هل أنت جيد بما يكفي؟

لا يجيب الناس في كثير من الأحيان عن سؤال "هل أنا جيد بما فيه الكفاية؟" بـ "نعم"؛ إذ إنَّ فكرة أن تكون كافياً غير مفهومة بالنسبة إلى عدد كبير من الناس.



لكن لنفكِّر في الكيفية التي ستبدو عليها الحياة في حال كنت تعلم أنَّك كافٍ، أو أنَّك لم تكن بحاجة حتى إلى الإجابة عن سؤال "هل أنا جيد بما يكفي؟" لعلمك أنَّك كذلك، وهذا بحد ذاته جيد بما فيه الكفاية.

كم سيكون العالم غريباً إن اعتقد الجميع أنَّهم جيدون بما فيه الكفاية! سينخفض التوتر وترتفع الثقة بالنفس، وقد يكون الناس أكثر انسجاماً، لكن الأهم من ذلك كله، أنَّ حياتك ستكون أفضل، فدعونا نلقي نظرة أقرب على فكرة أنَّ الاعتقاد "أنَّك كافٍ" يمكن أن يغيِّر حياتك.

تعريف "الكفاية" وما الذي تعنيه لك:

من دون الإفراط في التفاصيل المملة، تمثِّل كلمة "كافي" المقدار المطلوب أو الذي تحتاج إليه، ومن ثمَّ، فإنَّ فكرة أنَّك كافٍ تعني أنَّك مُجهَّز بكل ما تحتاج إليه أو تطلبه لتكون ناجحاً في أيِّ شيء تريده، وإذا كنت تعتقد أنَّك كافٍ، فيمكنك التحرك بثقة باتجاه أهدافك ورغباتك النهائية.

لفهم فكرة أنَّك كافٍ بشكل أفضل، فكِّر للحظة في فكرة أنَّك لست كافياً، سيكون لديك شك في نفسك دائماً، وقد تجيب عن سؤال: "هل أنا جيد بما فيه الكفاية؟" بوداعة: "آمل ذلك"، وإنَّ اعتقادك بأنَّك غير كافٍ، غالباً ما سيجعلك تسلك الطريق الآمن وتقبل ما يخبرك به الآخرون.

إنَّ معرفتك بأنَّك كافٍ هي كالحكم على نفسك بشكل إيجابي؛ أي بمعنى أدق، عندما تعتقد أنَّك جيد بما يكفي، فأنت عادةً:

  1. شخص ديناميكي ولست شخصاً ثابتاً أو جامداً.
  2. تسعى إلى إمتاع نفسك أكثر من سعيك للحصول على تأييد الآخرين.
  3. لا تمنح قيمة كبيرة لنتائج الأحداث.
  4. راضٍ عن نفسك حتى مع معرفتك أنَّ لديك متسعاً للنمو.
  5. تجعل الناس يشعرون بمشاعر أفضل حول أنفسهم.
  6. تعطي قيمة أكثر ممَّا تأخذ.

كونك كافياً لا يعني أنَّك كل شيء، وإنَّ الاعتقاد أنَّك كافٍ ليس أمراً يدفعك إلى التصديق بأنَّه يمكنك تحقيق أيِّ شيء تريده؛ بل إنَّه يدفعك إلى معرفة أنَّك أنت مَن تتحكم في حياتك، وأنَّك الشخص الوحيد الذي تحتاج إلى الاعتماد عليه؛ هذه هي الحقيقة التي لا يمكن لأحد أن يسلبها منك.

لا يتمحور الاعتقاد بأنَّك كافٍ حول التفكير في أنَّك كامل أو أنَّه ليس لديك شيء آخر لتتعلمه، بخلاف ذلك، إنَّه يدفعك نحو معرفة أنَّه ما يزال لديك الكثير لتتعلمه؛ وهذا يمنحك وبشكلٍ متزايد القدرة على أن تصبح نسخة أفضل من نفسك؛ إذ إنَّك حتى لو حاولت وفشلت، ستساعدك معرفتك بأنَّك جيد بما يكفي على النهوض والمحاولة مرة أخرى في النهاية.

