ما الفارق بين المحترفين والهواة؟

لقد لاحظت أنَّ هناك مهارة واحدة قيِّمة للغاية، لدرجة أنَّها ستجعلك متميزاً في أيِّ مجال من مجالات الحياة، بغض النظر عن نوع المنافسة التي تواجهها؛ فما هذه المهارة؟ وكيف يمكنك تطويرها؟ لنتحدث عن ذلك الآن.



ملاحظة: هذا المقال مقتبس من كتاب العادات الذرية (Atomic Habits) للكاتب جيمس كلير (james clear)؛ وهو أحد كتب مجلة نيويورك تايمز الأكثر مبيعاً.

كل يوم الساعة 8 صباحاً:

لقد أجريت الصيف الماضي حديثاً مع "تود هنري" (Todd Henry)، وهو مؤلفٌ ناجحٌ يقوم بعملٍ رائع، وينشر أعمالاً قيِّمة بانتظام؛ في حين أنَّني قمت بعمل رائع مؤخراً من خلال نشر عمل مثير للتساؤلات على أساس غير منتظم، وقد بدأت شرح هذا لتود قائلاً: "تود، ما رأيك في الكتابة عندما تشعر بالتحفيز فقط؟ إنِّي أشعر كما لو أنَّني أبذل دائماً قصارى جهدي عندما أحصل على شرارة من الإبداع أو الإلهام، إلَّا أنَّ هذا يحدث بين الحين والآخر فقط؛ فأنا أكتب فقط عندما أشعر برغبة في ذلك، وقد يعني هذا أنَّني غير منتظم في عملي؛ في حين لو أنَّني كنت أكتب طيلة الوقت، فلن أكون قادراً على إنتاج عملٍ أفضل".

فأجاب تود: "هذا رائع، أنا أكتب فقط عندما أكون متحفزاً أيضاً، ويحدث أن أكون متحفزاً كلَّ يوم عند الساعة 8 صباحاً".

الفارق ما بين المحترفين والهواة:

لا يهم ما الذي تحاول أن تبرع فيه أو تتقنه؛ وإذا كنت تقوم بالعمل فقط عندما تكون متحفزاً، فلن تكون أبداً منتظماً بما يكفي لتصبح محترفاً.

إنَّ القدرة على النهوض كلَّ يوم، والالتزام بالجدول الزمني، والقيام بالعمل -خاصة عندما لا تشعر بالرغبة في ذلك- أمرٌ في غاية الأهمية، وقد يكون هذا كلَّ ما تحتاج إليه كي تصبح أفضل في 99٪ من الوقت.

لابدَّ أنَّنا اختبرنا هذا جميعاً؛ فعندما لا نفوِّت التدريبات الرياضية، نكتسب اللياقة الأفضل في حياتنا؛ وعندما نكتب كلَّ أسبوع، نصبح كتَّاباً أفضل؛ وعندما نسافر ونُخرِج كاميرتنا كلَّ يوم، فإنَّنا نلتقط صوراً أفضل.

إنَّها حيلة بسيطة وقوية، ولكن لماذا تعدُّ صعبة جداً؟

إقرأ أيضاً: 11 نصيحة غير اعتيادية لاكتساب عادة الاستيقاظ باكراً بسرعة

معاناة المحترفين:

ليس من السهل التعامل مع أهدافك بأسلوبٍ احترافي؛ ذلك لأنَّ الاحتراف يحمل بعض المعاناة.

الحقيقة البسيطة هي أنَّنا غير منتظمين في معظم الأقات؛ إذ لدينا جميعاً الأهداف التي نرغب في إنجازها، والأحلام التي نود تحقيقها؛ ولكن لا يهم ما تحاول أن تصبح أفضل فيه؛ فإذا كنت تقوم بالعمل فقط عندما يكون مريحاً أو مثيراً، فلن تكون منتظماً أبداً بما يكفي للوصول إلى نتائج ملحوظة.

يمكنني أن أضمن أنَّك إذا تمكَّنت من بدء عادة والاستمرار بالالتزام بها، فسوف تشعر بالرغبة في الاستسلام في بعض الأوقات؛ فعندما تبدأ مشروعاً تجارياً، ستكون هنالك أيام لن ترغب فيها بمتابعة العمل؛ وعندما تكون في صالة الألعاب الرياضية، ستكون هناك أجهزة لن تشعر بالرغبة في العمل عليها؛ وعندما يحين وقت الكتابة، سيكون هنالك أيام لا تشعر فيها بالرغبة في الكتابة؛ ولكن ما يصنع الفارق بين المحترف والهاوي هو "المضي قدماً حتى لو كان الأمر مزعجاً أو مؤلماً أو يستنزفك القيام به".

يلتزم المحترفون بجدول زمني، ويترك الهواة الحياة تسير في طريقها؛ ويعرف المحترفون ما يهمهم ويعملون لتحقيقه من أجل هدف ما، في حين ينجذب الهواة غريزياً إلى الأمور الملحة في الحياة.

لن تندم أبداً على بدء العمل الهام:

قد يعتقد بعض الناس أنَّنا نشجع الناس على إدمان العمل؛ حيث "يعمل المحترفون بجدٍّ أكثر من أيِّ شخصٍ آخر، ولهذا السبب هم رائعون"، وهذا ليس كلَّ شيء فعلياً.

