَّه من الممكن التنقل بأريحية وسرعة بين مناطق هذا العالم الافتراضي، حيثُ يُعدُّ التجول فيه حافزاً للعمال للشعور وكأنَّهم في مكتب حقيقي.

مكتب واقع افتراضي

يقول "سانفورد" (Sanford): "في رحاب العالم الافتراضي، يمكنني أن أقضي وقتاً في مكتبي وراء طاولتي، ويمكن أن يأتي الناس إليَّ عشوائياً ويطرحوا عليَّ الأسئلة، كما يتيح لي ذلك الكثير من الفرص لألتقي بأشخاص بسرية فنناقش الأمور الهامة؛ وهذه النقطة بالتحديد في منصة فيربيلا (VirBELA) هي أكثر ما يرغب فيه الزبائن لأنَّها تتيح لهم تبادل الأحاديث العابرة غير المتاحة في تطبيقات الاجتماعات الأخرى على الإنترنت".

إضافة إلى منصبه في فيربيلا (VirBELA)، يُعدُّ سانفورد (Sanford) المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "إي إكس بي رياليتي" (eXp Realty) للوساطة العقارية التي استحوذت على منصة فيربيلا (VirBELA) عام 2018 بعد أن استخدمتها لعدة سنوات.

تفتخر شركة الوساطة العقارية هذه بأنَّها الأسرع نمواً في أمريكا الشمالية بقوىً عاملة عن بعد، إذ تضم ما يقارب 40.000 وكيلاً في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، وقد تضاعفت قيمة أسهمها أكثر من أربعة أضعاف سنوياً بدءاً من تاريخ تأسيسها.

ونظراً لأنَّ الوباء دفع مزيداً من الشركات إلى العمل عن بُعد، سارع الكثيرون إلى العثور على أفضل المنصات لموظفيهم، وقد كان لدى منصة فيربيلا (VirBELA) حوالي 20 موظفاً بدوام كامل في بداية عام 2020، لكنَّها توسعت إلى أكثر من 100 بنهاية الصيف؛ فقد شهدت الشركة زيادةً بنسبة 260 بالمئة في الإيرادات في الربع الثاني من العام مقارنة بالربع الأول، كما ازدادت قاعدة مستخدميها ستة أضعاف.

عُقد عدد متزايد من المؤتمرات والفعاليات عبر الإنترنت بسبب الوباء عبر منصة فيربيلا (VirBELA) للعالم الافتراضي؛ وتضم الشركة مجموعةً متنوعةً من الزبائن من مختلف المؤسسات؛ بدءاً من الشركات الضخمة متعددة الجنسيات مثل شركة تصنيع الهواتف إتش تي سي (HTC)، إلى جامعات مثل ستانفورد (Stanford) وأريزونا ستيت (Arizona State) الباحثة عن منصة للتعلم الافتراضي؛ إضافةً إلى الشركات الصغيرة المتكونة من أقل من 10 أشخاص.

يمكن للمستخدمين اختيار حزم مختلفة، من مكتب صغير إلى جزر كاملة قابلة للتخصيص، تضم ملاعب كرة قدم وأماكن لإقامة الحفلات الموسيقية.

ملاعب كرة قدم وأماكن لإقامة الحفلات الموسيقية بشكل افتراضي

إقرأ أيضاً: 7 تطبيقات لعقد مؤتمرات الفيديو والاجتماعات عبر الإنترنت عن بعد

خلق ثقافة حقيقة في العالم الافتراضي

كانت "دايملر" (Daimler) المستشارة في منصة فيربيلا (VirBELA) مستخدِمةً جديدة نوعاً ما، لكنَّها انضمت إلى طاقم موظفي الشركة لثقتها بأنَّها طريقة تحافظ فيها المؤسسات على ثقافتها عن بُعد.

تقول "دايملر" (Daimler): "لقد كان لهذه الأزمة أثرٌ في زيادة الممارسات التي ينبغي لنا القيام بها على أي حال في العمل، وفي ظنِّي أنَّ استجابة الناس تختلف بين تعزيز ثقافتهم أو تهديمها".

لكن لا تستغرب عند العمل على منصات العالم الافتراضي أن يدخل إليك شخص تائه فاقد السيطرة على تحكمه، فقد تجد أنَّ هذا التصرف ينم عن وقاحة في العالم الحقيقي؛ لكنَّك ربما تتقبله برحابة صدر في العالم الافتراضي.

