هل أنت على استعداد لتمكين موظفيك؟

يمثِّل "التمكين" أحد أخلاقيات الإدارة المُستحسنة عالمياً؛ إذ يرغب أرباب الأعمال في تمكين وتطوير موظفيهم؛ ولكن بقدر ما يبدو التمكين أمراً لطيفاً من الناحية النظرية، فإنَّ الواقع يعكس صعوبة تخلِّي القادة عن السيطرة.



إذ يحمل التمكين في عالم ريادة الأعمال معانٍ عدة، من التخلي عن التحكم بالمهام، وتبنِّي اقتراحات الموظفين، أو حتى تبنِّي أفكار مصدرها أشخاص لا يعملون حالياً في الشركة. أساساً يمثل مجرد تخلي الزعيم عن أسلوب السيطرة - سواء كان ذلك بتفويض، أم استعمال أفكار الآخرين - شكلاً من أشكال التمكين.

وفي حين أنَّ التمكين أمرٌ هام جداً، ولكن يطبقه نحو 27% فقط من القادة حسبما أوردت دراسة نشرها موقع "ليدرشيب آي كيو" (Leadership IQ) بعنوان "حالة تطوير القيادة" (The State of Leadership Development) التي كشفت عن ممارسات هؤلاء القادة في تشجيع موظفيهم وتقدير اقتراحاتهم للتحسين.

أهم خطوات التخلي عن السيطرة هو تقدير اقتراحات الموظف لتحسين بيئة العمل. فإن استطاع القائد قبول الاقتراحات وتقديرها بقوله: "إنَّ اقتراحك في الواقع أفضل مما نقوم به حالياً"، فستعلم حينها أنَّ القائد منفتح لفكرة التخلي عن السيطرة على الموظفين.

ليس من السهل الاستماع لفكرة شخصٍ آخر، والاعتراف بأنَّها أفضل مما تقوم به. وهنا يبرز ما نسميه "التنافر المعرفي" (Cognitive dissonance)؛ وهو شعور متضارب يصيب العقل بتوتر وارتباك عندما يتضارب فيه معتقدان.

على سبيل المثال: إذا ظننت أنَّك شخص ذكي، وسمعت اقتراحاً من أحد موظفيك يشي بأنَّه أشد ذكاءً منك، فستشعر بالتوتر والغضب. بينما من الصحيح أن يؤمن المدير بذكائه ويتعلَّم تقبُّل وجود موظفين لديه أكثر ذكاء؛ وذلك لأنَّ وجود هذا التنافر المعرفي يثير حفيظة الدماغ، وعندها سيرغب المدير في الحد من الأذى عن طريق رفض أو مهاجمة اقتراح موظف.

بيد أنَّ القادة الذين يمكِّنون موظفيهم يستطيعون تجاوز هذا التنافر المعرفي بسهولة. قد تنتابهم رغبة في إبداء مشاعر دفاعية، لكنَّها قصيرة الأمد؛ إذ يَسعد هؤلاء القادة بتمكين موظفيهم ويتمتعون برؤيتهم يطرحون أفكاراً عظمى، أكثر من متعتهم من إتمام العمل وحدهم.

شاهد بالفديو: 7 أسباب تجعل الموظّف يكره عمله

كم نلاحظ ظهور مشاعر دفاعية مماثلة عند القادة في أثناء الاستعانة بأفكار يطرحها أشخاصٌ يعملون خارج الشركة؛ إذ يتفشَّى ضيق الأفق في التفكير عند بعض الشركات وبعض القادة أيضاً؛ وذلك لعدم رغبتهم في التفكير في أي اقتراحاتٍ أو أفكارٍ تصدر من خارج المؤسسة؛ لهذا السبب يصف 29% من الموظفين فقط قادتهم بالانفتاح الدائم لتقبُّل الأفكار وتطبيق ممارسات مصدرها أشخاص من خارج المؤسسة لتحسين الأداء.

وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ القادة الحريصين على تمكين موظفيهم يسعون دوماً إلى تبنِّي الأفكار والممارسات التي مصدرها أشخاصٌ من خارج المنظمة؛ إذ اعتُمِد هذا المعيار الحديث لتقييم الشركات قبل أربعة عقود عندما بدأت شركة "زيروكس" (Xerox) للمطبوعات بزيارة شركة "إل إل بين" (L.L. Bean) لتصنيع الملابس؛ وذلك لتتعلَّم كيفية شحن المنتجات بسرعة.

ومع ذلك، مع تعلُّم العديد من الأجيال لهذا المفهوم في كلية إدارة الأعمال، إلا أنَّ القليل منهم طبَّق الأفكار الخارجية في الحياة اليومية الخاصة. إليك اختبار سهل لرغبتك وممارستك لمبدأ تمكين الموظفين، فكر في هذه العبارات الثلاث:

  • أُبدي رأيي الشخصي حالما أحصل على الحلول البديلة من الموظفين، أم أسألهم عن رأيهم واقتراحاتهم؟
  • أتقبَّل الأفكار الخارجية برحابة صدر وانفتاح لتحسين أداء فريقنا.
  • أشجِّع اقتراحات التحسين التي يقدِّمها الموظفون وأقدِّرها.

قيِّم مقدار موافقتك لهذه الجمل بتقييم كل واحدة منها على مقياسٍ من 1 إلى 5؛ وذلك بإعطاء خمس نقاط عند الموافقة بقوة، ونقطة واحدة عند عدم الاتفاق، ثم اجمع النقاط. كلما اقتربت من مجموع 15، زاد احتمال تبنِّي "مبدأ التمكين". ليس من الصعب أن ندرك أنَّ القائد المثالي سوف يسجِّل خمسة نقاط على كل سؤال.

بالطبع، عليك أن تكون صادقاً مع نفسك. إنَّه اختبارٌ سهل، إذا كنت على استعداد لتقييم نفسك بصراحة تامة؛ وذلك لأنَّك ستكتشف مواطن الإشكال لتطبيق مبدأ التمكين.

إقرأ أيضاً: كيف تمارس الإصغاء الفعَّال؟ (دليلك خطوة بخطوة)

على سبيل المثال: قد تكون على استعداد للاستماع لأفكار الموظف، ولكنَّك تصرف النظر عنها حالما تشعر أنَّها من مصدرٍ خارجي. أو ربما قد يكون القائد ذا شخصية منفتحة يتقبَّل الأفكار الخارجية لكنَّه يفقد أعصابه عندما يُدلي أحد الموظفين بدلوه في أمرٍ ما.

بصرف النظر عن مصدر "التنافر المعرفي" (Cognitive dissonance)، إن رغب القائد بتمكين موظفيه فعليه أن يتقبَّل فكرة وجود أفكار عظيمة بانتظار إطلاقها من حوله، وهو ما سيغني خطة العمل، وسيخفف سيطرته تخفيفاً سهلاً وعن طيب خاطر.

المصدر




مقالات مرتبطة