هل توجد مشكلة إن كنت لا تحب عملك؟

أنا أستاءُ في كل مرة أسمع بها عن شخص ناجح يقول: "يجب أن تحب عملك"، أو "يجب أن تتبع ما يقوله شغفك".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المديرة التنفيذية "باتي أزاريلو" (Patty Azzarello)، وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها مع حب العمل.

ما يثير استيائي هو أنَّهم يتحدثون عن شيءٍ لا يتوفر إلَّا لقلة قليلة من الناس في هذا العالم، بالإضافة إلى أنَّ ما يقولونه من شأنه أن يؤذي الناس؛ لذا إن أردتَ أن تكون سعيداً في عملك، فيجب أن تختار عملاً يجعلك تشعر بالسعادة معظم الوقت؛ لكن لن يشعرك أي عمل في الدنيا بالسعادة الكاملة طوال الوقت؛ فلهذا تتقاضى أجراً عليه.

لا يمكن لأحد أن يخبرك بما يُشعرك بالسعادة، فهذا أمر يجب أن تكتشفه بنفسك، ومن ثَمَّ تنظِّم عملك تنظيماً لا يجعلك تعاني. ولكن أنت لا تحتاج إلى أن تحب عملك لكي تكون سعيداً وتتقدم في حياتك.

من غير الصائب أن تحاول أن تحب عملك:

إن كنتَ من الذين يحبون عملهم بصدق، وتتقاضى أجراً كافياً لفعل ما تحب، أو لا تحتاج مالاً على الإطلاق، فهذا المقال غير موجَّه لك؛ فأنت من القلة المحظوظة التي تحب عملها وتقدِّره.

لقد تبيَّن لي أنَّ معظم الناس الذين انتهى بهم المطاف بعمل يحبونه، يكون لديهم رؤية واضحة لما ستكون عليه حياتهم بأكملها، ويتمتعون دائماً بجرعة غريبة من الحيوية والتركيز لتحقيق ذلك؛ إنَّهم يجدون الطريقة التي ستوصلهم لما يطمحون إليه؛ وذلك لأنَّه لا يوجد خيار آخر بالنسبة إليهم، لا يمكنهم إلا أن يفعلوا ذلك.

لكن ماذا عن بقيتنا؟ وماذا عن أولئك الذين لا يجدون طريقاً واضحاً؟ بالنسبة إلى بعضٍ منا - من كل الأعمار - لا فكرة لديهم عما يريدون فعله في حياتهم؛ لذا إذا قال أحدهم: "يجب أن تحب عملك"، فسيشعر مَن يسمع قوله بالفشل لعدم فعله ذلك. إن لم تكن تحب عملك فهذا لا يعني أنَّك فشلت في أي شيء.

إقرأ أيضاً: 6 طرق للتغلب على التوتر في العمل

يوجد نوعان من الفشل، ويمكن تجنُّبهما بالتخلي عن تلك الفكرة التي يخبرك بها غيرك عن أنَّك يجب أن تحب عملك:

النوع الأول: أن تفسد هوايتك

أرى أنَّ بعض الناس يحاولون فعل الأشياء التي يحبونها بوصفها وسيلة لكسب قُوتِهم؛ ويمكن أن تشمل تلك الأشياء الفن، أو الموسيقى، أو الرياضة، أو الشعر، وما إلى ذلك. تبدأ المشكلة عندما يتقبلون تلك النصيحة ويظنون أنَّ الطريقة الوحيدة للنجاح هي فعل ما يحبونه بوصفه وسيلة لكسب العيش؛ لذا يحوِّلون هواياتهم المفضلة إلى عمل أساسي، ثم يفشل كثير منهم بالكسب من ذلك، وتصبح حياتهم صعبة.

سوف يدمر معظم الناس هواياتهم عندما يحاولون ذلك، فبدلاً من فعل الهوايات لمجرد المرح الذي يأتي منها، يحولونها إلى شيء لا يحبونه بعد فترة بتقديم تنازلات لإرضاء الآخرين بدلاً من إرضاء أنفسهم، وبإضافة مسؤولية كسب المال.

النوع الثاني: أن تشعر بالفشل مهما فعلت

النوع الثاني من الفشل هو النوع الشائع جداً، والمتفاقم جداً لدى مؤيدي فكرة: "يجب أن تحب عملك". ويحدث هذا عندما يكسب الأشخاص من عملهم الجيد مالاً كافياً للاعتناء بعائلاتهم، والاستمتاع بهواياتهم، ويبلون جيداً بكل المقاييس، ولكنَّهم يظلون يشعرون بالفشل ويظنون أنَّ عملهم غير ملائم، وأنَّهم يجب أن يقوموا بما يحبونه، دون أن يعرفوا ما هو أو كيف السبيل إليه؛ لذلك فهم يشعرون أنَّهم غير جديرين، وغير جيدين حتى بمعرفة ما عليهم فعله.

إنَّ ما يهم في هذه الحياة هو أن تحب عائلتك، وأصدقائك، وهواياتك، وتركز على الأشياء التي تجلب لك المرح، ولا تحتاج إلى أن يكون أمراً خارقاً للعادة؛ إذ يمكن أن يشمل ذلك أموراً عدة، فقط تأكد من أنَّك تخصص وقتاً كافياً لهذه الأمور. وإن كنت تكسب ما يكفي من المال، فربما تتخلص من التوتر في حياتك، الذي يأتي من عدم كسب المال الكافي، ولديك ما يكفي لفعل أمور عدة تحبها، ولديك المرونة لتكتشف وتعثر على أشياء جديدة تحبها.

الأمر سهل: قدِّر عملك فقط

أحزن عندما أرى أشخاصاً يكرهون عملهم، فهناك فرق شاسع بين أن تحب عملك وأن تكرهه؛ لذا اتخذ خياراً وسطاً بين هذين الخيارين. أريدك أن تُظهر للناس كيف تقدِّر عملك، حتى تقدِّر حياتك أيضاً؛ فمن البؤس أن تقضي حياتك في عملٍ يجعلك تعيساً.

السر في تقدير عملك هو العثور على طريقة تناسب قوَّتك وحيويتك الطبيعية، فعندما تعمل في مكان يثقل كاهلك، وتفعل أشياء تمدُّك بالطاقة ستشعر بشعور رائع. ستشعر كأنَّك بطل خارق عندما تقوم بعمل جيد يُقدَّر، ولا تعاني في فعله. وستقول: "أنا أحب عملي فعلاً". وقولك: "يجب أن أقدِّر عملي" هو هدف أفضل بكثير من: "يجب أن أحب عملي".

إقرأ أيضاً: لماذا يبقى الناس في وظائفهم رغم شعورهم بالتعاسة؟!

لن يهتم أحد بمهنتك بمقدار ما تهتم بها أنت:

لن يهتم أحد بسعادتك كما تهتم بها أنت. إن كنت مستعداً لفعل عمل بائس ولا تحظى فيه بالتقدير من أجل الآخرين، فلن يطلب منك أحد ألا تفعل ذلك. وعندما أتحدث عن التقدم في مهنتك، فأنا أقصد إيجاد النقطة التي تلتقي عندها نقاط قوَّتك، وهي الأشياء التي تمنحك القوة، وتقدرها مؤسستك؛ ومن ثَمَّ ممارسة ما تريد مؤسستك أن تمارسه.

هذا منهج يناسبنا جميعاً، وليس حكراً على الأشخاص النادرين الذين يكرِّسون حياتهم كلها للعمل ويعشقون ما يفعلون.

المصدر




مقالات مرتبطة