متلازمة الخبير الكسول

بنى رجل الأعمال ورجل العصابات الأمريكي آل كابوني (Al Capone) لنفسه إمبراطورية بعوائد تصل إلى 100 مليون دولار كل عام، لكن المشكلة أنَّه كان يعمل في تجارة المخدرات والقمار والقتل، ولقد أفلت من جرائم القتل لسنوات لأنَّه بنى شبكة من الأشخاص التابعين لتنفيذ ما يريده.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب تايلر ترفورين (Tyler Tervooren)، ويُحدِّثنا فيه عن متلازمة الخبير الكسول.

لقد كان رجلاً حذراً، وكانت جميع مكاتب مكافحة الجريمة في الولايات المتحدة (United States) تحاول الإطاحة به، لكن كان من المستحيل الإمساك به، وقد ارتكب خطأ غبياً غير عادي بإخبار المدعي العام بأنَّه مريض ولا يمكنه الحضور إلى المحكمة للإدلاء بشهادته في إحدى القضايا.

عندها حققت الشرطة ووجدته بصحة جيدة واعتقلته بتهمة ازدراء المحكمة، وأدى ذلك إلى بدء سلسلة من التهم التي أدت في النهاية إلى إسقاط عمله بالكامل وأُرسِل كابوني إلى سجن الكاتراز (Alcatraz) سيئ السمعة، وبذلك سقط واحدٌ من أغنى الرجال في أميركا بسبب خطأٍ صغير. فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟ لقد أصبح كسولاً.

لقد دمَّر الغرور كابوني؛ فكان يعتقد أنَّه لا يمكن المساس به لدرجة أنَّه لم يعد بحاجة إلى توخي الحذر بعد الآن.

العالم أفضل حالاً دون خبرة كابوني، لكن ليس أفضل حالاً دون خبراتك، فإذا كنت قد ارتكبت خطأ مبتدئاً؛ كان يجب أن تكون أكثر حرصاً، فربما تكون قد واجهت ما حصل لكابوني: متلازمة الخبير الكسول (Lazy Expert Syndrome)؛ لذا تعلم كيفية منع متلازمة الخبير الكسول من تدميرك.

لماذا تعاني من متلازمة الخبير الكسول؟

لفهم كيف يمكن حتى لأذكى الناس في العالم تدمير حياتهم ومهنهم بخطأ بسيط، عليك أن تفهم كيف يعمل العقل البشري؛ فلقد أنعم الله عليك بالقدرة على التفكير والعقل والحساب؛ لذا ضع هذه المهارات مع بعضها، لتحصل على قدرة مذهلة لتقييم المخاطر التي تحيط بك كل يوم.

عندما تتعرف إلى هذه المخاطر لأول مرة، فإنَّك تخاف منها، فهذه هي الطريقة التي يعمل بها الدماغ؛ فهو يخشى ما لا يفهمه، على سبيل المثال، عندما تطبخ وجبتك الأولى مع والديك، يعلمونك أنَّ الموقد ساخن وعليك توخي الحذر؛ ونتيجة لذلك، فتكون شديد الحذر، لكن مع مرور الوقت، تصبح طباخاً خبيراً، ويمكنك استخدامه بثقة أكثر.

مع بناء هذه الثقة، ينحسر خوفك، وهذا أمر جيد، فأنت تصنع طعاماً أفضل بشكل أسرع، وإذا لم تكن حريصاً، فقد تصبح مفرط الثقة، وتبدأ في الاعتقاد بأنَّك خبير في المطبخ لدرجة أنَّ جميع القواعد التي تعلمتها من قبل، مخصصة للمبتدئين فقط، فأنت خبير ولا يمكن أن تحترق، وعندها ينتهي بك الأمر في المستشفى.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح يجب أن تطبقها لتنعم بالنشاط الصباحي بعيداً عن الكسل

كيفية تجنُّب أخطاء المبتدئين:

في السابق، كنت مدير إنشاءات في شركة متعددة الجنسيات، وكنا مهووسين بالسلامة، وكان التأمين لشركات البناء مكلف للغاية، وتتمثل إحدى طرائق الحفاظ على القدرة التنافسية في التأكد من عدم تعرض الموظفين للأذى، وكان لدينا مشكلة واحدة فقط؛ فقد أُصيب الكثير من موظفينا بأضرار جسدية؛ ولذلك، فعلنا الشيء المنطقي؛ أي قمنا بتحسين برامجنا التدريبية، وعندما كنا نعين موظفين جدد، كان عليهم الخضوع لتدريب صارم على السلامة.