شاهد بالفديو: 8 نصائح تساعدك على فهم دروس الحياة جيداً

كيف يمكن لمعرفتك بأنَّك جيد بما فيه الكفاية أن تساعدك؟

يمكن لمعرفتك أنَّك جيد على نحو كافٍ أن تغيِّر طريقة تفكيرك تغييراً كاملاً؛ إذ إنَّك إن كنت تعتقد كذلك، حتى لو كنت تتَّبع مقولة "تصنَّع الأمر حتى تتقنه"، فإنَّك بهذه الطريقة تحدُّ من سيطرة المجتمع عليك، فعوضاً عن القلق بشأن أمور من قبيل آراء الآخرين وشكوكك الذاتية وخوفك الساحق من الفشل، يمكنك من خلال التفكير في أنَّك كافٍ أن تتخلص من هذه المشاعر السلبية وتخفِّف الضغط المُلقى على كتفيك.

وفي النتيجة، تأتي معظم أفكارك وسلوكاتك غير المنتجة من الخوف بعدم كفاءتك؛ على سبيل المثال، إذا كنت تعتقد أنَّك لست جيداً بما يكفي، فقد يتحكم فيك عقلك المرتبك؛ وهذا يجعلك تفعل أشياء مثل:

  1. أن تحكِّم عواطفك في أشياء لا يمكنك السيطرة عليها.
  2. أن تحقِّق أهدافاً أنت نفسك لا تريدها، لكن لمجرد أنَّ شخصاً آخر قال إنَّها هامة.
  3. تطلب مصادقة وتأييد الأشخاص الذين تكنُّ لهم احتراماً أقل ممَّا تكنُّه لنفسك.
  4. تلجأ إلى العادات السيئة التي تمنحك إثارة سريعة لكنَّها تفتقر إلى الاستدامة.
  5. تعتقد باستمرار أنَّك لست جديراً بالحياة التي تعيشها أو تريدها.

يُصاب عقلك بهذه الأشياء وغيرها الكثير عندما تعتقد أنَّك غير كافٍ، وفي حين أنَّه قد لا تختفي هذه الأفكار بشكل دائم، لكن بإمكانك التعامل معها بطريقة إيجابية إذا بدأت الاعتقاد أنَّك جيد بما فيه الكفاية.

سيكون لديك على سبيل المثال، مستوى معيَّن من الشك الذاتي وبشكل دائم، وغالباً ما يكون هذا الشك الذاتي هو العامل الرئيس في عملية صنع القرار لديك في حال كنت تعتقد أنَّك لست كافياً.

وعلى العكس من ذلك، عند اعتقادك أنَّك كافٍ، يصبح شكك في الذات مؤشراً رئيساً على أنَّك تسير في الاتجاه الصحيح؛ هذا لأنَّه عندما تعرف أنَّك كافٍ، تصبح الحياة مغامرة ممتعة؛ إذ يمكنك تعلُّم أشياء جديدة والبحث عن تجارب جديدة وتكوين روابط أخرى، لتصبح بالنهاية شخصاً أفضل، فهذا لا يعني أنَّك لن تفشل؛ بل نعم، ستفشل بالتأكيد وأكثر من مرة.

عندما تعلم أنَّك كافٍ، يوضِّح الفشل أنَّك اكتسبت معرفة أو تجربة أو علاقة جديدة، علاوةً على ذلك، سوف تتوقف عن التخلِّي عن سعادتك، ومنحها الآخرين، حالما تعلم أنَّك جيد بما فيه الكفاية؛ إذ ستقوم بدلاً من ذلك بالحفاظ عليها وحمايتها في داخلك؛ وذلك لأنَّك تعلم الآن أنَّك أنت الشخص الذي تعتمد عليه كل الاعتماد العاطفي الذي تحتاج إليه.

