لماذا يجب على الشركات الصغيرة أن تجرب خطة استمرارية العمل؟

كانت المرونة أو الافتقار إليها، موضوعاً مميزاً في العام الماضي؛ ففي خضمِّ الصراع الاقتصادي وأزمة الصحة العامة، انقسمت الشركات إلى قسمين: الشركات المستعدة وغير المستعدة؛ وعلى الرغم من ذلك، لم يَسلم معظمها من الأذى، ويبدو أنَّ التقسيم شمل معياراً آخر هو حجم الشركات، فبينما تأثرت معظم المنظمات بالجائحة، كانت الشركات الصغيرة بلا شك الأكثر تضرراً، في استطلاع "الأكاديمية الوطنية للعلوم" (PNAS) الذي أُجريَ في عام 2020، تبيَّن أنَّ 43% من الشركات الصغيرة التي شملتها الدراسة أغلقت أبوابها مؤقتاً، ويرجع ذلك في الغالب إلى جائحة كوفيد-19.



ترجع تلك الصعوبات في جزءٍ منها إلى التدفقات النقدية والموارد، وأظهر استطلاع "الأكاديمية الوطنية للعلوم" (PNAS) أنَّ معظم المستجيبين لديهم مالٌ يكفي شهرين أو أقل فقط، وعلى الجانب الآخر، تُعَدُّ وفرة المال ميزةً للمشاريع التجارية عادةً.

ووفقاً لتقرير أعدَّته وكالة إدارة الأعمال الصغيرة الأمريكية (Small Business Administration) حلل ركود عام 2008، عادت مساهمة الشركة الأكبر حجماً في الناتج المحلي الإجمالي إلى ما كانت عليه قبل الأزمة خلال أربع سنوات وسطيَّاً، بينما استغرقت الشركات الأصغر ​​ست سنواتٍ وسطيَّاً.

ومع ذلك، فإنَّ المرونة لا تمليها فقط التدفقات النقدية؛ حيث تتمتع الشركات الكبيرة بميزة أخرى، منها خطة استمرارية العمل والتعافي من الكوارث؛ فهذه الممارسات هي ميزة للشركات الكبيرة، ومع ذلك، غالباً ما يُنظر إليها على أنَّها ذات طابع مؤسسي بحت أو مُبالَغة حينما يتعلق الأمر بالشركات الصغيرة، إذاً لماذا العمليات المتعلقة بالمرونة مرهونة بالحجم؟ ألا نعيشُ في عالمٍ يقبل التوسع؟ يمكن أن تكون الشركات الصغيرة طموحةً - وهي تستحق ذلك - دون زيادة مواردها.

لماذا لا يمكن أن تكون استمرارية العمل محصورةً بالمشاريع؟

تساعد خطة استمرارية العمل على جعل العمليات مرنة قدر الإمكان، وفيما يلي تعريفان هامَّان يجب معرفتهما:

  • خطة استمرارية العمل: هي عملية تحديد التهديدات المحتملة للشركة وإنشاء بروتوكولات للتعامل معها؛ حتى يتمكن العمل من المضي قدماً.
  • التعافي من الكوارث: هو مجموعة من الأدوات والإجراءات التي تستعيد المعلومات والعمليات والأنظمة الحيوية للشركات، بعد وقوع كارثة.

بالتأكيد، قد يبدو هذا البروتوكول وتلك الأدوات مختلفان في المشاريع التجارية - فعلى سبيل المثال، فريق كامل ومجموعة فنية مخصصة لهذه المشكلة - ولكنَّ هذا لا يعني أنَّ الشركات لا يمكنها تبنِّي أفضل الممارسات على نطاق أصغر، فمع الخطة الصحيحة، يمكنهم جني الفوائد نفسها التي تجنيها الشركات الأكبر.

