لماذا يجب أن نشكر الناس أكثر؟ وما الذي يمنعنا من ذلك؟

تُظهِر استطلاعات الرأي أنَّ الناس لا يشعرون بأنَّهم محطُّ التقدير، وأنَّنا نتعامل مع الأمور بِعَدِّها مسلَّمات، فما عاد أحد يُبدي الامتنان كما في السابق، فهل أصبحنا أشراراً؟ أم أنَّنا كسالى أم مشغولون؟ سنشرح في هذا المقال أهمية الشكر، وسنخبرك ببعض أسباب هذه المشكلات وحلها.



أهمية الشكر:

نحن نعلم أنَّ عبارة "شكراً لك" لها تأثير إيجابي، ونعلم ذلك دون التفكير فيه حتى، وقولها هو أحد الأشياء التي نفعلها؛ لأنَّنا تعلَّمناها ونحن أطفال، ولأنَّنا نشعر بالامتنان في لحظة قولها.

وَفقاً للدراسات العلمية، لقول "شكراً" فوائد هامة هي:

  • الروابط الاجتماعية: يساعد الشكر على تكوين علاقات جديدة، بالإضافة إلى الحفاظ على العلاقات الموجودة وتقويتها.
  • التقدير: غالباً ما نقوم بأشياء لأنَّنا مضطرون لذلك أو لأنَّنا نريد ذلك، ولكنَّ تلقِّي الشكر يُشعرنا بالرضى أكثر.
  • السعادة: تُظهِر العديد من الدراسات أنَّ هناك عديداً من الفوائد التي تعود على الشخص الذي يقول "شكراً"؛ من الشعور براحة البال، والسعادة، وحتى تحسُّن في الصحة الجسدية.

على سبيل المثال، تُظهر الدراسة "للقليل من الشكر فوائد جمَّة: شرح سبب تحفيز التعبير عن الامتنان للسلوك الاجتماعي الإيجابي" (A little thanks goes a long way: Explaining why gratitude expressions motivate prosocial behavior)، أنَّ التعبير عن القليل من الامتنان يمكن أن يزيد الإنتاجية والحافز ويُشعِرنا بأنَّنا محط تقدير اجتماعياً، كما تقول دراسة من شركة "غالوب" (Gallup): "يؤدي تقدير الموظفين إلى تعزيز اندماجهم، وزيادة إنتاجيتهم وولائهم للشركة؛ ما يؤدي إلى زيادة معدل الاحتفاظ بهم".

كم تُعبِّر عن الامتنان؟

مع أنَّنا نعلم جميعاً أنَّ التقدير والشكر أمران هامان للغاية، تُظهر هذه الدراسة أنَّنا لا نقول "شكراً" بقدر ما نعتقد. وسطياً، تلقَّى فرد من 20 فقط عند تقديم خدمة لشخص ما كلمة شكر تعبيراً عن الامتنان، ويختلف المعدل باختلاف اللغة والثقافة والجوانب الأخرى، ولكنَّ الحقيقة عموماً هي أنَّنا نَعُدُّ مساعدة الآخرين لنا أمراً مسلَّماً به، ومع أنَّنا قد نعبِّر عن تقديرنا بطرائق مختلفة، مثل لغة جسدنا، أو نظرة لطيفة، أو تربيتة على الظهر، لكنَّ هذا ليس كافياً.

قد يكون لذلك تأثير كبير في كل جانب من جوانب حياتنا، فالأسرة والأصدقاء والزملاء، كلهم يودُّون أن يشعروا بأنَّهم موضع تقدير، ونحن بدورنا نودُّ أن نشعر بتقديرهم أكثر، على سبيل المثال، عبَّر أعضاء أحد الفِرق عن مخاوفهم بأنَّهم لا يفهمون ما إذا كان أداؤهم جيداً بما فيه الكفاية، وما إذا كانوا موضع تقدير من قِبل زملائهم في الفريق؛ والسبب في هذه الحالة هو أنَّهم قريبون جداً من بعضهم لدرجة أنَّهم ينسون قول شكراً، ويَعُدُّون تلقِّي المساعدة من بعضهم أمراً طبيعياً ومتوقَّعاً.

فكِّر بالأمر: كم مرة تلقيت فيها المساعدة بنفسك وقبلتها على أنَّها شيء متوقَّع من شريكك أو زميلك في الفريق أو صديقك؟ كثيراً على الأرجح، ولكن أسوأ شيء هو ألا تشعر بالامتنان تجاه المقربين من حولك.

إقرأ أيضاً: التواضع: أجمل كلمات اللغة

لماذا لا نشكر الآخرين؟

هناك طرائق لتغيير هذا، بدءاً بتدريب نفسك وفريقك على تقديم التغذية الراجعة، وشرح سبب أهميتها والحرص على أن تشكرهم بنفسك، لكن قد يكون هناك عقبات مثل:

  • الخجل: بعض الناس انطوائيون، ويضَّطرون إلى بذل جهد إضافي والتحلِّي بالشجاعة كي يتمكَّنوا من النظر في عيني شخص ما وشكره.
  • الثقافة: تشتهر بعض البلدان والثقافات بكون أفرادها انطوائيين.
  • ساعات العمل المرنة والعمل عن بُعد: ربما يعمل فريقك من مواقع مختلفة في أوقات مختلفة ولا يصادفون بعضهم بعضاً سوى ليوم واحد في الأسبوع؛ ولذا، قد ينسون شكر الآخرين بعد مرور أيام على تلقِّيهم المساعدة.
  • العمل عبر الإنترنت: عندما تعمل عبر الإنترنت في معظم الأوقات، فأنت تتلقَّى المساعدة أيضاً عبر الإنترنت، وحينها يكون التعبير عن الشكر في كثير من الأحيان أمراً مرهِقاً على الرَّغم من سهولته وتعدُّد طرائقه؛ من إرسال بريد إلكتروني أو رسالة في المحادثة وحتى كتابة ملاحظة.
  • الكسل: البشر كسالى، وفي معظم الأحيان يتغاضون عن شكر الشخص الآخر بعد حصولهم على ما يحتاجونه.

لا يكفي أن تكتب عبارة "شكراً" على أحد التطبيقات، يجب أن يسمعك الطرف الآخر من خلال مكالمة هاتفية على الأقل إن تعذَّر اللقاء به شخصياً.

شاهد بالفيديو: 9 طرق لتحسين مهارات التواصل

الحل لنشر عادة الشكر:

أحد حلول هذه المشكلات هي برنامج الشكر، وأفضل مثال عن ذلك هو منصَّة التقدير المباشر على الإنترنت "برتي" (Burty)، ففي إصدارها الأول ترك كل موظف في الشركة التي تستخدم هذا التطبيق وسطياً أكثر من 50 ملاحظة شكر سنوياً، وأطلقوا على أساسها مسابقات موظف الشهر، ولاحظت الشركة أنَّ تقديم مساعدة أصبح أمراً شعبياً، وقال الموظفون الجدد إنَّها أكثر بيئة تعاونية عملوا بها، فشعر الموظفون الجدد والقدماء على حد سواء بالتقدير والتحفيز.

نتيجة لنجاح هذه المنصَّة وُلِدَت منصة التقدير المباشر "غود جاب، بال!" (Good job, Pal!)؛ إذ يمكن لأي شخص أن يقول شكراً بنقرتين. الأمر يسير للغاية فلن يكون هناك عذر لعدم فعله، يمكنك أن تشكر الناس في أي وقت وأي مكان.

إقرأ أيضاً: 10 طرق ذكية لتقديم الشكر إلى موظفيك

استخدام عبارات الشكر بِعَدِّها أداة للإدارة:

والأفضل من ذلك، يمكنك تحديد أسباب الشكر؛ إذ تسمح المنصة لفريقك بالاتفاق على القيم التي يجب تشجيعها ودعمها، فقد يشكر الناس بعضهم عندما يكونون لطيفين مع بعضهم أو حين يتصرَّفون بذكاء، أو حين يقدِّمون خدمات سهلة، مثل إعداد كوب قهوة لشخص آخر.

بفضل هذه المنصَّات يمكن القيام بشيء كان مستحيلاً من قبل، وهو تحديد المناخ الاجتماعي، حين تعرف مَن شكر مَن؟ ولماذا؟ وكم من المرات؟ ومَن هو أكثر شخص يساعد الآخرين؟ ومَن لا يعبِّر عن الامتنان؟ هذه كلها معلومات قيمة جداً لأي قائد فريق؛ لأنَّها تسمح بتوقُّع المشكلات قبل وقوعها.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة