ما هو فحص PCR؟ كيف يتمّ إجراؤه للكشف عن فيروس كورونا؟ وما هي تكلفته؟

تعتمد الكثير من الدول على أنواع مُختلفةٍ من الفحوصات للكشف عن فيروس كورونا المستجد في مُحاولةٍ للسيطرة والحدِّ من انتشاره، ومن هذه الفحوصات التي باتت تُعدُّ أساسيةً للكشف عنه: فحص الـ PCR؛ لكن ما هذا الفحص؟ وكيف يُجرَى؟ وما نسبة الخطأ في نتيجته؟ وما تكلفته؟



ما هو فحص الـ PCR؟ وما آلية عمله؟

ما هو فحص الـ PCR؟ وما آلية عمله؟

تُصنَع نسخٌ مُتعددةٌ من شريحةٍ مُعيَّنةٍ من الحمض النووي بدقةٍ وسرعةٍ عن طريق استخدام تقنيةٍ حيويةٍ تُدعَى تقنية "تفاعل البوليمراز المتسلسل" (PCR)؛ وقد طوَّر هذا الاختبار البسيط العالم الأمريكي "كاري موليس" -عالمٌ في الكيمياء الحيوية، وحاصلٌ على جائزة نوبل- في عام 1983م، ونشر مقالاً له بهذا الخصوص في مجلة "ساينتفيك أميركان"، حيث كتب قائلاً: "يمكن لتفاعل البلمرة المُتسلسل توليد 100 مليار جزيءٍ مُماثلٍ في غضون بضع ساعات، وذلك بدءاً من جزيءٍ واحدٍ من الحمض النووي للمادة الوراثية؛ كما أنَّهُ سهل التنفيذ، ولا يتطلَّب أكثر من أنبوب اختبارٍ وبعضِ الكواشف البسيطة، ومصدرٍ للحرارة".

تتمثَّل آلية هذا الاختبار بتضخيم وتوليد شظايا الحمض النووي، والذي هو مادةٌ كيميائيةٌ عضويةٌ ذات بنيةٍ جزيئيةٍ مُعقدة، توجد في جميع الخلايا بدائية النواة؛ وفي العديد من الفيروسات، وهو المادة الوراثية للبشر وجميع الكائنات الأخرى.

كانت عملية تضخيم وتوليد الحمض النووي في السابق تستهلك الكثير من الوقت، ولكنَّها أصبحت في عصرنا الحالي أسهل وأكثر سرعة، حيثُ تُجرِي آلاتٌ خاصَّةٌ هذا التحليل، إذ إنَّها تستطيع إنتاج مليارات النُسَخ من شظايا الحمض النووي في غضون ساعاتٍ قليلة، وذلك عن طريق قيامها بجولاتٍ مُتكررةٍ من تحليل البوليمراز المُتسلسل.

ما استخدامات تحليل PCR؟

يُعدُّ تحليل "تفاعل البوليمراز المُتسلسل" (PCR) واحداً من التحاليل التي لا غنى عنها في مُختبرات الكيمياء الحيوية والبحوث الطبية، حيثُ يتميَّز هذا التحليل بأنَّهُ من التقنيات البسيطة التي تُقدِّم نتائج سريعةً جداً، ودقيقةً للغاية؛ كما يُعدُّ من أهمِّ الإجراءات الطبية للكشف من السبب الأساسي للمرض، ويمكن استخدامه في مجالاتٍ عديدة، منها:

1. استخدامات تحليل PCR في إجراءات الطبِّ الشرعي:

  • يعدُّ من الاختبارات الهامَّة والناجحة لإثبات النَّسَب والأبوة، حيث يُجرَى الاختبار لكلٍّ من الوالد وابنه.
  • الكشف عن الجرائم المُختلفة، وذلك من خلال تحليل البصمات الوراثية لإثبات البراءة أو الإدانة.
  • كشف وتحديد الهوية من بقايا جثةٍ مجهولة، حيثُ يتميَّز بقدرته على تحليل أحجام العينات مهما صغُرَت، ومهما كانت حالتها متدهورة؛ شريطةَ عدم خلطها بحمضٍ نوويٍّ آخر خلال نقل العينة أو تخزينها أو جمعها.

2. استخدامات تحليل PCR في الإجراءات الطبية:

يُستخدَم في:

  • الكشف المُبكِّر عن بعض أنواع السرطان، مثل: السرطان اللمفاوي، وسرطان الدم.
  • تحديد علاجاتٍ لمرض السرطان.
  • قبل عملية زراعة الأعضاء؛ وذلك لمعرفة مدى التطابق بين أنسجة الآخذ (المريض)، والمعطي (المتبرِّع).
  • في الاختبارات الجينية للتحرِّي عن الأمراض الوراثية.

