ما هو مرض التوحد؟ وكيفية التعامل معه؟

كثيرة هي الأمراض التي يواجهها الإنسان في حياته، فلا يوجد أبداً إنسان خالٍ كلياً من أي نوع من أنواع الأمراض، لذلك يجب أن نتقبل أنَّ المرض أمر واقع لا محالة، فعلينا أن نتعرف إلى كيفية التعامل مع هذه الأمراض سواء النفسية أم الجسدية.



لذا سنستعرض في هذا المقال أحد أهم الأمراض النفسية في زماننا ألا وهو مرض التوحد، وسنذكر ما هي أعراضه، وكيف يجب أن نتعامل مع مرضى التوحد، وما هي أفضل أنواع العلاج، فإذا كنت من المهتمين فتابع معنا.

ما هو مرض التوحد؟

اضطراب طيف التوحد هو إعاقة في النمو ناتجة عن اختلالات في الدماغ؛ إذ يعاني بعض الأشخاص من مرض التوحد بسبب الحالة الوراثية، والأسباب الأخرى غير معروفة حتى الآن، لكن يعتقد العلماء أنَّ هناك أسباباً متعددة تؤدي إلى اضطراب طيف التوحد تعمل معاً لظهور أعراض التوحد الأكثر شيوعاً، وما يزال لدينا الكثير لنتعلمه عن هذه الأسباب وكيفية تأثيرها في الأشخاص المصابين بالتوحد.

قد يتصرف الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحد ويتواصلون ويتفاعلون ويتعلمون بطرائق تختلف عن معظم الأشخاص الآخرين، وغالباً لا يوجد شيء مختلف في مظهرهم يميزهم عن الآخرين، فيمكن أن تختلف قدرات الأشخاص المصابين بالتوحد اختلافاً كبيراً.

على سبيل المثال، قد يكون لدى بعض الأشخاص المصابين بالتوحد مهارات في التكلم متقدمة، بينما قد يكون بعضهم الآخر غير قادر على التكلم بشكل جيد، كما يحتاج بعض المصابين باضطراب طيف التوحد إلى الكثير من المساعدة في حياتهم اليومية.

يبدأ مرض التوحد قبل سن 3 سنوات ويمكن أن يستمر طوال حياة الشخص على الرغم من أنَّ الأعراض قد تتحسن مع مرور الوقت؛ إذ تظهر على بعض الأطفال أعراض مرض التوحد خلال الأشهر الـ 12 الأولى من حياة الطفل المصاب، وفي حالات أخرى قد لا تظهر الأعراض حتى عمر 24 شهراً أو بعد ذلك، وقد يكتسب بعض الأطفال المصابين بالتوحد مهارات جديدة ويستمرون بمراحل التطور من عمر 18 شهراً إلى 24 شهراً ثم يتوقفون عن اكتساب مهارات جديدة أو يفقدون المهارات التي كانت لديهم من قبل.

عندما يصبح الأطفال المصابون بالتوحد مراهقين وشباباً قد يواجهون صعوبات في تطوير الصداقات والحفاظ عليها والتواصل مع أقرانهم والبالغين أو فهم السلوكات اللازمة في المدرسة أو في العمل، ولمرض التوحد أعراض كثيرة تعترض مسير حياتهم بالشكل الطبيعي؛ وذلك لأنَّ لديهم أيضاً حالات مثل القلق والاكتئاب أو اضطراب نقص الانتباه أو فرط النشاط التي تحدث في كثير من الأحيان لدى الأشخاص المصابين بالتوحد أكثر من الأشخاص غير المصابين به.

ما هي أبرز السلوكات الشائعة لدى مرضى التوحد؟

يعاني الأشخاص المصابون بالتوحد من صعوبة في التواصل والتفاعل وسلوكات متكررة؛ إذ تقدم القائمة أدناه بعض الأمثلة عن أكثر السلوكات الشائعة لدى الأشخاص المصابين بالتوحد، فلن يكون لدى جميع الأشخاص المصابين بالتوحد جميع السلوكات، لكن معظمهم سيكون لديهم العديد من السلوكات المدرجة أدناه، فقد تشمل سلوكات التواصل الاجتماعي ما يأتي:

