مشاركة الموظفين: هل صحيح أنَّ المديرين يشكلون الدافع الأكبر لذلك؟

لقد سمعنا جميعاً أنَّ المديرين هم الدافع الرئيس لمشاركة الموظفين، ولكنَّ هذا ليس صحيحاً؛ فحالما ترى لماذا هذه الفكرة المتداولة المتعبة خاطئة، ستفهم الضرر الذي نلحقه بالقوى العاملة لدينا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "مارك مورفي" (Mark Murphy)، والذي يوضح لنا بأنَّ المديرين ليسوا هم فعلاً الدافع الرئيس لمشاركة الموظفين.

هل سبق لك أن رأيت موظفين في القسم نفسه لديهم مشاعر مختلفة جذرياً عن مديرهم؟ يقول أحد الموظفين: "طبعاً، إنَّ مديرنا يدفعنا إلى تطوير نقاط ضعفنا، ولكنَّ ذلك ساعدني على تعلُّم مهارات جديدة كثيرة، وأنا أحب التغلب على التحديات الكبيرة".

وفي الوقت نفسه يقول موظف آخر: "إنَّ مديري لا يشعر أبداً بالرضى، وأنا عالق دائماً خارج منطقة راحتي وأضطر إلى تعلُّم أشياء جديدة بدلاً من القيام بالعمل الذي أجيده بالفعل".

هؤلاء الموظفون لديهم المدير نفسه، ومع ذلك، مشاعرهم تجاهه متعارضة تماماً، ولكن لماذا؟

من المؤكد أنَّ لكليهما وجهات نظر وعقولاً مختلفة؛ فمن المرجح أن يكون الموظف الأول يتمتع بقدر أكبر من التفاؤل والمرونة مع تمتعه بالسيطرة، وعلى النقيض من هذا، فقد يتسم الثاني بقدر أكبر من التشاؤم.

المدير ليس الدافع الرئيس لمشاركة هؤلاء الموظفين؛ إذ ترتبط سعادتهم وشعورهم بالإنجاز بصورة أكبر بتوقعاتهم وتفكيرهم.

تفضيل العقلية على المديرين:

في دراسة بعنوان "تعتمد مشاركة الموظفين اعتماداً أقل مما تتصور على المديرين" (Employee Engagement Is Less Dependent on Managers Than You Think)، اكتشفتُ أنا وزملائي أنَّ عقليات العمال حول التفاؤل والمرونة والتأكيد والسيطرة، تشكل من الناحية الإحصائية دافعاً للمشاركة، أكبر من تصرفات المديرين.

على سبيل المثال، من المؤكد أنَّ وجود مدير يأخذ أفكارك في الحسبان يُعَدُّ أمراً إيجابياً، وهذا يفسر نحو 22% من الأسباب التي قد تدفع الموظف - أو ربما لا - إلى الإلهام ببذل قصارى جهده في العمل، ولكنَّ وجود السيطرة يُعَدُّ مؤشراً أفضل على مشاركة الموظف؛ إذ يفسر 26% من إلهامه في العمل.

إذا لم تكن على دراية بهذا المبدأ، فإنَّ الأشخاص الذين لديهم سيطرة يعتقدون أنَّهم يتحكمون بنجاحهم أو فشلهم؛ وهذا يعني أنَّ نجاحهم أو فشلهم ليس نتيجة للصدفة أو القدر. وعلاوةً على ذلك، توجد الكثير من الأبحاث التي تثبت أنَّ الأشخاص الذين لديهم سيطرة عادةً ما يشعرون بنجاح وظيفي أكبر وصحة أفضل وقلق وتوتر أقل.

ووجدنا نتائج مماثلة لخصائص مثل التفاؤل والمرونة؛ إذ إنَّ وجود قائد يدرك إنجازات الموظفين يشكل مؤشراً قوياً على مدى المشاركة؛ وهذا يفسر 21% من إلهام الموظفين، ولكنَّ التفاؤل يُعَدُّ أفضل بكثير في التنبؤ بما إذا كان الموظف قد يستلهم أم لا يستلهم في العمل؛ وهذا يفسر 30% منها.

أنا لا أقول إنَّ المديرين ليسوا هامين عندما يتعلق الأمر بتوظيف الموظفين؛ فلا شك أنَّ المديرين الجيدين يُلهمون قدراً أعظم من المشاركة مقارنة بالمديرين السيئين، ولكنَّ عقلية الموظف تشكل دافعاً أكثر نفوذاً للمشاركة؛ وهو ما يتم تجاهله في الغالبية العظمى من الشركات.

إقرأ أيضاً: 4 استراتيجيات لتعزيز مشاركة الموظفين

الاعتماد الزائد على المديرين:

عندما نضع حِمل مشاركة الموظفين فقط بشكل جزئي - أو حتى بشكل رئيس - على عاتق المديرين، يحدث أمران سيئان.

أولاً، نحن نفوِّت فرصة هائلة لتحسين مشاركة الموظفين، ففي العقود القليلة الماضية شهدنا تقدماً لا يصدَّق في الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية وغيرها، ولكنَّ نتائج المشاركة لم تتجاوز بضع نقاط، وبوسعنا أن نعود إلى الماضي ثلاثين عاماً فنرى توجهاً مألوفاً - وبالقدر نفسه من عدم الفاعلية - في التعامل مع مسألة إشراك الموظفين. أجرِ دراسة استطلاعية وقدِّم بعض التقارير إلى المديرين، وبعدها فلنأمل أن يفعل هؤلاء القادة أمراً بنَّاءً.

وإذا كانت جهودنا الرامية إلى زيادة المشاركة من خلال التركيز في المديرين لم تسفر عن أيَّة نتائج، فربما بعد بضعة عقود من الزمن يمكن أن يحين الوقت لاتِّباع توجه مختلف. وتوضح البيانات أنَّنا من المرجح أن نحرز المزيد من النجاح بإشراك الموظفين ومساعدتهم على تطوير قدر أكبر من المرونة والتفاؤل.

إقرأ أيضاً: كيف تحافظ على مشاركة موظفيك؟

أمَّا ثانياً، إنَّ التركيز بشكل كامل في المديرين بهدف إشراك الموظفين، من شأنه أن يضع الناس في حالة سلبية؛ إذ إنَّها في الأساس تبيِّن أنَّ سعادتك تعتمد فقط على رئيسك في العمل؛ لذا فاصبر، وإذا كنت محظوظاً كفايةً، فإنَّ رئيسك قد يلتزم معك.

وقد تكون الرسالة الأفضل والأكثر صحة من الناحية العاطفية هي: "في حين نعمل على تعليم المديرين كيفية القيادة بشكل أكثر فاعلية، فإنَّنا نريد أن نساعدكم على فرض قدر أكبر من السيطرة على حياتكم ووظيفتكم من خلال تعليمكم مهارات مثل التفاؤل والصمود والحصول على السيطرة الداخلية".

هذا ليس اقتراحاً؛ ولكن يمكننا - ويجب علينا - تطوير كل من المديرين والموظفين في وقتٍ واحد؛ فعندما نركز تركيزاً كاملاً في موضوعنا الأساسي على أساس أنَّ المدير هو الدافع الأكبر لإشراك الموظفين، فإنَّنا نهدر فرصة هائلة لتحسين أماكن عملنا تحسيناً كبيراً.

المصدر: 1 

شاهد بالفيديو: 10 طرق لبناء علاقات عمل إيجابية وفعّالة




مقالات مرتبطة