لماذا لا يقدر معظم الناس على تحقيق النجاح؟

النجاح هو عملية مستمرة تهدف إلى تحسين الشخصية ونوعية الحياة والأداء الوظيفي والعلاقات؛ ولذلك فهي تتطلب جهداً كبيراً؛ إذ لا يقتصر النجاح على النجاح المادي فقط، فمعظم الأشخاص الذين يملكون مالاً كثيراً يعانون التعاسة وعدم التوازن في حياتهم.

الغاية من هذا المقال هي معرفة ما الذي يعوق معظم الناس عن تحقيق النجاح؟ ومن خلال المفهوم الذي قدَّمناه بدايةً عن النجاح، يصبح السؤال: لماذا يخفق معظم الناس في تطوير أنفسهم؟

كلَّما طوَّرت نفسك أصبحت أكثر تركيزاً على الأشياء القليلة في الحياة، والتي تعني الكثير؛ لذلك نرى الكاتب الأمريكي جيم رون (Jim Rohn) يقول: "لا ينجح معظم الناس لأنَّهم ببساطة يبددون جهودهم في أمور ثانوية"، ولكي تكون ناجحاً يجب أن تنتقي بعناية الأشخاص الذين تقضي وقتك معهم، وتتجنب البقاء لفترات طويلة مع الأشخاص الذين قلَّما يسعون إلى تحسين نوعية حياتهم.

بالمثل، لا يمكنك الاستمرار بتناول الطعام السيئ بصرف النظر عمَّا يختاره زملاؤك أو شريكك من وجبات، ويجب أن تخصص معظم الوقت للقيام بالأنشطة ذات الجودة العالية؛ فالنجاح يعني تحقيق نوع من التوازن بين جوانب عدة أساسية في الحياة (الجانب الروحي، والعلاقات مع الآخرين، والجانب المالي، وأخيراً الصحة البدنية).

عندما تحقق التوازن بين هذه الجوانب بوصفها نتيجة للنجاح، سيزداد تركيزك على الأمور الهامة القليلة في حياتك، وستتجاهل كلَّ شيء آخر، وستجد أنَّك لن تكون قادراً على تبرير الأداء الضعيف، ومثلما يقول الكاتب الأمريكي غريغ ماكيون (Greg McKeown): "إنَّ نظرتك إلى عدم أهمية كلِّ شيء في حياتك تقريباً ليس ضرباً من المبالغة".

قبل أن تصل إلى مرحلة متقدمة من تطوير الذات، سيكون من المقبول أن تقضي وقتك مع أيِّ شخص تقريباً، ولا ضير في عدم الاعتناء بنوعية الطعام الذي تأكله، ويمكنك أيضاً تبرير السلوكات والأنشطة ذات الجودة المنخفضة، لكن مع اكتسابك لنظرة أكثر عمقاً عن نفسك، تدرك أنَّه يجب إجراء بعض التعديلات، وأنَّه يجب أن تتوقف عن إنفاق أموالك على التسلية والترفيه والطعام الرديء، وتعلَّم أنَّه يجب أن تدخِّر أكثر وتستثمر المال في تنمية نفسك وصقل مهاراتك.

كلَّما أصبحت أكثر نجاحاً قلَّ استعدادك لتبرير الأنشطة والسلوكات ذات المردود المنخفض، فتصبح أكثر تركيزاً، وتعلم أنَّ عاداتك اليومية يجب أن تكون عالية المردود، وتطلب مستوىً أعلى من الجودة بشكل متواصل، فلا يتعلق الأمر هنا بالسعي إلى الكمال، ولا يعني النجاح أنَّك مشغول طوال الوقت، كما أنَّه لا يمكنك أن تتوقع نتائج جيدة في حياتك ما دامت سلوكاتك اليومية ذات جودة منخفضة.

شاهد بالفيديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

يجب أن تصبح اختياراتك أعلى جودة (وعلاقاتك أيضاً):

كلُّ مجال من مجالات حياتك يؤثِّر في المجال الآخر؛ ولذلك يمكن القول إنَّ أسلوبك في جانب معيَّن من جوانب حياتك ينطبق على كلِّ الجوانب الأخرى.

هذا مستوى متقدِّم من التفكير، وهو لن يبدو منطقياً إلا بالنسبة إلى الأشخاص الذين اتخذوا قراراً بالتخلص من كلِّ ما هو غير مفيد في حياتهم، ولكي تكون ملتزماً بهذا المبدأ، يجب أن تملأ حياتك اليومية بالعادات والأنشطة التي تقدِّرها بشدة.

عندما تستثمر وقتك بالأشياء القليلة التي تقدِّرها فقط، والتي تحقق فيها النجاح، فستكون متحكماً بجميع مجالات حياتك الأخرى؛ فالأشياء التي تعمل عليها في حياتك هي الأشياء التي تقدِّرها فقط، وكلُّ شيء سواه تخلَّص منه تدريجياً.

أنت تعيش حياتك بطريقة واعية ومُنظمة ومنسجمة، ولديك الحماسة المطلوبة المترافقة مع التوازن، وقد بدأت تصبح الشخص الذي حلمت أن تكون عليه، ولنكن واقعيين، فإنَّ القيام بذلك يستغرق وقتاً وإرادة قوية، فمن الصعب أن ترفض الفرص الرائعة لأنَّها لا تمت بصلة لأهدافك، ومن الصعب التخلي عن العادات السيئة.

بالمُجمل، فإنَّ تغيير نمط تفكيرك وامتلاكك لرؤية أشمل يتطلب قدراً كبيراً من الشجاعة، وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ التقهقر والعودة إلى مستوى من التفكير يقبل بالأداء المنخفض والمتوسط هو أمر غاية في السهولة.

مع ذلك، كلَّما اقتربت من عيش يومك وفقاً لقيمك ومثلك العليا، فإنَّ الأشياء المذهلة تبدأ بالحدوث وتبدأ بالشعور بسعادة أكبر، ستكون موجوداً مع من تحبهم بروحك وجسدك، وستقضي وقتك بشكل أفضل، وسيرتفع سقف طموحاتك وأحلامك، وستكون أكثر مرونة عند مواجهة الصعوبات، وبالنتيجة ستعيش حياةً أكثر جودةً.

سترى النتائج في كلِّ شيء حولك تقريباً، لكن لماذا يفشل معظمنا إذاً؟ لأنَّهم ببساطة كما قال جيم رون: "معظم الناس لا ينجحون لأنَّهم يبددون طاقتهم ووقتهم في أمور ثانوية"؛ بمعنى آخر، معظم الناس منهمكون في الأمور غير الهامة؛ ولذلك لن يكون النجاح حليفاً لمعظم الناس، وللأسف معظم الناس لن يطورا أنفسهم، ولن يتقدموا أبداً، ولن ينجحوا أبداً؛ لكنَّك ستفعل، أنت تعرف أنَّك قادر، وقد بدأت فعلاً بأول خطواتك نحو النجاح، وإلا لماذا قررت قراءة هذا المقال؟

في الختام:

أنت تقترب يومياً خطوةً إضافية نحو تحقيق حلمك، وبعد فترة وجيزة ستلتزم التزاماً كاملاً بالخطة التي وضعتها لتحقيق الحياة التي تريدها، وتكون الشخص الذي تحلم به، ولن يوقفك أيُّ شيء بمجرد اجتياز نقطة اللاعودة.