مخاطر استخدام الأطفال للإنترنت وطرق حمايتهم

قبل غزو التكنولوجيا لعالمنا كانت مخاوفنا على أطفالنا تقتصر على أمور بسيطة يشترك بها معظم الأهالي، إلّا أنَّ الأمور لا تبقى على حالها والعالم في تقدّم مستمر، فبعد دخول شبكة الإنترنت لعالمنا بات لا يخلو أيّ بيت منها ولا أيّ شخص كبير أو صغير إلّا قد استخدمها، وأصبح عالمنا أكثر خطراً حيث سيطر الإنترنت على جوانب كبيرة من حياتنا وانعكس ذلك على أفكارنا وقِيَمِنا وتصرّفاتنا.



ومع غياب الرقابة الفعّالة على استخدام الأطفال لهذه الشبكة، أصبح يُشكّل استخدام الإنترنت خطراً حقيقياً يؤثر على قدراتهم الجسديّة وصحّتهم النفسيّة، إضافة لمخاطر كثيرة يُخفيها هذا العالم الشاسع المعقّد.

وانطلاقاً من ذلك أصبح واجباً علينا اتّخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أطفالنا من المخاطر الناجمة عن استخدام الإنترنت، وضرورة نشر التوعية، وتفعيل دور الأسرة في ممارسة الرقابة على الأطفال لحمايتهم من هذه المخاطر.

ونظراً لأهميّة هذا الموضوع آثرنا أن نتحدّث عنه عسى أن نحقّق الاستفادة القُصوى ونُساهم في نشر التوعية عن مخاطر هذا الموضوع لذلك تابعوا معنا المقال التالي:

أوّلاً: مخاطر الانترنت على الاطفال

تنعكس مخاطر الإنترنت على الأطفال سواء كان استخدام أطفالك لشبكة الإنترنت عن طريق (الآي باد) أو (الموبايل) أو أيّ جهاز آخر للعب أو لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فيجب أن يكون ذلك لوقت قصير ومحدّد دون إفراط. فعلى الرغم من منافع استخدام الإنترنت إلّا أنَّ الدراسات أثبتت أنَّ الاستخدام المُفرِط له مخاطر عديدة وواسعة على الأطفال ومن هذه المخاطر:

1. أضرار الإنترنت على الأطفال الجسدية والذهنية:

  • الاستخدام المفرط لهذه التقنيّة وما يتعلق بها من وسائل وأجهزة، يؤدّي إلى الإصابة بأمراض كالتشنج في عضلات العنق والكتفين، بالإضافة إلى أوجاع أخرى في العضلات. وتظهر هذه الأعراض من جراء الجلوس المطوَّل وغير الصحيح.
  • إنَّ التعرّض للوميض المتقطّع الموجود في الرسوم المتحركة في هذه الألعاب الإلكترونية بشكل كبير وبمستويات عالية ومتباينة من الإضاءة، يتسبب في حدوث نوبات من الصرع لدى الأطفال.
  • أظهرت دراسة جديدة أنّ الهواتف الذكية التي تُستخدم من خلالها شبكة الإنترنت لوقت طويل يمكن أن تؤدّي إلى التسبب بإجهاد العين وجفافها، كما تؤدّي إلى الإصابة بالصداع.
  • الاستخدام المُفرِط لهذه التقنيّة وما يتعلق بها من أدوات ووسائل، قد يصيب الأطفال بخمول جسدي يتمثّل في الإصابة بأمراض عضويّة، كالإصابة بالسمنة الناجمة عن قلّة الحركة.
  • الاستخدام المفرط لهذه التقنيّة من خلال التكنولوجيا الحديثة، وقضاء الأطفال لساعات طويلة أمام جهاز الحاسوب أو غيره من الأجهزة للعب أو لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، من شأنه أن يؤثّر على نمو التفكير التخيُّلي عند الأطفال والذي يكون في غاية الأهميّة في سن الخامسة فيؤدّي ذلك إلى ضعف هذه القدرة النمائية والذهنيّة، لأنَّ هذه الأدوات تُوفِّر جانباً كبيراً من قُدرة الأطفال على التخيُّل بطريقة آليّة، بغض النظر عن رغبة الأطفال.
إقرأ أيضاً: 6 وسائل لتنمية حس الخيال عند الأطفال
  • إنّ تعرُّض الأطفال لكمٍ هائلٍ من المعلومات من خلال التصفّح عن طريق هذه الشبكة يؤدّي إلى تعرضهم لمتلازمة الإنهاك المعلوماتي، كما قد يسبّب ذلك للطفل أو المراهق تشوّشاً واختلالاً في التوازن المعرفي.
  • إنَّ الاستخدام المفرط لهذه التقنية وخاصة بقضاء الأطفال أوقات كبيرة في اللعب بالألعاب الإلكترونيّة، من شأنه أن يجعل الطفل أقل ذكاءً، حيث لا يتوفّر لهم الوقت الكافي للتفكير في إطار أوسع.

2. اخطار الانترنت على الاطفال النفسية والسلوكية:

كالمخاطر في المحتويات أو السلوكيات التي يراها أو يتعرّض لها الطفل من خلال استخدام الإنترنت وما يتعلق به من وسائل التواصل الاجتماعي والتي تتلخص بالتالي:

العُنف السيبراني:

هو حالة شائعة أو هجوم شنيع يتعرّض له الطفل على شبكة الإنترنت، من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بما فيها من برامج وتطبيقات، والتي يُمكن أن تؤدّي إلى إصابة الطفل بالاكتئاب النفسي لشعوره أنّه وحيد ومنبوذ، وقد يؤدّي ذلك في بعض الأحيان للوصول لدرجة الانتحار.

وللعنف السيبراني أشكال عديد منها:

  • تعرُّض الطفل للمهاجمة: ويكون ذلك من خلال استخدامه للهاتف والإنترنت، حيث يتعرّض للمُهاجَمَة من الأطفال والمراهقين من خلال التحرّش والتشهير أو الإرهاب النفسي. كما تتم مضايقة وإزعاج الأطفال من خلال تداول الصور أو مقاطع فيديو ذات طابع عدائي والمتاجرة بها، وذلك عبر نشرها على شبكة الإنترنت، أو إرسالها عن طريق الهاتف الذكي عبر الرسائل والتطبيقات.
  • تعرُّض الطفل للتنمُّر: هو استغلال شبكة الإنترنت بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق إرسال الرسائل التي تحمل معانٍ مُسيئَة للطفل، أو استخدام معلومات خاصة به وتهديده بها، أو جعله هدفاً لتقليل ثقته بنفسه، أو إشعاره بالخوف والمحاصرة وفقدان احترامه لنفسه. كما تتمثّل من خلال نشر بعض الأشخاص لتعليقات أو صور مسيئة أو السخرية أو الإهانة وتشويه السمعة.
إقرأ أيضاً: ظاهرة التنمر الإلكتروني وآثارها السلبيّة على الشخص
  • تعرُّض الطفل للاستغلال الجنسي والعاطفي: وهي من أخطر ما قد يتعرَّض له الطفل في حال استخدام الإنترنت من دون رقابة. فقد أثبتت الدارسات أنَّ الإنترنت يُسهل عملية تواصل أولئك المولعين بالجنس مع الأطفال، حيث أنَّ هذه الفئة من الأشخاص هي التي تقوم بتوزيع المواد الإباحية التي تعِّرض الأطفال للجنس، وتقوم بفتح محادثات جنسيّة صريحة معهم. وكلما زاد تعامل الأطفال مع المواد الإباحية زادت مخاطر ممارستهم لما يشاهدونه، سواء أكانت هذه الممارسة في صورة اعتداء أم اغتصاب جنسي أم تحرُّش بالأطفال، مع وجود طرق عديدة لابتزاز الأطفال.

وقد يتعرض الطفل للاستغلال العاطفي خصوصاً مع انتشار العلاقات العاطفيّة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام هذه البرامج من قبل مختلف الفئات العمرية. حيث من الممكن أن ينجُم عن ذلك استغلالهم عاطفيّاً وجنسيّاً من قِبَل فئات عمريّة قد تكون أكبر منهم، ويؤدي لنتائج لا تُحْمَد عُقبَاها.

إقرأ أيضاً: كل ماتريد معرفته حول التحرش الجنسي بالأطفال
  • تعرُّض الطفل لمحتوى غير لائق: من الممكن أن يؤدي استخدام الأطفال للإنترنت دون رقابة إلى تعرُّضِهم لمحتويات غير لائقة وعنيفة إباحيّة أو حتّى عنصريّة، كما يمكن أن يتعرضوا لمعلومات ومحتويات تشجّع على الانتحار وتعاطي المخدرات أو حتّى محتويات عنيفة تؤدّي بهم إلى سلوكيات خطيرة.
  • تعرُّض الطفل للخداع والاحتيال: فقد يتعرَّض الطفل للخداع من خلال استخدام الانترنت من قبل العديد من المواقع والمنظّمات التجاريّة والقراصنة المنتشرة بشكل كبير، والتي قد تَسْتَغِل الطفل للحصول على المعلومات الشخصيّة الخاصة به مثل: اسمه، وعنوانه، ورقمه، وبريده الإلكتروني، ورقم بطاقة الائتمان، أو الحساب المصرفي، وحتى عنوان المدرسة. ويكون ذلك عن طريق خداعه بضرورة التسجيل في مسابقة ما من خلال كتابة معلوماته الشخصيّة، أو تعبئة نماذج لغرض ما، أو الحصول على حق تحميل برامج أو ألعاب.. وغيرها من وسائل الاحتيال.

وقد تصل الأمور إلى درجة أكبر من الخطورة من خلال استغلال الأطفال وتقديم الإغراءات لهم، بالاحتيال ماليّاً عليهم، أو سرقة هوياتهم وحساباتهم الشخصية على الإنترنت كسرقة بريدهم الإلكتروني مثلاً.

إضافة للمخاطر الاجتماعيّة التي تؤثّر على الطفل من خلال استخدام الإنترنت بشكل كبير، والتي قد تؤدّي به إلى إدمان الإنترنت، وبالتالي جنوحه للإنعزال، وابتعاده عن الأهل والأصدقاء، وحتّى إصابة الطفل بضعف الشخصيّة لانغماسه بهذا العالم الافتراضي.

شاهد: 6 آثار سلبية للتكنولوجيا على الأطفال

ثانياً: طرق حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت

يجب على كلّ أسرة تأمين الحماية اللازمة للطفل من مخاطر استخدام الإنترنت، حيث يلعب الأبوين دوراً هاماً ورئيسياً في تحقيق هذه الحماية ويكون ذلك من خلال:

1- رفع الوعي عند الأطفال:

وذلك بتنبيههم بضرورة أخذ الحيطة والحذر، من خلال عدم منحهم أيّ معلومات شخصيّة تتعلق بهم من: اسم، عمر، عنوان، كلمة المرور، وغيرها من المعلومات لأيّ شخص غريب، وعدم التعاطي مع الأشخاص الغرباء الذين لا يعرفونهم أو تلقّي رسائل بريدية منهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوعيتهم إلى ضرورة إخبار أحد الوالدين أو أيّ شخص راشد قريب منهم عند شعورهم بعدم الارتياح.

2- مراقبة الأطفال عند استخدامهم للإنترنت والتحكّم بنشاطاتهم:

وذلك من خلال استخدام العديد من البرامج التي توفّر الحماية للأطفال من خطر الدخول لمواقع غير لائقة، أو غير مرغوب بها، أو أي خطر قد يتعرضون له من جراء استخدام شبكة الإنترنت.

فهناك مثلاً برنامج "نورتون فاميلي" (Norton Family) وهو برنامج يساعدك على مراقبة نشاط أطفالك بشكل عام، وقد تمّ تطويره من قِبَل شركة سيمانتك الرائدة في مجال الحماية والأمن وبرمجيات إدارة المعلومات، ويعد هذا البرنامج من أهم البرمجيات للرقابة الأبوية التي يُنصح بالاعتماد عليها حيث يَعْرُض ما يفعله أطفالك على الإنترنت وتحديد المخاطر المحتملة.

