ما هي أنواع الثناء التي نحتاجها جميعاً في العمل؟

عندما تفكر في كيفية الثناء على الموظفين، فاعلم أنَّك بصدد تقديم نوعين متميزين مختلفين من الثناء لهم. النوع الأول هو الثناء على مواطن القوة التي تحرِّك الفريق بأكمله نحو الأمام، أو ما نسميه "قوة الجماعة".



لنفترض أنَّ أحد الموظفين يتمتع بثقة واضحة؛ مما يعني أنَّه قادر على إقناع أي أحد بأفكاره وسيتقبَّلونها بسهولة؛ مما يعزز مستوى الفريق أو المنظمة، فامتلاك مهارة الإقناع لا يحمِّله عبء طرح الفكرة مراراً وتكراراً؛ مما يؤدي إلى توسيع فريق العمل وزيادة العملاء.

النوع الثاني من الثناء هو ما يركز على مواطن القوة التي تجعل الموظف أقوى، أو ما نسميه "القوة الذاتية".

ببساطة هو العمل الذي ينشِّط شخصاً ما، ويجعله يشعر بالحماسة لتصحيح مساره باستمرار، فالثناء على نقاط القوة الذاتية يضع الشخص في حالة عطاء؛ مما يؤدي إلى الاندماج كلياً في العمل؛ وذلك لأنَّه يشعر بالرضا الذاتي العميق ضمن أوقات العمل.

تندمج في بعض الأحيان نقاط القوة الجماعية مع نقاط القوة الذاتية لتصبح واحداً، ولكنَّني وجدتُ أنَّها قد تتباين، فما يحفز الفرد يمكن أن يكون مختلفاً جداً عما يحفز الفريق.

لنفترض أنَّ هناك موظفاً يتمتع بحس الفكاهة ويستخدمه ضمن العروض التقديمية في محاولة منه لتخفيف التوتر ودفع المستمعين للاسترخاء والتفاعل بسهولة، وهنا تُوظَّف مهاراته لدعم القوة الجماعية، لدفع الناس للحديث والضحك، عن موضوعات حساسة، فإنَّه واحد من الأشخاص النادرين الذين يمكنهم إدارة محادثات مثمرة وآمنة عن موضوعات يتجنَّبها الناس عادة، مثل السؤال عن ترقية عدد قليل جداً من الموظفين من بعض الأعراق إلى مناصب الإدارة.

ولكن هل نعدُّها نقطة قوة ذاتية؟ اتضح أنَّها ليست كذلك؛ إذ يجيد الموظف هذا إدارة مناقشات القضايا الحساسة مثل الحديث عن الأعراق والتمييز العنصري، ولكنَّه لا يحب فعل ذلك، فهو على سبيل المثال: يحب التفكير في التصميم البصري، وهذا ما يعطيه الطاقة، كما يُشعره قضاء ساعتين يومياً في تحسين شكل عرض تقديمي بالسعادة.

وبهذا يكون قد استفاد من قوَّته الشخصية وحبه لتصميم العروض التقديمية في القيام بعملٍ غير محبب، فالجلوس في اجتماع مع مسؤولٍ تنفيذي منمَّق أصبح أمراً محتمل الحدوث بكل سهولة ومرح.

فعليك بصفتك مديراً أن تعترف بنقاط القوة الذاتية والجماعية لموظفيك بشكلٍ مختلف، فنقاط القوة الجماعية تحتاج إلى أن تُلاحَظ ويُحتفَى بها، وهذا سيعزز السلوك الإيجابي ويشجع على تكراره؛ لذلك نشير إلى كل من السلوك المحدد وتأثيره الإيجابي في المجموعة؛ لذا احتفِ بالإنجازات الكبرى، وسيشعر كل شخصٍ بالتقدير والتميز والحافز لممارسة السلوكات المرغوبة والتي تعزز مواطن القوة.

إقرأ أيضاً: أسلوب قيادة نقاط القوة: فهم نقاط القوة ونقاط الضعف

في حين أنَّنا نعترف بنقاط القوة الجماعية، فنحن لا نعترف بنقاط القوة الشخصية اعترافاً دقيقاً، وبالنسبة إلى الموظف في مثالنا آنف الذكر، يمكن للمدير الإشادة بعمله الرائع في العرض التقديمي وتصميم أحدث شرائح "البوربوينت" (PowerPoint)، كما يمكنه التركيز على مناقشة الخطوط المستخدمة، وعند هذه النقطة، فالخطوة الهامة هي ملاحظة التفاصيل وليس مدحها.

لا شك بأنَّ ممارسة نقاط القوة الشخصية، سيعود بفوائد جمَّة، وأفضل طريقة للتعرف إلى نقاط القوة الذاتية هي التأكد من حصول كل فردٍ على فرصة كافية لإظهار أفضل ما لديه واستخدام مهاراته بشكلٍ يومي.

قد يبدو ذلك جنونياً، ولكنَّ هذا بالضبط ما يعمل عليه قادة الفِرق الناجحة ذات الأداء العالي، ويفيد معهد أبحاث "أي دي بي" (ADP) المختص بالدراسات عن بيئة العمل، أنَّ أفضل مؤشر لإنتاجية الفريق هو مقدار موافقة كل عضو فيه على عبارة: "لدي الفرصة لاستخدام نقاط قوَّتي كل يوم في العمل".

وبصرف النظر عن الجنسية أو مجال العمل، فإنَّ الفِرق ذات الأداء الأعلى توافق بشدة على هذا الكلام؛ حيث وجد قادتهم طريقةً لتطبيق هذه العبارة على أرض الواقع، فكيف يمكن ضمان حصول كل شخص على استخدام نقاط قوَّته كل يوم؟ إذ يؤدي القيام بالمهام الروتينية، مثل ملء نماذج مملة أو مراجعة عمل شخص آخر إلى عدم الشعور بالمتعة بالعمل.

