ما العلاقة بين عقلك الباطن وعلاقاتك الإنسانية؟

لقد وضَّحت العديد من الدراسات الحديثة التي أُجرِيت على العقل الباطن قدرته على التأثير في مختلف مجالات الحياة، بما فيها: القدرة على التعلم، والتسامح والتعاطف، والقدرة على التعافي الذاتي، والعلاقات الاجتماعية والإنسانية، وغيرها الكثير؛ ولعلَّ ما سنتناوله في حديثنا في هذا المقال هو: علاقة العقل الباطن بالعلاقات الإنسانية وتأثيره فيها.



ما القاعدة الذهبية في علاقاتك؟

إنَّ القاعدة الذهبية في العلاقات المتبادلة بينك وبين الناس هي: "عامل الناس كما تحب أن تُعامَل"، والتي لها معنى ظاهري وآخر باطني؛ فهي تتعلق بتوحيد العقل الواعي والباطن في الوقت ذاته، ويتجسد معناها في أن يفكر الناس فيك كما تفكر أنت فيهم، وتشعر بالناس كما تريدهم أن يشعروا بك.

على سبيل المثال: قد تتعامل مع شخصٍ ما بأدب واحترام في منزلك؛ ولكن حينما يدير لك ظهره، ستتولَّد في ذهنك أفكار شبيهة بالنقد والاستياء تجاهه، والتي يمكنها أن تدمر عقلك الباطن، وتجرِّدك من حماستك وقوتك ونيتك الصادقة والحسنة؛ ذلك لأنَّ هذه الأفكار تغوص في عقلك الباطن، وتسبب لك كل أشكال الصعوبات والعقبات والأمراض النفسية.

كيف تكون سعيداً في علاقاتك مع الآخرين؟

تكمن السعادة في العلاقات في عدم الحكم على الآخرين بشيءٍ لا تحبُّ أن يُحكَمَ عليك به؛ إذ سيُحكَم عليك بما تحكم به على الآخرين، وتُعامَل بالطريقة والأسلوب الذي تعاملهم به.

إنَّ السر في صنع العلاقات الإنسانية السليمة والمتآلفة بين الناس هو أن تفهم أنَّك لابد أن تفكر حتى تصل إلى قناعةٍ راسخةٍ أو نتيجةٍ ما في عقلك عندما تريد الحكم على أحدٍ ما؛ فالفكرة التي تحملها حول أيّ شخصٍ ما هي إلَّا فكرتك أنت، فأنت من يخلق تلك المشاعر والأفكار السلبية بداخلك حياله، وتكون بذلك الشخص الوحيد المسؤول عنها.

يُقال إنَّ ما تحكم به على الآخرين هو ما تحكم به على نفسك، وهو أيضاً ما يُحكَم به عليك؛ ويعني هذا أنَّ تطبيق المعايير والمقاييس على الآخرين يجعلك تطبعها في عقلك الباطن، ويؤدي ذلك إلى سريانه عليك أنت أيضاً.

حينما تفهم وتؤمن بذلك القانون وتستوعب الأسلوب الذي يعمل به عقلك الباطن، تصبح قادراً على التفكير بطريقة صحيحة والتصرف باحترام ومودة تجاه الآخرين؛ وعندما تفعل ذلك، سيعود هذا الأمر عليك بالمثل.

شاهد بالفيديو: قوانين العقل الباطن

كيف تؤثر على نفسك؟

عندما تتعرَّض إلى موقفٍ ما، لاحظ ردود أفعالك تجاه الأشخاص والظروف، ودوِّنها في دفتر صغير كي تعيد دراستها لاحقاً؛ فمثلاً:

  1. ما هي ردة فعلك تجاه ما قاله جارك اليوم عنك؟
  2. هل أنت مقتنع بردود أفعالك؟

إذا استطاع الجار إزعاجك وإثارة توترك وغضبك، فإنَّ الحقيقة هي أنَّ هذا الشر سينبع من داخلك أنت؛ ذلك لأنَّ انفعالاتك السلبية قد جردتك من الطمأنينة والسلام، وتمكَّن الغضب من فرض سيطرته عليك، وسمحت بذلك للغل والحقد بالتسلل إلى داخلك.

لذلك، عليك أن تعلم أنَّه بمقدورك الاختلاف مع الآخرين دون أن تكون سيئ الطباع، وبذلك تدرك حقيقة أنَّ ما يؤثر فيك ما هو إلَّا رد فعلك تجاه ما يُقال لك أو يحدث معك، وليس ما يقوله أو يفعله الشخص الآخر.

إقرأ أيضاً: كيف يتعامل الأشخاص الناجحون مع الغضب؟

هل أنت ناضج عاطفياً؟ وما مفهومك للنضج العاطفي؟

لا يمكن لما يفعله أو يقوله الشخص الآخر أن يضايقك أو يزعجك أو يثيرك إلَّا إذا سمحت له بذلك؛ فعندما تغضب، تمر بأربع مراحل في عقلك هي:

  • التفكير بشأن ما قاله.
  • اتخاذ قرار بالغضب.
  • خلق عاطفة الغضب.
  • رد الفعل الغاضب تجاه الموقف.

وأنت من يقرر عند أيِّ مرحلة ستتوقف.

إنَّ مفهومك للنضج العاطفي هو أن تتجاوز جميع ردود الفعل الطبيعية والطفولية في الوقت ذاته الذي تنزع فيه إلى التصرف بشكلٍ سلبيٍّ أو لاإراديّ تجاه النقد أو الاستياء الذي تتلقاه من الآخرين، وأن تتوحد مع هدفك في الحياة، وألَّا تسمح لأيّ شخصٍ أو شيءٍ أن يحرمك من إحساسك المرهف بالسلام والهدوء والسكينة والطمأنينة.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح للحصول على السلام الداخلي وراحة البال

ما معنى الحب في العلاقات الإنسانية المتآلفة؟

قال سيغموند فرويد: "إذا افتقرت الشخصية إلى الحب، فإنَّها تمرض وتموت"؛ ويتضمن الحب: التفاهم والنية الطيبة واحترام الكيان الإنساني؛ وكلَّما زادت مشاعر الحب والمودة، زاد ما يعود على الفرد من كليهما.

يريد كلُّ شخص بالفطرة أن يكون محبوباً ويحظى بالاحترام، وأن يشعر بأنَّه شخصٌ هامٌّ في هذا العالم، وقادرٌ على البذل والعطاء؛ وعندما تفهم وتفعل ذلك بوعيٍ وصدقٍ ومعرفة، ستبني حتماً الثقة مع الشخص الآخر، ويرد لك بدوره كلّ ما أعطيته أنت مسبقاً من حبٍّ ونيّةٍ طيّبةٍ ومودة.

في الختام:

تذكر أنَّك المسؤول الوحيد عن الطريقة التي تفكر بها في الشخص الآخر، وأنَّ أفكارك تعود عليك بكل ما فيها؛ واعلم أنَّ سِرَّ التوافق مع الآخرين يكمن في مبادلتهم مشاعر الحب والمودة والاحترام.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7




مقالات مرتبطة