مقدمة في أساليب كولب التعليمية

نشر ديفيد كولب (David Kolb) نموذج أساليب التعلم الخاص به عام 1984 بعد أن أمضى سنوات عديدة قبل ذلك في تطويره. وقد أدى هذا النموذج إلى ظهور مصطلحات ذات صلة مثل: نظرية التعلم التجريبي لكولب (Kolb's experiential learning theory) اختصارها (ELT)، وأنماط التعلم لكولب (Kolb's learning data-styles inventor) اختصارها (LSI).



وفي مؤلفاته ولا سيَّما كتابه الذي نشره عام 1984 "التعلم التجريبي: التجربة كمصدر للتعلم والتنمية" (Experiential Learning: Experience As The Source Of Learning And Development)، يُقدِّر "كولب" الأعمال المبكرة المختصة بالتعلم التجريبي التي نشرها الآخرون في القرن العشرين، بما في ذلك "كارل روجرز" (Rogers) و"كارل يونغ" (Jung) و"جان بياجيه" (Piaget).

في المقابل، يعترف الأكاديميون والمعلِّمون والمديرون والمدربون في يومنا هذا بنموذج أساليب التعلم ونظرية التعلم التجريبي التي نشرهما "كولب"، وبأنَّهما من أكثر الأعمال تأثيراً بالفعل، ويشكِّلان المفاهيم الأساسية التي تكوِّن فهمنا، ويشرحان السلوكات الخاصة بالتعلم، ومُخصَّصان لمساعدة الآخرين على التعلم.

بالإضافة إلى اهتمامات "ديفيد كولب" التجارية الشخصية، فهو مؤسس ورئيس شركة "إكسبيرينس بازد ليرنينغ سيستيمز" (Experience Based Learning Systems)، ولا يزال -حتى وقت كتابة هذا التقرير في عام 2005- أستاذاً للتطوير التنظيمي في جامعة "كيس ويسترن ريزيرف" (Case Western Reserve)، كليفلاند (Cleveland)، أوهايو (Ohio)، حيث يعمل كمدرِّس وباحث في مجالات التعلم والتطوير وتنمية البالغين والتعلم التجريبي وأساليب التعلم، ولا سيَّما "التطوير المؤسسي الذي يركز على التعلم في التعليم العالي".

ملاحظات حول أساليب التعلم في تعليم الشباب:

  • قبيل نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدا أنَّ الضغوطات قد نمَت بين بعض التربويين والباحثين التربويين، والتي يمكِن تلخيصها بإيجاز على النحو التالي: فيما يتعلق بتطبيق البحث العلمي على نطاق واسع في تعليم الشباب، تظلُّ "أساليب التعلم" من نظريات ونماذج وأدوات وما إلى ذلك منهجيات غير مثبتة إلى حد كبير.
  • علاوة على ذلك، يؤكد المعارضون لأساليب التعلم أنَّ الاعتماد الشديد على نظرية أساليب التعلم في تطوير وتسيير تعليم الشباب، ليس له فائدة مؤكَّدة، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى نتائج عكسية.

على الرغم من ذلك، يواصل العديد من المعلِّمين والتربويين العثور على قيمة وفائدة من استخدام نظرية أساليب التعلم بطريقة أو بأخرى، وكما هو الحال في مثل هذه الحالات، من المحتمل أن يكون هناك استخدام مناسب واستخدام آخر غير مناسب لهذه الأساليب؛ لذلك عليك أن تستخدم الأنظمة والأساليب بعناية خاصة إذا كنتَ تعمل مع الشباب، ومن الخطأ تطبيق أي منهجية بشكل أعمى وبدون تساؤل، ومن الخطأ عدم مراجعة وتقييم فاعلية الأساليب المستخدَمة.

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب التعلّم التجريبي لدايفيد كولب - الجزء 2

نظرية كولب:

تُحدِّد نظرية التعلم التي وضعها "كولب" أربعة أساليب (أو تفضيلات) مختلفة للتعلم، تستند إلى دورة تعلُّم مكونة من أربع مراحل، (يمكن تفسيرها أيضاً على أنَّها دورة تدريبية).