لتكون محترفاً، لابدَّ أن تمتلك الانضباط للالتزام بما يهمك بدلاً من مجرد قول أنَّه كذلك؛ حيث يتعلق الأمر بالبدء عندما تشعر بالرغبة في التوقف، ليس لأنَّك تريد العمل أكثر، بل لأنَّ هدفك أهم من أن تعمل عليه عندما يكون ذلك مناسباً فقط؛ لذا يعني أن تصبح محترفاً: أن تحول أولوياتك إلى حقيقة.

هناك الكثير من الحالات التي لا أشعر بأنَّني انتهيت منها، لكنَّني لن أندم أبداً على ممارسة التمرينات الرياضية؛ كما وتمر أيام كثيرة أشعر فيها بالكسل، لكنَّني لن أندم أبداً على الذهاب والعمل على شيءٍ هام.

أن تصبح محترفاً لا يعني أن تدمن على العمل، بل أن تجيد تخصيص وقتٍ لما يهمك حقاً بدلاً من لعب دور الضحية وترك الحياة تقرر ما يحدث لك.

إقرأ أيضاً: كيفَ تكسب الوقت في يومك؟

كيف تصبح محترفاً؟

إنَّ القيام بعملك مثل المحترفين ليس بالأمر السهل، ولكنَّه ليس معقداً أو صعباً أيضاً كما قد تعتقد؛ وهناك ثلاث خطوات لتحقيق ذلك:

1. قرر ما تريد إتقانه:

الغاية هي كلُّ شيء؛ فإذا كنت تعرف ما تريد، يصبح الوصول إليه أسهل بكثير.

قد يبدو هذا بسيطاً، ولكنَّ الأشخاص الأذكياء والمبدعين والموهوبين نادراً ما يعرفون بالضبط ما يعملون من أجله، وسبب قيامهم به أصلاً.

2. حدد جدولاً زمنياً لأفعالك:

بمجرد أن تعرف ما تريد، ضع جدولاً للقيام بالعمل.

لا تحدد جدولاً زمنياً بالاعتماد على النتائج، بل بناءً على الإجراءات التي يمكنك القيام بها؛ فمثلاً: لا تحدد مقدار الوزن الذي تريد أن تفقده كلَّ أسبوع؛ "فخسارة 5 كيلوغرامات" ليس شيئاً يمكنك القيام به، بينما "تنفيذ ثلاث مجموعات من تمرين القرفصاء" هو ما يمكنك القيام به حقاً.

3. التزم بجدولك لمدة أسبوع واحد:

التزم بجدولك لمدة أسبوع واحد

توقف عن التفكير في مدى صعوبة اتباع جدول لمدة شهر أو سنة، واتبعه لهذا الأسبوع، ولا تدع عوامل التشتيت تعترض طريقك خلال الأيام السبعة المقبلة.

لا يجعل منك تحديد جدول زمني محترفاً، لكنَّ اتباعه يجعل منك محترفاً؛ بمعنى: لا تصبح كاتباً، بل اكتب فقط؛ ولا تصبح رافع أثقال، بل ارفع الأثقال تدريجياً؛ وافعل الأشياء التي تريدها لمدة أسبوع دون أن تدع فرصة للحياة لاعتراض طريقك، وابدأ مرة أخرى في الأسبوع القادم.

كيف يبدو هذا في العالم الحقيقي؟

فيما يأتي مثالان لطريقة تصرفي كمحترف كلَّ يوم؛ فلا تتردد في تجربة أيٍّ من هذه الاستراتيجيات إذا كنت تتطلع لأن تصبح أفضل في العمل مثل المحترفين:

  • تمرينات الضغط: عندما بدأت ممارسة تمرينات الضغط، كان بإمكاني القيام بـها لـ 36 مرة، وقد تمكَّنت بعد أشهر قليلة من القيام بـ 100 تمرين ضغط قاسٍ على التوالي. لقد اتبعت الجدول الزمني هنا، وهو القيام بتمرينات الضغط كلَّ يوم اثنين وأربعاء وجمعة، ولم أفوِّت التمرينات المنتظمة لخمسة أشهر.
  • الكتابة: كما ذُكِر في بداية هذا المقال، كان لابد من المعاناة للالتزام بجدول كتابة ثابت، وقد توصلت فيما بعد إلى جدول زمني ناجح والتزمت به، وقد كان هذا الجدول الزمني بسيطاً، حيث قررت نشر مقالٍ جديدٍ كلَّ يومي اثنين وخميس، وهذه مجرد بداية؛ ذلك لأنَّني أعمل كي أصبح محترفاً.

أنت لست وحدك:

لكلِّ شخص رحلته الفريدة، ولكن ليس عليك أن تواجه ألم أن تصبح محترفاً لوحدك، ويسرنا أن نجمع في موقعنا الأشخاص الملتزمين الذين يتطلعون إلى أن يصبحوا أفضل وأكثر صحة وإبداعاً ومهارة؛ فنحن جميعاً نتطلع إلى التحسين.

ما المجالات التي تريد أن تكون محترفاً فيها؟ وما الشيء الهام بالنسبة إليك؟

 

المصدر




مقالات مرتبطة