وأغرب ما في الأمر أنَّك على الرغم من عدم مقابلتك زملاءك في العمل وجهاً لوجه؛ لكن يمكن لأواصر الصداقة أن تتوطد بينكم، كما تفرض عليك مكالمات الفيديو الجماعية شعوراً بإدراك الذات؛ لكن ليست هذه طبيعة الحال دوماً في الفضاء الافتراضي.

هذا هو ما يرغِّب الشركات التي تبحث عن طرائق لإبقاء موظفيها مرتاحين ومنتجين في العمل عن بُعد، وبذلك يتمكن العامل المرتاح الحر بتصرفاته دون قيود من إظهار إبداعه وتوظيف هذا الإبداع في العمل؛ وهذا ما يجعل منصة مثل فيربيلا (VirBELA) حاجةً ضروريةً بعيداً عن الإنترنت، خاصةً في الأعمال التي تتطلب انفتاحاً كالمبيعات.

تتابع "دايلمر" (Dailmer): "لا تنحصر ثقافة العمل ضمن جدران المكتب، وإلا أضحت ثقافةً جامدةً؛ وأنا أعرِّف الثقافة بأنَّها التفاعل بين الناس".

يُشير "سانفورد" (Sanford) إلى ملايين الدولارات التي يمكن للشركة توفيرها من خلال عدم استئجار مساحة مكتبية على أرض الواقع، كما يركِّز العميد المساعد الأقدم للتعليم التنفيذي في كلية سلون (Sloan) للأعمال التابعة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) "بيتر هيرست" (Peter Hirst) على الجانب التجريبي عند شرح الفوائد للمديرين التنفيذيين، فقد درس وعمل مع منصات افتراضية مثل فيربيلا (VirBELA) لسنوات.

يقول "هيرست" (Hirst): "كل ما عليك فعله هو تجربتها، كونها تجربة فريدة لن تعرف مزاياها حتى تجربها بنفسك، وحتى لو لم تكن متيقناً من جدواها بالنسبة إليك أو إلى عملك، يجب أن تضع في ذهنك أنَّها إحدى الطرائق التي تتفاعل من خلالها الأجيال الحالية والقادمة بعضها مع بعض. في الحقيقة، يبدو الأمر أشبه إلى حد ما بألعاب الفيديو، ولكنَّه في الواقع نمط من التفاعل يستمر عدد الأشخاص الذين يرتاحون لاستخدامه بالتزايد يوماً بعد يوم".

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لإدارة فِرَق العمل عن بعد بنجاح

هل ستكون منصات العالم الافتراضي ثورةً جديدةً في العمل أيضاً؟

لا شك أنَّ تجربة منصة فيربيلا (VirBELA) للدخول في فضاء العالم الافتراضي الرحب ممتعةً للغاية، بدءاً من تخصيص "الأفاتار" (Avatar) الخاص بك، إلى النشاطات الرياضية والترفيهية التي تُحاكي الواقع؛ وما دام أنَّها ليست مكان عمل محسوس، فلا زالت هناك شكوك حيال شعور الناس الذين يرتادونها كل يوم.

ستجد كم من الملائم عقد اجتماع شركة كبيرة في إحدى القاعات، مع إمكانية استيعاب الجميع، وإضفاء المزيد من الإحساس بالترابط أكثر ممَّا تفعله مكالمة جماعية تضم عدداً كبيراً من الأشخاص. وستقدر على حضور الاجتماعات والتركيز عليها دون الانشغال بمظهرك كما في اجتماعات الفيديو التي تُجرى عبر الإنترنت.

وإن ساورتك الشكوك إزاء حقيقة الفوائد التي تُجنى من الأعمال التجارية، فشركة "إي إكس بي" (eXp) خير مثال لشركة حقيقية تستخدم هذه المنصة؛ إذ توضح المتحدثة باسم هذه الشركة في قسم الاتصالات والتسويق كيف يستخدم وكلاؤهم المنصة للحصول على الدعم الفني وحضور الاجتماعات، وكيف بإمكانهم نقل مكان العمل من دولة إلى أخرى دون أن ينقلوا شركاتهم قيد أُنملة بفضل منصة فيربيلا (VirBELA).

قد تتعرف من خلال هذه المنصة على أشخاص يصبحون أعز أصدقائك دون أن تقابلهم في الحقيقة؛ لكنَّ تلك الصداقات لا تختلف عن نظيراتها على أرض الواقع، ومن يدري ربما تجمعكم الظروف لتوطدوا علاقتكم أكثر.

 

المصدر




مقالات مرتبطة