مجموعات العقل المُدبِّر: ما هي؟ وكيف تؤسِّسها وتديرها؟

يفضل بعض الأشخاص أن ينجزوا أهدافهم بمساعدة الآخرين، بينما يفضل آخرون أن يعملوا على تحقيق أحلامهم بمفردهم دون أن يطلبوا يد العون من أحد؛ ولنكن صريحين، تتأتى أعظم المكاسب من العمل مع شركاء ذوي عقول مدبرة يشاركونك الحلم في تحقيق الأهداف، الأمر الذي سيقوي في النهاية أواصر الصداقة، ويحقق تقدماً ملموساً في مساعيك إلى بلوغ الهدف، ويجعلك تواظب على النمو بفضل هذه المجموعة من العقول المدبرة التي تعمل معك بتفانٍ.



لذا سنتحدث في هذا المقال عن مجموعة العقول المدبرة، ونشرح لكم ما هي، والفوائد المتأتية منها، والاستراتيجيات والإجراءات التي تشكل اللبنة الأساسية لتأسيس مجموعة من العقول المدبرة.

ما هي مجموعة العقول المدبرة؟

يذكر نابليون هيل (Napoleon Hill) تعريف مصطلح مجموعة العقول المدبرة في كتابه "فكر تصبح غنياً" (Think and Grow Rich) على أنَّه تضافر الجهود والمعارف التي يمتلكها شخصان أو أكثر، حيث يضعون هدفاً محدداً نُصب أعينهم ويسعون إلى تحقيقه بروح متناغمة.

تتمحور مجموعة العقل المدبر حول عدد من الأشخاص الذين يصبون إلى تحقيق غرض مشترك؛ بدءاً من أهداف متواضعة كالقبول الجامعي أو تحسين اللياقة البدنية، وصولاً إلى أهداف أسمى لكامل حياتهم.

ما هي فوائد مجموعة العقل المدبر؟

  • تبادل الدعم: إنَّه لمن الجيد أنَّ تأسيس مجموعة تُعنَى بنشاطات محددة؛ ولكن حتى لو اختلفت أهدافكم، ستكونون أهلاً لتدعموا بعضكم بعضاً. قد تُعرقَل بعض أهدافك في كثير من الأحيان، ولن تجد أحداً يتفهم المشكلة التي تعانيها إلَّا أعضاء مجموعتك، إضافة إلى التشجيع الذي يقدمونه لك رغم فشل مساعيك.
  • الحصول على وجهات نظر مختلفة: يتيح لك الاستماع إلى آراء أعضاء مجموعة العقل المدبر رؤية القضايا التي ما كنت لتدركها لولاهم، سواء كان فيما يخص حياتك أم النهج الذي تتبعه للوصول إلى أهدافك؛ وسواء أعجبك التقييم أم لم يعجبك، سيمنحك حتماً إيضاحاً يساعدك على تحسين نهجك.
  • التعرف إلى أشخاص جدد: يتميز كل شخص في مجموعتك بالعديد من المواهب المختلفة وشبكة من المعارف، ويمكنك في كثير من الأحيان أن تطلب المساعدة من مجموعة العقل المدبر خاصتك على اعتبارهم مراجع بإمكانهم تقديم المساعدة لك بطرائق لا تستطيع القيام بها بنفسك.
  • المساءلة: سيحمِّلك زملاؤك في المجموعة مسؤولية الأهداف التي وضعتها؛ إضافةً إلى ذلك، تدفعك مجرد معرفتك أنَّكَ على موعد مرتب بانتظام إلى إحراز التقدم؛ ذلك لأنَّك لا تريد الشخص الوحيد الذي تبيَّن أنَّه لم يبذل أي مجهود في المضي قدماً لتحقيق مشاريعه.
إقرأ أيضاً: شريك المساءلة: من هو؟ وكيف تعثر عليه؟ وماذا تستفيد منه؟