لقد قمنا بتدريبهم والتحدث عن آليات السلامة، لكنَّ الإصابات استمرت، وعندما حلل المتخصصون البيانات لمعرفة سبب عدم نجاح برنامج الأمان الجديد، كانت المشكلة واضحة تماماً؛ فقد كان العمال الجدد أكثر أماناً من أي وقت مضى، لكنَّ العمال كبار السن هم من كانوا يتأذون.

عرف العمال الأكبر سناً جميع القواعد والممارسات، وغُرِسَت ثقافة السلامة فيهم لسنوات وكانوا خبراء في صنعتهم، لكن نظراً لأنَّهم أمضوا وقتاً طويلاً في العمل دون خدش واحد، فقد أصبحوا مفرطين في الثقة، وقرروا أنَّ بعض هذه القواعد يمكن أن يتغاضوا عنها؛ لقد عانوا من متلازمة الخبير الكسول، وهذا ما سبب إصابتهم.

من خلال معرفة هذا، قمنا بتغيير نهجنا؛ فبدلاً من ترك العمال الأكبر سناً يفرطون بالثقة بأنفسهم، جعلناهم مسؤولين عن تدريب العمال الأصغر سناً، وعندها تغيرت الأمور؛ فقد أجبر الموظفون الذين لم يفكروا في الأمان منذ سنوات ليس فقط على تذكرها، لكن تعليمها أيضاً؛ وذلك لأنَّهم أصبحوا مراقبي السلامة لجيل الشباب، فلا يريد أي مراقب أن يُكتشَف وهو يخالف القانون، وفجأة أصبح عمالنا الأكبر سناً هم النموذج الجديد للسلامة، وعاشوا في سعادة دائمة وصحة وأقساط تأمين أقل.

أدخِل هذه المفاهيم في عملك عن طريق المنتورينغ:

إذا أصبحت مرتاحاً في عملك بعد فترة طويلة في المجال، فقد حان الوقت لاتباع نفس النهج الذي اتبعناه، وما عليك فعله هو إيجاد طريقة لتذكر كل الأشياء الهامة التي تعلمتها منذ فترة طويلة؛ أي المبادئ التي جعلتك خبيراً، وتحتاج إلى القيام بذلك بانتظام.

أفضل طريقة لفعل ذلك هي أن تصبح منتوراً؛ أي ابحث عن شخص جديد في مجال عملك أو عن شخص طموح لكن ليس لديه خبرة، فتلك فرصة مثالية ليس فقط لتطوير نفسك بصفتك قائداً، لكن لتحافظ على استمرارك أيضاً؛ وذلك لأنَّ لدى المبتدئين طريقة في طرح الأسئلة والبحث عن المعلومات التي تجبرك على تذكُّر جميع المبادئ الأساسية.

في بعض الأحيان، يساعدونك على إدراك أنَّك كنت تفعل شيئاً خاطئاً طوال الوقت؛ أو على الأقل أنَّه يمكنك القيام به بشكل أفضل، والنتيجة النهائية هي أنَّك تحصل على متابع جديد لطريقة تفكيرك، وتقوم بتحسين عملياتك الخاصة في نفس الوقت عن طريق تذكير نفسك بما أوصلك إلى ما أنت عليه الآن وتنفيذ أفكار جديدة لم تكن لتجدها بخلاف ذلك.

شاهد بالفديو: 6 طرق صحية وعملية للتخلص من الكسل

في الختام:

أنت لست بحاجة إلى أن تكون نجماً في مجالك لتتولى دور المنتور، فإذا كنت تقوم بعملك منذ فترة، فسيكون لديك دائماً شخص جديد يمكنه الاستفادة من حكمتك، وإذا كنت تعمل في شركة أكبر، فاسأل قسم الموارد البشرية إذا كان لديك برنامج منتورينغ رسمي، ففي كثير من الأحيان هناك واحد.

لكن إذا لم يكن هنالك واحد، فلا ينبغي أن يمنعك ذلك من القيام بدور المنتور، ومن المحتمل أن يكون لديك فرصة لمشاركة ما تعرفه مع شخص آخر؛ لذا ابدأ في الاعتياد على مساعدة زملاء العمل الجدد على التعلم، وإذا كنت ترغب في البقاء في الصدارة، فإنَّ المنتورينغ هو وسيلة فعالة للقيام بذلك.

المصدر




مقالات مرتبطة