مفهوم التحوُّل الرقمي وأنواعه وأهميته

تسعى معظم الشركات إلى التحوُّل الرقمي، بهدف تسهيل سَير العمل، وتوفير تجربة أفضل لها ولعملائها، وقد دفعت جائحة كورونا معظم الشركات إلى رقمنة خدماتها وطريقة تواصلها، نستعرض أدناه مفهوم التحوُّل الرقمي، وأنواعه وما هي أهميته ومجالاته والمعوقات التي تحول دون تطبيقه.



ما هو التحوُّل الرقمي؟

يمكن تعريف التحوُّل الرقمي بأنَّه عملية دمج التكنولوجيا الرقمية في مجالات العمل المختلفة بهدف الإدارة الكاملة رقمياً، والتخلي عن الورقيات شيئاً فشيئاً؛ بهدف تغيير كيفية عمل الشركة وكيفية تشغيل القيمة للعملاء وتقديمها، فهو يحسِّن تجربة العملاء مع الشركة، كما يوفر الراحة لكل من الشركة والعميل ويزيد الإنتاجية؛ ومن ثَمَّ زيادة الربح.

كما يمكن تعريفه بأنَّه الوسيلة التي تعتمد فيها المنظَّمات كلها قواها لتطبيق التقنيات الرقمية، لتحسين الوجود في وسائل التواصل الاجتماعي، وتنفيذ أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي والاستثمار في الثقافة بالاعتماد على البيانات.

تعود بدايات الرقمنة إلى عام 1703؛ إذ شرح غوتفريد فيلهيلم لايبنتز، وتصور المبدأ في كتابه "شرح دي لا ريميثيك بينير"؛ فقد تطور العد الثنائي بداية بوصفه نظاماً رقمياً يستخدم قيمتين فقط 0 و1، ثم تابع التطوير على النظام واستُكمل من خلال باحثين منهم جورج بول (1845)، وكلود شانون (1938)، وجورج ستبتز في فترة الأربعينيات.

يجب أن يبدأ التحوُّل الرقمي بتوضيح مشكلة محددة لمعالجتها أو هدف لبدء ممارسة عملية التحوُّل الرقمي لشركتك وكيف ستعمل عليه.

يشمل التحوُّل الرقمي أتمتة العمليات والأشخاص ونماذج الأعمال الجديدة، باستخدام كل من برامج وتقنيات تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوك شبين وما إلى ذلك.

من أمثلة التحوُّل الرقمي بناء الشركات حلولاً رقمية، بما يتضمن تطبيقات الأجهزة المحمولة أو منصة التجارة الإلكترونية، إضافة إلى استبدال أجهزة الكمبيوتر المحلية بمنصات الحوسبة السحابية.

إحدى الأسئلة التي قد تدور في أذهان الناس: ما هو الفرق بين الرقمنة والتحوُّل الرقمي؟

في الحقيقة تركز الرقمنة على استخدام التكنولوجيا والبيانات والتعاملات والاتصالات الرقمية، وما إلى ذلك، لتحقيق الإيرادات أو تحسين الإجراءات، في حين يكون التحوُّل الرقمي أوسع ويغطي كل جوانب الأعمال.

أنواع التحوُّل الرقمي:

لتحقيق تحول رقمي شامل يجب البدء من آلية سير العمل إلى الطرائق المتبعة فيه إلى التوسع ونمو العمل، وانتهاء بنشر ثقافة التحوُّل الرقمي، بناء على ذلك يمكن تصنيف التحوُّل الرقمي إلى أربعة أنواع أساسية:

1. تحويل عمليات الأعمال:

تحويل عمليات الأعمال؛ أي إنَّ الشركة ستستخدم التكنولوجيا لإجراء تحديثات على عملياتها الداخلية، ممَّا يعود عليها بالفائدة الكبيرة من خلال تقليل التكاليف، وتسريع عمليات التوريد بما يتضمن العرض والطلب، وتحسين جودة الخدمات أو المنتجات المقدمة، وكمثال على تحويل العمليات: شركة معينة تستخدم أتمتة العمليات الروبوتية (RPA) لأتمتة مهمة روتينية أكملها الموظفون يدوياً.

هذا يساعدها على خفض تكاليف العمالة، كما سيوفر على الموظف الجهد؛ ومن ثَمَّ ستزداد إنتاجيته وسيكون قادراً على العمل في مهام أخرى.

2. تحويل نموذج العمل:

يعني تحويل نموذج الأعمال؛ أي تبديل الطريقة التقليدية التي تعمل بها الصناعة، فعندما تريد شركة إجراء تحول في نموذج العمل ستستخدم التقنيات التي سوف تمكنها من تقديم خدمات أو منتجات أفضل عن منافسيها في المجال نفسه، على سبيل المثال: لقد غيرت Uber نظرة الناس إلى وسائل النقل اليوم، فقد عالجت مشكلة حيوية؛ إذ كان الناس يريدون السفر من مكان إلى آخر بسياراتهم بأنفسهم، لكون وسائل النقل العام تأخذ وقتاً طويلاً.

هنا ربطت أوبر العملاء الذين يحتاجون إلى النقل مع السائقين، وكانت الخدمة الإجمالية أقل تكلفة، والتفوق على منافسيها من شركات النقل الأخرى مثل Lyft، التي بدأت تنهج نهجها وتقدم خدمات شبيهة.

3. تحويل المجال:

يقصد بتحويل المجال؛ أي استخدام الشركة تقنية جديدة تساعد على توسيع عروضها، تسعى الشركات غالباً إلى النمو والتوسع عبر الدخول في مجالات جديدة، وتقديم شبكة أوسع من الخدمات أو المنتجات التي لا تنتمي بالضرورة إلى السوق نفسه.

على سبيل المثال، بدأت شركة فيسبوك بوصفها منصة سوشال ميديا فقط؛ لكنَّها أطلقت فيما بعد خدمة Facebook Watch لشعبية خدمات بث الفيديو، هذا وقد وفرت الخدمة محتوى أصلياً كبيراً، بما يتضمن المسلسلات التلفزيونية النصية والبرامج الحوارية والعروض الرياضية والأفلام الوثائقية وما إلى ذلك، حتى تنافس بذلك خدمات البث الأخرى مثل Netflix وAmazon Prime Video وDisney وغير ذلك.

4. التحوُّل الثقافي / التنظيمي:

يهتم بتحويل ثقافة الأعمال؛ بمعنى نشر ثقافة التحوُّل وتدريب القوى العاملة ودعمها في المؤسسة على التقنيات الحديثة لتحقيق التحوُّل الرقمي الشامل، فعندما تريد شركة تغيير ثقافتها عليها البدء من أعلى الموظفين الذين يتبعون مثال قادتهم، كما قد تضطر الشركة أحياناً إلى إعادة تشكيل الموظفين، فقد يلزم تعيين مواهب جديدة لتساعدها على النجاح في اتجاهها الجديد.

أهمية التحوُّل الرقمي:

تستفيد الشركات من أحدث الأدوات والتقنيات لتحسين العمل وتطوير المنتجات وأتمتة العمليات وإنشاء عملية أكثر كفاءة، ومن فوائد الرقمنة:

1. يعود التحوُّل الرقمي على الشركات بفوائد كثيرة:

فمن خلال دمج التقنيات المتطورة، تستطيع الشركة تحسين العمليات الداخلية وتقليل كلفة العمالة نتيجة تقليل المعدات والاعتماد على الحوسبة السحابية ونفقات الطاقة والموارد البشرية ونفقات دعم العملاء.