  • ما يميز نموذج "كولب" بصورة خاصة هو توفير طريقةٍ لفهم أنماط التعلم المختلفة للأفراد، وشرحٍ لدورة التعلم التجريبي التي تنطبق علينا جميعاً.
  • يقول "كولب" إنَّ "دورة التعلم" هذه هي مبدأ جوهري في نظرية التعلم التجريبي التي وضعها، والتي يُعبِّر عنها عادةً على شكل دورة تتكون من أربع مراحل للتعلم، حيث تُوفِّر "التجارب الفورية أو الملموسة" أساساً لـ "الملاحظات والأفكار".
  • تتحول هذه "الملاحظات والأفكار" إلى "مفاهيم مجردة"، ويتولد عنها تأثير جديد في السلوكات التي يمكِن "اختبارها بفاعلية"، مما يخلق تجارب جديدة.

يقول "كولب" إنَّ هذه العملية تُمثِّل بشكل مثالي (وليس دائماً) دورة تعلُّم أو دوامة حيث "يمر المتعلم بجميع مراحلها"؛ أي يمرُّ بدورة من التجربة والتأمل والتفكير والعمل؛ إذ تؤدي التجارب الفورية أو الملموسة إلى ملاحظات وأفكار، ثمَّ تُستوعَب هذه الأفكار وتُترجَم إلى مفاهيم مجردة لها تأثير في سلوكاتنا؛ حيث يمكِن للفرد اختبار هذه الآثار وتجربتها بفاعلية، مما يؤدي إلى إنشاء تجارب جديدة؛ لذا يعمل نموذج "كولب" على مستويين:

1. دورة مكوَّنة من أربع مراحل:

  • التجربة المادية (Concrete Experience).
  • الملاحظة المتأمَّلة (Reflective Observation).
  • المفاهيم المجردة (Abstract Conceptualization).
  • التجريب العملي (Active Experimentation).

2. أربعة أنواع من تعاريف أنماط التعلم:

يمثل كل منها مزيجاً من نمطين مفضَّلين، مثل مصفوفة مكوَّنة من عنصرين تضم أنماط الدورة بمراحلها الأربع، كما هو موضَّح أدناه، والتي استخدم فيها "كولب" المصطلحات التالية:

  • الأسلوب التباعدي (Diverging): ويضم التجربة المادية والمراقبة المتأمَّلة.
  • الأسلوب الاستيعابي (Assimilating): ويضم المفاهيم المجردة والمراقبة المتأمَّلة.
  • الأسلوب التقاربي (Converging): ويضم المفاهيم المجردة والتجريب العملي.
  • الأسلوب التواؤمي (Accommodating): ويضم التجربة المادية والتجريب العملي.

أساليب التعلم:

يوضح "كولب" أنَّ الأشخاص المختلفين يُفضِّلون بطبيعة الحال أسلوباً واحداً مختلفاً للتعلم، وتؤثر عوامل مختلفة في أسلوب الشخص المفضَّل؛ إذ حدَّدَ "كولب" في نموذج نظرية التعلم التجريبي (ELT) الخاصة به ثلاث مراحل لتطور الشخص، ويقترح أنَّ ميلنا نحو التوفيق بين أساليب التعلم الأربعة المختلفة ودمجها بنجاح يتحسن مع نضوجنا خلال مراحل تطوُّرنا.

مراحل التنمية التي حدَّدَها "كولب" هي:

  • الاكتساب: يبدأ من الولادة إلى سن المراهقة، ويتمحور حول تنمية القدرات الأساسية والبُنى المعرفية.
  • التخصص: يشمل التعليم المدرسي والتجارب المهنية والشخصية الأولى من مرحلة البلوغ، ويتمحور حول تطوير "أسلوب تعلُّم متخصص" يتكون بفعل "التنشئة الاجتماعية والتعليمية والتنظيمية".
  • التكامل: يبدأ من منتصف الحياة المهنية حتى مراحل الحياة اللاحقة، ويتمحور حول التعبير عن أسلوب التعلم غير السائد في العمل والحياة الشخصية.

أياً كان ما يؤثر في اختيار الأسلوب، فإنَّ تفضيل أسلوب التعلم هو في الواقع نتاج زوجين من المتغيرات أو "خيارين" منفصلين نتخذهما، وقدَّمهما "كولب" كنموذج ببُعدين: أفقي وعمودي، في كل منهما أنماط "متعارضة" في كلا الطرفين:

  • البُعد العمودي: التجربة المادية (الشعور) <----------> المفاهيم المجردة (التفكير).
  • البُعد الأفقي: التجريب العملي (العمل) <----------> الملاحظة المتأمَّلة (المراقبة).

يسمى البُعد الأفقي في نموذج كولب "محور المعالجة"؛ أي كيف نعالج مهمةً ما، ويسمى البُعد العمودي "محور الإدراك"؛ أي يوضح استجابتنا العاطفية، أو كيف نفكِّر أو نشعر حيال تجربة ما.

أنماط التعلم هذه هي مزيج من بُعدَين، حيث يتشكَّل كل منهما بين ما يسميه "كولب" "الأنماط المرتبطة جدلياً"، وهي أمور ضرورية لـ "إدراك التجربة" (العمل أو المراقبة)، ولـ "تحويل التجربة" (الشعور أو التفكير):

أسلوب التعلم لكولب

كلمة "جدلية" ليست مفهومةً على نطاق واسع، ومع ذلك فهي تحمل معنىً هاماً، وهو "التعارض".

  • قصد "كولب" بهذا أنَّه لا يمكِننا القيام بالأمرين معاً في الوقت نفسه، وإلى حد ما، فإنَّ رغبتنا في فعل كلا الأمرين تخلق صراعاً، والذي نحلُّه من خلال الاختيار عندما نواجه موقفاً تعليمياً جديداً.
  • نقرر بين أنفسنا ما إذا كنا نرغب في تطبيق ما نريد تعلُّمه أو الاكتفاء بمراقبته، وفي الوقت نفسه نقرر ما إذا كنا نفكر أو نشعر.

تؤدي نتيجة هذين القرارين إلى ظهور أسلوب التعلم المُفضَّل، ومن هنا تأتي المصفوفة الثنائية، فنختار طريقةً لـ "إدراك التجربة"، والتي تُحدِّد نهجنا في التعامل معها، ثمَّ نختار طريقةً لـ "تحويل التجربة" إلى شيء ذي معنىً وقابل للاستخدام، والذي يحدد استجابتنا العاطفية لها.

أسلوب التعلم لدينا هو نتاج هذين الاختيارين:

  • تحديد كيفية التعامل مع مهمة؛ أي "إدراك التجربة": فيجب أن نختار ما بين المراقبة أو العمل.
  • تحديد استجابتنا العاطفية للتجربة؛ أي "تحويل التجربة": فيجب أن نختار ما بين التفكير أو الشعور.

بعبارة أخرى، نختار نهجنا للتعامل مع المهمة أو التجربة (أي إدراك التجربة) باختيار أحد الخيارين التاليين:

  • من خلال مراقبة المشاركين الآخرين في التجربة والتفكير فيما يحدث (الملاحظة المتأمَّلة - "المراقبة").
  • من خلال تطبيق ما تعلَّمتَه مباشرة (التجريب العملي - "العمل").

وفي الوقت ذاته نختار كيفية تحويل التجربة عاطفياً إلى شيء ذي مغزىً ومفيد باختيار أحد الخيارين التاليين:

  • اكتساب معلومات جديدة بالتفكير أو التحليل أو التخطيط (المفاهيم المجردة - "التفكير").
  • تجربة الصفات الملموسة والمادية والمحسوسة للعالم (التجربة المادية - "الشعور").
إقرأ أيضاً: 9 خطوات لجعل التعلم ذاتي التنظيم أكثر فاعلية

مصفوفة أساليب التعلم التي وضعها "كولب":

غالباً ما يكون من السهل رؤية بناء أساليب التعلم الخاصة بـ "كولب" باستخدام مصفوفة ثنائية، ولكن يوضِّح الرسم التخطيطي أيضاً المصطلحات التي أطلقها "كولب" على أساليب التعلم الأربعة: التباعدي والاستيعابي والتقاربي والتواؤمي:

 

الفعل (التجريب العملي - AE)

المراقبة (الملاحظة المتأمَّلة - RO)

الشعور (التجربة المادية - CE)

التواؤمي (CE / AE)

التباعدي (CE / RO)

التفكير (المفاهيم المجردة - AC)

التقاربي (AC / AE)

الاستيعابي (AC / RO)

على سبيل المثال: سيكون لدى الشخص الذي يتمتع بأسلوب تعلُّم مهيمن يتمثل في "العمل" على المهمة بدلاً من "مراقبتها" و"الشعور بالتجربة" بدلاً من "التفكير فيها"، أسلوب تعلُّم يجمع ويمثل تلك العمليات؛ أي أسلوب التعلم "التواؤمي"، وفقاً لمصطلحات "كولب".

تعاريف وأوصاف:

تُمكِّنك معرفة أسلوب التعلم الخاص بشخص ما (وأسلوبك الخاص) من توجيه التعلم وفقاً للطريقة التي يُفضِّلونها، ومع ذلك، يستجيب الجميع ويحتاج إلى تحفيز أنواع أساليب التعلم جميعها إلى حد ما، فمن الهام استخدام الأسلوب الذي يتناسب بشكل أفضل مع الموقف المحدد وأسلوب التعلم الذي يُفضِّله الآخر.

فيما يلي وصف موجَز لأساليب التعلم الأربعة التي وضعها "كولب":

  • التباعدي (الشعور والمراقبة): هؤلاء الأشخاص قادرون على النظر إلى الأشياء من وجهات نظر مختلفة؛ فهُم حساسون، ويُفضِّلون المراقبة بدلاً من العمل، ويميلون إلى جمع المعلومات وتوظيف خيالهم لحل المشكلات، كما أنَّهم الأفضل في عرض المواقف الملموسة من وجهات نظر مختلفة، حيث أطلق "كولب" على هذا النمط اسم "التباعدي" لأنَّ أداء هؤلاء الأشخاص أفضل في المواقف التي تتطلب توليد الأفكار، مثل العصف الذهني، والأشخاص ذوو أسلوب التعلم التباعدي لديهم اهتمامات ثقافية واسعة، ويحبون جمع المعلومات، ويهتمون بالناس، ويميلون إلى أن يكونوا واسعي الخيال وعاطفيين وبارعين في مجال الفنون، ويُفضِّلون العمل في مجموعات والإصغاء بعقل منفتح وتلقِّي التغذية الراجعة المتعلقة بشخصيتهم.
  • الاستيعابي (المراقبة والتفكير): يُفضِّل مستخدمو التعلم الاستيعابي المنهج الموجز والمنطقي؛ فالأفكار والمفاهيم عندهم أهم من الناس، ويحتاجون إلى تلقِّي شرح واضح بدلاً من فرصة للتطبيق العملي، كما يتفوقون في فهم المعلومات المتنوعة وتنظيمها بتنسيق منطقي واضح، فالأشخاص ذوو أسلوب التعلم الاستيعابي أقل تركيزاً على الأشخاص وأكثر اهتماماً بالأفكار والمفاهيم المجردة، وينجذبون إلى النظريات السليمة منطقياً أكثر من انجذابهم إلى الأساليب القائمة على القيمة العملية، حيث تناسب الوظائف المرتبطة بمجال العلوم وجمع المعلومات هؤلاء الأشخاص، وفي ظروف التعلم الرسمية، يُفضِّل الأشخاص الذين لديهم هذا النمط القراءة والمحاضرات واستكشاف النماذج التحليلية وامتلاك الوقت للتفكير في الأمور.
  • التقاربي (العمل والتفكير): يمكِن للأشخاص الذين لديهم أسلوب تعلُّم تقاربي حل المشكلات واستخدام تعلُّمهم لإيجاد حلول للقضايا العملية، كما يُفضِّلون المهام الفنية، وهم أقل اهتماماً بالناس والجوانب الشخصية، والأشخاص ذوو أسلوب التعلم التقاربي هم الأفضل في إيجاد أساليب التطبيق العملي للأفكار والنظريات، ويمكِنهم حل المشكلات واتخاذ القرارات من خلال إيجاد حلول للأسئلة والمشكلات، كما ينجذبون إلى المهام والمشكلات التقنية أكثر من القضايا الاجتماعية أو الشخصية، ويعزز أسلوب التعلم التقاربي القدرات التخصصية والتكنولوجية؛ إذ يحب الأشخاص ذوو الأسلوب التقاربي تجربة الأفكار الجديدة والمحاكاة والتطبيق العملي.
  • التواؤمي (العمل والشعور): أسلوب التعلم التواؤمي هو "التدريب العملي"، ويعتمد على الحدس بدلاً من المنطق؛ إذ يستخدم الأشخاص الذين يستخدمونه تحليل الآخرين، ويُفضِّلون اتباع نهج عملي وتجريبي، وينجذبون إلى التحديات والخبرات الجديدة وتطبيق الخطط، ويتصرفون عادةً بناءً على غريزتهم وحدسهم بدلاً من التحليل المنطقي، كما يميلون إلى الاعتماد على الآخرين للحصول على المعلومات بدلاً من إجراء التحليل الخاص بهم، فهذا النمط التعليمي سائد ومفيد في الوظائف التي تتطلب العمل والمبادرة، حيث يُفضِّل الأشخاص الذين يستخدمون أسلوب التعلم التواؤمي العمل في فِرَق لإكمال المهام، فهم يُحدِّدون أهدافاً ويعملون بنشاط ويحاولون إيجاد طرائق مختلفة لتحقيق هدف ما.

 يُرجى ملاحظة ما يلي:

  • كما هو الحال مع أي نموذج سلوكي، فإنَّ هذه المقالة دليل وليست مجموعةً صارمةً من القواعد.
  • ومع ذلك، تظهر لدى معظم الناس أنماط التعلم التي يفضِّلونها بوضوح، كما أنَّ القدرة على استخدام أنماط مختلفة أو التبديل فيما بينها ليس أمراً سهلاً أو بديهياً بالنسبة إلى الكثير من الناس؛ إذ يميل الأشخاص الذين لديهم أسلوب تعلُّم مفضَّل واضح إلى التعلم بصورة أكثر فاعلية إذا كان التعلم موجهاً وفقاً لتفضيلاتهم.
  • على سبيل المثال: لن يشعر الأشخاص الذين يُفضِّلون أسلوب التعلم "الاستيعابي" بالراحة عند إخبارهم بالنتائج دون إعطائهم ملاحظات وتعليمات.
  • من المرجح أن يشعر الأشخاص الذين يُفضِّلون استخدام أسلوب التعلم "التواؤمي" بالإحباط إذا اضطروا إلى قراءة الكثير من التعليمات والقواعد، وهم غير قادرين على الحصول على الخبرة العملية في أسرع وقت ممكن.

نظريات سلوكية/ شخصية أخرى:

كما هو الحال مع العديد من النماذج السلوكية والشخصية، توجد ارتباطات مثيرة للاهتمام بين نظرية "كولب" والمفاهيم الأخرى.

على سبيل المثال، يقول "كولب" إنَّ نظريته في التعلم التجريبي ونموذج أساليب التعلم التي تتضمنه، ترتكزان على نظرية "كارل يونج" (Carl Jung) التي تقول إنَّ أساليب التعلم تنتج عن طرائق الناس المفضلة التي يستخدمونها للتكيف في العالم.

بالإضافة إلى العديد من الروابط الأخرى بين التعاريف، يشير "كولب" إلى أنَّ البُعْد الجدلي لـ "يونج" "الانطواء والانفتاح"، الذي يتميز ويقاس من خلال مؤشر مايرز بريغز للأنماط (Myers-Briggs Type Indicator)، يرتبط بجدلية "العملي/ التأملي" (العمل/ المراقبة) لنموذج "كولب".

