لماذا لا ينبغي عليك ترك وظيفتك لبدء مشروع تجاري؟

لقد أصبح العالم الذي نعيش فيه عالماً رقمياً، وصار الاتصال بالإنترنت أمراً بسيطاً نستمتع به جميعاً؛ ممَّا يدفع الكثيرين منَّا إلى الرغبة في ترك عملهم وبدء مشروع تجاري نظراً لكثرة تداول كلمة "ريادة الأعمال" التي تجعل العديد من الناس يعتقدون بأنَّها وسيلة للتمتُّع بمستوى أعلى من الحرية المهنية والمالية والشخصية.



بالإضافة إلى ذلك، يُعدُّ امتلاك القدرة على فعل ما تحب وقتما تريد أمراً جذَّاباً للغاية، لا سيما عندما تتمكَّن من تحويله إلى عمل يعود عليك بدخلٍ كبير، ولكن لا تُسارع إلى التخلي عن وظيفتك اليومية لمتابعة أحلامك في ريادة الأعمال؛ إذ يرى العديد من روَّاد الأعمال المعروفين اليوم أنَّ القيام بذلك تهوُّرٌ غير ضروري.

نادراً ما تجد "رائد أعمالٍ" في العصر الحديث قرر ترك وظيفته فجأةً والسعي وراء أحلامه؛ وذلك لأنَّ ترك الوظيفة لبدء العمل الحر أمر محفوف بالمخاطر، خاصةً مع غياب عوامل الأمان، وفي الواقع يفشل معظم الأشخاص الذين يقررون بدء مشروعٍ تجاري عبر الإنترنت بعد سنةٍ من بداية المشروع.

بالإضافة إلى ذلك، يحتاج الانتقال من العمل موظفاً عند الآخرين إلى إدارة شؤون عملك الخاص بنفسك إلى إمكاناتٍ أكبر بكثيرٍ من التي تعتقد بأنَّه يحتاج إليها؛ إذ يجب عليك تغيير طريقة تفكيرك أولاً من عقلية موظف إلى عقلية رائد أعمال، ويُعدُّ هذا مفتاحاً رئيساً لسد الفجوة في تلك الإمكانات بنجاح؛ وذلك لأنَّه إذا كنت تعمل بعقلية موظف، فمن المؤكد أنَّك ستفشل في ريادة الأعمال؛ والسبب في ذلك، أنَّك عندما تعمل من أجل الآخرين، فإنَّك تفعل ما يطلبون منك القيام به، بينما ينبغي عليك، كرائد أعمال، أن تقرِّر ما هي الخطوة التالية الأفضل، وتطبِّقها في أفعالك اليومية، ويتطلب هذا تغييراً كبيراً في العقلية وانضباطاً شديداً.

وفي الوقت نفسه، في ظل هذا الاقتصاد سريع التغيُّر، قد يكون من الخطأ ألَّا تبدأ مشروعاً تجارياً، وهذا يطرح سؤال: كيف يمكنك القيام بذلك في أثناء العمل بدوام كامل؟

اتَّخِذ مساراً مختلَطاً لريادة الأعمال:

إذا كنت على استعداد للتضحية بالكثير من وقت فراغك الآن لجني الثمار لاحقاً، فأنت تمتلك ما يكفي لتصبح رائد أعمال، لقد بدأ العديد من روَّاد الأعمال الناجحين أعمالهم من خلال "المسار المختلَط" لريادة الأعمال؛ أي أنشؤوا مشاريعهم التجارية بينما لا يزالون يعملون في وظائفهم.

لقد أظهرت الأبحاث أنَّ أولئك الذين احتفظوا بوظائفهم اليومية في أثناء بدء أعمالهم ازداد احتمال نجاحهم بنسبة 33% مقارنةً مع نظرائهم الذين جازفوا بترك وظائفهم، وبالإضافة إلى ذلك تسمح لك وظيفتك ببدء مشروعك بدايةً أقوى من الناحية المادية؛ ممَّا يزيد من احتمالية استمرار مشروعك وازدهاره خلال المراحل الأولية، كما يسمح لك العمل في ريادة الأعمال وأنت في وظيفتك الحالية ببناء المهارات والسمات اللازمة التي ستحتاج إليها في أثناء انتقالك من دور الموظف إلى دور رائد الأعمال.

ومن ثم يُعدُّ عدم الصبر والسعي إلى الحصول على مكاسب قصيرة الأمد من خلال ترك وظيفتك وتحمُّل مسؤولية القيام بكل المهام وحدك أمراً خطيراً وغير حكيم على الأغلب، بينما يُعدُّ اتِّخاذ خطوات بسيطة وثابتة على الأمد الطويل الإجراء الأكثر حكمة.

إقرأ أيضاً: كيف تبدأ عملك الخاص دون ترك وظيفتك الحالية؟

لقد أصبح بدء عمل تجاري اليوم أهم من ذي قبل:

على الرغم من عدم حكمة التسرُّع في ترك وظيفتك؛ إلَّا أنَّ الوظيفة لا تضمن الأمان المالي ولا تحقِّق الاكتفاء الذاتي، ممَّا يُوجِبُ عليك بدء مشروع تجاري، وهذا ليس بالأمر العسير للغاية؛ إذ تمنحنا التطورات السريعة في التكنولوجيا والرقمنة المتزايدة لعالمنا الوسائل الإبداعية والقدرة على بناء الأعمال، سواء كنت تمتلك مهارات في التسويق أم فكرة رائعة لمنتج ما، فقد تصير مثل "بيل جيتس" (Bill Gates) أو "إيلون ماسك" (Elon Musk)؛ لذا عليك أن تفكِّر في مهاراتك المميزة، والخدمات التي سيدفع لك الآخرون مقابلها بكل سرور.

كما يجب أيضاً أن تعرف ما يمكنك تحصيله من كل عميل، وعدد العملاء الذي سيسمح لك بالتخلي تخلياً تامَّاً عن الدخل الذي تقدِّمه لك الوظيفة.

ومن الجيد أيضاً أن تبدأ مشروعك التجاري من خلال التسويق بالعمولة بدلاً من إنشاء منتجك الخاص؛ كي تكتسب الخبرة الأولية من الترويج لمنتجات الآخرين.

بغض النظر عن أنَّ التفكير في إدارة مشروعك، وقضاء وقتك في العمل على شيء يثير شغفك، واختيار كيف وأين تقضي وقتك، أمر مغري؛ عليك أن تدرك أنَّك ستبذل الكثير من الجُهد، وسوف تواجه عقبات في طريقك، سواء في نقص التمويل المالي، أم عقبات معنوية بينك وبين وجهتك.

وهذا ما يجعل افتتاح مشروعك التجاري في أثناء العمل بدوام كامل أو جزئي أمراً عقلانياً؛ إذ ستمتلك تمويلاً مالياً يساعدك على بدء مشروعك، وبمجرد أن يبدأ عملك بتحقيق دخل ينافس الدخل الذي تحصل عليه من وظيفتك اليومية، يمكنك عندها التفكير فيما إذا كنت ستتابعها بدوام كامل أم جزئي.

وأخيراً، تأسيس المشاريع التجارية ليس لضعاف القلوب، ولكن إذا كنت على استعداد للعمل لساعات طويلة والصبر والتعلُّم من إخفاقاتك، يمكنك أن تؤسِّس المشروع الذي تريده وتعيش الحياة التي تتمنَّاها؛ لذا افعل ذلك الآن؛ لأنَّ الحياة أقصر من أن تقضيها في تحقيق أحلام الآخرين.

 

المصدر




مقالات مرتبطة