3. استخدامات تحليل PCR في عملية الكشف عن البكتيريا والجراثيم:

يُستخدَم هذا التحليل في الكشف عن الأمراض المُعدية وتحديد الفيروسات، إذ يُستخدَم لـ:

  • الكشف عن الإصابة بفيروس "إيبولا"، الذي يبلغ مُعدَّل الوفيات بين الأشخاص المُصابين به 90%.
  • الكشف عن الإصابة "بحمَّى الضنك"، التي يُسبِّبها فيروسٌ ينتقل بواسطة البعوض.
  • الكشف عن مرض نقص المناعة المُكتسب (الإيدز).
  • الكشف عن الأمراض البكتيرية، مثل: مرض "الداء العُليقي"، وهو مرضٌ بكتيريٌّ مُزمنٌ يُصيب الأطفال دون سن الـ 15 عاماً.
  • الكشف عن مرض "الحُمّى الصفراء"، وهو مرضٌ نزفيٌّ فيروسيٌّ حاد، ينتقل عن طريق البعوض، حيث تتدهور حالة المرضى المُصابين بهذا النوع من الحُمَّى في غضون 7 إلى 10 أيام، وذلك بسبب المُضاعفات الخطيرة التي يتعرَّضون إليها.

4. استخدامات تحليل PCR في بحوث البيولوجيا الجزيئية:

يُساعد تحليل الـ PCR في إنتاج كمياتٍ هائلةٍ من عينات الحمض النووي القديم من مصدرٍ محدود، ويحدث من خلاله استنساخ التعبير الجيني، ويمكن بواسطته معرفة تسلسل الحمض النووي؛ كما ويُستفاد منه عادةً عندما تكون مصادر الحمض النووي قديمةً ومحدودة، كما في حال اختبارات ما قبل الولادة.

إقرأ أيضاً: قصة نجاح الطبيب المصري عادل محمود مطوّر اللقاحات

ما مكونات تحليل الـ PCR؟

توجد أربعة مكوناتٍ رئيسةٍ لإجراء هذا التحليل، وهذه المكونات هي: البلمرة، والإشعال، والقالب، والنكليوتيدات.

نأخذ بدايةً أنبوب الاختبار ونجمع فيه العينة، مع الحرص على توفير الشروط المُساعدة التي يحتاجها الأنزيم؛ ثمَّ نُعرِّض العينة إلى موجاتٍ مُتكررةٍ ومتناوبةٍ من التبريد والتدفئة، خلال دوراتٍ يتراوح عددها بين 30 إلى 40 دورة، ويجري ذلك بواسطة جهازٍ خاصٍّ يُسرِّع تسخين وتبريد أنابيب الاختبار التي تحوي العينة والمواد المُتفاعلة معها؛ وأخيراً، نمدِّد الهيكل الصلب المُستخدَم.

ما خطوات إجراء تحليل الـ PCR؟

جهاز إجراء اختبار PCR

1. تغيير المدة:

توفِّر هذه الخطوة قالباً واحداً من الحمض النووي الذي يُستخدَم للعمل عليه في بداية الخطوة الثانية، وذلك من خلال فصل الحمض النووي المزدوج إلى سلسلتين في الدرجة 94 درجةً مئوية، حيث يتكوَّن الحمض النووي من سلستين تلتفان مع بعضهما بشكلٍ حلزوني، وتتكوَّن كلٌّ منهما من تسلسلٍ محدَّدٍ من النيكليوتيدات، بحيث يقابل كلَّ نيكليوتيدٍ من أحد السلسلتين نكليوتيداً نظيراً له على السلسة الأخرى.

2. التلدين:

يجري تبريد التفاعل في هذه الخطوة لكي يتمكَّن الإشعال من ربط تسلسلها التكميلي على الحمض النووي، وتتطلَّب هذه الخطوة درجات حرارةٍ متوسطة، بحيثُ تكون درجة الحرارة حوالي 54 درجةً مئوية.

3. الامتداد:

تحدث في هذه المرحلة عملية توليف مساراتٍ جديدةٍ من الحمض النووي، وذلك من خلال رفع درجة الحرارة إلى 72 درجةً مئوية، بهدف جعل البلمرة تعمل بشكلٍ أفضل.

كيف يُكشَف عن الإصابة بفيروس كورونا؟

مسحة أنفية للكشف عن فيروس كورونا

يُعدُّ فحص الـ PCR من أكثر الفحوصات التي تُجرَى في المُستشفيات لتحديد الإصابة بفيروس كورونا، وهو من أهمِّ الاختبارات وأكثرها دقة، ويعتمد على اختبار تفاعل سلسلة البوليميراز أو تضخيم الحمض النووي (NAAT)، وتعتمد نتيجته على الكشف عن وجود الحمض النووي الريبي للفيروس (Viral RNA) في العينات.

