هل تحتاج إلى أصدقاء يفكرون مثلك؟

هل يحتاج أصدقاؤك إلى مشاركة قيمك واهتماماتك وفلسفتك في الحياة؟ أعتقد أنَّ الجواب هو لا، وبصفتي شخصاً نباتياً، ورائد أعمال، وشخصاً يجيد القراءة السريعة، فهل يمتلك معظم أصدقائي الاهتمامات نفسها، وينتهجون النهج الذي أنتهجه نفسه؟ بالتأكيد لا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب سكوت إتش يونغ (Scott H Young)، ويخبرنا فيه عن تجربته في إنشاء صداقات متينة من خلال المواقف والتحديات.

رفيقي الحالي في السكن هو لاعب تزلج غير طموح ويعزف على الجيتار. وما يثير دهشتي هو أنَّه غير مطلع على معظم القضايا الحالية؛ وأيضاً، طوال فترة إقامتنا هنا في فرنسا، بدأ التدخين وأدمنه ثم أقلع عنه في فترة ستة أسابيع فقط، وعلى الرغم من اختلافاتنا، فأنا أعدُّه من خيرة أصدقائي.

ما هو السبب في عدم بناء صداقات عظيمة؟

غالباً ما يتم وصف القيم وطرائق التفكير على أنَّها المكونات الأساسية لعلاقة جيدة - وهي علاقات تُوصَف بأنَّها أفلاطونية وبغيرها من الصفات - لذا إذا كنتُ نباتياً أو متمرداً على السلطة أو مهووساً بأفلام الخيال العلمي، فيجب أن أبحث عن شخص نباتي مثلي، ومتمردٍ ومهووسٍ بأفلام الخيال العلمي.

لكن علمتني تجربتي خلاف ذلك؛ فقد قابلت الكثير من الأشخاص الذين هم، ظاهرياً، يشاركونني أهدافي في تحسين الذات أو التعلم أو ريادة الأعمال، لكنَّني لم أشعر بالارتياح في النقاش معهم؛ فعلى الرغم من كل أوجه التشابه بيننا، إلا أنَّنا لم ننسجم أبداً.

في نفس الوقت، قابلتُ أشخاصاً لديهم وجهات نظر مناقضة تماماً وأصبحنا أصدقاء حميمين، وأعتقد الآن أنَّه في حين أنَّ القيم والفلسفة قد تكون خصائص هامة في العلاقة، إلا أنَّهما لا يمثلان أولوية.

ما هو السبب الذي يؤدي إلى بناء صداقاتٍ عظيمة؟

عند مراجعة الروابط التي شكلتها مع الناس طوال حياتي، أعتقد أنَّ النمط الأكثر أهمية ليس الاهتمامات المشتركة، بل هي المواقف المشتركة؛ فعندما تشارك موقفاً متبادلاً أو معاناة أو تجربة مليئة بالتحديات مع أحد أصدقائك، فإنَّ ذلك يشكل رابطاً يفوق بقيمته أي قيم أخرى.

على سبيل المثال، التقيت أنا وصديقي المفضل في سنتنا الجامعية الأولى؛ لقد جاء لتوه من الهند، فقد كانت جميع المدارس للبنين داخلية؛ أما أنا، فقد جئت من بلدة صغيرة كنت فيها خجولاً ومرتبكاً في المواقف الاجتماعية، وقد جمعنا حبنا لاستكشاف العلاقات الاجتماعية وإقامة الصداقات.

لم يكن الأمر أنَّنا نمتلك الكثير من القواسم المشتركة؛ فلدينا شخصياتٍ مختلفة إلى حد ما والعديد من مناهجنا في الحياة تختلف اختلافاً كبيراً، لكن كوننا في نفس الموقف وواجهنا نفس التحديات، أدى ذلك دوراً كبيراً في تكوين تلك العلاقة.

تجربتي مع رفيقي الحالي في السكن هي مثال رائع آخر؛ فقد أصبحنا صديقين حميميين على الرغم من شخصياتنا المختلفة ووجهات نظرنا المتعارضة تقريباً، بسبب وضعنا المشترك فقد كنا كلانا كنديين يكتشفان كيفية العيش في فرنسا؛ حالة مشتركة، بشخصياتٍ مختلفة.

شاهد بالفيديو: ملخّص كتاب كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس

هل أنت بحاجة إلى أصدقاء متشابهين في طرائق التفكير؟

أود أن أقول إنَّ وجود أشخاص متشابهين في التفكير هو أمرٌ غير مجدٍ كثيراً، فالأشخاص الذين يفكرون مثلك لا يمكنهم أن يتحدوك فكرياً، ولا يمكنهم أن يقدموا لك وجهة نظر مختلفة عن الحياة والقضايا الرئيسية.

أنا وصديقي المفضل كثيراً ما نختلف في الموضوعات المتعلقة بالزواج، نظراً لأنَّنا لدينا مواقف ثقافية وفلسفية مختلفة عن هذه الموضوعات، لكنِّي أعتقد أنَّ هذه الخلافات تساعدنا على حدٍّ سواء على صقل تفكيرنا؛ وذلك لأنَّ التشكيك في أفكاري يجبرني على التفكير فيها ملياً.

إنَّ العيش مع شخص هادئ وليِّن العريكة يجبرني على تقييم جميع مواقفي بشأن الطموح والتوتر ونمط الحياة، بالإضافة إلى تعلُّم دروس قيمة.

وأعتقد أنَّ العلاقات إمَّا أن توفر لك الراحة أو أن توفر لك النمو؛ إذ يتمتع الأصدقاء المتشابهون في التفكير بوقت أسهل يريحك في لحظات الشك، لأنَّهم يعززون نظرتك الحالية للعالم، ومع ذلك، فإنَّ الأصدقاء المختلفين يجبرونك على إعادة تقييم سوكاتك والنظر في خياراتٍ جديدة.

إقرأ أيضاً: 8 أنواع من الأصدقاء ستُصادفهم في رحلة حياتك

نصيحة للتواصل الاجتماعي: تجاهل القيم والتركيز على التحديات المتبادلة

إذا كنت ترغب في بناء شبكة من الأصدقاء المقربين، فلا أعتقد أنَّ الحديث عن أوجه التشابه الفلسفية بينكما هو أفضل نقطة انطلاق، وبالتأكيد، يمكن أن تكون نقطة مثيرة للاهتمام للمحادثة، لكنَّها لا تؤدي إلى تكوين علاقة وطيدة؛ لذا بدلاً من ذلك، حاول العثور على التحديات المشتركة بينكما، واكتشف الأشياء التي تواجهانها الآن، أو واجهتماها في الماضي.

لقد تحدَّثتُ وتبادلتُ رسائل البريد الإلكتروني مع الكاتب الإيرلندي بيني لويس (Benny Lewis)؛ وأعتقد أنَّ ما جمعنا لا يتعلق بالشخصية، لكن لأنَّني أتعلَّم لغتي الأجنبية الأولى بينما يتحدث هو ثماني لغات، وقد بدأ للتو مدونة جديدة بينما أنا أكتب في مدونتي منذ 4 سنوات، الأمر الذي سمح بتبادل الخبرات بيننا، ومن ثم تعزيز علاقة الصداقة بيننا.

إقرأ أيضاً: 5 عوامل تتسبّب في إنهاء العلاقة بين الأصدقاء

في الختام:

ما تزال هذه فرضية جديدة عن تكوين العلاقات، لكن في المستقبل، سيكون التركيز على إيجاد التحديات المشتركة، بدلاً من القيم المشتركة عند مقابلة أشخاص جدد.

المصدر




مقالات مرتبطة