  1. التواصل البصري غير المتسق وعدم النظر إلى الأشخاص الذين يتحدث معهم أو الذين يستمع لهم.
  2. عدم مشاركة الاهتمامات أو المشاعر أو الاستمتاع بالأشياء والنشاطات مع الآخرين.
  3. عدم الاستجابة أو البطء في الاستجابة عند مناداته أو طلب منه أمر ما.
  4. مواجهة صعوبات في المحادثة، فغالباً ما يتحدث بإسهاب عن موضوع مفضل دون ملاحظة عدم اهتمام الآخرين به أو دون إعطاء الآخرين فرصة للرد.
  5. إظهار تعابير الوجه والحركات والإيماءات التي لا تتناسب مع ما يقال.
  6. نبرة صوت غير معتادة قد تبدو غنائية أو مسطحة وشبيهة بالروبوت.
  7. مواجهة مشكلة في فهم وجهة نظر شخص آخر أو عدم القدرة على التنبؤ بأفعال الآخرين أو فهمها.
  8. صعوبات في تعديل السلوكات في المواقف الاجتماعية المختلفة.
  9. صعوبات المشاركة في اللعب أو تكوين الصداقات.
  10. تكرار سلوكات معينة أو اتخاذ سلوكات غير معتادة، مثل تكرار الكلمات أو العبارات.
  11. اهتمام مريض التوحد شديد ودائم بموضوعات محددة مثل الأرقام أو التفاصيل أو الحقائق.
  12. إظهار الاهتمامات المركزة بشكل مفرط بمثل الأشياء المتحركة أو أجزاء من الأشياء.
  13. الانزعاج من التغييرات الطفيفة في الروتين وصعوبة في إجراء التحولات.
  14. مريض التوحد أكثر حساسية أو أقل حساسية من الأشخاص الآخرين للمدخلات الحسية مثل الضوء أو الصوت أو الملابس أو دلاجة الحرارة.
  15. معاناة الأشخاص المصابين بالتوحد أيضاً من مشكلات في النوم ونوبات التهيج.

شاهد بالفديو: أساليب التعامل الناجح مع الطفل المتوحد

ما هي النقاط الإيجابية التي قد يتمتع بها المصابون بمرض التوحد؟

قد يتمتع الأشخاص المصابون بالتوحد أيضاً بالعديد من نقاط القوة، لكن ذلك ليس بشكل دائم؛ بل في بعض الحالات، وتشمل هذه النقاط ما يأتي:

  1. القدرة على تعلم الأشياء بالتفصيل وتذكر المعلومات لفترات طويلة من الزمن.
  2. المصاب بمرض التوحد متعلم قوي بصرياً وسمعياً.
  3. التفوق في الرياضيات أو العلوم أو الموسيقى أو بعض أنواع الفن.

تشخيص مرض التوحد:

قد يكون تشخيص اضطراب طيف التوحد صعباً؛ نظراً لعدم وجود اختبار طبي مثل فحص الدم أو قياس الضغط لتشخيص الاضطراب، وقد ينظر الأطباء إلى سلوك الطفل وتطوره لإجراء التشخيص، ويمكن أحياناً اكتشاف اضطراب طيف التوحد في عمر 18 شهراً أو أقل أحياناً، وبحلول سن الثانية يمكن عَدُّ التشخيص من قِبل اختصاصي متمرس أمراً موثوقاً به، ومع ذلك لا يتلقى العديد من الأطفال تشخيصاً نهائياً حتى يكبروا كثيراً.

قد يستغرق اكتمال تشخيص بعض الأشخاص حتى يصبحوا مراهقين أو بالغين، ويعني هذا التأخير أنَّ الأشخاص المصابين بالتوحد قد لا يحصلون على المساعدة المبكرة التي يحتاجونها، وهذا يجعل الآباء يجهلون تصرفات ولدهم غير الطبيعية ويتعاملون معها بشكل غير مناسب، وهذا قد يسبب في تفاقم الحالة.

إقرأ أيضاً: 16 معلومة سريعة عن مرض التوحد

ما هي أهم أسباب مرض التوحد؟

لا يوجد سبب واحد لاضطراب طيف التوحد، فهناك العديد من العوامل المختلفة التي تم تحديدها والتي قد تجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بالتوحد، ومن ذلك العوامل البيئية والبيولوجية والوراثية، وعلى الرغم من أنَّنا لا نعرف سوى القليل عن الأسباب، إلا أنَّ الأدلة المتاحة تشير إلى أنَّ ما يأتي قد يعرض الأطفال لخطر أكبر للإصابة باضطراب طيف التوحد، ألا وهو:

  1. وجود شقيق مصاب باضطراب طيف التوحد.
  2. الإصابة بحالات وراثية أو صبغية معينة مثل متلازمة الصبغي X الهش أو التصلب الحدبي.
  3. المعاناة من مضاعفات عند الولادة.
  4. أن يكون الطفل ابناً لأبوين كبيرين بالسن.

يعمل مركز السيطرة على الأمراض حالياً على واحدة من أكبر الدراسات الأمريكية حتى الآن المتعلقة باضطراب طيف التوحد، فقد تم تصميم هذه الدراسة التي تسمى دراسة استكشاف التنمية المبكرة (SEED) للنظر في عوامل الخطر والسلوكات المرتبطة بالتوحد؛ إذ يُجري مركز السيطرة على الأمراض الآن دراسة متابعة للأطفال الأكبر سناً الذين تم تسجيلهم في (SEED) لتحديد صحة وعمل واحتياجات الأشخاص المصابين بالتوحد وإعاقات النمو الأخرى لديهم في أثناء نضجهم.

نصيحة لذوي المريض بالتوحد:

الطفل المصاب بالتوحد

بصفتك أحد الوالدين لديك ما يلزم لمساعدة طفلك الصغير على التعلم والنمو، فقد طور مركز السيطرة على الأمراض (CDC) أموراً لمساعدتك على تتبع مراحل نمو مرض طفلك ومشاركة هذا التقدم أو أيَّة مخاوف مع طبيب طفلك المختص.

اتصل بطبيب طفلك إذا كنت تعتقد أنَّ طفلك قد يكون مصاباً باضطراب طيف التوحد أو إذا كانت لديك أيَّة مخاوف أخرى بشأن الطريقة التي يلعب بها طفلك أو يتعلم أو يتحدث أو يتصرف، وإذا كنت ما تزال قلقاً فاطلب من الطبيب الإحالة إلى اختصاصي يمكنه إجراء تقييم أكثر تعمقاً لطفلك، ويشمل المتخصصون الذين يمكنهم إجراء تقييم أكثر تعمقاً وإجراء التشخيص المناسب:

  1. أطباء الأطفال التطوريون (الأطباء الذين تلقوا تدريباً خاصاً في تنمية الطفل والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة).
  2. أطباء أعصاب الأطفال (الأطباء الذين يعملون على الدماغ والعمود الفقري والأعصاب).
  3. علماء نفس الأطفال أو الأطباء النفسيون (الأطباء الذين يدرسون عن العقل البشري).

ما هو علاج مرض التوحد؟

يجب أن يبدأ علاج مرض التوحد في أقرب وقت ممكن بعد الانتهاء من التشخيص؛ إذ يُعَدُّ العلاج المبكر لاضطراب طيف التوحد هاماً؛ وذلك لأنَّ الرعاية والخدمات المناسبة يمكن أن تقلل من الصعوبات التي يواجهها الأفراد، وأيضاً تساعد المرضى على تعلم مهارات جديدة وإيقاظ نقاط القوة لديهم.

قد يواجه الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحد مجموعة واسعة من المشكلات، وهذا يعني أنَّه لا يوجد علاج واحد فقط لمرض التوحد؛ لذا يُعَدُّ العمل عن كثب مع مقدم الرعاية الصحية جزءاً هاماً من إيجاد المجموعة الصحيحة من العلاج والخدمات، وقد يصف مقدم الرعاية الصحية دواءً لعلاج أعراض معينة، فمع الدواء قد يعاني الشخص المصاب باضطراب طيف التوحد من مشكلات أقل مع أعراض مثل:

  1. نوبات التهيج.
  2. السلوك العدواني.
  3. السلوك المتكرر.
  4. حالة فرط النشاط.
  5. مشكلات الانتباه.
إقرأ أيضاً: كل ماتحتاج معرفته عن التوحد عند الطفل

في الختام:

بذلك نكون قد أصبحنا على بينة من أمرنا تجاه مرض التوحد، وأصبحنا ندرك كيف يمكن أن نتعامل مع مرضى التوحد وما هي أبرز الإجراءات اللازمة لذلك، لكن لا بد من الإشارة إلى أنَّ مرض التوحد يحتاج إلى الكثير من الصبر والهدوء من قِبل ذوي المريض للتعامل مع مريضهم بشكل صحيح؛ وذلك لأنَّ مرض التوحد تصحبه تصرفات غير عقلانية وغير مدروسة.




مقالات مرتبطة