إقرأ أيضاً: 4 نماذج عمل سيعتمدها العالم بعد جائحة كورونا (COVID-19)

فيما يلي بعض فوائد خطة استمرارية العمل:

  1. الحد من حالات الانقطاع عن العمل: فليست هناك حاجة إلى التعامل مع كل أزمة كحدث مستقل، من خلال خطة استمرارية الأعمال، يمكن للشركات الصغيرة توحيد استجابتها للخلل، لتقليل وقت التوقف عن العمل، فكلَّما قلَّ وقت التعطل، قلت خسارة الأموال.
  2. عرض البدائل: يجب أن تكون هناك دائماً خطة بديلة، إذا كان على الشركة الصغيرة أن تغلق أبوابها أو تقلل ساعات عملها أو تحد من قدرتها، فعلى سبيل المثال، إذا أُغلقصالون حلاقة لمدة شهر بسبب جائحة كوفيد-19، فيجب أن يكون لديه وسيلة لاستخدام الاتصالات، والبقاء على اتصال مع عملائه والسماح للعملاء بمواصلة حجز المواعيد المستقبلية، وبهذه الطريقة، يكون جاهزاً لإعادة تحصيل الإيرادات سريعاً بمجرد إعادة فتح الشركة.
  3. تمكين الموظفين: تضمن خطة استمرارية العمل أن يكون الموظفون جميعاً متفقين على كيفية التعامل مع الأزمة، ومن خلال بروتوكول محدد، يعرف الموظفون كيفية الاستمرار في وظائفهم، مما يضمن التناغم ومنحهم راحة البال.

تتمثل الخطوة الأولى في خطة استمرارية العمل في تحديد التحديات الداخلية، فعلى سبيل المثال، هل البنية التحتية الحالية لديك تساعد أو تعوق قدرتك على الصمود؟ في حين أنَّ هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تسهم في حدوث أزمة - مثل التقلبات الاقتصادية أو سلامة الموظفين أو الاستشارات الحكومية - حيث لا ينبغي أن تكون عمليات الشركة واحدة من هذه العوامل.

ومع ذلك، تستمرُّ العديد من المنظمات في الاعتماد على أدوات وأنظمة عفا عليها الزمن تزيد من تفاقم الأزمات، فعلى سبيل المثال، لم تكن بعض الشركات قادرة على الانتقال بسهولة إلى عالم مُتحكَّم به عن بعد ومتباعد اجتماعياً، ولوضع أساس لاستمرارية الأعمال، يجب على الشركات إعطاء الأولوية لرقمنة عملياتها وأنظمتها.

تطبيق الرقمنة قبل أن تَحِلَّ الكارثة القادمة:

اكتشفت العديد من الشركات الصغيرة - خلال عمليات الإغلاق المبكرة المتعلقة بالجائحة - أنَّ الأنظمة الورقية جعلت من الصعب الاستجابة بسرعة للتغيرات الضرورية؛ حيث تؤدي إدارة الشركات دون استخدام التقنيات الحديثة إلى مشكلات عدَّة، فالمعلومات الموجودة في موقع واحد، لا يمكن الوصول إليها إلَّا من خلال هذا الموقع؛ في حالة فقدها أو إتلافها، فإنَّها تختفي إلى الأبد، فمن الصعب أيضاً الحصول على أفكار من تلك البيانات فيما يتعلق بإعداد التقارير وكشوف الرواتب وقاعدة بيانات العملاء.

شاهد بالفديو: 8 أخطاء تقضي على الشركات الناشئة

فمن خلال تحديث الأساليب الورقية فقط بحلولٍ رقمية، يمكن للشركات القضاء على الاختناقات الداخلية والوصول إلى المعلومات المهمة في أي وقت وفي أي مكان؛ حيث يمكن للعملاء جدولة المواعيد والتواصل حتى عندما تكون الأبواب مغلقة، ويستفيد الموظفون من خلال القدرة على القيام بأشياء مثل تصفح جداول أعمالهم والاطلاع دائماً على آخر المستجدات.

لا ينبغي أن تنحصر الرقمنة بالمشاريع الكبيرة فقط، فمن خلال تنفيذ الحلول الشاملة مثل برامج إدارة الأعمال، يمكن للشركات الصغيرة رقمنة عملياتها بسهولة، ويمكن للبرنامج المناسب أن يجعل خطة استمرارية العمل بسيطةً وبأسعار معقولة، وأفضل وقت لبدء التخطيط هو الآن.

يجب أن تكون الشركات الصغيرة جاهزة للاضطرابات التالية، سواء كانت كارثة طبيعية أم سطو أم خرق للبيانات، من خلال تحديث العمليات ورقمنتها، يمكن للشركات الصغيرة الاستفادة من الثورة الرقمية دون السطو على البنك.

المصدر




مقالات مرتبطة