مفتاح الشراكات التجارية الناجحة

عندما يسألنا الناس كيف استطعنا أن نبقى شركاء في العمل لمدة طويلة دون خصام، فإنَّنا غالباً ما نجيب بأنَّنا تعلَّمنا منذ وقت مبكر حقيقة أنفسنا وتقبلناها واستفدنا منها إلى أقصى حد.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون بوب هايس (Bob Hayes)، ويشرح فيه أُسس الشراكات الناجحة.

لقد اكتشفنا حقائق هامة عن أنفسنا مبكراً، وخاصةً بوب (Bob)؛ فقد كانت طفولة بوب مختلةً في أحسن الأحوال؛ إذ كان والداه مدمنان على الكحول، وانفصلا عندما كان عمره 13 عاماً فقط، ثم توفيت والدته في سن 39 عاماً عندما كان بوب يبلغ من العمر 16 عاماً فقط، ثم انتقل بوب وشقيقيه بعد وفاة والدته إلى العيش مع والده وزوجته الجديدة التي لم تسعد أبداً برؤية ثلاثة أطفال آخرين يقاسمون أطفالها الثلاثة حياتهم.

كان ذلك في سبعينيات القرن الماضي الجميل؛ ولكنَّ حياته لم تكن جميلةً بالتأكيد.

كانت طريقة بوب في التعامل مع ذلك كلِّه هي الانسحاب؛ فقد كان عصر السبعينيات عصر الموسيقى والطبيعة والتسلية والابتعاد عن المجتمع والتعبير عن النفس وإيجادها، واندفع بوب ذاهباً إلى الغابة ليبقى وحيداً؛ فقرأ كتاباً عن رجل عاش وحيداً في غابات إقليم يوكون (Yukon) محاطاً بقسوة الطبيعة وبساطتها، قابل بوب مؤلف الكتاب الذي أخبره أنَّ حلم العيش في البرية كان رائعاً ولكن مؤقتاً ويجب على بوب أن يكتشف بنفسه ما إذا كان هذا الحلم حقاً مناسباً له.

تبين أنَّه لم يكن مناسباً فأمضى بوب أسبوعاً في الغابة بمفرده وكره ذلك؛ ولكنَّه فهم في الأسابيع والأشهر التالية كيف غيَّرته هذه التجربة تغييراً عميقاً وسمحت له باكتشاف جوانب هامة من شخصيته الحقيقية، وهي السمات التي ساعدت بوب على النجاح في العمل والحياة، فقد اكتشف بوب أنَّه يمكنه العيش بمفرده؛ ولكنَّه لم يحب ذلك ولم يكن بحاجةٍ إلى وجود أناسٍ حوله؛ ولكنَّه أراد وجودهم.

لقد كان يحب معاشرة الناس أكثر بكثير ممَّا كان يتخيله، وعلم أيضاً أنَّه شخصٌ ذو إرادةٍ وتصميم وقادرٌ على إنهاء ما بدأه، فقد تعلَّم كيفية التعامل مع الخوف وعدم تركه يتفاقم وصولاً إلى الفشل، وتعلَّم أنَّه يمكنه العيش باقتصاد وبساطةٍ دون أن يجني مالاً كثيراً.

عندما كان جيم (Jim) يبلغ من العمر 25 عاماً ويعيش في لوس أنجلوس التقى بإريك (Eric)، وهو مضيف طيران يعمل في شركة الطيران الكندية (Air Canada)؛ إذ تشارك الاثنان القيم ذاتها وكان جيم شخصاً خجولاً جداً، وفي إحدى زياراته إلى لوس أنجلوس سمع إريك جيم على الهاتف يتحدث مع بعض الأصدقاء ويختلق قصةً عن سبب عدم قدرته على لقاء أصدقائه في تلك الليلة.

إقرأ أيضاً: كيف يساعدك بناء العلاقات على تحقيق النجاح الوظيفي

الصدق وتقبُّل الذات:

بعد المكالمة جلس إريك مع جيم لخوض حديثٍ طال انتظاره، وكان موضوع الحديث: يجب أن تكون صادقاً مع نفسك ولا تخفي من أنت حقاً، وردَّد له كلمات الكاتب آلان آشلي بيت (Alan Ashley-Pitt) والتي ساعدت جيم على قبول طبيعته؛ فكتب بيت: "لديك خياران في حياتك؛ إذ يمكنك أن تكون مثل الجميع أو يمكنك أن تكون متميزاً، ولكي تكون متميزاً يجب أن تكون مختلفاً، ولكي تكون مختلفاً يجب أن تسعى جاهداً لتصبح شخصاً لا يشبهه أحد".

بقيت هذه الكلمات معلقةً على حائط مكتب جيم حتى يومنا هذا.

إنَّ معرفة نفسك وفهمها وقبولها ومحبتها هي أساس الشراكة الناجحة ناهيك عن الحياة الناجحة، فلا يمكنك الدخول في شراكة ثم الاعتماد على شريكك حتى تكتشف نفسك الحقيقية.

في الواقع عليك تكوين شراكة قوية مع نفسك قبل أن يتمكن أيُّ شخص آخر من تكوين شراكةٍ معك، فكما يُقال: تبدأ كلمة "نحن" دائماً بـ "أنا".

في التجارة إنَّ معرفة نقاط قوتك وضعفك وما يعجبك وما لا يعجبك سيساعدك على إيجاد أفضل الشركاء المحتملين؛ إذ تحتاج كلُّ شركةٍ إلى شخص ما لأداء وظائف أساسية معينة، مثل التسويق والمحاسبة ومراقبة الجودة والبيع وما إلى ذلك، ويحتاج كلُّ عمل إلى مهارات معينة مثل المهارات التنظيمية والتخطيطية ومهارات التعامل مع العملاء، وبصفتك مالك شركة لا تأمل في أن تكون قوياً في المجالات جميعها بالقدر نفسه.

شاهد بالفديو: 5 قواعد ذهبية لبناء العلامة التجارية الشخصية

تحقيق النجاح يجب أن يكون هدف أيِّ شراكة:

إنَّ وجود شريك يُكملك سيساعد على ملء الفراغات وإضافة المهارات والخبرات التي تفتقر إليها، وقد لا يكون الشخص الذي يمتلك سماتك نفسها، بينما يعاني في المجالات التي تحتاج فيها أيضاً إلى المساعدة أفضل شريك لك، فإذا كنتما متشابهان جداً فقد تتفقان على كلِّ شيء ممَّا يجعلكما عرضةً للمخاطر الخفية، ومن ناحيةٍ أخرى إذا كان شريكك معاكساً لك تماماً فقد تنشأ الخلافات عندما لا تتفقان.

يجب أن يكون هدف أيِّ شراكة هو تحقيق النجاح، فلم تنشأ أيُّ شراكةٍ يوماً لتحقيق الفشل؛ ولكنَّ هذا يطرح السؤال الآتي: ما هو النجاح بالنسبة إلى كلِّ شخص؟ إنَّها كلمةٌ غريبة، ولها معانٍ عديدةٌ مختلفة، فإذا كنت تعرف نفسك جيداً ستعرف بالضبط ما يعنيه النجاح بالنسبة إليك، فهل هو يتعلق بـ:

  • السلطة المالية: هل يعني النجاح بالنسبة إليك جني مال كثير؟ بالنسبة إلى كثيرين المال هو المقياس الأساسي للنجاح.
  • القدرة على الإقناع: هل تريد أن تكون قادراً على التحكم بالسوق أو الاستحواذ على حصة كبيرة بما يكفي من السوق ليكون لديك تأثير وسلطةٌ فيه؟
  • القوة السوقية: هل يعني النجاح أنَّ شركتك أو منتجك هو الأفضل في السوق الذي يطمح إليه أيُّ شخص آخر؟
  • القبول الاجتماعي: هل يتعلق النجاح بالنسبة إليك بالغرور؟ هل تريد أن تكون أفضل من أيِّ شخص آخر فيما تفعله حتى تُحقق مكانةً اجتماعية أكبر؟
  • الرضى النفسي: هل يتعلق النجاح بالشعور بالرضى وامتلاك القدرة على إحداث فرق في مجتمعك وهو شيء لا يمكن للمال شراؤه؟
  • الإرث الدائم: هل تريد تأسيس شيءٍ يستمر لمدة طويلة بعد رحيلك؟
  • الحرية: هل يكمن النجاح في امتلاكك القدرة على التحكم بحياتك تحكماً تاماً لتفعل ما تريد حقاً القيام به؟

قد يعني النجاح بالنسبة إليك كلُّ ما سبق أو حتى لا شيء منه، ومهما كانت إجابتك من الضروري أن يتوافق تعريفك للنجاح مع تعريف شريكك، فخلاف ذلك ستكون مصلحتكما متضاربة، على سبيل المثال، ستكون الشركة التي يديرها شخص يهدف إلى جني مال كثير مختلفةً تماماً عن تلك التي يديرها شخص يطمح إلى تحقيق الرضى والقناعة في حياته.

تذكَّر أيضاً أنَّ تعريفك للنجاح سيتغير بمرور الوقت، ومن الأفضل أن تناقش هذه القضية مع شريكك نقاشاً دورياً.

في الختام:

لست بحاجةٍ إلى تغيير هويتك لتكون ناجحاً وتحقق أحلامك؛ وإنَّما تحتاج فقط إلى قبول ذاتك الحقيقية والعثور على طابعك الفريد حتى تستطيع أن تعيش حياةً صادقة وأن تكون شريكاً رائعاً.




مقالات مرتبطة