كما يرتبط بُعْد "الشعور/ التفكير" في مؤشر "مايرز بريغز" للأنماط ببُعد نموذج "كولب" (التجربة المادية/ المفاهيم المجردة).

إقرأ أيضاً: كيف تستثمر أساليب التعلم المختلفة لتحقيق النجاح المهني؟

العلاقة بين نموذج "كولب" ونموذج "هوني وممفورد":

تستخدم مصادر مختلفة المصطلحات التالية: "عملي" (activist)، و"متأمِّل" (reflector)، و"نظري" (theorist)، و"ذرائعي" (pragmatist) -والتي تمثل المراحل الرئيسة الأربع أو خطوات التعلم بالترتيب- في محاولة شرح نموذج "كولب"، إلا أنَّهم ينتمون في الواقع إلى نظرية "هوني وممفورد".

طور باحثا علم النفس "بيتر هوني" (Peter Honey) و"آلان ممفورد" (Alan Mumford) نظام أساليب التعلم الخاص بهما كبديل لنموذج "كولب" في أثناء العمل على مشروع لشركة "كلورايد" (Chloride) في السبعينيات، يقول "هوني وممفورد" عن نظامهما: "لقد نشأ وصفنا للمراحل في دورة التعلم من عمل "ديفيد كولب"، ولكن يستخدم "كولب" كلمات مختلفة لوصف مراحل دورة التعلم وأساليب التعلم الأربعة؛ لذا فإنَّ أوجه الشبه بين نموذجه ونموذجنا أكبر من الاختلافات".

إليكم وصفاً موجزاً للمراحل/ الأنماط الرئيسة في نموذج "هوني وممفورد" (H&M)، والتي تتطابق بشكل مباشر مع بعضها بعضاً، كما تختلف عن نموذج "كولب" الذي تكون فيه أنماط التعلم نتاجاً لمجموعة من مراحل دورة التعلم، ويمكِن تمثيل أنماط ومراحل نموذج "هوني وممفورد" بطريقة نمطية من خلال رسم دائرة تُمثِّل علاقة تتابعية من الشمال إلى الشرق، ثمَّ الجنوب، وأخيراً الغرب، أو من خلال رسم مخطط دوري رباعي المراحل.

  1. "الحصول على تجربة" (المرحلة 1) والعملي (النمط 1): الأشخاص العمليونمندفعون واجتماعيون، ويبحثون عن التحديات والخبرات الفورية، وهم منفتحو الذهن، ويثير التطبيق مللهم.
  2. "مراجعة التجربة" (المرحلة 2) والمتأمِّل (النمط 2): الأشخاص المتأمِّلون يتراجعون ويجمعون البيانات، ويُفضِّلون التفكير والتحليل وتأجيل الوصول إلى الاستنتاجات والإصغاء قبل التحدث.
  3. "الاستنتاج من التجربة" (المرحلة 3) والنظري (النمط 3): يُفضِّل النظريون التفكير في الأمور عبر اتباع خطوات منطقية واستيعاب الحقائق المتباينة وتحويلها إلى نظريات متماسكة، ويتمتعون بالموضوعية والعقلانية، ويرفضون الذاتية والتقلب.
  4. "التخطيط للخطوات التالية" (المرحلة 4) والذرائعي (النمط 4): يبحث الذرائعيون عن أفكار جديدة ويجربونها، ويتمتعون بالعملية والواقعية، ويستمتعون بحل المشكلات واتخاذ القرارات بسرعة، ويشعرون بالملل من النقاشات الطويلة.

يمكِن القول إنَّ هناك تشابه قوي بين أنماط/ مراحل "هوني وممفورد" وأنماط تعلُّم "كولب":

  • العملي = الأسلوب التواؤمي.
  • المتأمِّل = الأسلوب التباعدي.
  • النظري = الأسلوب الاستيعابي.
  • الذرائعي = الأسلوب التقاربي.

 

المصدر




مقالات مرتبطة