لماذا يجب أن يكون هدفك الحقيقي هاجساً؟

اعتقدَ العدَّاء الأمريكي "مايكل وارديان" (Michael Wardian) أنَّه حطم الرقم القياسي العالمي، ولكن في الساعة 2:04 بعد منتصف الليل، أبلغَت تغريدة على تويتر خلاف ذلك، وسيدهشك ردُّه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "جو دي سينا" (Joe De Sena)، والذي يُحدِّثنا فيه عن قصة العدَّاء الأمريكي "مايكل وارديان" (Michael Wardian).

بدأَت القصة فعلياً قبل سبع ساعات، إلا أنَّ قصة العزيمة والشجاعة والمرونة التي تستحق الذكر بدأَت الساعة في 2:04 صباحاً.

كان عقله لا يزال منشغلاً بالسباق، لكنَّه في حالة راحة، لقد ركض للتو لمسافة 50 كيلومتراً على جهاز الجري، وسجَّل رقماً قياسياً عالمياً خلال وقت بلغَت مدته 3:06:24، أو على الأقل كان يظنُّ ذلك.

قابلتُ "مايكل" ذلك اليوم، فقد كنَّا على متن سفينة الرحلات البحرية "سبارتان ريس" (Spartan Race) المتجهة إلى جزر "الباهاما" (Bahamas)، حيث قرَّرَ "مايكل" العدَّاء الناجح تجربة سباق "سبارتان ريس" (عبارة عن سلسلة من سباقات العقبات بمسافات مختلفة وصعوبة تتراوح من 3 أميال إلى مسافات الماراثون)، ومع جدول أعماله المزدحم، كانت هذه فرصة مثالية للسباق وأخذ أسرته في إجازة في الوقت نفسه.

بعد وضعه ضمن أفضل 50 مشارك في دورة "سبارتان" الرائعة والصعبة، قرَّرَ "مايكل" أن يذهب للجري. في البداية، ركض حول محيط الجزيرة، ثمَّ قرر بعدها الاستمرار.

كان "مايكل" قد سمع عن امرأة ترغب في تحقيق الرقم القياسي العالمي لمسافة 50 كيلومتراً على جهاز الجري، وقرر أنَّه سيُحقِّق الرقم العالمي للرجال.

شاهد بالفيديو: 5 أسئلة تحدد هدفك في الحياة

في تلك الليلة، صعد "مايكل" مرتدياً حذاءه ذا المقاس الكبير على جهاز الجري، وكانت هناك مجموعة من الأشخاص - بمن فيهم أنا - نركض إلى جانبه بوتيرة أقل، واستمر "مايكل" في الركض على جهاز الجري لمدة 3:06:24، ثمَّ ترك الصالة الرياضية.

وبالعودة إلى الساعة 2:04 صباحاً، استيقظ "مايكل" جائعاً وانتبهَ إلى هاتفه يومض، وتلقَّى تغريدةً جاءت من "لندن" تقول: "لقد شهدنا جهداً رائعاً كالعادة، فلدينا شخص سجَّل رقماً قياسياً لمدة تبلغ 3:05:37".

يقول "مايكل": "كنتُ غاضباً جداً من نفسي؛ حيث كان بإمكاني التغلب عليه، لكنَّني لم أكن أعلم بذلك"، لقد فاتته دقيقة واحدة، بل 53 ثانية في الواقع، ولقد أخبرني عندما رأيتُه في الصباح: "أستطيع أن أفعلها"، حيث لم تكن أكبر عقبة كانت تواجهه الشعور بالتعب، وإنَّما رغبته في قضاء اليوم مع عائلته.

إقرأ أيضاً: كيف تحدد الأهداف بفاعلية وتستمر في التطور؟

في اليوم التالي، صعد "مايكل" على جهاز الجري، وتجمَّع بعض الناس حوله، وبالتأكيد، بعد 3 ساعات و3 دقائق و56 ثانيةً، حقَّق "مايكل" الرقم القياسي العالمي في جهاز الجري لمسافة 50 كيلومتراً.

قال "مايكل" بعد ذلك: "اعتقدتُ مرات عدَّة أنَّني سأفشل في تحقيق الرقم القياسي العالمي مرة أخرى، لكنَّني فعلتُها بتشجيع الأشخاص من حولي".
لقد كان ما قام به "مايكل" أمراً مدهشاً حقاً، على الرغم من أنَّه كان يتوقع التوقف والفشل بعد محاولته الأولى، إلا أنَّه لا أحد يشك في أنَّه كان بإمكانه تحقيق رقم أعلى من الرقم القياسي.