3- تحديد أوقات معيّنة لاستخدام الإنترنت:

فمن الضروري تقليص أوقات استخدام الأطفال للإنترنت، بما فيه من ألعاب الكترونيّة ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من التطبيقات والبرامج، وذلك بتحديد أوقات معيّنة لاستخدامها واستغلال هذه الأوقات باستخدام الإنترنت بشكل مفيد للتعلّم أو أيّ نشاط أخر يحقّق منفعة للطفل.

إقرأ أيضاً: كيف نحمي أطفالنا وأجهزتنا أثناء لعبهم على أيفون أو أيباد خاصتنا

4- تشجيع الأطفال على التحدّث عن تجاربهم على الإنترنت:

وذلك من خلال فتح باب الحوار معهم حول اهتماماتهم على الشبكة ونوع المواقع التي يقمون بزيارتها، ومعرفة أصدقائهم الذين يتحدثون معهم من خلال هذه المواقع.

5- توعية الأطفال لكيفيّة التصرّف في حال تعرّضهم لإساءة:

فقد يتعرَّض الأطفال لمختلف أنواع الإساءات عند استخدامهم لشبكة الإنترنت، بما فيها من تطبيقات ومواقع ووسائل تواصل اجتماعي، لذلك يجب تهيئة الطفل وتوعيته لكيفيّة التعامل مع هذه المواقف.

كما يقع على عاتق المؤسّسات التعليميّة نشر هذه التوعية بين الطلاب في المدارس، من خلال القيام بأنشطة ترفيهيّة تعليميّة تُساعد على رفع الوعي بمخاطر الإنترنت، ككُتيِّب الألعاب الذي يقدّم أنشطة لتوعية الأطفال بالاستخدام الآمن للإنترنت.

ويمكنكم الاطلاع على هذا الكتيب من خلال الرابط هنا

6- تحديد العمر الذي يُسمح به باستخدام الإنترنت:

حيث أنَّ ذلك يختلف من أسرة لأخرى، وقد أصبح شائعاً وبشكل خطير استخدام الأطفال بعمر صغير جدّاً لهذه التقنية، لذلك لا بدّ من تحديد عمر معيّن يُسمح فيه للطفل بتصفح الإنترنت، ويفضّل أن يكون من الخامسة أو السادسة.

7- حماية الجهاز من الفيروسات:

من خلال تحميل واستخدام برامج مكافحة الفيروسات وبرامج الحماية الشّخصيّة الموجودة في الحاسوب وتحديثها بشكل دوري كل فترة.

إقرأ أيضاً: ما هي البرمجيات الخبيثة Malware؟ وماذا تفعل في جهاز الحاسب؟

8- كُن قدوة حسنة لأطفالك:

وذلك من خلال تقليل استخدامك للإنترنت بما فيه من وسائل التواصل الاجتماعي وغيره من الأدوات، وحاول أن تقضي مع أطفالك وقتاً أطول، وشجّعهم على اللعب وممارسة الأنشطة بعيداً عن هذا العالم الافتراضي.

وبذلك تصبح لهم مثلاً يحتذى به وقدوة حسنة يتطلّعون إليها، فمن الخطأ أن تنهاهم عن فعل ذلك وتقوم أنت بالمقابل بنفس الفعل، لأنَّ ذلك يؤدّي إلى نتائج سلبيّة لا تريدها.

وأخيراً فإنَّ الهدف الأوّل من هذا المقال هو تشجيع الاستخدام الآمن للإنترنت وتوفير جو من الحماية للطفل، وهذا لا يعني حرمان الطفل من حقه في استخدام هذه التقنيّة أو الاستفادة منها وتوسيع مداركه وعلاقاته الاجتماعية، ولا ينفي فوائد استخدام الإنترنت، بل مجرد السعي نحو نشر التوعية من مخاطر استخدام الأطفال للإنترنت وطرق حمايتهم من قبل الأهالي، دون حرمانهم المُطْلَق من حق استخدامه.

المصادر3 1 2




مقالات مرتبطة