يستغرق ظهور نتيجة هذا النوع من الاختبارات من 4 إلى 6 ساعات، ويُمكن أن تستغرق يوماً كاملاً في بعض الأحيان؛ وتشمل العينات المُستخدمة في هذا التحليل العديد من الأنواع، نذكر أهمَّها: "مسحات البلعوم الأنفي"، ونقصد بها مسحات المنطقة العُليا من البلعوم بالنسبة إلى الأشخاص الذين يُشتبَه بإصابتهم بالمرض لكنَّهم لا يملكون أعراضاً شديدة؛ أمَّا إذا ظهرت لدى المرضى أعراضٌ تنفسيةٌ شديدة، فيعتمد اختبار الـ PCR في هذه الحالة على نوعٍ آخر من العينات، وهي العينات التي تُفرَز من الجهاز التنفسي، والناتجة عن الإصابة بالفيروس؛ كما أشارت الدراسات إلى أنَّ هناك إمكانيةً لاستخدام عيناتٍ أخرى من الدم أو البراز في بعض الحالات.

كيف تُقرَأ نتيجة تحليل الـ PCR؟

كيف تُقرَأ نتيجة تحليل الـ PCR؟

إذا كانت نتيجة التحليل إيجابية (Positive Result)، فيعني ذلك أنَّ المريض مصاب بمرض كوفيد-19 (كورونا المستجد)، ويمكن الاعتماد على نتيجةٍ إيجابيةٍ واحدةٍ فقط لتشخيص المرض؛ أمَّا إذا كانت نتيجة التحليل سلبية (Negative Result)، عندها يمكن القول أنَّ الشخص غير مصابٍ بالكورونا مبدئياً، أو أنَّ الاختبار الذي أجراهُ مُبكِّرٌ جداً، إذ لا تظهر النتيجة إيجابيةً إلَّا بعد عدَّة أيامٍ من الإصابة، وتُسمَّى نتيجة الاختبار هذه بالنتيجة "السلبية الكاذبة" (Flase Negative result)، ويفضَّل إعادة الاختبار بعد عدَّة أيام؛ ولكن إذا كانت الأعراض الإكلينيكية تدلُّ بشكلٍ واضحٍ وصريحٍ على الإصابة بفيروس كوفيد-19، فيمكن في هذه الحالة طلب نوعٍ آخر من العينات.

إقرأ أيضاً: آخر الأسئلة المتداولة حول كورونا، وكل ما تحتاج إلى معرفته عن الفيروس

ما أسباب النتائج السلبية الكاذبة لتحليل العينة عند إجراء اختبار PCR؟

توجد العديد من العوامل التي تُسبِّب ظهور النتائج السلبية الكاذبة لتحليل العينة عند شخصٍ مُصابٍ بالفعل، وتتضمَّن:

1. عوامل تتعلَّق بالعينة المأخوذة من المُصاب:

يمكن أن تكون كمية العينة المأخوذة غير كافيةٍ لإجراء التحليل بشكلٍ جيد، أو أنَّه لم يجرِ الحصول على العينة المطلوبة لإجراء الاختبار بشكلٍ صحيح.

2. عدم إمكانيّة قياس نسبة وجود الفيروس:

ويعود ذلك إلى أخذ المسحة من المُصاب بفيروس كورونا في مرحلةٍ مُتأخرةٍ جداً من المرض، أو في وقتٍ مُبكّرٍ جداً من الإصابة بالفيروس.

3. أسباب تقنية:

وهي الأسباب التقنية المُتعلِّقة بطريقة وأسلوب العمل في المُختبرات، أو بطريقة نقل العينة المأخوذة من المريض المُصاب بفيروس كورونا، أو بطريقة حفظ هذه العينة.

ما تكلفة اختبار الـ PCR؟

يُعدُّ تحليل الـ PCR من التحاليل العالية التكلفة، وذلك بسبب:

  • ارتفاع تكلفة المواد التي تُستخدَم في التحليل.
  • استخدام أنظمةٍ متطورةٍ وسريعة.
  • دقة فحص العينات.
  • سرعة الحصول على النتيجة.

لقد جعل كلُّ ذلك من هذا التحليل غير متوفرٍ في كلِّ المُختبرات البحثية والطبية، ولكنَّ بعض الدول حدَّدت تكلفته، فمثلاً: أعلنت وزارة الصحة في الجمهورية العربية المصرية أنَّ التحليل سيُجرَى في المخابر المركزية في وزارة الصحة والإسكان بسعر ألف جنيهٍ للمصريين، و70 دولارٍ للأجانب.

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة