مساوئ التدريب أثناء العمل والتدريب الرسمي كحل بديل

ستقرأ في هذا المقال مقاربة واقعية للتدريب في أثناء العمل، وما هي الخيارات البديلة.



التدريب في أثناء العمل غير فعَّال ولا يمتلك معايير ثابتة، ولا يمكن الاعتماد عليه، كما يكون من الصعب قياس نتائجه، لكنْ من خلال ما ستقرؤه الآن ستكون قادراً - كونك قائداً - من التأكُّد من أنَّ التدريب الذي تجريه مؤسستك فعَّال للغاية.

التدريب في أثناء العمل ممارسة شائعة بغض النظر عن عدد الموظفين الذين يعملون داخل المؤسسة، فبالنظر إلى أنَّنا كائنات بشرية، فإنَّنا نلاحظ بشكل تلقائي سلوك الآخرين من حولنا ونُقلِّده، وخاصةً عندما يتلاءَم سلوكهم مع التعويض والترقية والمعايير الثقافية.

السر غير الخفي عن أحد فيما يتعلق بالتدريب في أثناء العمل هو أنَّه يوكل عملية التعليم إلى الأشخاص ذوي الأداء المتميز في الوقت الذي يؤدون فيه المهام التي تدر الدخل أو في الوقت الذي يجب عليهم فيه القيام بهذه المهام.

يؤدي الاعتماد على الأشخاص ذوي الأداء المتميز إلى الحد من إمكانية صاحب الأداء المتميز على عرض المهارات التي يكون قادراً أو مستعداً لمشاركتها مع الآخرين، وليس من الضروري أن يكون جميع الخبراء مدركين لكفاءاتهم أو سلوكاتهم التي تساعدهم على تحقيق النجاح بشكل مستمر، كما أنَّه ليس من الضروري أن يكون كل خبير معلِّماً بارعاً، والحقيقة أنَّ التدريب في أثناء العمل ليس فعَّالاً، ولا يعتمد معايير موحَّدة، ولا يمكن الوثوق فيه، كما أنَّه من الصعب جداً قياس نتائجه.

رغم كل ذلك، ما يزال يمتلك التدريب في أثناء العمل ميزة جوهرية؛ وهي أنَّه ليس نظرياً. يَمنَح التدريب على المهارات الفعلية في مواقف حقيقية الأفراد فائدة معرفة الوقت والمكان والطريقة التي يجب من خلالها توظيف مهارة معيَّنة في عمل ما؛ حيث يكتشف المتدرِّب بنفسه النتائج التي تترتب على الأفعال، ويكتسب أفكاره الخاصة "طبعاً في حال كان المنتور على توافق مع متلقي المنتورنغ"، وفي نهاية المطاف قد يؤدي امتلاك المجموعة الأساسية من الخبرات إلى امتلاك الثقة في الأداء.

3 خرافات متعلقة بنموذج التدريب 70:20:10:

  1. الخرافة الأولى: يتم تقديم 70% من التدريب في أثناء العمل خلال الوقت الفعلي.
  2. الخرافة الثانية: يتم تقديم 20% من التدريب من خلال الوسائل الاجتماعية، وبالأخص من خلال الكوتشينغ.
  3. الخرافة الثالثة: يتم تقديم 10% بطريقة رسمية من خلال الدورة التدريبية.

كملاحظة حول ما تفعله معظم الشركات في التدريب؛ فمن غير المنطقي أنَّ نسبة 10% فقط من المهارات المهنيَّة تُقدَّم من خلال التدريب الرسمي. برنامج التدريب الفعَّال مكلف ويستغرق وقتاً كي يتم تصميمه، ويستغرق أخصائيو التدريب والتطوير ما يقارب 490 ساعة من الإعداد للحصول على ساعة واحدة ذات جودة عالية من التدريب في المستوى الثالث.

يُنظَر إلى التدريب والتطوير في بيئة الشركة على أنَّه عملية مكلفة للغاية، وليست كعملية تُحقِّق مردوداً، ويبدو نموذج التدريب 70:20:10 من خلال حساب نظري إجراءً ذكياً؛ حيث يتم تقديم 70% من التدريب للموظفين بشكل مجاني، لكنْ لا تنخدع بذلك؛ لأنَّ كلفة التدريب تُحسَب من حيث نتائجه؛ مما يعني أنَّ تدريباً غير جيد يعني تكاليف باهظة.

يكفي أن تفكِّر في محاضرة سيئة وبرنامج تعليم إلكتروني ممل أو برنامج يتطلَّب القراءة دون أن يؤدي إلى اكتساب أيَّة مهارات أو دون أن يؤدي إلى تغيير على صعيد المؤسسة، وستكتشف أنَّ ما قمتَ به كان عبارة عن تضييع لوقت الموظفين الذين كان من الممكن أن يستغلوا هذا الوقت في أعمال منتجة، والأسوأ من ذلك العمليات التي تحتاج بشكل مستمر إلى الدعم من الخبير الوحيد في الشركة؛ حيث تؤدي إلى تكاليف باهظة بسبب الفرص الضائعة؛ حيث تظهر هذه التكاليف في نهاية المطاف في ميزانية الشركة.

يقول الكاتب الدكتور مايكل آلين (Michael Allen): "عندما يحين وقت العمل يكون قد فات الأوان على التدريب".

لا تؤمن الكثير من الشركات في عصر تدريب الشركات المعاصر بأنَّ نموذج 70:20:10 هو النموذج المثالي للتدريب الذكي، ومع ذلك فإنَّ هذا الأسلوب عبارة عن موروث متأصِّل يصعب التخلِّي عنه، والافتراض الأساسي لتبرير الاستثمار في التدريب الفعَّال هو أنَّ المهارات الجديدة والمتقنة ستؤدي إلى تحسين الإجراءات التجارية، ومن ذلك:

  • زيادة الإيرادات.
  • تقليل الحوادث التي قد يتعرَّض إليها الموظفون.
  • تخفيض كلفة الإجراءات.
  • تعزيز ولاء العملاء.
  • تقليل دوران العمالة.

ستحصل على هذه النتائج لكنْ بشرط أن يكون التدريب فعَّالاً، ولكنَّ نتائج التدريب غير الفعَّال تؤدي إلى اعتقاد على صعيد المؤسسة بأنَّ التدريب ليس استثماراً جيداً، وكونك قائداً؛ فقد حان الوقت لمراجعة طريقة تقديم التدريب للموظفين، وبتحقيق أقصى استفادة من جميع نماذج التدريب بدءاً من التدريب في أثناء العمل والكوتشينغ إلى دورات التطوير الرسمي، فإنَّ حلول التدريب الفعَّالة تتضمَّن:

  • التدريب بشكل كافٍ ومع فوارق زمنية على المهارات وعلى أحداث واقعية.
  • استخدام طرائق التدريب المُخصَّص؛ حيث يتم تجاوز المهارات التي أتقنها الموظف سابقاً.
  • الدعم التحفيزي لتعزيز الإتقان والاستفادة من المهارات الجديدة.
  • استيعاب توقعات الشركة من حيث وقت ومكان تقديم الأداء.

يمكن تطبيق هذه العناصر المذكورة أعلاه في الكثير من نماذج التدريب، فلا شيء ممَّا ذكرناه محصور بالتدريب في أثناء العمل؛ بل الحقيقة هي أنَّ كل عنصر من هذه العناصر هو أكثر فاعلية وأقل كلفة عندما يتم تطبيقه في التدريب الرسمي.

يحتاج قادة الأعمال من أجل الخروج عن قواعد التدريب المألوفة إلى تحقيق الانسجام بين النتائج الاستراتيجية وميزانية التدريب، ويجب التفكير في مقدار ما يُحقِّقه التغيير في السلوك من أرباح للشركة، ويجب التفكير في التكلفة اللازمة لضمان تحقيق هذه التغييرات من خلال تدريب عالي الجودة.

