هل الكتابة هي شغفكَ؟

كانت تراودني خلال رحلة فهمي لمعنى كلمة "شغف" قبل زمن طويل، شكوكٌ، فحواها: هل الكتابة هي حلمي الحقيقي فعلاً؟ أهيَ ما أحبه وأستمتع بفعله؟ أم هي شيء آخر كالشهرة، أو المال، أو الاستحسان؟ هل تجذبني هذه الأشياء نحو الكتابة؟ أم أنَّ الكتابة بحدِّ ذاتها هي ما تغويني؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن اختصاصيٍّ في النمو الشخصي، ويحدِّثنا فيه عن تجربته مع تحقيق الشغف من خلال الكتابة.

ما هي الإجابة؟ ما تزال الإجابة غامضة.

لقد توصَّلت إلى نتيجةٍ الآن مفادها أنَّني أحبُّ الكتابة، والأكثر من ذلك، أنَّني أحبُّ التعبير؛ أحبُّ أن أتكلَّم مع الناس، أحبُّ التفاعل معهم ومشاركتهم أفكاري، وقد وجدتُ الكتابة بمكانة وسيلة جيدة بالنسبة إليَّ لتحقيق هذه الرغبة، ولكنَّني رأيت كثيراً من الناس الذين يمارسون الكتابة بسبب منافعها الثانوية، فالسبب الأسمى الذي يدفع الناس إلى الكتابة هو التقدير والاستحسان، وهو سببٌ حاضرٌ في خلفية كل كاتب، لكن ها هو ذا السؤال الهام: هل هذا التقدير هو ما يحرِّكنا؟

إقرأ أيضاً: الأعراف الأساسية للكتابة وفوائدها

هل التقدير هو ما يحرِّكنا؟

أن تشعر برغبةٍ بسيطةٍ لأن تُقرأ كلماتك، أو تُقدَّر، هو أمر مقبول بالنسبة إليَّ، لكن تحدث المشكلة عندما تصبح مرهوناً بذلك، فقد بدأت أستمدُّ إحساسي بأهمية ذاتي وثقتي بنفسي من هذه المعرفة، وأدركتُ هذا قبل بضعة أسابيع من الآن، ثمَّ مرة أخرى قبل عدة أيام (إنَّني آلة إدراكٍ لا تكلُّ كما ترى).

لقد أرسل إليَّ واحدٌ من قرَّاء منشوراتي على موقع "وورد بريس" (WordPress)، بريداً إلكترونياً، يُخبرني كيف أنَّ منشوراتي أثبتت فائدتها؛ "بريد شخصي"، كان هذا شيئاً جللاً بالنسبة إلى غروري الذي أُعجب بهذا التقدير، وشعر باستحقاقه له، كما أنَّني ما زلت أذكر هذا الشعور بالاعتزاز، ما من مشكلة في الاعتراف بالتقدير، لكن تبدأ المشكلة عندما يصبح شعورك بأهمية ذاتك معتمداً عليه.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لكتابة محتوى ناجح

بعد مرور عدة أيام على هذا، استمعتُ إلى حديث للكاتب الألماني "إيكهارت تول" (Eckhart Tolle)، وسألته سيدة:

أيمكنكَ أن تشرح بدقة الفارق بين تقدير الذات الصحي، والغرور؟

فأجاب:

الغرور يحتاج إلى أشياء خارجية يتعلَّق بها، ويرتبط بها؛ مثل منزل أو سيارة، وهو يستمدُّ قيمته من هذه الأشياء، كما أنَّه يتغذَّى على المقارنة بالآخرين "لقد حصل على شهادة جامعية، أوه، أنا أملك ثلاث درجات دكتوراه".
أمَّا من ناحية أخرى، فتقدير الذات هو شيء يستمد شعوره بالقيمة والهوية من الذات الداخلية غير المجسَّدة عندما تعرف حقيقتها؛ إذ إنَّه ليس شيئاً خارجياً، ولكنَّه قوة داخلية غير قابلة للتدمير.

هنا يكمن خطأي الأساسي؛ كنت أربط كتاباتي بالتعليقات التي أحصل عليها، هل كنت حقاً أكتب بغرض الكتابة فقط؟ إنَّني أستمر بطرح هذا السؤال ذاته على نفسي مراراً وتكراراً، لماذا أفعل هذا؟ من أجل المال والمتابعين، أم لإرضاء ذاتي؟ هل أنا أستمدُّ أهميتي من الكتابة، أم أنَّني أعاملها على أنَّها مهنة أحلامي وشغفي؟ هل جعلت نفسي معتمداً عليها حدَّ الإفراط؟ لأنَّ الشغف يحرِّر، ولا يقيِّد.

ما من حاجة إلى أن تُرهق نفسك بشيء لا يمكنكَ فعله، لا يوجد كثير من الكتَّاب الحقيقيين في العالم، وكما قال مدير التسويق "جيف جوينز" (Jeff Goins): "لا تصنع فنَّاً لتجني مالاً؛ بل اجنِ المال لتصنع مزيداً من الفن".

لماذا يعاني معظم الناس من النكسات بعد انتشار المقالات التي يكتبونها انتشاراً واسعاً، ولماذا يتوخون الحذر؟

لأنَّهم يشعرون بالرضى، فهدفهم الأساسي لم يكن يوماً الكتابة، ولكنَّه كسب الشهرة والمال، وهم يعطون الأمر أهمية شديدة أكثر من اللازم؛ لذلك توقَّفَوا، ونال منهم الركود، وبالنسبة إلى الفنانين أو الكتَّاب الحقيقيين فما من حاجة إلى الخوف؛ لأنَّه ما من منافسةٍ حقيقيةٍ، فالأشخاص الذين يرون الكتابة بوصفها هدفاً طويل الأمد، سوف يعبرون خط النهاية، ويستمر كل إنسان منهم بالكتابة حتى بعد هذا، فجوهرياً، لطالما كانت الكتابة غايته الأولى وما زالت.

إقرأ أيضاً: 3 قواعد لكتابة مقالات فعالة

في الختام:

يجب عليك أن تختبر نفسك مراراً وتكراراً؛ هل أنت كاتبٌ؟ هل الكتابة هي فعلاً شغفكَ الحقيقي، أم أنَّ ثمَّة هدفاً جانبياً خفياً؟ فيما يتعلَّق بالأشخاص الذين يرغبون بحق أن يصبحوا كتَّاباً فهذا السؤال أهم بالنسبة إليهم من غيرهم.




مقالات مرتبطة