معادلة النجاح الحقيقية: 3 استراتيجيات لتحقيق أهدافك

يتخلى أغلب الناس عن قرارات العام الجديد بعد أيام من بدايته، وقد تفكر مع بدء العام الجديد في الأهداف التي ترغب في تحقيقها، ولكن كيف يمكنك أن تحرز تقدماً في تحقيق هذه الأهداف دون أن تتحولَ إلى مجرد أرقامٍ مُحزِنة تدفعك إلى التخلي عن أهدافك بعد بداية العام بعدة أيام؟



يبدأ النجاح في أي مجال من مجالات الحياة من داخل الإنسان، ثمَّ ينتقل إلى عالمه الخارجي؛ وأيَّاً كانت التغييرات التي تريد أن تشهدها حياتك يتعين عليك أولاً أن تبدأها بما تقوله لنفسك؛ إذ يحدد الحوار الداخلي نجاحك الخارجي دائماً، فعلى سبيل المثال: لن يثير وجود أفكار مثل "أنا أُحِسُّ بالعجز بسبب هذا الموقف السيئ" مشاعر العجز فحسب، بل يعيقك أيضاً عن اتخاذ أي خطوات لإجراء التغييرات.

لحسن الحظ، يمكنك التحكم بما يدور في ذهنك، ولا يعني هذا عبارات الإطراء السطحية، بل يعني ما إذا سبق لك أن حاولت أن تقنع نفسك بعبارات مثل: "يمكنني أن أفعل ذلك" أو "أؤمن بنفسي"، وغيرها من الأسئلة قبل أن تسمع صوتاً من داخل نفسك يخاطبك قائلاً: "كفى".

يسمح لك التحكم ببيئتك الداخلية تبديل عالمك الخارجي، وإحدى طرائق القيام بذلك هي تطبيق صيغة النجاح الحقيقي، والتي هي شيء ابتُكِر بعد العمل مع العملاء لأكثر من عقدين من الزمان؛ فمثلاً: عندما تكون طبيباً نفسياً ومدرباً يعمل مع مسؤولين تنفيذيين ورجال أعمال وشخصيات رياضية؛ يميل عملاؤك إلى النجاح نظرياً، ولكنَّهم رغم ذلك يشعرون وكأنَّهم يفتقدون شيئاً ما، ولا شك أنَّهم نجحوا في صنع ثروةٍ كبيرةٍ وحققوا إنجازات مذهلة؛ ولكن عندما سُئِلوا عما إذا كانوا ناجحين، أشاروا إلى الحاجة إلى إنجاز المزيد قبل أن يشعروا بالنجاح.

تأتي من هنا صيغة النجاح الحقيقي، فهي تنطوي على ثلاث ركائز أساسية لتحقيق النجاح والاستمتاع به في حياتك:

  1. الشغف: طاقة إيجابية حتى في الأوقات الصعبة.
  2. الغاية: أن يكون لحياتكَ معنى.
  3. الناس: تحسين علاقاتك بالآخرين.

كيف يمكن أن تساعدك صيغة النجاح الحقيقي في تحقيق أهدافك؟

1. الشغف (تعزيز طاقتك الإيجابية):

حينما نقول الشغف، لا نتحدث عن الحب الرومانسي، بل عن الطاقة الإيجابية، وأن تكون ممتناً لما يحدث معك، فتشعر في الوقت نفسه بالحماسة لإحداث تغييرات إيجابية في حياتك؛ فعندما تكون مدفوعاً بالشغف، تقدِّر ما يحدث وتتمكن من تحسين الأمور.

يتناقض هذا تناقضاً حاداً مع عقلية "الضحية"؛ فعندما نكون في مكان الضحية، نعجز عن إجراء التغييرات؛ وقد يتجلَّى الظهور بمظهر الضحية بأشكال عدة، كإلقاء اللائمة على الظروف الخارجية، كأن تقول: "آهٍ لو كنتُ أمتلك كثيراً من المال"؛ أو إلقائه على أشخاص آخرين، كأن تقول: "آهٍ لو قدَّم لي الشريك مزيداً من الدعم"؛ أو على الماضي، كأن تقول: "لقد حاولت في الماضي ولم يفلح الأمر، لذا فأنا عالق في مكاني"؛ كما لدينا الخوف الذي يتجلى على هيئة هوسٍ بالكمال كأن تقول: "يجب أن يكون العمل كاملاً وإلَّا لماذا نكلف أنفسنا هذا العناء؟"، والمماطلة كأن تقول: "سيكون أمراً صعباً؛ لذا سأؤجله" اللذين يمكنهما أيضاً أن يسلبانا شغفنا؛ ورغم أنَّنا لا نستطيع دوماً أن نغير المواقف، إلَّا أنَّنا نستطيع دوماً أن نغير طريقة تعاملنا وإيَّاها.

من بين الطرائق التي يمكنك من خلالها تطبيق الشغف في حياتك لمساعدتك في تحقيق أهدافك هو التوقف عن إلقاء اللائمة على نفسك؛ فكر في الأخطاء التي ارتكبتها مراراً وتكراراً، ربما قدمت عرضاً تقديمياً ونسيت الكلمات، أو ربما أجريت محادثة هامة مع شخص ما، وبعد ذلك فكرت في تعليق رائع كان ينبغي لك أن تضيفه؛ كم مرة آذيت نفسك بسبب الماضي؟

أراد أحد العملاء أن يكون قائداً أفضل، وبرر ذلك أنَّه عندما يكون متوتراً، يميل إلى أن يكون سريع الغضب والانفعال مع من حوله؛ حيث قال: "لقد كان والدي هكذا أيضاً، وهذا شيء موجود في جيناتي"؛ وعندما اقترحت عليه ممارسة التأمل للوصول إلى هدفه، رفض بسبب كونه قد جرب ذلك سابقاً ولم ينجح، وكان إحباطه جراء إخفاقات الماضي تمنعه من المضي قدماً إلى إجراء تغييرات إيجابية.

لا يُعَدُّ هذا فشلاً، بل هو مجرد بيانات؛ والمقصود بالبيانات هنا المعلومات التي يمكنك استخدامها للتعلم والنمو. من الناحية النظرية، يمكن أن يكون التأمل طريقة رائعة للحد من الإجهاد والغضب والحفاظ على التركيز وزيادة التفاؤل؛ بيد أنَّ محاولاته السابقة لم تسفر عن النتائج التي أرادها؛ لذا، فبدلاً من لوم نفسه، كان عليه أن ينظر إلى ما حدث على أنَّه نتيجة عدم تمسكه بأهدافه؛ ومن بين العقبات الكبرى التي اكتُشِفت آنذاك: الوقت والملل؛ ولمعالجة هذه المشكلات، جرت جدولة استراحات يومية لمدة خمس دقائق حيث كان يمارس التأمل، كما جرى تنزيل تطبيق على هاتفه يقدم جلسات تأمُّل موجهة كانت أكثر إثارة له.

إذاً، كيف تتعلم من ماضيك لإحداث تغييرات إيجابية في حاضرك ومستقبلك؟

شاهد بالفيديو: 14 نصيحة لتحويل شغفك إلى أفكار قابلة للتنفيذ

2. الغاية (معرفة السبب):

غالباً ما يكون من السهل تحفيزك عند البدء، حيث تكون الرغبة في تحقيق هدفك مرتفعة في البداية؛ فإذا سبق لك أن ذهبت إلى صالة الألعاب الرياضية خلال الأسابيع القليلة الأولى من شهر يناير، فأنت تعرف ما يعني ذلك.

لكن ماذا سيحدث عندما يتلاشى شهر اتّخاذ القرارات، أي عندما "تقف الحياة في طريقها"؛ وعندما تسيطر على عقلك عباراتٌ مثل "أنا مشغولٌ جداً، وليس لدي ما يكفي من الوقت" أو "لا أستطيع أبداً أن أؤدي هذا العمل"؟

يمكن أن تمنع الغاية حدوث ذلك، وهدفك هو "السبب" أو المعنى الكامن وراء التغييرات التي تريد إجراءها. لقد سمعنا جميعاً قصصاً عن جدَّة رفعت سيارة من فوق حفيدتها بعد أن علقت على نحو غير متوقع تحتها؛ ورغم أنَّ هذه الحالات نادرة، إلَّا أنَّها تذكير عظيم بقوة الهدف.

نحن نأمل ألا تُوضَع أبداً في مثل هذا الموقف العصيب؛ ومع ذلك، يمكن أن يساعدك التركيز على "السبب" في أن تكون بطلاً خارقاً في حياتك.

أخبر طبيب مريضته أنَّها تقترب من معايير السمنة مع اقتراب مؤشر كتلة الجسم من 30، ولذلك قررت التركيز على التمرين؛ ولكن مع تقدم الوقت، توصلت إلى عدة أسباب لعدم تمكنها من الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية؛ وعندما سُئِلت لماذا تريد إنقاص وزنها، قالت: "لأنَّني لا أريد أن أكون بدينة"؛ وعندما طُلب منها استكشاف هذه الرغبة أكثر، أدركت أنًَ "ما تريده حقاً هو أن تكون قدوة جيدة لأولادها"؛ ذلك لأنَّ أطفالها تظهر عليهم علامات تدل على اتباع خطى والدتهم.

كان هدف هذه الأم أن تكون نموذجاً إيجابياً يحتذي به أطفالها حتى يتمكنوا من تطوير عادات صحية دائمة، فكان هذا دافعاً قوياً لها دفعها إلى الالتزام ببرنامج التمرين؛ وأما بالنسبة إلى النتائج، فقد حققت وزناً صحياً وحافظت عليه في النهاية؛ لكن عندما ركزت على "عدم الرغبة في أن تكون بدينة" فقط، لم تكن قادرة على تحقيق هذا الهدف.

إقرأ أيضاً: كيف أُحدِّد شغفي؟

3. الناس (التواجد بين أشخاص رائعين من حولك):

نحن كائنات اجتماعية، ويشكل تحسين علاقاتك مع الآخرين مكوناً هاماً من مكونات النجاح الحقيقي؛ وعندما يتعلق الأمر بتحقيق أهدافك، تمثل هذه الركيزة فرصة عظيمة للحصول على المساعدة، وقد يعني هذا التأكد من كون شريكك مستعداً لدعم التغيير المطلوب، أو الاستعانة بشريك للمساءلة، أو تعيين مدرب، أو الانضمام إلى مجموعة من الأفراد ذوي التفكير المماثل.

نحن متوسط الأشخاص الخمسة الذين نقضي معهم أعظم قدر من الوقت، فإذا كنت تقضي وقتك مع أشخاص لديهم كل المبررات التي تدفعهم إلى عدم تحقيق أهدافهم، أو هؤلاء الذين يركزون على الماضي كسبب لوضعهم الحالي؛ فمن المرجح أن تكون في وضع الضحية، والنتيجة هي عدم تحقيق أهدافك والحفاظ على الوضع الراهن.

إنَّه لمن المؤسف أنَّ الإبقاء على الوضع الراهن من الممكن أن يؤدي غالباً إلى مزيد من المشكلات، فمثلاً: أرادت إحدى السيدات ضبط مواردها المالية، ولكنَّ زوجها كان يشجعها على التبذير بغرض "الاستمتاع بالحياة". لا شك أنَّ المرء يستطيع أن يستمتع بالحياة دون إنفاق فلس واحد، ولكن هذه لم تكن الطريقة التي حدد بها شريكها هذه الحالة.

لم تمنعها العبارات المُثبِّطة التي وجهها لها الزوج من التوقف عن اتباع مبادئ الادخار الذكي فحسب، بل أدى أيضاً إلى إنفاق كلٍّ منهما قدراً من المال أكبر كثيراً مما كانا يمتلكان؛ والنتيجة: عندما حان الوقت لكي يذهب ابنهما الأكبر سناً إلى الجامعة، لم يكن بوسعهما أن يتحملا تكاليفها؛ ورغم أنَّ هذا لا يعني نهاية العالم، إلَّا أنَّها لو كانت أكثر حكمة في الادخار، كان يمكن لمزيد من الخيارات أن تتوفر لابنها عندما يتعلق الأمر بهذه المرحلة التالية من حياته، وهذا ما أدى إلى توتر العلاقة بينها وبين زوجها.

إقرأ أيضاً: 11 سبباً وراء عدم تحقيقك لأهدافك

ابحث عن الأشخاص في حياتك الذين يمكنهم دعمك لتمتلك أفضل شخصيَّةٍ ممكنة، وابحث عنهم كأصدقاء وزملاء وأفراد في المجتمع.

لا يعني هذا أنَّ عليك التخلص من كل الأشخاص غير الداعمين في حياتك؛ فرغم أنَّه قد يكون خياراً مفيداً، فإنَّه ليس ممكناً دائماً؛ لذا، ابحث عن طرائق لإنشاء شبكة اجتماعية تساعدك على تمكين ذاتك والآخرين.

 

المصدر




مقالات مرتبطة