لماذا لا ينبغي أن تستثمر كل طاقتك في الأشياء الصغيرة؟

نعم، أعرف أنَّ نزهات المشي على الشاطئ محببة لدى الجميع، لكنَّني أجد الحديث عنها مبالغة كبيرة بين الشركاء؛ وبما أنَّني متزوجة منذ أكثر من 11 عاماً، أعتقد أنَّني أستطيع قول هذا دون أن يبدو مبتذلاً؛ فأنا أحب المشي لمسافات طويلة على طول الشاطئ.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة كندرا هول (Kendra Hall)، والتي تتحدث فيه عن تجربتها الشخصية في استثمار الطاقة في الأشياء الصغيرة.

مع أنَّ جميع النزهات التي قمت بها رائعة، إلَّا أنَّ هناك واحدة لن أنساها أبداً، وغالباً ما أفكر فيها؛ وقد كان ذلك قبل 10 سنوات أو نحو ذلك، حيث كنت في زيارة لقضاء عيد الشكر مع عائلة زوجي في كورونادو- كاليفورنيا، واستيقظنا يومها مبكراً وسرنا إلى المقهى.

مع أنَّ البرد القارس كان مرافقاً لنسمات الهواء في ذلك اليوم الشتوي، إلَّا أنَّ الشمس كانت مشرقة، وكان رصيف الشاطئ يعجُّ بالناس القادمين من كل أنحاء العالم لقضاء عطلة الشتاء، وكان المكان مزدحماً بعض الشيء لكنَّه بهيج ورائع.

بينما كنَّا نحاول شق طريقنا على الرصيف البحري، وقف طفلان (أخ وأخت)، وكان من الواضح أنَّ والديهما قد طلبا منهما الانتظار بجانب عمود الإنارة بينما كانا يفتشان في سيارة صغيرة مركونة بجانبهما؛ وللترفيه عن نفسيهما، كان الطفلان يلعبان لعبة ابتكراها تواً، والتي افترضت أنَّ اسمها كان "كومة الرمل هذه لي".

فقد تناوبا على الوقوف على أكوام الرمل الصغيرة التي تراكمت على جانبي عمود الإنارة، وكانت الأخت تصيح: "كومة الرمل هذه لي"، ويركض الأخ إلى جانبها ويضع قدمه في الكومة ويصرخ: "لا، كومة الرمل هذه لي"، ثم تركض الأخت إلى الجانب الآخر من عمود الإنارة وتقف على كومة صغيرة أخرى وتصرخ: "كومة الرمل هذه لي".

راقبت الطفلان يتشاجران كما لو كانا في حرب بينما كنَّا نسير؛ فلا يمكن لشيء أن يشتت تركيزهما، ولا حتى والدتهما التي تصرخ طالبة منهما أن يلعبا بهدوء؛ ولم أستطع منع نفسي من النظر إلى الخلف عندما مررنا بهما.

إقرأ أيضاً: الطاقة الداخلية عند الإنسان: مفهومها، مصادرها، مراكزها، وطرق تطويرها

كان يوجد أطنان من رمل كاليفورنيا تملأ الـ 200 ياردة بين الرصيف والبحر على طول أميال مترامية الأطراف أسفل القنوات المائية التي تبدو كأوراق بيضاء متلألئة، وقد ترك بعض السياح آثار أقدامهم على الرمال؛ لكنَّ بعض الرمال الأخرى كانت لا تزال ملساء، وكان بعضها الآخر متموجاً بفعل الموج والريح؛ وكان كل هذا على بعد أمتار قليلة فقط من المكان الذي يلعب فيه الطفلان.

كانت توجد أكوام وأكوام من الرمال التي لم ينتبه إليها الطفلان قط؛ ذلك لأنَّهما كانا منشغلين للغاية في الاقتتال على الأكوام الصغيرة المتموضعة حول قاعدة عمود الإنارة حيث وقفا، فلم يتطلعا إلى أبعد منها حتى، ولم تخطر لهما قط فكرة أنَّه يوجد مزيد من الرمال بانتظارهما على بعد لحظات فقط في الجانب الآخر من المسار الإسمنتي.

إذا افترضنا أنَّهما سيضطران إلى الدفاع عن نفسيهما، فسيقولان: "إنَّنا مجرد أطفال، وقد طلب منا والدانا ألَّا ننظر باتجاه الشاطئ، فلم يكن لدينا خيار آخر سوى إشغال أنفسنا ريثما ينتهي والدنا ممَّا كان يقوم به ويأتي بعد ذلك لأخذنا إلى مغامرتنا التالية"، فقد بذل الطفلان ببساطة قصارى جهدهما ليستمتعا بما لديهما دون أن يغريهما النظر إلى ما يوجد حولهما.

لقد كانا مجرد طفلين، لكنَّني لم أستطع إلَّا أن أسأل نفسي: "ما هو عذري أنا؟"؛ فقد وجدت نفسي في أكثر من مناسبة منهمكة بالكامل، وأقاتل محبطة، وتلهيني محاولة إيجاد مبرر لما أدعيه، ومن ثم أرميه على كومة صغيرة من الرمل أيَّاً تكن، سواء كانت كومة رمل العلاقات أم العمل أم الحياة.

لقد كنت مستغرقة تماماً في لعب هذين الطفلين، ممَّا جعلني أغفل عن رؤية الشواطئ الجميلة من حولي؛ تلك الشواطئ التي تحتوي كميات لا محدودة من الرمال والإمكانات والسعادة.

شاهد بالفديو: 7 طرق طبيعية لتعزيز الطاقة

نستثمر جميعاً طاقاتنا في الأشياء الصغيرة بينما تنتظر الأشياء الكبيرة على الجانب الآخر من الرصيف دون أن يمسها أحد؛ إذ من السهل التركيز على ما نخسره أو ما لا يسير على ما يرام أو ما لا يمكننا التحكم به في زمن التغيير هذا، وتشخيص هذه المشكلة على أنَّها مجرد مشاحنات تافهة تشبه مشاحنات الأطفال على الرصيف؛ لكن لسوء حظ البالغين أنَّ الأعراض تكون خفية أكثر، وتظهر عندما نقارن أنفسنا بالآخرين؛ فنقطب حاجبينا عندما نقرأ أخباراً جيدة عن شخص آخر على مواقع التواصل الاجتماعي، أو نفكر في أنَّنا لا نستطيع تحقيق ما حققه هذا الشخص؛ وتتربص بنا هذه الأعراض عندما تنهار صفقة كان من المفترض أنَّها خيارنا الوحيد، وتظهر حين يُغلَق في وجهنا باب ونقف محدقين فيه بدل البحث عن باب آخر ربَّما قد فُتِح للتو.

إقرأ أيضاً: أسباب تدفعك إلى تعلم المزيد حول شخصيتك

أفكر في الأطفال على الرصيف كثيراً، وأفكر في أنَّ ما كان مجرد لحظة مراقبة عابرة قد أصبح لحظة ذات أهمية إرشادية؛ وفي أي وقت أشعر به بالمحدودية أو بأنَّني مقيدة بالعالم أو القواعد من حولي، أفكر ثانية في تلك النزهة الطويلة على الشاطئ، حيث ركز الأطفال على ما كان تحت أقدامهما فحسب؛ وأذكِّر نفسي دائماً بأن أبقي نظري على الشاطئ الواسع.

المصدر




مقالات مرتبطة