لماذا نشعر بأن الأوقات الممتعة تمضي بسرعة؟

ينتظر العديد من الأشخاص قدوم العطلة الصيفية بفارغ الصبر، خاصةً بالنسبة إلى نصف الأمريكيين الذين ألغوا خططهم الصيفية العام الماضي بسبب الجائحة.



ملاحظة: هذه المقالة مأخوذة عن "سيلين مالكوك" (Selin Malkoc) الأستاذة المشاركة في مجال التسويق في "جامعة ولاية أوهايو" (The Ohio State University) تخبرنا فيها عن تجربتها في الشعور تجاه الوقت.

ولكن ما إن توشك العطلة على الاقتراب، حتى تشعر وكأنَّها شارفَت على الانتهاء حتى قبل أن تبدأ، ولست الوحيد الذي يعاني من ذلك الشعور.

في بعض الدراسات الحديثة التي أجريتُها مع الأساتذة "غابرييلا تونيتو" (Gabriela Tonietto) و"سام ماغليو" (Sam Maglio) و"إريك فان إيبس" (Eric VanEpps)، وجدنا أنَّ حوالي نصف الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع شعروا أنَّ رحلتهم القادمة في عطلة نهاية الأسبوع ستنتهي بمجرد أن تبدأ.

يمكن أن يكون لهذا الشعور تأثير مضاعف، ويمكن أن يغير الطريقة التي يتم فيها التخطيط للرحلات؛ إذ على سبيل المثال: قد يقل احتمال إضافة نشاطات إضافية إلى برنامج الرحلة، وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تتفاخر بتناول عشاء باهظ الثمن؛ لأنَّك ترغب في تحقيق أقصى استفادة من الوقت القليل الذي تعتقد أنَّك تملكه.

من أين يأتي هذا الشعور؟ وهل يمكن تجنبه؟

1. اختلاف الأحداث:

عندما يتطلع الناس إلى شيءٍ ما، يرغبون عادةً في حدوثه بأسرع وقت ممكن، وأن يستمر أطول فترة ممكنة؛ حيث اكتشفنا بدايةً تأثير هذا الموقف في احتفال عيد الشكر.

لقد اخترنا عيد الشكر؛ لأنَّ الجميع تقريباً في "الولايات المتحدة" (United States) يحتفلون به، ولكن ليس بالضرورة أن يتشوق الجميع لحضوره؛ إذ إنَّ بعض الناس يحبون اجتماع العائلة معاً في هذه المناسبة، وبعضهم الآخر يخافون منه، سواءً بسبب الإجهاد الناجم عن الطهي، أم بسبب ما يتبعه من ترتيب وتنظيف، أم بسبب القلق من التعامل مع المشاعر العائلية.

لذا، أجرينا في يوم الاثنين السابق لعيد الشكر في العام 2019، استطلاعاً لآراء 510 أشخاص عبر الإنترنت، وطلبنا منهم إخبارنا ما إذا كانوا يتشوقون إلى العطلة، ثم سألناهم إلى أيِّ مدى بدت تلك العطلة بالنسبة إليهم بعيدة، وإلى أيِّ مدى شعروا أنَّها ستستمر، وقدَّمنا لهم مقياساً يعكس مشاعرهم مرقماً بـ 100 نقطة، وما عليهم سوى الإشارة إلى الرقم الذي يَعُدُّون أنَّه يصف شعورهم؛ حيث كان الرقم (0) يعني أنَّ الشعور قصير جداً والرقم (100) يعني أنَّه طويل جداً.

كانت النتائج كما توقعنا، فكلما تشوق المزيد من المشاركين إلى احتفالات عيد الشكر، بدا موعده بعيداً وشعروا بقرب انتهائه بسرعةٍ أكبر، ومن المفارقات، أنَّ الشوق لشيء ما يبدو أنَّه يقلص مدته في العقل الباطن.

إقرأ أيضاً: قوانين العقل الباطن: ما هو؟ كيف يعمل؟ وكيف تبرمجه وتسيطر عليه؟

2. ضبط الشعور بالزمن:

يعتقد معظم الناس بالمصطلح القائل "إنَّ الوقت يمر سريعاً عندما تستمتع وتكون سعيداً به"، وقد أظهرت الأبحاث بالفعل أنَّه حين يبدو الوقت وكأنَّه يمر بسرعة، يفترض الناس أنَّ المهمة لا بُدَّ أن تكون جذابة وممتعة.

لقد استنتجنا أنَّ الناس قد يبالغون في افتراضهم حول العلاقة بين الوقت والمرح، عند الحكم على مدة الأحداث التي لم تحدث بعد.

ونتيجةً لذلك، يميل الناس إلى افتراض لا إرادي بأنَّ الأحداث الممتعة - مثل الإجازات - سوف تمر بسرعة كبيرة، وفي الوقت نفسه، اللهفة والتوق لحدثٍ ما، يمكن أن تجعل الوقت الذي يؤدي إلى هذا الحدث يبدو أطول، وقد أدى الجمع بين بداية الأحداث التي بدت بعيدة في أذهانهم - مع توقع نهايتها القريبة - إلى شعور المشاركين أنَّ الحدث الذي كانوا يتطلعون إليه سيبدو كما لو أنَّه لم تكن له أيَّة مدة على الإطلاق تقريباً.

وفي دراسة أخرى، طلبنا من المشاركين تخيُّل الذهاب في رحلة في عطلة نهاية أسبوع يتوقعون فيها إمَّا أن تكون ممتعة أو مروِّعة، وبعد ذلك، سألناهم عن مدى شعورهم بقرب بداية وقرب نهاية هذه الرحلة، باستعمال مقياس مشابه لمقياس الإشارة من 0 إلى 100؛ حيث قيَّمَ 46% من المشاركين عطلة نهاية الأسبوع الإيجابية وكأنَّها من دون مدة على الإطلاق، فقد وضعوا علامة على بداية ونهاية الإجازة تقريباً في الموقع نفسه عند استعمال مقياس التمرير.

إقرأ أيضاً: أهمية الوقت في حياتنا وأهم النصائح لإدارة الوقت واستثماره

3. التفكير في الساعات والأيام:

كان هدفنا هو إظهار كيف يمكن لهذين الحُكمين على الحدث (حقيقة أن يبدو أنَّه في الوقت نفسه أبعد ويُفترض أنَّه سينتهي سريعاً)، أن يقضيا تقريباً على مدة الحدث في العقل الباطن.

واستنتجنا أنَّه إذا لم نسلط الضوء صراحة على هذين الأمرين المنفصلين، وبدلاً من ذلك سألناهم مباشرة عن مدة الحدث، فإنَّ عدداً أقل من الأشخاص سيشير فعلياً إلى عدم وجود مدة لحدثٍ يتطلعون إليه.

اختبرنا هذه النظرية في دراسة أخرى؛ حيث أخبرنا فيها المشاركين أنَّهم سيشاهدون مقطعي فيديو متتاليين مدتهما خمس دقائق، ووصفنا الفيديو الثاني بأنَّه إمَّا فكاهي أو ممل، ثم سألناهم عن المدة التي يعتقدون أنَّ كل مقطع فيديو سيستمر فيها.

وجدنا أنَّ المشاركين توقعوا أنَّ الفيديو المضحك سينتهي بشكل أسرع، وكان تشوقهم لحضوره أكبر من انتظار الفيديو الممل، لكنَّنا وجدنا أيضاً أنَّ المشاركين اعتقدوا أنَّه سيستمر فترة أطول قليلاً من الردود التي تلقيناها في الدراسات السابقة.

تعطينا هذه النتيجة طريقة للتغلب على هذا التصور المتحيز؛ أي التركيز على المدة الفعلية؛ حيث أفاد المشاركون في هذه الدراسة مباشرةً إلى المدة التي سيستغرقها الفيديو المضحك، وليس المدة المتصورة بين بدايته ونهايته، وكانوا أقل احتمالاً بكثير بافتراض أنَّه سينتهي تماماً حالما يبدأ.

على الرغم من أنَّ الأمر قد يبدو تافهاً وواضحاً، إلا أنَّنا نعتمد غالباً على مشاعرنا الشخصية، وليس المقاييس الموضوعية للوقت، عند تحديد المدة التي ستبدو بها الفترة الزمنية وكيفية استعمالها على أفضل وجه.

لذلك، عندما نتطلع إلى الأحداث التي طال انتظارها، مثل العطلات، من الهام أن تُذكِّر نفسك كم يوماً سوف تستمر فحسب، وستحصل على المزيد من الخبرة، ونأمل أن تساعد نفسك وتتعلم كيفية الاستفادة من الوقت الذي بين يديك.

المصدر




مقالات مرتبطة