2. كما أنَّ أتمتة العمليات واستخدام البرامج والتطبيقات والأدوات الرقمية وجمع البيانات:

يسمح للأعمال التجارية باستخدام الموظفين بالشكل الأمثل، كما يسمح بإدارة أكبر عدد ممكن من المشاريع بأقصر وقت ممكن.

3. أبرز فوائد الرقمنة أنَّها تتيح تجربة أفضل للعملاء:

لكونها تسمح بالحصول على مزيد من الخيارات، مما يزيد من رضى العملاء، فمثلاً: اعتماد تقنية الاستشعار الذكي لتتبع الطلبات سريعاً وتنفيذها، كما أنَّ استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للتفاعل مع العملاء، واستخدام الأتمتة في تحسين دعم العملاء وخدمتهم.

4. كما أنَّها تسمح بالتفاعل بين الشركة والعملاء بواسطة الإنترنت:

فعلى سبيل المثال: قد يفضل الأشخاص متجر ملابس فيه خيار متجر بواسطة الإنترنت على خيار يتطلب من العميل التسوق شخصياً فقط.

5. كما يمكن للشركة من خلال التحوُّل الرقمي جمع البيانات عن نهج التسويق والمبيعات في المستقبل:

مما يسمح بمراقبة الأداء واتخاذ قرارات استراتيجية بهدف حل المشكلات أو إجراء تحسينات.

ما هي مجالات التحوُّل الرقمي؟

يمكن تطبيق التحوُّل الرقمي في المجالات من الشركات حتى المدارس حتى القطاع الحكومي.

1. ما معنى التحوُّل الرقمي للمدارس؟

التحوُّل الرقمي في المؤسسات التعليمية؛ أي استبدال الوسائل التقليدية كلها بأخرى حديثة، بما يتضمن الكتب المدرسية المطبوعة والسبورات التفاعلية والطباشير الذكية وما إلى ذلك.

2. ما هو التحوُّل الرقمي في البنوك؟

يهدف التحوُّل الرقمي في البنوك بالنسبة إلى الأفراد إلى توفير الخدمات الأساسية وتنفيذ الأعمال بواسطة الحواسيب الشخصية والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية بكبسة زر واحدة، مما يلغي الحاجة إلى الذهاب إلى المؤسسات أو الاتصال بمراكز خدمات العملاء التابعة لها إلا عند الضرورة.

3. التحوُّل الرقمي في المؤسسات الحكومية:

تهدف الرقمنة في الجهات الحكومية إلى تنظيم أعمال الحكومة وتقديم خدمات رقمية بكفاءة عالية، وتحقيق التكامل بين الجهات الحكومية، وفي الوقت الحالي تعمد دولة مصر استراتيجية ومسار عمل قويين بهدف تحويل الخدمات الحكومية، التي تعتمد على النظام البيئي المجتمعي إلى نظام بيئي يعتمد على البيانات، بواسطة جميع العمليات والإجراءات الحكومية، ثم تقديمها بواسطة أنظمة حاسوبية رقمية بلا أي تدخُّل بشري، مما يجعلها أسرع وأبسط.

إقرأ أيضاً: لماذا يجب عليك تسريع التحول الرقمي أثناء الأزمة؟

ما هي معوقات التحوُّل الرقمي؟

تتجلى أبرز معوقات التحوُّل الرقمي في عدم وجود الرغبة بالتعاون والمشاركة بين أفراد الشركة لإنشاء أفكار إبداعية جديدة تلبي احتياجات السوق، مما يحول دون إتمام العملية.

إقرأ أيضاً: التحول الرقمي: زيادة المشاركة في التعلم عبر الإنترنت

في الختام:

من الجدير بالذكر أنَّه قد يتم التحوُّل الرقمي من خلال تغييرات صغيرة، بهدف تغيير الأنظمة القديمة في مختلف مستويات المنظمة، أو ربما يحصل على شكل تحوُّل واسع في الثقافة ونموذج التشغيل للشركة بأكملها.




مقالات مرتبطة