كيف تؤسس مجموعة عقل مدبر؟

إنَّ خطوات تأسيس مجموعة عقل مدبر هي كالسهل الممتنع:

  • اختيار الموضوع: يمكن أن ينحصر الأمر في موضوع واحد، أو يتشعب إلى عدة مواضيع؛ كأن يتناول حياتك بأكملها؛ وفي حال لم تمتلك الخبرة في إدارة مجموعات العقل المدبر، فمن الأفضل لك اختيار موضوع واحد كبداية؛ كاللياقة البدنية أو الحياة المهنية أو الجامعة أو غيرها من المجالات الواسعة التي ترغب في تحسينها.
  • اختيار الشركاء: توجد علاقة طردية بين مهارة مجموعة العقل المدبر والأشخاص الذين يديرونها؛ ولهذا السبب عليك اختيار شركائك بتمعن.
  • الموافقة على القواعد الأساسية: اعلم أنَّ الغرض من هذه القواعد ليس تضييق الخناق على أحد، بل ضمان مصلحة الجميع من مجموعة العقل المدبر، ومن المفضل أن تجعل هذه القواعد مرنة وتثق أنَّ الاحترام المتبادل بين الأفراد هو ما سيبقي الجميع ضمن حدودهم، أو بإمكانك تطبيق قواعد صارمة أن أردت.
  • المقابلة.

من هم الأشخاص الذين يجب أن تضمهم إلى مجموعة العقل المدبر خاصتك؟

المصلحة المشتركة نصيحة تقوم على كلمتين هامتين: لا يحق لكل عضو في مجموعة العقل المدبر تقديم التغذية الراجعة السليمة والنصيحة المفيدة فحسب، بل يحق لهم الحصول على بعض الفوائد من تغذيتك الراجعة على حد سواء.

إليك بعض المواصفات التي يجب أن يتمتع بها الأعضاء المشاركون:

  • الذين يشاركونك الدافع والالتزام نفسه: من مصلحتك أن يمتلك كل فرد في المجموعة درجة الالتزام نفسها؛ فإن كان أحدهم يسعى إلى المشاركة في منافسة لكمال الأجسام، بينما تحاول تقليل تناول السكر في حميتك الغذائية، فربما لا تكون متوافقاً مع مجموعة العقل المدبر هذه.
  • الذين يمتلكون مجموعة متنوعة من الماهرات: ربما تفضل أن تتقن المهارات التحليلية إتقاناً تامَّاً، وتتناول الأمور من منطلق علمي وهندسي تقني، وتحبذ أن تكون ضمن مجموعة عقل مدبر يشاركك بعض أفرادها وجهة النظر هذه؛ لكن قد يتسنى لك أيضاً أن تحصل على تغذية راجعة من أكثر الأشخاص تفرداً والمتواصلين مع عواطفهم، على عكس النهج التحليلي الجامد.
  • الأشخاص المتمتعون بمهارة حل المشكلات: إنَّه لمن الجيد وجود شركاء فاعلين في حل المشكلات كي تحصل من مجموعة العقل المدبر على تغذية راجعة وحلول لمعضلاتك والمضي قدماً.

يفضل بعض رواد الأعمال أن ينحصر عدد الأعضاء في مجموعة العقل المدبر بين 3-5 أشخاص، ممَّا يقصِّر مدة الاجتماعات للوصول إلى عمق الموضوع المطروح؛ لكن من الأفضل أن تبدأ بمجموعة تتضمن من 2-3 أشخاص إن كانت هذه أول مرة تنضم فيها إلى مجموعة عقل مدبر.

 كيف تدير مجموعة عقل مدبر؟

  1. حدد مواعيد دقيقة للاجتماع بالمجموعة: ادخل في التفاصيل الأساسية، والتزم بجدول زمني منتظم، وتأكد من التزام جميع الأعضاء بمواعيد الحضور والانتهاء؛ فمثلاً: يمكنك تخصيص يوم في الأسبوع لتجتمع بهم لمدة ساعة، أو اختيار المدة المناسبة لمجموعتك، ولكن احرص على أن تخصص وقتاً كافياً للاجتماع.
  2. امنح جميع الأعضاء المدة نفسها لعرض آرائهم: يمكنك استخدام المؤقت إن كانت مجموعتك كبيرة، لكن لا حاجة لك به إن كانت مجموعتك مؤلفة من ثلاثة أشخاص على سبيل المثال؛ وعموماً، على جميع الأعضاء أن يلتزموا بالمدة المخصصة لكل شخص فيهم دون زيادة أو نقصان.
  3. لا تقاطع: فليتكلم كل شخص بدوره، واعلم أنَّ الغرض من الاجتماع هو منح فرصة للجميع، وأنت لست المحور دوماً؛ لذا احتفظ بجميع التعليقات حتى ينهي الشخص حديثه، ولا تتدخل على الإطلاق إلَّا إذا كان لدى شخص ما سؤال محدد.
  4. قرر ما إذا كنت بحاجة إلى أجندة ما: عادةً ما تجتمع مجموعات العقل المدبر لمناقشة موضوع هام يحددونه غالباً قبل الاجتماع، ولكن دون وضع أجندات صريحة؛ لكن من المفضل أن تكون لمجموعتك عناصر أكثر وضوحاً على أجندة المساءلة وتقارير التقدم؛ فجربها وحدد ما تراه مناسباً.
  5. حدد ما إذا كانت مجموعتك بحاجة إلى منسق: يختص المنسق في المجموعات بتسهيل إدارة المجموعة، ويمكنه أن يكون مرناً بحيث يعطي كل شخص قدراً من المسؤولية، فمثلاً: يمكنه تلقي المكالمات، والتنسيق بين من سيبدأ بالحديث؛ أو قد يكون فاعلاً أكثر بالتأكد من أن يجري الاجتماع ضمن الفترة الزمنية المخصصة له، والتطرق إلى عناصر الأجندة معك واحداً تلو الآخر.
  6. غطِّ الاجتماع كاملاً: تأكد من تغطية جميع النقاط الأساسية في الاجتماع؛ كالدروس والنجاحات والأهداف والعناصر التي تريد أن يحمل جميع أعضاء الفريق مسؤوليتها.

يفضل بعضهم استخدام مستندات غوغل (Google) أو خدمة مايندمايستر (Mindmeister) عندما يؤسسون مجموعات عبر الإنترنت، ويحددون اجتماعات باستخدام خدمة لبث الفيديو أو الرسائل الصوتية عبر منصات التواصل.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لإدارة فرق العمل بشكل فعال

ثلاثة أسئلة تطرحها قبل أن تؤسس مجموعة العقل المدبر خاصتك:

إذا كنت مستعداً لبدء مجموعة العقل المدبر، فقد تحتاج إلى بعض الهياكل الأساسية لمساعدتك في البداية، وهذه الأسئلة الثلاثة لا تفشل أبداً في تأسيس مجموعات عقل مدبر ناجحة.

مع تطور مجموعتك، ستخرج بأجندة وأسئلة تريد أن يجيب عنها كل عضو؛ ولكن إذا كنت لا تعرف من أين تبدأ، فابدأ بهذه الأسئلة الهامة:

  • ما الذي تعمل عليه؟ غالباً ما يكون هذا أمراً مفيداً وواسع النطاق، ويمكن لكل عضو المساهمة بطرح أفكاره ومشاركتها دون قيد أو شرط.
  • ماذا تعلمت؟ غالباً ما تركز المجموعات على الأهداف نفسها؛ فعندما يتعلم أحد الأعضاء دروساً، سيستفيد منها باقي الأعضاء.
  • ما الشيء الذي تحتاج فيه المساعدة؟ يساعد طرح سؤال محدد في تخفيف الضغط عن الأعضاء الذين يرغبون في الوصول إلى المجموعة للحصول على المساعدة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة