ما يمكن توقعه بعد عام مليء بالمفاجآت

كان العام الماضي صعباً، لكنَّنا حصلنا على فرصة لإعادة التفكير في عملنا ومعرفة كيف سيكون "الوضع الطبيعي الجديد". أقل ما يمكِن قوله إنَّ عام 2020 لم يكن كما توقعناه؛ إذ فجأة، أصبح العالم الذي عشنا وعملنا واستمتعنا فيه مكاناً مختلفاً تماماً، وأصبحَت فكرة "العودة إلى الوضع الطبيعي" مجرد حنين إلى الماضي.



والآن، بعد مرور عام تقريباً على الأزمة الصحية العالمية، اكتشفنا أنَّها كانت إيجابية من نواحٍ عدَّة.

الجوانب الإيجابية لعام 2020:

بينما شهد العام الماضي كثيراً من المصاعب، فقد فتح أيضاً طرائق جديدة ومبتكرة لإنجاز المهام، حيث واجهَت الصناعات والشركات تحديات جديدة، ولكن أُتيح لنا المجال أيضاً لإعادة التفكير في طريقة عملنا، ووضع الأساس لطريقة عمل الشركات في عام 2021 وما بعده.

أدَّت الأزمة الصحية العالمية إلى تطور العمل بسرعة، وقدَّمَت لنا أدلة واقعية وأفكاراً حول جدوى الاعتماد على قوة عاملة مرنة، ولقد وجدنا أنَّ القوة العاملة التي تعمل عن بُعد ليست قابلة للتنفيذ والتطوير فحسب؛ بل إنَّها مطلوبة أيضاً، حيث يقول 43% من الأمريكيين الموظفين بدوام كامل إنَّهم يريدون العمل عن بُعد بَعد عودة عجلة الاقتصاد إلى الدوران، واستجابةً لذلك، تنوي حوالي ثلثي الشركات التي تبنَّت سياسات العمل عن بُعد بسبب الوباء الحفاظ على بعض هذه السياسات على الأمد الطويل، أو بشكل دائم.

شاهد بالفيديو: كيف تعمل عن بعد في منزلك؟

كانت هذه الفترة بمثابة نقطة تحول عندما أدركَت العديد من الشركات فوائد العمل عن بُعد التي لا تُعد ولا تحصى بعد أن كانت تتجنَّبه أو تتجاهله في السابق، ومِن هذه الفوائد: التغييرات الإيجابية في الصحة العقلية للموظفين وسعادتهم، وزيادة الإنتاجية، وتوفير التكاليف، وبالنسبة إلى غالبية الموظفين الذين يشعرون بالإنهاك في العمل، فقد سمحَ لهم العمل عن بُعد بالنجاح وتقديم أفضل ما لديهم بمزيدٍ من المرونة، مما أدى إلى تعزيز التوازن بين حياتهم العملية وحياتهم الخاصة كما أنَّ فوائده لم تقتصر على مكان العمل فحسب؛ بل امتدت لتشمل الإنجازات في مجال البيئة والاستدامة، وأنماط الهجرة وحتى تربية الحيوانات الأليفة.

في حين أنَّه من الصعب أن نتنبأ بما سيحدث بعد عام مليء بالمفاجآت، إلا أنَّ هناك عديدٌ من الاتجاهات الإيجابية التي أشعلَتها التحولات التي حدثت، وبناءً على ذلك، يمكِننا أن نتوقع النتائج التالية المترتبة على العمل عن بُعد في العام المقبل وما بعده.

إقرأ أيضاً: لماذا يمكن أن يكون نمو ما بعد الصدمة أساس ازدهارك في عام 2021؟

التأثيرات الإيجابية للعمل عن بُعد في المجتمع والبنية التحتية:

يُؤثِّر التحول إلى العمل عن بُعد في البنية التحتية؛ حيث يتجلى ذلك في إعادة المدن تعريف استثماراتها وترتيب أولوياتها في مجالات مثل: صيانة الطرق، والنقل العام مع عدد أقل من الركاب، وانخفاض الطلب على العقارات التجارية في مراكز المدن. من الأهمية بمكان أن تُعيد الحكومات دراسة خططها المالية، بما في ذلك الانتقال من الاستثمار في مشاريع الطرق السريعة والنقل العام إلى الاستثمار في زيادة سرعة الإنترنت وتحديث شبكات الطاقة لتسهيل العمل عن بُعد وتحسين جودته.

بالإضافة إلى الحد من الحوادث المرورية في الطرقات، قد يُؤثِّر العمل عن بُعد تأثيراً إيجابياً في مجتمعنا، فمتوسط زمن التنقل بين المنزل والعمل بالنسبة إلى الأمريكيين هو 27 دقيقة يومياً، أو تسعة أيام في السنة، بدلاً من إضاعة هذا الوقت في التنقل، يمكِن قضاء تلك الأيام التسعة مع العائلة أو الأصدقاء، أو تعلُّم مهارات جديدة، أو حتى القيام بعمل إضافي كل يوم لجعل عملك أكثر نجاحاً.

لكي نرى هذا الأمر من المنظور الصحيح، حتى منظمة صغيرة تضم 100 موظف يمكِن أن تُوفِّر في المتوسط ​​45 ساعة عمل إضافية يومياً من خلال السماح بالعمل عن بُعد، وقد تكون هذه اللحظة هي الدافع لتغيير كبير في كيفية عمل مجتمعنا وتعلُّمه وتواصله، وستتطلب هذه التغييرات إعادة تعيين أوسع لمكان وطريقة استثمار الوقت والموارد.

إقرأ أيضاً: 17 أمراً تحتاج إلى معرفتها إذا أردت أن تعمل عن بعد

تركيز أكبر على الاستدامة:

في بداية الأزمة الصحية، ركَّزَت المنظمات على استمرارية الأعمال ورفاهية الموظفين والإنتاجية، ولكن بينما نتطلع إلى "الوضع الطبيعي التالي"، فإنًّ جهود الاستدامة سوف تتسارع بنفس الطريقة التي تسارع بها العمل عن بُعد، كما تُحقِّق زيادة العمل عن بُعد فوائد مجتمعية حقيقية، مثل: تحسين جودة الهواء، وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وحتى تقليل النفايات مع تزايد أعداد الناس الذين يُحضِّرون القهوة ووجبات الغداء في المنزل، فإن عملَت الشركات عن بُعد بنسبة 50% فقط من الوقت، فسوف نتخلص من 54 مليون طن من غازات الاحتباس الحراري، وفقاً لمؤسسة تحليل القوى العاملة العالمية (Global Workforce Analytics).

ومن المُتوقَّع أن نرى مزيداً من الشركات العالمية والمستثمرين وكبار رجال الأعمال يُكثِّفون جهود الاستدامة للحد من انبعاثات الكربون وتعزيز مزيدٍ من الاستدامة بطريقة مجدية وقابلة للقياس، وسيتجاوز ذلك مجرد جعل المساحات المكتبية أكثر ملاءمة للبيئة، وسيتطلب إلقاء نظرة فاحصة على مسألة دعم جهود الطاقة المتجددة مع الموظفين من خلال التعليم والتدريب وتمكينهم من اكتساب عادات مستدامة، سواء في المنزل أم في المكتب.

على الرغم من أنَّ كلمة "وباء" كانت الكلمة الرسمية في قاموس ميريام ويبستر (Merriam-Webster) لعام 2020، إلا أنَّ "المرونة" تقع في مكان ما بالقرب من أعلى القائمة، بينما بدا الأمر من نواحٍ عديدة وكأنَّه ثورة في العمل عن بُعد، سيكون عام 2021 هو العام الذي نستمر فيه في التطور بشكل طبيعي إلى فوائد العمل عن بُعد كوسيلة لمواجهة أي تحديات أو فرص يجلبها العام المقبل للمضي قُدماً وإلى مزيدٍ من النجاح.

 

المصدر




مقالات مرتبطة