لماذا لا تتحقق الأهداف بسرعة؟

أنا أخطط، ولكنَّني مرن في تخطيطي، وأحب أن أجلس وأفكر في أهدافي وأنظر إلى التقويم وأكتشف كيف ومتى ستتحقق تلك الأهداف، وأحب تأمين المستلزمات، وأستمتع بتحديد تاريخ معين، ثم تحديد الخطوات المنهجية التي يجب عليَّ اتخاذها كل يومٍ وكل أسبوعٍ وكل شهرٍ وصولاً إلى التاريخ المحدد، واكتشاف ما يجب عليَّ إنجازه في كل يوم، وكل أسبوع، وكل شهر



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "إيفان ترافر" (Evan Traver)، يُحدِّثنا فيه عن تجربته في تحقيق الأهداف والصبر على طريق الوصول إليها.

ومن ناحيةٍ أخرى، إنَّ الذي اكتشفته خلال وقتٍ قصير هو أنَّني نادراً ما أحقق أهدافي وفقاً للقيود التي أضعها لنفسي؛ ويوجد دوماً تأخير في التاريخ الذي أضعه - أو قد يتطلب الهدف بعض المرونة - إذ يمكن تحقيقه خلال المدة الزمنية التي أريدها؛ فهل يحدث نفس الشيء معك؟

أنا أنتقد دوماً هذه الحقيقة في الحياة، لكن حين بدأت بالبحث عن وضع الأهداف، وبدأت بالتكلم مع ذوي الإنجازات المميزة، أدركت أنَّ الأمر كان أكثر من مجرد مشكلة عابرة كما كنت أظن؛ إذ يبدو أنَّ الكثيرين يواجهون صعوبات في إنجاز الأهداف خلال الفترة التي يريدونها مهما بلغت مستويات التحفيز لديهم.

لماذا يحدث ذلك؟ لقد سمعتَ حتماً عن قصصٍ الأشخاص الذين قرروا أن يفعلوا شيئاً في غاية الصعوبة والروعة، ومن ثم بعد أسبوع، حالفهم الحظ ودفعهم قدماً نحو تحقيق هدفهم؛ لماذا لا يحدث ذلك لنا إذاً؟

فعلياً، إنَّ ذلك يحدث لنا بطريقةٍ أو بأخرى؛ إنَّنا لا نبحث بحثاً دقيقاً في الأمكنة الصحيحة، ونهتم كثيراً بالأهداف التي لا نتمكن من تحقيقها، ونحطُّ من قيمة الأهداف التي يجب أن نحققها خلال الإطار الزمني الذي نريده، وتلك هي مغالطة النجاح التي تقودنا نحو التقليل من قيمة أهدافنا وتجعلنا نتشاءم حيال عدم قدرتنا على "فعل أيِّ شيء".

أخذ خطوةٍ نحو الوراء:

بالنسبة إليَّ، يتضمن تحديد الأهداف عادةً - وليس دوماً - بعض السعي المتعلق بالعمل؛ على سبيل المثال، من الأهداف التي تعجبني جداً النشاط الدائم والحفاظ على تغذيةٍ جيدة، وبالنسبة إليك، يمكن أن يكون الهدف الذي تريده أي شيء، مثل: خسارة بعض الوزن، أو قراءة كتب أكثر، أو الانخراط في المجتمع أكثر، أو الحصول على ترقية في العمل، وما إلى ذلك.

عندما أبدأ مشروع عمل، تزداد حماستي على الفور، إلى الحد الذي يجعلني غير قادرٍ على النوم، ويُترجَم هذا الشعور إلى زخم، فأجد نفسي غارقاً في بعض فخاخ التخطيط التي تؤثر سلباً في الإطار الزمني الذي أضع الأهداف على أساسه، ويكون التأثُّر وفقاً للتسلسل الآتي:

  1. بدايةً أملك كثيراً من الزخم، هل تظن أنَّ ذلك ممكناً؟
  2. بسبب الزخم، أضع بعض الأهداف رفيعة المستوى.
  3. بسبب رغبتي الكبيرة في إنجاز هذه الأهداف، لا أضع مواعيد منطقية لتحقيقها.
  4. بسبب رغبتي الكبيرة في الإنجاز، أستخف بأهمية الاعتماد على أطرافٍ خارجية.
  5. تجتمع كل هذه الفخاخ معاً، وفي النهاية لا أكون قادراً على تحقيق هدفي في الإطار الزمني الذي حددته.

لكن، إذا آمنَّا أنَّ معنى الرحلة يكمن في الوجهة، وأنَّنا يجب أن نكون موجهين بسير العملية، فعندها كيف نوفق بين كل ذلك وبين حقيقة أنَّنا متحمسون ونرغب في تحقيق أهدافٍ رفيعة المستوى؟

شاهد بالفيديو: 5 قواعد ذهبية مثبتة علميًا في تحديد الأهداف

التركيز على سير عملية تحقيق الأهداف:

يجب علينا أن نشيح نظرنا قليلاً عن الأهداف المستقبلية، ونركز على التحسينات اليومية؛ إذ إنَّ وضع الأهداف هام للغاية، وهو شيء يجب علينا جميعاً القيام به، لكن عندما يوضع الهدف، يجب علينا أن نركز على ما نفعله يوماً بعد يوم، لا أن نركز على المستقبل، أو ننظر "خارج الطريق"؛ فيجب أن نسأل أنفسنا: ما هو الشيء الذي يمكن أن نفعله اليوم والذي سيقربنا من تحقيق أهدافنا؟

لا يتحقق الهدف بوضع بعض التواريخ الشخصية غير المنطقية - كما أفعل أنا غالباً - بل من خلال التحرك المنتظم قدماً نحو الأمام، لكن - قد يبدو أنَّني أناقض نفسي - إنَّ تحديد الهدف ما زال جزءاً هاماً من سير عملية إنجاز الهدف؛ فمن المستحيل تحقيق هدفٍ لم تضعه أصلاً.

لذا أولاً، حدد هدفاً، ولا تضع تاريخاً غير منطقي لإنجازه؛ بل ضع تواريخ مرنة تُشعِرك بالراحة، ويجب أن تتضمن جميع الأهداف إطاراً زمنياً يجعلك تتساءل هل ستتمكن من السير بناءً عليه، ولو قليلاً.

ومن ثم، ضع التاريخ النهائي في الحسبان، وغيِّر اتجاه تركيزك، واسأل نفسك: ما هي الإجراءات التي إن اتخذتها اليوم ستقود إلى مزيدٍ من العمل غداً، والتي ستقود إلى مزيدٍ من العمل الأسبوع القادم، وما إلى ذلك؟

إقرأ أيضاً: الفرق بين وضع الأهداف وتحقيقها: 3 خطوات لتبدأ بتحقيق أهدافك

النظر إلى الهدف على أنَّه فرصة للتطوير اليومي:

يجب عليك تقسيم هدفك إلى أهدافٍ أصغر، مع التركيز على التحسين اليومي؛ وذلك مع وضع إطارٍ زمني ترغب في السير بناءً عليه، ومن ثم، إذا انتهى بك الأمر بتفويت التاريخ النهائي لإنجاز هدفك، ستعلم أنَّك قد فعلت كل شيءٍ فعلاً صحيحاً، وأنَّك قد فعلت كل ما في وسعك لتحقيق هدفك؛ فأنت لست فاشلاً؛ بل كل ما في الأمر أنَّ هدفك يستغرق مزيداً من الوقت أكثر مما كنت تتوقع.

وفي هذا السياق، عندما تبذل كل جهدك في العمل المستمر والدقيق، وتقترب من هدفك خطوةً كل يوم، فأنت بذلك تحقق هدفك.

وباستخدام المثال المذكور آنفاً، يبدو لنا أنَّ الناس يحققون أهدافهم "صدفةً" وبإطار زمني أسرع من المتوقع، فإنَّ الأمر يبدو كذلك عند النظر إليه بعين المراقب الخارجي؛ فمن المرجح أنَّ هؤلاء الناس قد قضوا شهوراً وسنوات في المضي قدماً نحو هدفهم، وقد طال انتظارهم لصدفةٍ واحدةٍ لتحصل فجأةً وتقرِّبهم من مساعيهم.

وفي أكثر الأحيان، عندما يضع شخص ما هدفاً جديداً ولامعاً، ويرميه جانباً وينتظر أن يتحقق بقانون الجذب وكأنَّه لا يعني له شيئاً، لا يدرك أنَّه كان يجهز نفسه مسبقاً لتحقيق هدفه، حتى قبل بدئه بالتطبيق، حتى قبل أن يعرف هدفه هذا بسنوات.

إنَّ الأمر أشبه بالمقارنة بين رائد أعمال قد حقق مسعاه بالصدفة، وآخر لم يتمكن من بلوغ هدفه إلا بعد 10 سنواتٍ من المحاولات الجادة؛ فقد يكون الريادي الذي حقق هدفه صدفةً قد عمل جيداً مع الشركات الناشئة طوال حياته، دون أن يشعر بأي رغبةٍ بالانطلاق وحده، إلى أن حدثَ حدثٌ معين أو "صدفة" غيَّرت مجرى الأحداث.

أما بالنسبة إلى رائد الأعمال الذي استغرق كثيراً في الوصول إلى ما يريد، فبينما كان يرغب في بدء عمل تجاري طوال حياته، فقد تطلب منه الأمر 10 سنوات من العمل في الشركات الناشئة، ومن ثم الاستفادة منها لاكتساب المعرفة التجارية اللازمة لتحقيق النجاح؛ لذا في حين أنَّ الوقت المستغرق لتحقيق كل هدفٍ من أهدافهما - من البداية إلى الإنجاز - يختلف، فإنَّ السنوات الـ 10 ما قبل العمل كانت هي نفسها في الحالتين.

وبالإضافة إلى ذلك، إذا نظرنا إلى الأشخاص من حولنا، وقارنَّا أنفسنا بهم، فإنَّنا بطبيعة الحال نركز على إخفاقاتنا بدلاً من نجاحاتنا، وسينظر رائد الأعمال الذي سعى طويلاً إلى رائد الأعمال الذي نجح صدفةً ويقول لنفسه: "يا لي من فاشلٍ لأنَّني لست مثل هذا الشخص".

يا لها من مغالطة في الاعتقاد؛ إذ يجب على رائد الأعمال الذي سعى طويلاً أن ينظر إلى نفسه وأن يكون فخوراً للغاية بكل ما حققه، سواء كان ذلك تحقيق هدفه أم العملية التي سار فيها للوصول إليه.

إقرأ أيضاً: ما هي أهداف العملية؟ وكيف تحددها وتحققها؟ (مع أمثلة)

في الختام:

كل ما نحن عليه هو عبارة عن تلخيص لتجاربنا؛ فإذا نظرنا إلى تجاربنا على أنَّها إيجابية بطبيعتها، فسيثبت لنا ذلك أنَّنا نحقق الأهداف، وأنَّنا ناجحون، وسنعرف أنَّنا بذلنا قصارى جهدنا لنصبح أفضل ما نحن عليه، وأنَّ أي هدف نخطط لتحقيقه سيكون حتمياً.

بهذه الطريقة، لا يسعنا إلا أن نحب سير عملية الوصول إلى أهدافنا؛ لذا كن واثقاً من نفسك، وكن سعيداً لأنَّك تملك القدرة على التعلم والنمو، من أجل تحقيق طموحاتك الكبيرة، ولا تندب حظك إذا استغرقَت أهدافك كثيراً من الوقت؛ بل ابتهج لأنَّ أهدافك نبيلة ولا يمكن أن يحققها سوى الأشخاص الأكثر إصراراً.

المصدر




مقالات مرتبطة