لا يوجد مكان للفشل في حياة "مايكل"، فإذا كان بإمكانه القيام بأمر ما، فهو يدرك أنَّه يجب عليه فعل كل ما بوسعه لتحقيق ذلك، فقد اختار "مايكل" النجاح وسعى إلى تحطيم الرقم القياسي العالمي مؤكِّداً أنَّه لا يوجد شيء سيقف في طريقه، لا ألم ولا إحباط ولا حتى مرض.

لقد أُجرِيَت مقابلة مع "مايكل"، وسُجِّلَت له مدوَّنة صوتية في أثناء تحطيمه الرقم القياسي، وتحدَّثنا مرةً أخرى بعد أسبوع حتى أتمكن من أخذ بعض المعلومات المفيدة منه، وسألتُه فيما يفكر، وما هي الأمور التي يفكر فيها - الشخص الذي يركض مئات الأميال دفعة واحدة - عندما يرغب في الاستسلام.

أجابني: "أفكر في أهدافي، لا تستسلم لأنَّه قد يصبح من الصعب عليك تحقيق أهدافك أو قد تصبح الأمور سيئةً، وإنَّ الوصول إلى منتصف الطريق أمر صعب؛ حيث يهتف لك الناس عند خط البداية والنهاية ويشجعونك، في حين أنَّك تحتاج إلى رجاحة العقل والقوة الذهنية وأنت في منتصف المسافة".

ناقشنا أهمية الذهن، وتبادلنا الخبرات، واتفقنا على أنَّ الجسد دائماً ما يستسلم قبل استسلام العقل؛ لهذا السبب يتطلب الأمر إرادةً قوية لإقناع جسدك بالاستمرار في المضي قدماً.

في كتاب طريقة التفكير الفائق: المبادئ الأساسية الثمانية لدوري أبطال القدرة على التحمل لتحقيق النجاح في العمل والرياضة والحياة (The Ultra Mindset: An Endurance Champion's 8 Core Principles for Success in Business, Sports, and Life)، يشارك الكاتب "ترافيس مايسي" (Travis Macy)، المتحدث في الرحلة البحرية والذي أجريتُ معه مقابلة، أسراره لتحقيق النجاح، يقول مايسي: "إذا كنتَ تفعل أمراً تهتم به بالفعل، أمراً يتوافق مع ذاتك الحقيقية وأكبر أهدافك في الحياة، فلا تستسلم وتتوقف لأنَّك تخشى ما سيحدث إذا واصلتَ المضي، وسيكون الخوف موجوداً، فهو مجرد جزء من العملية؛ لذا استمر على أي حال".

لقد سألتُ "مايكل" فيما إذا كان الفشل يخيفه، فمنذ اللحظة التي صعد فيها إلى جهاز الجري، كان ملتزماً تماماً بما يقوم به، وقد أجابني: "بالتأكيد، في كل مرة كنتُ أخطو فيها، لم أكن أعرف ما الذي سيحدث، فهناك حالة من الخوف وعدم اليقين، ولكن هذا ما كان يحفزني".

إقرأ أيضاً: لماذا تخشى الفشل؟ وكيف تتغلب عليه؟

كما ذكرتُ في البداية، بدأَت القصة الحقيقية في منتصف الليل عند الساعة 2:04 صباحاً، حين اكتشفَ "وارديان" أنَّه لم يُحقِّق رقماً قياسياً، وعرف مباشرةً أنَّه بحاجة إلى تحطيمه، فعندما تريد تحقيق أمر ما، يجري كل شيء آخر بصورة طبيعية.

يجب أن يكون الهدف الحقيقي هاجساً بالنسبة إليك، والطريقة الوحيدة لذلك هي السعي إلى تحقيق هدفك، ولقد واجهتُ هذا الأمر مرات عدَّة في حياتي، وعندما جاء "مايكل" ليخبرني أنَّه لم يحطم الرقم القياسي، كانت هناك نظرة في عينيه تؤكِّد بأنَّه سيسعى إلى تحقيق هدفه ولن يفشل.

قال "مايكل"، بعد أن أنهينا حديثنا: "أريد أن أُلهِمَ الناس وأستفيد من ذلك، فاستمِر في ذلك وحاوِل أن تكون الأفضل دائماً؛ فقبل السباق كنتُ أفكر بيني وبين نفسي: لماذا لستُ أنا من حطم الرقم القياسي؟ ولماذا لم أُحقِّق هدفي اليوم؟".

 

المصدر




مقالات مرتبطة