ولكنَّ الهدف ليس إزالة هذه المهام؛ بل أداء العمل مع ضمان قضاء الجميع لجزء من يومهم أو بضع ساعاتٍ على الأقل فيما يجيدون ويستمتعون بالقيام به؛ وذلك عبر توظيف نقاط قوَّتهم الشخصية في المكان المناسب، ومن ثمَّ القيام بالمهام الروتينية المملة ليس مروعاً جداً.

إذا كنت مديراً أو قائداً لفريق عمل، فأول مهمة لك هذا العام هي معالجة الفجوة بين مهام الموظفين وفرص ممارسة نقاط قوَّتهم الذاتية لتحقيق المهام، ويتطلب الأمر خطوتين:

  1. توضيح عن نقاط قوة كل موظف.
  2. تعديل مسؤولياتهم حتى تتاح لهم فرصة ممارستها بانتظام.

ربما تتساءل كيف ستقوم بتعديل وظيفة كل شخص لتتناسب وتستوعب نقاط قوَّته، ويبدو التغيير مرهقاً في البداية، ولكن عندما تحدد ما ينشِّط كل شخص، سيتمكن كلا الطرفين من الإبداع المشترك في إنشاء حلول جديدة وعملية للعمل الفعال.

لنفترض وجود مساعد أبحاث منفتح اجتماعياً للغاية؛ حيث يزداد اهتمامه لمناقشة التفاصيل اليومية عما كان يتعلمه في ذلك الوقت مع مديره يومياً؛ إذ يُعَدُّ إنشاء تقارير بحثية جزءاً أساسياً من عمله، ويعتمد على مديره في جمع وتبادل الأفكار، وإلا فسوف تنخفض جودة أدائه.

الحل هو البحث عن شخص ثانٍ في المجموعة يتشارك معه رغبة التواصل الاجتماعي المستمر، ويلتقي الطرفان مرات عدة في الأسبوع، ولمدة 10 دقائق فقط، ويُجزَّأ العمل ويُناقَش ما اكتُشِف، وغالباً ستكون النتيجة ازدياد وضوح ودقة التقارير، وزيادة السعادة في العمل؛ مما يحسن الأداء.

باختصار، أعطِ كل أعضاء الفريق فرصة لممارسة نقاط قوَّتهم، وسيمدحون العمل معك لسنوات بأنَّه أفضل عملٍ قاموا به على الإطلاق.

كيف يمكنك تحديد نقاط القوة المختلفة للشخص؟ في البداية عبر طرح الأسئلة؛ حيث يمكنك سؤالهم: "ماذا تحب أن تفعل في العمل؟"، ولكن قد يثير هذا السؤال الاستهجان.

ملحوظة: يمكنك طرح هذه الأسئلة على نفسك لمعرفة نقاط القوة الشخصية والجماعية أيضاً.

إقرأ أيضاً: 40 طريقة للتعبير عن شكرك لموظفيك في العمل

فيما يأتي أسئلة أكثر دقة لدفع الناس للحديث عن نقاط قوَّتهم:

تحديد نقاط القوة الذاتية:

  1. ما الذي تعتقد أنَّك تستمتع بالقيام به لكنَّك لم تجرِّبه حتى الآن؟
  2. ما هي أنواع النشاطات التي قمتَ بها وتفكر في تكرارها؟
  3. ما الذي تجده مثيراً للحماسة في جدول أعمالك؟
  4. متى مارستَ نشاطاً ما لدرجة عدم الإحساس بمضي الوقت؟
  5. ماذا فعلتَ في أفضل يوم عمل لك؛ أي اليوم الذي اعتقدتَ أنَّك حصلتَ فيه على أفضل وظيفة في العالم؟
  6. ما هو النشاط الذي قمتَ به وحصد العديد من الإطراءات بأنَّك قمتَ به بشكل رائع؟
  7. ما الذي ميَّزك طوال حياتك المهنية؟
  8. أين تشعر بأنَّك أكثر فائدة؟
  9. ما الذي فعلتَه في الماضي وتوقفتَ عنه وما زالت آثاره في حياتك حتى الآن؟
  10. ما هو العمل الذي تقوم به بسهولة عكس أعضاء الفريق الآخرين؟

تحديد نقاط القوة الجماعية:

والسؤال العام الجيد الآخر الذي يجب طرحه، هو سؤال يفيد في تحديد كل من نقاط القوة الفردية والجماعية، وهو: "ما هي الأشياء الثلاثة التي قمتَ بها في العمل والتي جعلَتك تشعر بالفخر أكثر من غيرها؟".

لا يعرف بعض الناس نقاط قوَّتهم الذاتية أساساً، وربما كانوا حديثي التخرج، ولم تُتَح لهم الفرصة بعد لاستكشاف نقاط قوَّتهم، أو كان لديهم وعي ذاتي منخفض ببساطة؛ لذا إنَّ حوالي 10 -15% من الناس لديهم وعي ذاتي عالٍ.

كما أنَّ هناك أدوات يمكن أن تساعد مثل: "تقييم كليفتون لتحديد نقاط القوة" (Clifton Strengths assessment)؛ وهو أحد التقييمات الرائعة؛ حيث يمكنك إكماله عبر الإنترنت، ويستغرق حوالي ثلاثين دقيقة من البداية إلى النهاية، وستحصل على تقريرٍ شخصي عن نقاط القوة العشر الأولى بالترتيب، إلى جانب خطة عمل لتتمكن من الاستفادة من نقاط القوة هذه في العمل.

المصدر




مقالات مرتبطة