شاهد بالفيديو: 9 عناصر تجعل برامج تدريب الموظفين ناجحة للغاية

الفجوة الهائلة في المواهب:

ضع في حسبانك مجالات العمل ذات الصلة، والتي تقوم على الاستغلال التجاري للفضاء. يسير اقتصاد الفضاء على قدم وساق؛ حيث يُتوقَّع أن تصل قيمة الاستثمار في هذا المجال إلى 1 تريليون دولار في عام 2040، مع عشرات الآلاف من الوظائف الشاغرة والكثير من الشركات الناشئة المتحمسة.

أصبحَ التدريب في أثناء العمل هو القاعدة الثابتة، لكنْ لن تكون شركات الفضاء - في سبيل الحصول على قوى عاملة متمكنة وتحقيق الأهداف المالية - قادرة على الاعتماد على أصحاب المواهب الفذة من ذوي الخبرة في الموضوع المُستهدَف من أجل تقديم المنتورينغ لكل موظف جديد.

كذلك الأمر في مجال تقديم الخدمات؛ حيث تعاني الشركات من نقص الموظفين ومعدلات دوران عالية للعمالة؛ ولذلك فإنَّ الاعتماد على أصحاب الخبرة من داخل الشركة محفوف بالمخاطر؛ لأنَّ هؤلاء يمكن أن يُقدِّموا استقالاتهم؛ لذلك دون التوصُّل إلى حلول رقمية قابلة للتطوير في مجال التدريب، فإنَّ الشركات معرَّضة إلى خطر فقدان قدرتها على توفير حلول تدريب فعَّالة بالمطلق.

ما يعني أنَّ النقص في المواهب المُتاحة سيؤدي بلا شك إلى نتائج كارثية على مجال عملك وشركتك وموظفيك حتى، وهنا تأتي أهمية وضع أولوية للإنفاق على التدريب.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح للاعتناء بالمواهب عن طريق التدريب والتطوير المهني

متى يجب أن تنفق بسخاء على التدريب الرسمي؟

يجب ألَّا تتردَّد في تخصيص ميزانية للتدريب الرقمي على أوائل الموظفين في شركتك؛ لأنَّه بمجرد أن يتم تطبيق هذه الطريقة في التدريب، فإنَّ تكلفة تدريب الموظفين الذين يتم تعيينهم لاحقاً تصبح منخفضة، وتُوجَدُ بعض الأمور التي يجب أخذها في الحسبان لتحدِّد مدى ضرورة القيام بالتدريب من عدمه:

  • هل المهارة خطرة بالنسبة إلى الشخص أو الشركة؟
  • مدى الحاجة إلى استخدام المهارة "هل تُستَخدَم لعدد قليلاً من المرات أم تُستَخدَم كثيراً؟"
  • إمكانية تعيين موظفين يمتلكون هذه المهارة فعلاً.
  • إمكانية استخدام قائمة أو أدوات تساعد على إنجاز المهام بشكل يغني عن امتلاك الموظف لهذه المهارات.
  • عدد الأشخاص الذين يُطلَب منهم امتلاك هذه المهارة.
  • معدل دوران العمالة.
  • مدى حاجة الموظفين إلى مزيد من التحفيز من أجل استخدام المهارة حتى بعد إتقانها.
إقرأ أيضاً: أهمية قياس عائد الاستثمار عند تدريب الموظفين

في الختام:

النجاح في تحقيق مستوى عالٍ من الأداء في وظائفنا له تأثير كبير في حياتنا الشخصية. سيُقدِّر موظفوك المستقبليون بلا شك برامج التدريب، وليس فقط من ناحية إمكانية تطبيق ما تعلَّموه في عملهم؛ وإنَّما أيضاً بسبب ما تحققه لهم من فائدة في تحسين الفرص التي ستُتاح لهم في الحياة المهنية، ويمكن لشركتك - من خلال الاستثمار في تدريب رسمي عالي الجودة - أن تُحقِّقَ نتائج إيجابية ملموسة وقابلة للقياس، وهذا ما يصعب جداً تحقيقه من خلال التدريب في أثناء العمل.




مقالات مرتبطة