إقرأ أيضاً: كيف تعزز ثقتك بنفسك وتتغلب على الشك الذاتي؟

كيف تحدِّد ما إذا كنت جيداً بما يكفي؟

هذا سؤال من السهل الإجابة عنه، والإجابة هي: "أنت كافٍ"؛ فيُولَد البشر مُجهَّزين بكل ما يحتاجون إليه في الحياة؛ إذ يتمتعون بمهارات التواصل ومهارات تنظيمية وقوة بدنية وبصمات مختلفة؛ أي لا يوجد شيء ناقص.

لديك بهذه المهارات والقدرات التي وُلدت بها، فرصة لتحقيق كل ما تريده في الحياة؛ فلا وجود لهدف بعيد المنال، فإذا كان بإمكانك تكوين الروابط، والاستفادة من الأدوات المادية والتكنولوجية، وتنظيم نفسك وكذلك الأشخاص من حولك، واستخدام قواك الجسدية لمصلحتك، فلن يكون لديك أيُّ سبب يجعلك تعتقد أنَّك غير كافٍ.

لقد وُلِدت مجهَّزاً بكل العناصر اللازمة للنجاح في الحياة، وكلُّ ما تحتاج إليه موجود في داخلك، ولا توجد أيُّ حاجة أو مغزى من البحث عن المزيد؛ لأنَّه لا يوجد شيء آخر تسعى إليه خارج ذاتك، وفي الواقع، إنَّ الاستكشاف الوحيد الذي تحتاج إلى البدء به هو داخلك.

توقَّف عن التساؤل عمَّا إذا كنت جيداً بما يكفي:

نأمل أنَّك تعلم الآن إجابة السؤال "هل أنا جيد بما فيه الكفاية؟".

لكونك إنساناً، فقد طورتَ نفسك على مدى السنين لتحصل على المزيج الصحيح الدقيق من المهارات والوظائف الفيزيولوجية التي تبقيك على قيد الحياة، فضلاً عن جعلك تزدهر حقيقةً في بيئتك؛ هذا يعني أنَّك سيد حياتك وأنَّك الشخص الوحيد الذي تحتاج إلى الاعتماد عليه، ومع ذلك، حتى أسياد حياتهم، غالباً ما يسألون عمَّا إذا كانوا ما يزالون جيدين بما فيه الكفاية.

ومثلما أعطتنا طبيعتنا كل ما نحتاج إليه في الحياة، كذلك هي تتطلب منَّا الاستمرار في طرح الأسئلة عن أنفسنا وعن محيطنا، فكلما سألت نفسك أكثر عمَّا إذا كنت جيداً بما يكفي، بدأت بالشك أكثر.

يبدو الأمر كما لو كنت تدرِّب عقلك على النظر إلى المجهول برعب بدلاً من النظر إليه على أنَّه فرصة عظيمة؛ لذا عوضاً عن ذلك، أخبر صوتك الداخلي أن يصمت؛ لأنَّك كافٍ، وقد كنت كذلك منذ ولادتك.

إقرأ أيضاً: مفهوم تطوير الذات وأهم الأسرار لتطوير ذاتك وتنميتها

في الختام:

أنت لست الوحيد؛ إذ إنَّ الجميع يناضل للإجابة عن السؤال عما إذا كانوا جيدين بما يكفي، ومع ذلك، تأكَّد أنَّك تدرك تماماً أنَّ كلمة "كافٍ" لا تعني "الكمال" أو "كل شيء"؛ بل ما تعنيه هذه الكلمة، هو أنَّ لديك المهارات والقدرات والأدوات والوسائل اللازمة لتحقيق أيِّ شيء تريده في الحياة، ولربما الوقت قد حان لكي تدرك أنَّ اعتمادك على ذاتك هو ما تحتاج إليه للنجاح.

المصدر




مقالات مرتبطة